الهدف من كيل الاتهامات للإمام الحسن هو فرط عقد الإمامة

الهدف من كيل الاتهامات للإمام الحسن هو فرط عقد الإمامة


ورد في الخبر عن رسول الله أنه قال: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "، وفي رواية: " إني أحبّ حسنًا فأحبّ - يا ربّي - من أحبَّ حَسَنًا ".

توطئة:

لم يجرِ ظلم في التاريخ على شخصية مثالية نموذجية كما جرى على الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه، أي أن المؤرخين حينما حاولوا الحطّ من شأن أئمة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم وجّهوا سهامهم للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه، هذا الإمام الذي عاش في كنف رسول الله يُتعامل معه تعامل الكبير البالغ على الرغم من أن سنه المبارك لم يتجاوز السابعة من العمر، فإن الرسول كان يُشهده على بعض معاهداته، يجعله شاهدًا، لذا فإن كثيرًا من المؤرخين يستغربون ردّ شهادته في فدك؛ لأن الرسول قَبِل شهادة الإمام الحسن وشهادة أخيه الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليهما.

نواحٍ أربعٌ مُدّعاة..

لقد تم تناول شخصية الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه بشكل سلبيّ من أربع نواحٍ:

1ـ مخالفته لأبيه.

2 ـ ما ادعوا بأنه أتى بشركيّات.

3 ـ كثرة زواجه وطلاقه.

4 ـ مسألة الصلح.

هذه النقاط الأربع في حياة الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه كانت مثار جدل تأريخيّ.

أولاً: ادّعاؤهم عليه بمخالفة أبيه..

أما مخالفته لأبيه كما ادّعوا، فقد ادّعوا بأن الإمام الحسن في مناسبات عدة، وفي أماكن شتى، وفي أحداث مختلفة، أبرز مخالفته لأبيه، صلوات الله وسلامه عليه، فقالوا تارة حينما كان يتوضأ الحسن وقف عليه أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه فقال له: " لا تُسرف في الماء يا حسن "، فأجاب: " لطالما أسرفتَ في دماء المسلمين ".

وفي موقف آخر، حينما رجعوا من صفّين قال الحسن لأبيه: " أمرتُكَ بأمور فعصيتني "، لاحظ الأدب الراقي، يقول لأبيه: «أمرتك»، هذه الجملة التي حتى نحن الناس العاديّون لا نقولها لآبائنا، والأعظم من ذلك قوله: «عصيتني»، المفترض أن يقول: لم تأخذ برأيي، الرواية الأولى هي في شأن الحسن البصري، ولكن باعتبار أن الاسم واحد قالوا إنها في الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه بقصد أو بغير قصد، أما الرواية الأخرى، فهم يريدون الوصول إلى مسألة وهي أن الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه لا يرى إمامة نفسه، بل لا يرى حتى إمامة أبيه، لأن المأموم يجب عليه أن يطيع إمامه، فإذا كان يعصي الإمام بل يأمر الإمام والإمام هنا هو الذي يعصي كما عبر الإمام الحسن فيما ادّعي عليه، فيكون الإمام علي ليس إمامًا، وليس معصومًا أساسًا، بل الخلاف خلاف سياسيّ، وهذه الكارثة.

والطعن في الدين هو الهدف..

الكارثة حينما تقف القيم وجهًا لوجه مع قيم الانحراف والدّنوّ، قيم الخروج على كل ما هو رمز للطهارة هنا يأتي القوم فيقولون: يزيد سلطان، والحسين سلطان إذن الاختلاف سياسيّ، ونأتي لنقارن.. فالدنيا كلها مصالح، فالإمام الخميني رضوان الله عليه ينشد المصالح وأعداء الله أيضًا ينشدون المصالح يا سبحان الله ما هذا القياس!!

وإلى عصرنا هذا نفس الحالة، بدلاً من أن نناصر القيم، حتى عندما يتحدثون عن مراجعنا، والله بنفس هذه اللغة القذرة، والهدف ليس الطعن في المرجع، وإنما الطعن في الدين.

أفضل الخلق في نظره.. وهو وطوع أمره..

أما إذا أردنا أن نتحدث عن الحسن في هذا الجانب نجده منقادًا لأبيه صلوات الله وسلامه عليه، ويدل على ذلك روايات عدة، ففي شرح ابن أبي الحديد ج4 ص13 قال الإمام الحسن في رسالة إلى معاوية: «ولا تنازع الأمر أهله، ومن هو أحقّ به منك؟!»، إذن الإمام عنده يقين بأنه هو الإمام وأنه هو أحق من معاوية.

أما حديثه عن أبيه، فقد ورد في كتاب «أعلام الورى» ص 206 وفي كتاب «حياة الإمام الحسن» للقرشي ج2 ص 31 - 32 في ليلة قُبض فيها علي صلوات الله وسلامه عليه قال مؤبّنًا له: «لقد قُبِضَ في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأوّلون بعمل، ولم يدركه الآخرون بعمل، وكان رسول الله يوجّه برايته فيكنفه جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله» يعني الذين أتوا بعده لم يستطيعوا أن يدركوه، إلى أن قال: «وكان رسول الله يوجّه برايته فيكنفه جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله»، هذه نظرة الإمام الحسن في أبيه علي ، نظرة الإمام الحسن في عليّ أنه هو أفضل الخلق بعد رسول الله ، بل أكمل الخلق لم يدركه أحد لا من الأولين ولا من الآخرين، بل معه الملائكة، إذن محاولة إيجاد شرخ بين عليّ وبين ابنه الحسن هذا الأمر خلاف الواقع وخلاف الحياة المعاشة وخلاف السيرة في التاريخية للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه.

وماذا عن رأي أخيه فيه في زعمهم..

رواية أخرى يذكرون أن هناك ثمة خلاف بين الحسن والحسين في مسألة الصلح، حيث استشار عبد الله بن جعفر في مسألة الصلح مع معاوية، هذه الرواية تقول: بأن ابن عبد الله بن جعفر قال: «القول ما تقول»، وهذه هي وظيفة الجُنديّ، وظيفة من يعتقد بأن الذي يتحدث معه هو إمام زمانه، ولكن حينما استشار الإمام الحسين أسمعه من الكلام ما يكرهه، أي أن الإمام الحسين أسمع الإمام الحسن ما يكرهه، هل يمكن أن يكون عبد الله بن جعفر أكثر وعيًا من الحسين؟ هل يمكن لعبد الله بن جعفر أن يكون أكثر قربًا للحسن من الحسين؟ «حتى اضطر الحسن أن يقول للحسين لوددتُ قذفك في بيت فأطيّنه»، هذه الرواية ذكرها ابن حجر في تهذيب التهذيب ج2 ص300 يقول له: وددتُ - بعد أن أسمعتني ما أكرهه - أن أضعك في بيت فأسجنك، وأغلق الباب حتى لا تخرج من هذا البيت، هل هذه هي لغة الحسن؟ الحسن الذي تلطّف بمن قال له: يا مُذِلَّ المؤمنين، لا يعرف قدر الحسين ، حتى يقول هذا القول؟ أضف إلى ذلك أن الوضع الاجتماعي وضع جيش الإمام الحسن يسمح له بذلك؟ ولكنها محاولة المؤرخين المأجورين، أو لنقل في الحقيقة محاولة مثقفي ومنظري الأنظمة البالية، لأنه عندنا مشكلة مع كثير من أولئك.

ثانيًا: ما ادعوا بأنه أتى بشركيّات:

المشكلة هذه تكمن في عدم الوعي، فننتهي إلى النقطة الثانية أنه اثنان ممن حاولا طعن الإمام الحسن أحدهما الأسديّ الذي طعنه في فخذه، وثانيهما: الجرّاح بن سنان الذي حاول أن يطعن الإمام برمح، قال له في حين الطعن: «أشركتَ كما أشركَ أبوك»، لاحظ هذه الجرأة، اتهامه له بالشرك ومن ثم نقل التاريخ والمؤرخون لهذه العبارة من دون التعليق عليها، أرادوا من هذا أمرًا وهو أن الحسن ليس بالشخص الذي تقف عنده الاتّهامات، بل يمكن أن يُتّهم، وهذا إما عدم وعيٍ لحديث رسول الله ، أو الهدف كل الهدف هو النيل من شخصه وشخص أبيه، كما فعلوا مع عليّ صلوات الله وسلامه عليه، حيث قال عنه رسول الله :

ـ «يا عليّ لا يُحبّك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق»؟

ـ وقال في حق عليّ : «من سبّه فقد سبّني».

ـ وقال في رواية أخرى: «إذا سلك الناس طريقًا وسلك عليّ طريقًا فاسلكوا الطريق الذي سلكه عليّ».

ـ وقال : «عليّ مع الحقّ، والحقّ مع عليّ».

ألم يسمعوا هذا عن رسول الله ؟!

ألم يُنقل لهم عن رسول ؟!

فما بالهم إذن سبّوه وأبغضوه، وتنكّبوا عن طريقه؟!

إذن لم يكن عدم وعيِ وإنما تبرير لفعلٍ، وخدمة لمصالح، وانقياد لهوى، ومن ثم خضوع لمالٍ غير نظيف، غير طاهر، غُسلتْ به الأدمغة والقلوب، وهكذا حصل مع الحسن صلوات الله وسلامه عليه، ومن ثم بدأ النقاش بأن الحسن فعلاًَ بهذا الفعل هل أشرك أم لم يُشرك، يا سبحان الله!

ثالثا: كثرة زواجه وطلاقه:

للوهلة الأولى حتى بعض خطباء المنبر الحسيني يذكر هذه المسألة من باب أن الحسن صلوات الله وسلامه عليه عنده قوة وعنده وعنده، ومن ثم يُؤتى ببعض القصص والحكايات العجيبة الغريبة، بدأت زوجات الحسن من سبعين امرأة، ولم تنتهِ بـ: 448 زوجة، غريب فـ 448 زوجة إذا جئتَ لتُقسّمها على سِنِيِّ حياته المباركة، ففي السنة كم زوجة يتزوج؟ قرابة 10 زوجات في السنة، والمعادلة الرياضية تكون كالتالي:

10 زوجات × 48 سنة = 480

يعني بمعدل 9 زوجات وقليل لذا جبرناها فقلنا: 10 زوجات، يعني بمعدّل كل شهر ويوم أو كل شهر ويومان يتزوج بامرأة، فهل واقع الإمام الحسن يسمح له بذلك؟

رجل عُرف بالعبادة رجل عرف بأنه تناط به المسائل المهمة في زمن عليّ ، فإن عليًّا أرسله إلى مناطقنا إلى البحرين وإلى الكوفة قبل مسيره صلوات الله وسلامه عليه؛ ليستحثّ قبائل العرب في القتال مع عليّ ، فالذي يقوم بهذه الأعمال هل يجد من الوقت ما يكفي للقيام بما اتهم به من كثرة الزواج؟!

إذن ما الهدف من هذه الدعاية؟!

ما الهدف من هذه الأكاذيب؟!

وما المراد منها؟

هل هي مدح للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه؟! قطعًا ليست بمدح له.

غريب عجيب، ومن يصدّق أعجب!!

روايات عجيبة وغريبة، أن الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يقول: «لا تزوّجوا ابني الحسن فإنه مطلاق»، رواية أخرى: تقدّم ثلاثة: الحسن، والحسين، وعبدالله بن جعفر، لابن بجدة، كلهم يخطبون منه ابنته، فجاء ليستشير أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، قال له: فلان، وفلان، وفلان تقدّموا للزواج من ابنتي، فقال له: «لا تزوّج الحسن فإنه مطلاق، ولا تزوّج الحسين فإنه لقضاء حاجة أهله، ولكنْ زوّجها لابن جعفر». هذا غريب عجيب، يعني الحسن مطلاق، والإمام الحسين فقط يقضي حاجته من الزوجة ويتركها، هذا مدح أم ذمّ؟! ثم يقول: «وزوّجها لعبدالله بن جعفر» فهل يُعقل أن يُذمّ إمامان معصومان، ويمدح رجل عاديّ؟! كل هذا لتعرف حقيقة أن الهدف المقصود هو الحطّ من شأن الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم، لذلك كتب أحدهم كتابًا بعنوان: «الإلزام القويّ على بُطلان عصمة الحسن بن عليّ»، من الذي يقول بعصمة الإمام الحسن؟! نحن الشيعة نقول بذلك، لذا كتب هذا الكتاب ردًّا على من يقول ببطلان القول بعصمته ، ابتدأه بذمّ المُطلِّق والمطلِّقين فضلاً عن كثيري الطلاق بروايات عن رسول الله ، وأنهى كتابه بذكر كثرة زواج الحسن ، فبناء عليه يكون الحسن مذموم بلسان جدّه رسول الله ، يا سبحان الله!

والحقيقة خلاف ذلك...

«الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة»، «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»، مدح الروايات لهما بالخصوص كثيرة، يأتي رجل ليستدل على أن الحسن مذموم من قبل رسول الله ، أليس هذا أمرًا عجيبًا؟!

إذن الهدف - حقيقة - من نسبة كثرة النساء للحسن صلوات الله وسلامه عليه لفرط عقد الإمامة، أنتم تؤمنون بهذا الإمام، وهذا مزواج، وصاحب مالٍ، صاحب كذا وكذا، فإذا بطلت إمامته بطلت بقية إمامة الأئمة وانتهت المشكلة.

بينما الحسن صلوات الله وسلامه عليه لمن يقرأ تاريخه، أبناؤه لا يتجاوزون الستة عشر ابنًا من نسائه، ومن المعلوم بأن ثلاثًا منهنّ حرائر، والبقية هل هُنَّ ثلاث أو أربع أمّهات ولدٍ، أو أقل؟! ومنشأ هذا التردد لأن بعضهم يقول أن عدد نسائه اللاتي تزوّج بهن من أربع إلى خمس، ونحن نعلم بأن كثيرًا في أوساطنا من لديه ستة عشر ولدًا أو ثمانية عشر ولدًا من زوجة واحدة، ولنفترض جدلاً أن 448 زوجة للإمام الحسن فليفسد منهم النصف، فعلى الأقل يكون لديه 224 ابنًا، أو لنفترض أن ثلاثة أرباعهن يفسد يعني يكون لديه من الأبناء 112 ابنًا، ولنفترض أن الثمن منهن نجحت في الإنجاب فيكون لديه 56 ابنًا على أقل التقادير.

إذن القضية ليست هي في تعدد زوجاته صلوات الله وسلامه عليه وإنما القضية في هدم مبدأ، لذلك فأول رواية وردت على أن الإمام تزوّج أكثر من ثلاثمائة زوجة رواها أبو طالب المكيّ في القرن الرابع، مع أنه قد مر على هذه الحادثة التاريخية 300 سنة والرجل كتبها في كتابه «قوّة القلوب» أن الإمام الحسن له أكثر من 300 زوجة.

رابعًا: مسألة الصلح:

أما الصلح - وهي النقطة الأخيرة - فلتتحمّلوا من ثلاث إلى أربع دقائق، وسوف أختصر أيضًا.

الصلح هو أساس المشكلة عند الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه، لأنه في زمانه وفي زمان أبيه وزمان جده النبي محمد ، عندنا مجموعة من الناس تُصنّف نفسها على أنها مجموعة من المثقّفين المتحررين فكريًّا الذين من حقّهم أن يُفكّروا، لذا تراهم يقفون في وجه رسول الله في دخول مكة، ويقفون في وجهه في صلح الحديبية، ويقولون: أنك وعدتنا بالدخول في مكة هذا العام، ووعدتنا بالعمرة، ووعدتنا بكذا وكذا، فكيف تقبل بصلح هو مصلحة العدوّ، وضد مصلحة الإسلام، وكأنما هم يُعلمون الرسول وظيفته.

أتذكر الإمام الراحل قدّس الله سرّه بعد إسقاط الطائرة المدنية في الخليج أرسل أحد العلماء رسالة ناريّة: أنه ينبغي الآن، وحان الوقت لضرب المصالح الأمريكية أينما وجدت، وكأنما هو يُعلم الإمام رضوان الله عليه وظيفته، ويُشخّصها له، الإمام أقرب منك في فهم الواقع، لذلك هذا هو الفرق حقيقة بين أئمتنا، علمائنا الربّانيين وبين غيرهم، فهناك بعض الحماقات أحيانًا تبرز على شكل أعمال حمقى، وهذا طبعًا أسلوب أمويّ.

إنجازٌ كبيرٌ رُغم الظروف الصعبة..

فالصلح لا أريد أن أتحدّث عن الموجبات له، أو الأسباب وما دار فيه، ولكن القدر الذي تيقّنا منه نحن في عصرنا هذا أن الحسن صلوات الله وسلامه عليه، وعلى الرغم من خيانة قائد القوّات المسلّحة له، ووزير دفاعه «عُبيد الله بن العباس»، وانهزام أكثر من ثمانية آلاف رجل معه بعدما أرسل له معاوية مليون درهم يقبض نصفها قبل انهزامه إليه، والنصف الآخر بعد انهزامه إليه، نجد أن هذا الإمام قاد الأمة مع عدم وجود أيّ عامل من عوامل القوّة عند تلك القيادة، إنها قيادة اعتمدت على الضّعف أساسًا، خلقت منه قوة، الحسن جيشه مبعثر، وقد تعرّض لثلاث أو أربع محاولات اغتيال، وابن أبي الحديد ينقل في رواية له بأن مجموعة من الأصحاب المنتمين للإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه أرسلوا لمعاوية قائلين: «إذا شئتََ فإنا نُسلّم لك الحسن كتافًا أو قتيلاً»، إلى هذه الدرجة من الخيانة، حرب شعواء تلك التي نسمّيها اليوم حرب المخابرات، لذلك إنجاز المقاومة كان إنجازًا رائعًا حقيقة مع التفاوت، وهذه واقعًا مهمة، أن إنسانًا يملك كل القدرات: يملك المال، ويملك الجيش، ويملك ويملك، وشخص قدراته تعتبر صفرًا، جيش مفكك، أموال نُهبت في النُّخيلة، وهؤلاء عندهم تقدّم تقني وتكنلوجي، وهؤلاء اعتمدوا التقدم الإيماني.

ولمعاوية أساليب ما زالتْ قائمة..

لذا عَمَدَ معاوية إلى عدة طرق لإضعاف الإمام الحسن صلوات الله وسلامه عليه، ومن ضمنها العمليات الإرهابية، وذلك بأن يغار على بعض المدن والبلدات، كما فعل بالنسبة لليمن وقتله لأبناء عبد الله بن عباس في زمن أمير المؤمنين في قضية بُسر بن أرطأة، كان يقوم بهذه الأعمال، وأنت إذا تلاحظ في قضية التفجيرات والاغتيالات التي حصلت في كربلاء، وفي النجف، وفي الكاظمية، هذا النمط الحاصل اليوم في العراق، تجده يفجّر لكي يضعف إيمان الناس؛ فيتخلّوا عن الحسين ، ويتخلوا عن الزيارة، ولا يعلمون أن الحسين صلوات الله وسلامه عليه أعطانا من دمه الطاهر دمًا لا يَجُفُّ إلى قيام يوم الدين، لا يعلمون أنهم كلما قتلونا ازداد أبناؤنا حُبًّا للحسين، لا يعلمون أن كل قطرة دمٍ حينما تقع على الأرض هي في الحقيقة قبضة نابتة في وجوههم تمنع هذه العنجهيّة عن أعراضنا وبناتنا وأبنائنا.

هذا النمط من العمل هو عمل أمويّ، لاعتقادهم أنه في الكوفة فعل فعلته، وعندما أقول الكوفة، فإنني أعني الكوفة باعتبارها ثكنة عسكرية آنذاك، وليست مقرًّا لشيعة عليّ صلوات الله وسلامه عليه، فالكلام أنها مقرّ لشيعة علي صلوات الله وسلامه عليه هذا غير صحيح؛ لأن فيها العثمانيين، وفيها الأمويين، وفيها الخوارج وغيرهم، بل كما يذكر «بروكلمان» في كتابه «تاريخ الشعوب الإسلامية ص128» أن معاوية بمجرد دخوله الكوفة نفى خمسين ألفًا من شيعة عليّ مع أسرهم إلى خرسان، وهذا يدل على أنه حينما جاء الإمام الحسين قاصدًا الكوفة، فالقلة القليلة من أصحابه هم الباقون.

أرجوكم لا لأئمتنا ولا لعلمائنا تنظّرون..

فالصلح إذن أسبابه كثيرة، لذا فلنتمتع بشيء من الوعي، فبعض من يدّعي الثقافة لا يُحاول أن يُنظّر لإمام العصر حينما يُقدم علينا أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، ولا لعلمائنا، ولا لمراجعنا؛ فإنهم أكثر وعيًّا، وأكثر قربًا من الحقائق والوقائع، لذا فالله سبحانه وتعالى ينتقد هذا الصنف من الناس فيقول: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ» آية 112 سورة الأنعام، فبدأ بشياطين الإنس؛ لأن شياطين الإنس هم من يسوقون الناس إلى شياطين الجن، هم الناطق الرسمي باسم شياطين الجنّ، وقوله: «يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا» تجد بعضهم يقرأ مقالة عن صحفي أمريكي أو صحفي عميل من هنا أو هناك فتجده يُنظّر فيقول: هذا الكلام واقعيّ وصحيح، فينتقد حكيم آل محمد، وينتقد وليّ أمر المسلمين، وينتقد آية الله العظمى السيد السيستاني، ينتقد أي إنسان لمجرد أنه قرأ مقالة، خُدِع فيها، هذا هو المقصود من قوله تعالى: «زُخْرُفَ الْقَوْلِ»، «فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ»: أي اتركهم فهذا افتراء وكذب، فالذي تقرؤونه في بعض الصحف، والذي تُشاهدونه في بعض القنوات التلفزيونية هذه كلها أكاذيب، يأتيك بصورة على أنها في المكان الفلاني، وإذا بها قرية سينمائية في أي مكان، أنت تستطيع أن تُنشئها هنا وحينئذٍ تتصوّر أنها في أي مكان معين أو في مكان آخر.

أتذكر في بداية مجيء الإمام رحمة الله عليه بعد وصوله رضوان الله عليه وهروب مجموعة، هؤلاء المجموعة يخرجون يوميًا في الصحف فيتنبّؤون، يقولون: بقي ستة أشهر وينتهي الإمام، بقي شهران وينتهي الإمام، بقي كذا وينتهي الإمام الخميني، وهانحن بعد اثنين وثلاثين سنة.. انتهوا هم وبقي الإمام.

أختم بقول للإمام الخميني رضوان الله عليه في وصيته حول هذه الذُّرية حول الحسن صلوات الله وسلامه عليه، وأئمة أهل البيت ، يقول الإمام في وصيته: «إن كل ما ألمّ بأيّ من الثقلين بعد الوجود المقدّس لرسول الله قد أصاب الثقل الآخر، وإن هجر أيٍّ منهما هجرٌ للآخر حتى يردا هذان المهجوران الحوض على رسول الله »، يقول: كل ما أصاب الثقلين، سواء ما أصاب القرآن من تحريف معنوي أو ما أصاب العترة فهو ظلم لهما معًا، فالظلم على أئمة أهل البيت نتيجة ظلم على القرآن الكريم في عدم تطبيقه، أو عدم تفسيره بشكل سليم.

والخاتمة دعاء:

نسأل من الله عز وجل أن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يخذل أعداء الدين، كما نسأل منه عز وجل أن يسدد وأن يحفظ ولي أمر المسلمين، ومراجعنا العظام المستهدفين في هذه الأيام بالخصوص في العراق، اللهم احفظهم وأطل في أعمارهم، كما نسأل الله عز وجل أن يحفظ حكيم آل محمد، وأن يوفق جنود الإسلام على ثغور الإسلام، كما نسأل منه أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.









السيد عبد الله الموسوي

جزاك الله كل خير اخي الطربيلي ع الطرح الجميل

بارك الله بك أخي بشار الربيعي
وجزاك الله خير الجزاء

لك خالص شكري ع طرحك القيم
بوركــت

بارك الله فيكم اختي عهد الوفاء واخي بشار الربيعي واخي بوسجاد واختي طريقي زينبي على مروركم الكريم والمشاركة وحياكم الله