مولده ونشاته : ولد عام 1967م في
مدينة ( باماكو ) عاصمة جمهورية مالي ، تحول من المذهب المالكي وتشرف بإعتناق مذهب
أهل البيت (ع) عام 1991م في دولة ( غانا ).
بداية التعرف على التشيع :
يقول الأخ إبراهيم : نشأت في أوساط عائلة سنية تعتنق المذهب المالكي ،
فتلقيت أفكار ورؤى البيئة التي كانت تحيطني ، وقبل إكمالي للمرحلة الثانوية في
المدارس الأكاديميّة سافرت إلى غانا لأحمل على عاتقي مهمة تدريس المواد الإسلامية
المختلفة هناك ، فأمضيت مدة خمس سنوات في هذا المجال ، وخلال تواجدي في غانا طرق
سمعي وجود مذهب يسمى بالشيعة ، وقد قيل لي : إنهم يختلفون عن إبناء العامة بأمور
كثيرة ، وأن أذانهم وصلاتهم وقرآنهم و .... يختلف عما
عندنا!.
وبدافع
المعرفة والإطلاع على هذه الطائفة بدأت بتتبع مراكزهم وجمع كتبهم والإحتكاك بهم ...
وكنت أقارن بينهم وبين أبناء العامة لا سيما المالكية ، وأول ما واجهت من خلال
المطالعة والتتبع في كتب الشيعة ومعرفة تراثهم أنهم قد تعرضوا للفرية والتشنيع ،
أما بسبب العداء الطائفي ، وأما بسبب عدم الإطلاع على تراثهم ، والحقيقة أن كلا
الأمرين مخجل!
ولقد كانت
لكتبهم ـ لا سيما كتب المستبصرين ـ دور كبير في فتح آفاقي الفكرية ، وتوسيع إدراكي
في فهم الحوادث التاريخية ، خصوصاً تلك التي تلت وفاة النبي الأعظم (ص) ، ومع هذا
كنت إرجع إلى الصحاح لأتحقق بنفسي ، لأن دأب الشيعة كان الإستدلال بكتب أبناء
العامة وذكر ماورد فيها.
ولاية الإمام علي (ع) في القرآن والسنة :
ومن المسائل التي إستوقفتني كثيراًً وجعلتني أبحث عنها بدقة ، هي ولاية
الإمام علي بن أبي طالب (ع) من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، فهنالك
آيات كالمباهلة والإنذار والتبليغ و ... ، وأحاديث كالمنزلة والثقلين والطير
والغدير و ... ، دلت بشكل قاطع علي إمامته ووجوب تقديمه والإقتداء به ، وهذه النصوص
القرآنية والنبوية وردت بشكل واضح ، وذكرها الرسول (ص) في مواقف متعددة ، وذلك
ليرسخ حقيقة ثبوت الإمامة لأمير المؤمنين (ع) وتتجلى هذه الحقيقة لكل مسلم لو أمعن
النظر في هذه الآيات والأحاديث التي منها :
1 ـ قوله تعالى : (
إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة
ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ، وهي نازلة في حق الإمام علي (ع) كما جاء في
كتب الحديث والتفسير والفقه ، ونص عظماء الجمهور على تواتر هذا الخبر وصحته والركون
إليه ، كأصحاب الصحاح وغيرهم ، وأجمعوا على أنها نزلت في حق الإمام أمير المؤمنين
(ع) عندما تصدق بخاتمه أثناء الصلاة ، ووجه دلالتها على الإمامة : هو إن الله تعالى
أثبت الولاية له ولرسوله ولمن آتى الزكاة في حال ركوعه ، وذلك ظاهر من سياق الآية ،
والذي آتى الزكاة هو أمير المؤمنين (ع) دون غيره ، كما ثبت من إجماع أهل النقل ،
والمراد من الولاية هنا ملك التصرف ، وهذا معنى الإمامة.
2 ـ قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ
ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا
يهدي القوم الكافرين ) ، حيث أمر الله تعالى النبي (ص) : إن ينصب علياًً
للناس وتبيان فضله ومكانته يوم الغدير ، وقد أخرج ذلك متواتراً أئمة التفسير
والحديث والتاريخ ، وروى هذه الحادثة مائة صحابي! حيث خطب النبي (ص) بمحضر مائة الف
من المسلمين أو يزيدون ، وقال فيما قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه .... ، وقد إحتج
بذلك الكثير من الصحابة وأهل البيت (ع).
3 ـ قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام
ديناًً ) ، وقد روى الجمهور أن هذه الآية نزلت يوم غدير خم بعد أن أخذ النبي
(ص) البيعة لعلي (ع) وقد قال رسول الله (ص) : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام
النعمة ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي بن أبي طالب من بعدي ، ثم قال : من كنت
مولاه فعلي مولاه .... ، والمولى في اللغة بمعنى أولى ، والأولى هو الأحق والأملك ،
وذلك معنى الإمامة.
4 ـ قوله تعالى : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )
، وقد ذكر المفسرون ، وروى الأئمة كأحمد وغيره أنها نزلت في رسول الله (ص) وعلي
وفاطمة والحسن والحسين (ع) وفيها أخبار من الله تعالى بإرادته إذهاب الرجس عنهم ،
والرجس هنا هو رجس الذنوب ، وأقله طهارتهم وصدقهم ، ولقد أجمعوا ـ أي المخصوصين
بالآية ـ على أن الإمامة لأمير المؤمنين (ع) وإجماعهم هذا حجة واجبة الإتباع ،
إضافة إلى أنّ أمير المؤمنين (ع) طالب بالخلافة ليقوم بشؤونها ، فتكون مطالبته
صادقة وصحيحة.
5 ـ قوله تعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد
ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم
ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ) ، وقد تواترت الأخبار ، عن عبد
الله بن عباس وغيره ، أن رسول الله (ص) أخذ يوم المباهلة بيد عليّ والحسن والحسين
وجعلوا فاطمة وراءهم ، كما إجمع المفسّرون على أن ( أبناءنا ) إشارة إلى الحسن والحسين (ع) ( وأنفسنا ) إشارة إلى الإمام علي (ع) فقد جعله الله تعالى نفس
النبي محمد (ص) ، فهو المساوي له في الكمال والتصرف و .... ، وهذه الآية أدل دليل
على علو رتبته (ع) وأحقيته بالخلافة ، لأن الباري حكم بمساواته لنفس النبي (ص) فكيف
يسوغ لمسلم أن يقدم أحداًً على نفس رسول الله (ص)؟! ، ولهذا ترى أمير المؤمنين (ع)
إستدل بهذه الآية عندما إحتج في الشورى على الحاضرين بجملة من فضائله ومناقبه و
....، وكانت آية المباهلة من صميم تلك الإحتجاجات.
6 ـ قوله تعالى : (
إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) ، وقد روى الجمهور ، عن
إبن عباس قوله : قال رسول الله (ص) : أنا المنذر وعلي الهادي ، وبك يا عليّ يهتدي
المهتدون ، ودلالتها ليست مقصورة على أصل الهداية ، بل على كمال الهداية ، والملفت
هنا أن الرسول (ص) المنذر فلا منذر معه في وقته ، فكذلك الهادي فلا هادي معه في
وقته.
7 ـ قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا
إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ... ) ، فلم يعمل بذلك أحد من
الصحابة إلاّّ علي (ع) إلى أن نسخت ، وهي تدل على أفضليته بمسارعته إلى قبول أمر
الله عز وجلّ والعمل به ، وبالخصوص بعد أن بخل الآخرين.
8 ـ قوله تعالى: ( أجعلتم سقاية الحاج
وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله ) ،
فقد روى علماء الجمهور أنها نزلت في علي بن أبي طالب (ع) لبيان أفضليته على الجميع
، والأفضل هو الأولى بالإمامة.
9 ـ قوله تعالى: ( ومن الناس من يشري نفسه إبتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد
) ، وقد إجمع المفسرون أنها نزلت في علي بن أبي طالب (ع) لما خرج النبي (ص) مهاجراً
إلى المدينة ، فخلفه لقضاء دينه ورد ودائعه ، وأصغر دلالاتها فضله وإجتهاده في طاعة
النبي (ص) وبذل النفس له.
10 ـ قوله تعالى: ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ) ، فقد ورد
في مسند أحمد وغيره : هو علي (ع) حين إذن بالآيات من سورة البراءة ، حيث أنفذها
النبي (ص) مع أبي بكر وأتبعه (ص) بعلي (ع) فرده ومضى علي (ع) ، وقال النبي (ص) : قد
أمرت أن لا يبلغها إلاّ أنا أو واحد مني ، والوجه في فعل رسول الله (ص) بإنفاذ
الأول ورده بعدها ، لا يخرج بعد لحاظ التنزيه ، عن العبث والهوى ، إلاّّ تنبيها
لفضل الثاني وتنويها بإسمه وتشخيصه للناس ، وأما السنة فالأخبار المتواترة فيها ،
عن النبي (ص) والدالة علي إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أكثر من أن تحصى
، وقد روى جمهور أبناء العامة وأصحاب الأئمة (ع) هذه الأحاديث في مصنفاتهم ،
وذكروها في مروياتهم ، ونقتصر على نزر يسير منها :
الأول : عن سلمان قال
: يا رسول الله من وصيك؟..قال (ص) : فإن وصيي ووارثي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن
أبي طالب.
الثاني : قول رسول الله (ص) لعلي (ع) : أما ترضى أن تكون مني
بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنه لا نبي بعدي ، وفي رواية أحمد ، قال رسول الله (ص)
: اللهم إني أقول كما قال : أخي موسى اللهم إجعل لي وزيراًًً من أهلي ، علياًً أخي
، أشدد به أزري وأشركه في أمري .... ، فقد إثبت رسول الله (ص) لعلي (ع) جميع منازل
هارون من موسى ، إلاّّ النبوة ، ومن منازله الخلافة والشركة في الأمر وذلك معنى
الإمامة.
الثالث : أمر النبي (ص) بسد الأبواب إلاّّ باب علي (ع) فتكلم
الناس! فخطب رسول الله (ص) ثم قال : فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي ، فقال
فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئاًً ولا فتحته! إنّما أمرت بشيء
فإتبعته.
الرابع : ورد عن النبي (ص) : إنه قال : إن علياًً مني وأنا من
علي ، وهو ولي كل مؤمن بعدي.
الخامس : قال رسول الله (ص) :... إن
طاعة على من طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله تعالى.
السادس : عن أم سلمة :
أن رسول الله (ص) قال علي مع الحق والحق مع علي ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم
القيامة.
السابع : ورد عن النبي (ص) : أنه لا يجوز على الصراط إلاّّ من
كان معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب.
إنقاذ النفس من الضلالة : يقول الأخ
إبراهيم : لم تبق لي هذه الآيات والأحاديث مجالا للشك في أحقية الإمام علي (ع)
بقيادة الأمة بعد النبي (ص) ، كما إن أحداث الخلافة التي جرت في السقيفة ، وتجري
بعض الصحابة على رسول الله (ص) في مرضه الذي توفي فيه ، وما جرى على أهل البيت (ع)
من تعدي بعيد وفاة النبي (ص) و ... ، كل هذه الأحداث جعلتني أتأمل في معتقداتي.
فقررت إنقاذ نفسي بعد
أن إتضحت لي الأمور ، وكشف الغطاء الذي ستره البعض ، وتوجهت إلى الله تعالى ليوفقني
في سلوك النهج الصحيح والسبيل الموصل إليه ، فهداني جل وعلا للتمسك بعدل الكتابة
وثقله ، عترة النبي (ص) وأهل بيته الكرام (ع) فأعلنت إستبصاري في ( غانا ) عام
1991م.