دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه)ج1
إن دور الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في عهد الغيبة هو أنه يمثل ـ ضمن ما يمثّل ـ الحلقة الأخيرة المهيمنة والفاعلة والمؤثرة في عالم الإمكان.
لبيان هذا الدور نقدّم ثلاث مقدمات:
المقدمة الأولى: إن القرآن الكريم يثبت أدواراً في إطار عالم الطبيعة للأشياء، كما يثبت أدواراً ضمن إطار هذا العالم للأشخاص.
هنالك أشياء في هذا العام لها دور، وهناك أشخاص في هذا العالم لهم دور; نمثل لذلك بمثالين:
المثال الأول: من هو الشافي، ويأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله
تعالى هو الشافي; (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)(سورة الشعراء: 80.)
،(3). ولكننا نلاحظ أن القرآن الكريم يثبت من جهة أخرى دور الشفاء لأشياء
في هذا العالم، يقول الله تعالى عن العسل: (فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ)(سورة
النحل: 69.) هذا مع أن العسل ما هو إلا جماد يخرج من بطن حيوان، ولكن الله
تعالى شاء أن يجعل فيه شفاءً للناس.
المثال الثاني: من هو المتوفي؟
ويأتينا الجواب من القرآن الكريم أن الله تعالى هو المتوفي; يقول
تعالى
اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا).(سورة الزمر: 42.)
ولكننا نلاحظ من جهة أخرى أن القرآن الكريم يثبت التوفي لغير الله تعالى
حيث يقول: (قُلْ يَتَوَفَّـكُم مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ
بِكُمْ)(6) ، فهو تعالى ينسبه لملك الموت أيضاً.
...............
(3) ذكر أحد العلماء أنه كان يوجد في مدينة إصفهان طبيب معروف يسجّل أسماء
مراجعيه من المرضى في ورقة عنده بعد أن يكتب لهم الوصفة الطبية، وعندما
سئل: لماذا تعمل هذا العمل؟ أجاب: إنني أعتقد أن الأدوية عوامل ظاهرية وأن
الشفاء حقاً بيد الله تعالى، ولذلك أكتب أسماء المرضى الذين يراجعونني كي
أدعو لهم في صلاة الليل وأطلب شفاءهم من الله تعالى، فهو الشافي، وما
الأطباء والأدوية إلا أسباب ظاهرية.