البطاقة الشخصية
مولده
ونشأته : ولد عام 1942م بمدينة ( درعا ) قرية ( قرفا ) في سوريا ، ونشأ
في أُسرة تنتمي إلى مذهب أبناء العامة ، يحمل ثقافة إسلامية وهو إمام وخطيب
منطقته ، تشرف بإعتناق مذهب أهل البيت (ع) عام 1990م في سوريا.
آثار وسائل
الإعلام علي معتقدات الأمم : كان الأخ أحمد يهوى
مطالعة الكتب وقرائتها ، متلهفاً لرفع مستواه العلمي والثقافي ، مما جعله يواصل
العمل التوجيهي والتبليغي بإندفاع ورغبة ، وكان مرنا في مواجهته للعالم المعاصر
عندما غزا المعمورة بتطوراته الباهرة في مجال التقنية الحديثة ، التي حولت
العالم إلى قرية صغيرة بعد إتساع الإتصالات التي غيرت الكثير من مجريات الأمور
، وأدت إلى تغيير الإتجاهات الفكرية نتيجة معرفة الأمم بثقافات ومباديء الطوائف
الأخرى.
وإن المجتمعات بدأت تقترب بعضها من
بعض بعد إتساع وسائل الإعلام ، وبذلك تلاشت القلاع المحصنة التي كان يتدرع بها
من بيده زمام الأمور ، ليهيمن بذلك على عقول مجتمعه ويمنعهم من معرفة الأمور
المحيطة بهم والأفكار والمعتقدات الأخرى لسائر الأمم ، ويحصرهم في أجواء الجهل
الذي يحقق في ظله رغباته ومآربه بسهولة ، من دون أن تكدر عليه جهة من الجهات
المعارضة ، فبعد أن كثرت الإتصالات تفتّحت ذهنية المجتمعات المعاصرة ، وأصبح
بإمكان طالب الحقيقة أن يجد بغيته بسهولة ، من دون أن يمنعه من ذلك عائق.
منهجية الحوار
الصحيح في عالمنا المعاصر : بإزدياد وسائل الإعلام
وكثرة الجامعات والبعثات الدراسية وطباعة الكتب وإنتشار الصحف وإختراع الإنترنت
، أصبحت المجتمعات تقرأ وتطلع على الثقافات الأخرى وتقارن بينها وبين ماهي
عليه.
ومن هنا أصبح إلصاق التهم بالمذاهب
الأخرى والتشنيع والتهريج عليها أسلوب فاشل ومحاولة مفضوحة لا جدوى فيها ، لأن
الحقائق بدأت تتجلى بوضوح لعامة الناس بعد زوال موانع تعرفهم المباشر على آراء
ومعتقدات الآخرين ، فقلت بذلك الصراعات الدموية التي كانت تقع بين الطوائف
الإسلامية نتيجة تفشي الجهل والحصر الإعلامي والإنغلاق وكبت الأفكار ، وأصبح
الحوار الموضوعي في أجواء الإنفتاح هو الحل الوحيد لتثبيت المعتقدات والدعوة
إليها في عالمنا المعاصر ، ومن هذا المنطلق تمكن الكثيرون من التعرف على التشيع
، بحيث توفرت لهم الأرضية المناسبة في التعرف على علومه ومعارفه التي تتعطش لها
الفطرة الإنسانية ، وكثرت حالات الإستبصار والإهتداء بهدي عترة رسول الله (ص)
وتجلى للكثير حقانية هذا المذهب.
وكان من جملة
هؤلاء الأخ أحمد إسماعيل : فمن خلال مطالعاته حول
الشيعة تبين له : ما عانى التشيع من الطغاة والحكام ، الذين حاربوه بشتى الوسائل
وبكل ما أوتوا من قوة ، لئلا تقوم له قائمة ولئلاّ يجد سبيلاً إلى قلوب الناس ،
لأنهم عرفوا أن هذا المذهب يصنع من معتقديه شخصيات ترفض الظلم والإضطهاد ،
فتنهض وتثور بوجه أهواء الحكام والطغاة.
أسباب محاربة
الحكام للشيعة والتشيع : كانت غاية أمراء الجور أن
ينشروا عقيدة هشة لا تمتلك الأصالة الإسلامية ، بل تأخذ من الإسلام مجرد إسمه ،
وتقتصر على الطقوس الدينية التي تحاكي الواقع ولا تتعرض لما ترتأيه أهواؤهم ،
فكانوا يبذلون قصارى جهدهم ليصوغوا من الإسلام عقيدة سلطوية لا روح لها ولا
عزيمة لمنتميها لمواجهة الظلم والطغيان ، فآمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض
ليشيدوا العقيدة التي تتلاءم وتنسجم مع أهوائهم ومآربهم.
وإن التشيع على مر العصور كان يهدف
لعرض الإسلام للبشرية وتقديمه بصورته الكاملة ، فلهذا كان عرضة لأن يضطهد من
أمثال هؤلاء الذين حاربوه بشتى السبل ولم يفسحوا المجال لأنتشاره وإتساعه.
من أسباب إنتشار
التشيع في عالمنا المعاصر : إن جميع محاولات العنف
والقوة في المجال الفكري والعقائدي ، وإلزام الناس على مبدأ أو فكرة معينة باتت
فاشلة في عالمنا المعاصر ، نتيجة فتح أبواب الإعلام ، وقد تمكن إتباع مذهب أهل
البيت (ع) أن يوصلوا أفكارهم إلى كل المجتمعات عبر هذه الوسائل ، فأصبحت هذه
المجتمعات تقرأ تراث الشيعة وتطلع على خزين معارفهم ، فإزداد إقبال الكثير على
هذا المذهب.
والشاهد على ذلك هو ردود فعل الخصم
الذي أصبح كالغريق المتخبط ، يحاول إبعاد الناس عن هذا المذهب ، وهذا إن دل على
شئ فيدل على مدى قوة تأثير التشيع في أوساط المجتمعات ، وبما إن الحوار
الموضوعي أصبح في عالمنا المعاصر هو الطريق الوحيد لعرض الأفكار والمعتقدات ،
تقدم مذهب أهل البيت (ع) إلى الساحة الفكرية وبدأ بنشر ما عنده من العلوم
والمعارف التي تلقاها من عترة رسول الله (ع).
كتاب المراجعات
ودوره في نشر التشيع : يعتبر كتاب المراجعات من
أبرز الكتب التي تمثل الحوار الشيعي السني في مجال المعتقدات ، فهو كتاب يحتوي
على رسائل متبادلة بين عميد السنة في مصر وهو العالم الجليل ( الشيخ سليم
البشري ) شيخ الجامع الأزهر ، وبين العلامة الكبير ( السيد عبد الحسين شرف
الدين ) أحد أبرز علماء الشيعة وأئمتها في لبنان ، وقد جرى بينهما العديد من
مسائل الخلاف بين مذهب أهل البيت (ع) وأبناء العامة ، فتبلورت منها بحوث قيمة
ورائعة يصفها الدكتور ( حامد حفني داود ) الذي قدم لهذا الكتاب بقوله : ( سفر
عظيم كتبه علمإن من أعلام الإسلام في صورة حوار علمي أصيل إتصف بالنزاهة
والموضوعية والبعد عن سفاسف القول وهجره ، وإتصف بالإخلاص الجم من الوصول إلى
الحقيقة مبرأة من كل عرض سواها ).
وقال أيضاًً :
ومن عادة المتناظرين أن يصر كل منهما على الإنتصار على خصمة ، وأن يدحض حججه
بحجج أقوى منها حتى لا يترك له مجالاً من الإنتصار والغلبة ، ولكننا رأينا في
هذين المتناظرين شيئاًً جديداًً لا نكاد نألفه إلاّّّ في المنهج الإسلامي في فن
المناظرة والجدل ، ذلك المنهج هو إصرار كل الباحثين على الوصول إلى الحقيقة ....
الأمر الذي حدا بهما إلى حوار علمي منظم يهدي إلى الحق ، ويأخذ بأيديهما وأيدي
القراء إلى المنهج الإسلامي السليم ، وقد ترك هذا الكتاب إثره البليغ في عالمنا
المعاصر ، فقد أثبتت الإحصائيات إستبصار الكثير من أبناء العامة على أثر
مطالعتهم لهذا السفر العظيم.
أحمد إسماعيل في
رحاب كتاب المراجعات : كان من جملة الذين تأثروا
بكتاب المراجعات المستبصر أحمد إسماعيل الغزالي ، حيث يقول والكلام لولده حارث
: وقع كتاب المراجعات بيدي عام 1989م ، عن طريق صديق لي إسمه زيدان ، سلمه إلي
لأطالعه وأشاركه في الفكرة ، لأنه قد سبق أن طالع الكتاب فأعجب بمحتواه ، فأخذت
الكتاب منه وصفحته في الوقت نفسه وقرأت جملة منه ، فإشتد غضبي عندما عرفت
محتواه وإعترتني حالة الإنفعال ، فرميته على الأرض وإلتفتت إلى صديقي قائلاً
بغضب : من هو هذا المؤلف الكذاب الذي يحاول أن يظهر التشيع بأفضل صورة ويسعى
لتبيين ضعف مذهبنا؟ فأجابني زيداًًن بهدوء : أخي أحمد! لماذا تدع للعاطفة مجالاً
لتثور فتحجب بصيرتك عن رؤية الحق ، ألا ترى من اللزوم علينا حين التتبع لمعرفة
الحق أن نستحضر عقولنا ولا ندع للعاطفة مجالاً للتقييم وإبدأء الرأي ، أخي
العزيز علينا أن لا نعيش الإنفعال بل نعيش العقل ، لأن تحلي النفس بالهدوء عند
البحث والحوار تفسح لنا المجال لنمعن النظر في البحث ، وبذلك نتمكن من الوصول
إلى حقيقة أمر الخلاف ، وإذا عشنا أجواء الإنفعال فإن ذلك سوف يؤدي إلى تكدير
الأجواء في النفس ، وبذلك نفقد وضوح الرؤية ونتحول إلى حالة معقدة من التأثر
النفسي ، فنرفض التفاهم وتنشأ التعصبات التي تمنعنا من دراسة معتقداتنا وتمييز
الصحيح والخطأ منها.
يقول الأخ أحمد : ترك هذا الكلام
الأثر البليغ في نفسي مما دفعني إلى مطالعة الكتاب برؤية منفتحة ، من دون تعصب
أو تحيز أو تأثر بالعاطفة المذهبية ، وطالت بي فترة مطالعة الكتاب حتى إستغرقت
مدة ستة أشهر ، لأنني كنت أتوقف عند كل فقرة من فقرات الكتاب مدة طويلة ،
وأراجع المصادر التي ورد ذكرها في كتاب المراجعات لأتأكد من صحة نقلها ، ومن
هنا بدأت تتوالى علي المفاجآت ، وإعترتني بعدها الصدمات الفكرية واحدة بعد
الأخرى ، وقد أثرت في نفسي أثراً لا يستهان به ، وجعلتني التجأ إلى الإعتزال
لفترة ما! حتى أعيد لنفسي التوازن الذي إفتقدته نتيجة مواجهتي لما لم أكن
أتوقعه أبداً ، وكانت الأدلة تنهال علي بقوة وفي كل مرة تهدم جانباً من جوانب
بنياني الفكري السابق حتى حولته إلى كومة من تراب! ، ومن جانب آخر بدت لي أفكار
مذهب أهل البيت (ع) مشرقة ونيرة تدعوني إلى نفسها وتبعث في نفسي المحفز
للإلتجاء إليها.
الأدلة في كتاب
المراجعات : الحقيقة أن الأدلة التي سردها العلامة
السيد شرف الدين في الدفاع عن التشيع ، أدلة متينة وبراهين ساطعة لا يعتريها
أدنى شك ، ولا يوجد فيها ماهو باعث للتردد في الإقتناع بها والإنتماء إليها.
الأدلة النقلية
علي إمامة العترة (ع) : إستشهد العلاّمة شرف الدين
بالكثير من الأدلة والنصوص النبوية من كتب أبناء العامة لتبيين حق العترة
ومنزلتهم ، وإثبات الإمامة والخلافة لهم بعد رسول الله (ص) وكان منها :
1 ـ
حديث الثقلين المتواتر الذي قاله رسول الله (ص) : إني تارك فيكم ما إن تمسكتم
به لن تضلوا بعدي : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ،
ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، فإنظروا كيف تخلفوني فيهما ، وهذا الحديث يدل
على ضلال من لم يتمسك بهما ، ويؤيد ذلك : قوله : (ص) في بعض نصوص هذا الحديث :
فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.
2 ـ
قوله (ص) : ألا إن مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ، من ركبها نجى ومن تخلف
عنها غرق.
3 ـ
قوله (ص) : إنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل ، من دخله غفر
له.
4 ـ
قوله (ص) : النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق ، وأهل بيتي أمان لأمتي من
الإختلاف ، فإذا خالفتها قبيلة من العرب إختلفوا فصاروا حزب إبليس.
5 ـ
قوله (ص) : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ،
فليوال علياًً من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي ، فإنهم عترتي ،
خلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي ، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي ، القاطعين
فيهم صلتي ، لا أنالهم الله شفاعتي.
الأدلة النقلية
على إمامة علي (ع) :
أما النصوص النبوية الواردة في تنصيب الإمام علي (ع)
للخلافة من بعده ، فمنها :
1 ـ
نص الدار يوم الإنذار ، إذ قال رسول الله (ص) لعشيرته الأقربين بعد أن أخذ بيد
علي بن أبي طالب (ع) : إن هذا أخي ووصيي وخليفتى فيكم ، فإسمعوا له وأطيعوا ،
وهو حديث أخرجه إبن إسحاق، وإبن جرير ، وإبن أبي حاتم ، وإبن مردويه ، وأبي
نعيم ، والبيهقي ، والثعلبي ، والطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك.
2 ـ
حديث المنزلة ، وهو قوله : (ص) لعلي (ع) : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من
موسى ، إلاّ أنه لا نبوة بعدي ....
3 ـ
قوله (ص) لعلي بن أبي طالب (ع) بالإسناد إلى إبن عباس : أنت ولي كل مؤمن بعدي.
4 ـ
قوله (ص) لبريدة : لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي ، وإنه
مني وأنا منه ، وهو وليكم بعدي.
5 ـ
حديث الغدير الذي قال : فيه (ص) للناس : الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ، قالوا :
بلى ، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، والجدير بالذكر أن القرائن الموجودة في
أمثال هذه الأحاديث من قبيل لفظة ( بعدي ) و ( الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم )
، فيه دلالة على أن المراد من معنى الولي الذي هو مشترك لفظي بين الخليفة
والصديق والمحب والنصير وغيره ، هو فقط معنى الأولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وهو
معنى الخلافة وولاية الأمر بعد رسول الله (ص)!.
6 ـ
قوله (ص) لعلي بن أبي طالب (ع) : أنت تؤدي عني ، وتسمعهم صوتي ، وتبين لهم ما
إختلفوا فيه بعدي.
7 ـ
قوله (ص) : إن الله عهد إلي في علي .... إن علياًً راية الهدى ، وإمام أوليائي ،
ونور من أطاعني ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتقين ....
8 ـ
قوله (ص) : أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب.
9 ـ
قوله (ص) : أنا المنذر ، وعلي الهادي ، بك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي.
تمجيد الشيخ سليم
البشري بالعلامة شرف الدين : من الواضح أن المناقب
والمنازل المتعالية الواردة في حق الإمام علي (ع) فيها دلالة التزامية بتأهله
لمنصب الخلافة بعد رسول الله (ص) هذا وناهيك عن النصوص الواردة التي مر ذكر
جملة منها على تنصيبه (ص) علياًً (ع) للخلافة من بعده ، إذ تناولها العلامة السيد
شرف الدين وبينها في إجاباته على أسئلة الشيخ البشري بصورة رائعة ، مما جعلت
الشيخ البشري يمجد بها قائلاً في نهاية المطاف : وكنت قبل أن إتصل بسببك على لبس
فيكم لما كنت أسمعه من أرجاف المرجفين ، وإجحاف المجحفين ، فلما يسر الله
إجتماعنا أويت منك إلى علم هدى ومصباح دجى ... فما أعظم نعمة الله بك علي وما
أحسن عائدك لدي.
الصراع النفسي حين
الإستبصار حسم الموقف : لقد توصل الأخ أحمد الغزالي
بعد ستة أشهر من البحث والتتبع ، بمثل النتيجة التي توصل إليها الشيخ سليم
البشري ، وفي هذا الصدد يقول إبنه ( حارث الغزالي ) : ( بعد أن وقع كتاب
المراجعات بيد أبي ، طرء في سلوكه تغيير ملفت للنظر ، وبعد مدة أحسست من تعامله
وتصرفاته كأنه يعانى من تيار يخالفه في الرأي ، بحيث سبب في نفسه حالة من
التردد والضعف والإنهيار.
ومن ذلك الحين إلتجأ أبي إلى حالة
الإعتزال وإعتكف في مكتبته الخاصة منهمكاً في البحث والمطالعة ، وفي يوم من
الأيام دخلت عليه في مكتبته فوجدته غارقاً في التفكير والحيرة بادية على ملامح
وجهه ، وحوله كتب كثيرة مفروشة على الأرض ، وإستمرت هذه الحالة مدة ستة أشهر
حتى ولد لأبي مولود جديد ، فحملته إليه ودخلت الغرفة الخاصة به وقدمته إليه
فأخذه مستبشراًً ، ثم إذن في أذنه اليمنى ، وكانت المفاجئة أنه أذّن بأذان الشيعة
الإثنى عشرية ، فإستغربت من ذلك وتفاجأت بما فعل ، فإستفسرت منه هذا الفعل ،
فأجابني : إن البحث والتتبع الذي غاص فيه طيلة هذه الفترة قد غير مجرى معتقده ،
وأنه كشف عبر ذلك أموراً كان غافلاً عنها فيما سبق ، ولذلك إختار مذهب أهل البيت
(ع) ليكون له معتقداً ينتمي إليه ويتمسك به.
ماذا بعد إعلان
الإستبصار : يضيف الأخ حارث الغزالي : إنتشر خبر
إستبصار أبي في أسرتنا ، فتفاجأ به الجميع ولكننا كلنا وثقنا بما ذهب إليه أبي
، لأننا لم نعهد منه من قبل ما يقدح بعدالته ، بل كان نموذجاً وقدوة لنا في
السلوك والأخلاق والعقيدة ، فلهذا إنتمينا للمذهب الذي إنتمى إليه من دون تردد
، ولكنه لم يكتفي بتقليدنا في هذا المجال ، بل جعل يعرض علينا أصول مذهب أهل
البيت (ع) ومباني عقيدتهم بالتدريج ، وكان لذلك أثراً بليغاً في تمسكنا بهذا
المذهب ، لأننا بعد معرفة الأدلة والبراهين لمسنا أثر صفاء هذه العقيدة على
كياننا بصورة مباشرة ، وإطمئنت نفوسنا إليها ، فإندفعنا بعد الإقتناع لأن نتمسك
بها بقوة.
وهكذا بدأ أبي نشاطه من جديد ،
فتقدم إلى العمل التوجيهي بعزم وثبات وإرادة راسخة ، وبدأنا نلحظ فيه الحيوية
أكثر من قبل ، فكإن مندفعاً بقوة ليجسد المبادىء التى توصل إليها ، وكان يدعو
الناس إليها ويكشف لهم ، عن وجه الحقيقة ، حتى إستبصر على يديه العديد من أبناء
منطقتنا ، فتمسكوا بمذهب عترة الرسول (ص) بعد أن زالت عنهم الحجب ، فلاح إلى
أبصارهم نور تلك المصابيح التي لايهتدي بها إلى الصراط المستقيم إلاّّّ أولي
الأبصار.