البتر يقارب ما تقدم، لكن يستعمل في قطع الذنب، ثم أجري قطع العقب مجراه.
فقيل: فلان أبتر: إذا لم يكن له عقب يخلفه، ورجل أبتر وأباتر: انقطع ذكره
عن الخير ورجل أباتر: يقطع رحمه، وقيل على الطريق التشبيه: خطبة بتراء لما
لم يذكر فيها اسم الله تعالى.
وذلك لقوله عليه السلام: (كل أمر لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر) (الحديث
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل كلام أو أمر ذي
بال لا يفتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر، أو قال: أقطع) أخرجه أحمد في
المسند 2/359. وابن ماجه 1/610، وحسنه النووي وابن الصلاح).
وقوله تعالى: ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾ الكوثر/3 أي: المقطوع الذكر، وذلك أنهم
زعموا أن محمدا صلى الله عليه وسلم ينقطع ذكره إذا انقطع عمره لفقدان نسله،
فنبه تعالى أن الذي ينقطع ذكره هو الذي يشنؤه، فأما هو فكما وصفه الله
تعالى بقوله: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ الشرح/4 وذلك لجعله أبا
للمؤمنين، وتقييض من يراعيه ويراعي دينه الحق، وإلى هذا المعنى أشار أمير
المؤمنين رضي الله عنه بقوله: (العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم
مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة) (انظر: شرح نهج البلاغة 2/172) هذا في
العلماء الذين هم تباع النبي عليه الصلاة والسلام، فكيف هو وقد رفع الله عز
وجل ذكره، وجعله خاتم الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام؟!