السياسة في المدرسة الاُمويّةتنظر المدرسة الاُمويّة إلى السياسة على أنّها: «تشخيص الهدف وبلوغه بأيّ طريق ممكن». والحقيقة أنّ سياسيّي العالم في الماضي والحاضر الذين يتعاطون هذه الممارسة رسميّاً، لا يفهمون من «السياسة» أكثر من هذا.
وحقيقة الحال أنّ السياسة في المدرسة الاُمويّة بمعناها الشائع في التقليد السياسي للحكومات والأنظمة، لا تنهض على اُصولٍ ومرتكزات قيميّة. فهذا (شينفلر) أحد منظّري السياسة وفق هذا المبنى يقول: لا شأن للسياسي المحترف في أن تكون الاُمور حقّاً أم باطلاً.
على المستوى ذاته حلّل (برتراند راسل) أيضاً الدوافع والألاعيب السياسيّة، وتعاطى وإيّاها من خلال المنظار نفسه، وهو يقول: «يتمثّل الحافز السياسي عند أكثر الناس بالنفعيّّة والأنانيّة والتنافس وحبّ السلطة. على سبيل المثال: يكمن مصدر جميع الأعمال الإنسانيّة في الممارسة السياسيّة بالعوامل المذكورة آنفاً.
فالقائد السياسي الذي يستطيع إقناع الناس بقدرته على تلبية هذه الاحتياجات وإشباعها، تصل قدرته في احتواء جماهير الناس وضمّها إلى سلطته حدّاً تؤمن فيه أنّ اثنين زائد اثنين يساوي خمسة، أو أنّ جميع هذه الصلاحيّات قد فُوّضت إليه من قِبل اللَّه!
أمّا القائد السياسي الذي يُغضي عن مثل هذه الدوافع ويهملها، فهو لا يحظى عادة بتأييد الجماهير المستضعفة وحمايتها. وبذلك يدخل علم نفس القوى المحرّكة للجمهور كجزءٍ من أهمّ أجزاء إعداد القادة السياسييّن الناجحين، وكشرط في طليعة شروط تأهيلهم وتربيتهم»
(2).
يُضيف: «إنّ أكثر القادة السياسييّن إنّما يغنمون مناصبهم من خلال إقناع قطّاع واسع من الجمهور بأنّهم يتحلّون بتطلّعات إنسانيّة، حيث صار واضحاً أنّ مثل هذا الاعتقاد يلقى قبولاً سريعاً، إثر وجود حالة الغليان والحماس.
إنّ غَلّ الأفراد ورسفهم بالقيود، ثمّ ممارسة إلقاء الكلام والخطابة العامّة، والتوسّل بالعقوبات غير القانونيّة، واللجوء إلى الحرب هي مراحل لتكوين حالة الحِراك الجماعي ومدّ الهياج العام وتوسعته.
أعتقد أنّ أنصار الفكر غير المنطقي يجدون فرصة أفضل في الحفاظ على حالة الهياج العام عند الأفراد، بُغية استغلالهم وخداعهم»
(3).
إنّ ما جاء في هذا التحليل السياسي حيال القيادة السياسيّة للمجتمع يتطابق بالكامل مع تفسير السياسة ومعناها في المدرسة الاُمويّة؛ فمعاوية؛ مؤسِّس هذه المدرسة في تأريخ الإسلام، تحرّك على هذا الأساس، ومن خلال شعار «المُلك عقيم»
(4) بحيث كان على اُهبة الاستعداد لممارسة أيّ شيء من أجل بلوغ السلطة والدفاع عنها.