قـال احـد العـلمـاء العظام الذى عاد الى مسقط راسه توّا قادما من النجف الاشرف ، وكان مشتاقا الى حضور مجالس العزاء التى تعقد لسيد الشهداء الحسين بن على ( عليهما السّلام ) :
حـضـرت يـومـا مـجـلس عـزاء ، وكـان الحـاضـرون يـمـزحـون كـثـيـرا قـبـل انـعـقـاد المجلس . فما راق لى هذا الامر ، وكان الخطيب الحسينى اكثرهم مزاحا ، فمقتّه ، وقرّرت ان لا احضر هذا المـجـلس ابـدا . وفـى تـلك الليـلة رأيـت حـلمـا ، وانّ القـيـامة قد حان موعدها ، والناس يعبرون الصراط جماعات جـمـاعـات ويـدخـلون الجـنـة . وحـيـنـمـا اردت عـبـور الصـراط رأيـتـه بـشـكل لايمكننى المرور عليه بأىّ وجه من الوجوه . وفي هذا الاثناء رأيت ذلك الخطيب الحسينى الدعّابة يطير من ذلك الجانب من الصراط الى هذا الجانب ، وينتقى بعض الناس ويطير به الى الجانب الا خر ، ويوصله الى الجنّة . فـتعلّقت بأذياله وقلت له :
ارجو ان تعبر بي الصراط . فحملنى جنبه فورا وعبر بى الصراط ، ووضعنى فـى ذلك الجـانـب ، ثـم التـفـت الى قـائلا :
انـظر الى تلك الجهة ، فهناك ابواب الجنّة . فنظرت الى الناحية التـى اشـار إ ليها فرأيت ابوابا كثيرة للجنّة ، وكان يقف امام بعض الابواب جمّ غفير ، إ لاّ ان هناك بابا ما كان يقف عندها احد . قال لى السيد :
ينبغى عليك ان تدخل الجنّة من ذلك الباب ؛ لانك عالم مجتهد . فنظرت الى الباب الذي اشـار إ ليـه فـرأيـت صـفـّا طـويـلا مـن العـلمـاء ، وهـم وقـوف امـام بـاب مـغـلق يدخل من خلاله عالم واحد فقط كلّ عدّة ساعات .
قلت :
الا يمكننى دخول الجنّة من ذلك الباب المقفر ؟ قـال :
كـلاّ ، إ نّ ذلك البـاب يـخـتـصّ بـالحـسـيـن ( عـليـه السـّلام ) وبـخـطباء المنبر الحسينى ، فإ ن كنت خطيبا فساءدخلك منه .
قلت :
آسف ، فإ نّى ما حظيت بتلك المنزلة .
قال :
لاحيلة لك إ ذا ؛ إ ذ يجب عليك دخول الجنّة من ذلك الباب المزدحم .
قلت :
ارجوك لان تصنع لى معروفا .
فـكـّر مـليـّا ثـم قال :
تعال لنجلس هنا ، حاول ان تذكر مصيبة الحسين ( عليه السّلام ) وانا استمع إ ليك ؛ لكى ادخلك من ذلك الباب ، واخبر الحسين ( عليه السّلام ) باءنّك خطيب ! قـلت :
حـسـنـا . جـلسـنـا فـى زاويـة ، وشـرعـت بـذكـر مـقـتـل الحـسـيـن ، فـاءخـذ الرجل يتباكى .
واخيرا قال :
هيّا ندخل الجنّة من خلال هذا الباب . فاءخذ بيدى وادخلنى الجنّة .
وكـان الحـسـيـن ( عليه السّلام ) جالسا على اريكة وهو يضع امامه سجلاًّ كبيرا ، وكان يلاحظ اسماء الخطباء فى السجل فتقدّم إ ليه السيد قائلا :
جعلت فداك ياسيّدى ، جئتك هذه المرّة ايضا بخطيب ! التفت الحسين ( عليه السّلام ) إ لى فقال :
ما اسمك ؟ قلت :
الشيخ رمضان على .
فـتـصـفّح ابو عبداللّه الحسين ( عليه السّلام ) السجل ، ثم رفع راسه ، والتفت الى السيد قائلا :
ليس لدينا خطيب بهذا الاسم قال السيد :
اقسم بك يا جدّاه انّه اسمعنى خطبته ، وإ نّنى استمعت إ ليه .
فتبسّم الحسين ( عليه السّلام ) وقال :
لابأس ، إ نّه يدخل الجنّة بشفاعتك ! وآلا ذلك العالم على نفسه بعد رؤ ية الحلم ان يحضر مجالس العزاء مهما كلّف الامر ، ويصبح خطيبا ؛ لكى يكون فى عداد الخطباء .
نقلته من كتاب
(( عالم الارواح العجيب ))
للسيد حسن الابطحي