أبو سجاد الرتبــــــة
رقم العضوية : 9 الجنــس : المواليد : 15/05/1973 التسجيل : 19/12/2012 العمـــــــــــــــــر : 51 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 10278 نقـــــــــاط التقيم : 14107 السٌّمعَــــــــــــــة : 6 علم بلدك : الموقع : منتديات اهل البيت عليهم السلام مشرف منتدى الامام علي عليه السلام
| موضوع: إظهار دعوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الثلاثاء مارس 05, 2013 10:13 pm | |
| في إظهاره الدعوة إلى الله تعالى ونزول الشعب
أبو علي الطبرسي في كتاب " أعلام الورى " : أسري برسول الله إلى بيت المقدس ، وحمله جبرئيل على البراق ، فأتى به بيت المقدس ، وعرض عليه محاريب الأنبياء ، وصلى بهم ، ورده فمر رسول الله في رجوعه بعير لقريش ، وإذا لهم ماء في آنية ، فشرب منه ، وأكفى ما بقي ، وقد كانوا أضلوا لهم بعيرا ، وكانوا يطلبونه . فلما أصبح قال لقريش : إن الله قد أسرى بي إلى بيت المقدس ، فأراني آيات الأنبياء ومنازلهم ، وإني مررت بعير لقريش في موضع كذا وكذا ، وقد أضلوا بعيرا لهم ، فشربت من مائهم ، وأهرقت باقي ذلك . فقال أبو جهل : قد أمكنتكم الفرصة منه ، فسلوه كم فيها من الأساطين والقناديل ؟ فقالوا : يا محمد ، إن هنا من قد دخل بيت المقدس ، فصف كم أساطينه ، وقناديله ، ومحاربيه ؟ فجاء جبرئيل : فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه ، فجعل يخبرهم بما سألوه عنه ، فلما أخبرهم قالوا : حتى يجئ العير ونسألهم عما قلت ، فقال لهم رسول الله : تصديق ذلك أن العير يطلع عليكم عند طلوع الشمس ، يقدمها جمل أحمر ، عليه عذارتان ، فلما كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة ، ويقولون : هذه الشمس تطلع الساعة . فبينا هم كذلك ، إذ طلع عليهم العير حين طلع القرص ، يقدمها جمل أحمر ، فسألوهم عما قال رسول الله قالوا : لقد كان هذا ضال لنا في موضع كذا وكذا ، وضعنا ماء فأصبحنا وقد أريق الماء ، فلم يزدهم ذلك إلا عتوا .
فاجتمعوا في دار الندوة ، وكتبوا بينهم صحيفة ، أن لا يؤاكلوا بني هاشم ، ولا يكلموهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يزوجوهم ، ولا يتزوجوا إليهم ، ولا يحضروا معهم ، حتى يدفعوا محمدا إليهم فيقتلونه ، وإنهم يد واحدة على محمد ، ليقتلوه غيلة أو صراحا . فلما بلغ ذلك أبا طالب ، مع بني هاشم ، ودخل الشعب ، وكانوا أربعين رجلا ، فحلف لهم أبو طالب بالكعبة ، والحرم ، والركن ، والمقام ، لئن شاكت محمدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم ، وحصن الشعب ، وكان يحرسه بالليل والنهار ، فإذا جاء الليل ، يقوم بالسيف عليه ، ورسول الله مضطجع ، ثم يقيمه ويضطجعه في موضع آخر ، فلا يزال الليل كله هكذا ، ووكل ولده ، وولد أخيه به ، يحرسونه بالنهار ، وأصابهم الجهد ، وكان من دخل من العرب مكة ، لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئا ، ومن باع منهم شيئا انتهبوا ماله . وكان أبو جهل ، والعاص بن وائل والنضر بن الحارث بن كلدة ، وعقبة بن أبي معيط ، يخرجون إلى الطرقات التي تدخل مكة ، فمن رأوه معه ميرة نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا ، ويحذرونه إن باع شيئا أن ينهبوا ماله ، وكانت خديجة لها مال كثير ، فأنفقته على رسول الله في الشعب ، ولم يدخل في حلف الصحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد المطلب بن عبد مناف وقال : هذا ظلم .
وختموا الصحيفة بأربعين خاتما ، ختمها كل رجل من رؤساء قريش بخاتمه ، وعلقوها في الكعبة ، وتابعهم أبو لهب على ذلك ، وكان رسول الله يخرج في كل موسم ، فيدور على قبائل العرب ، فيقول لهم : تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربي ، وثوابكم على الله الجنة ، وأبو لهب في أثره ، فيقول : لا تقبلوا منه ، فإنه ابن أخي ، وهو ساحر كذاب . فلم يزل هذه حاله ، فبقوا في الشعب أربع سنين ، لا يأمنون إلا من موسم إلى موسم ، ولا يشترون ، ولا يبايعون إلا في الموسم .
وكان يقوم بمكة موسمان في كل سنة : موسم للعمرة في رجب ، وموسم للحج في ذي الحجة ، فكان إذا جاءت المواسم ، يخرج بنو هاشم من الشعب ، فيشترون ويبيعون ، ثم لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلى الموسم الثاني ، فأصابهم الجهد وجاعوا ، وبعثت قريش إلى أبي طالب : ادفع إلينا محمدا حتى نقتله ونملكك علينا فقال أبو طالب رضي الله عنه : قصيدته الطويلة اللامية التي يقول فيها .
فلما رأيت القوم لا ود فيهم * وقد قطعوا كل العرى والوسائل ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ، ولا يعبأ بقول الا باطل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى ، عصمة للأرامل يطوف به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت الله نبزي محمدا * ولما نطاعن دونه ونقاتل ونسلمه حتى نصرع دونه * ونذهل عن أبنائنا والحلائل لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل وجدت بنفسي دونه وحميته * ودرأت عنه بالذرى والكلاكل فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها * وشينا لمن عادى ، وزين المحافل حليما ، رشيدا ، حازما ، غير طائش * يوالي إله الحق ليس بما حل فأيده رب العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير باطل فلما سمعوا هذه القصيدة أيسوا منه ، وكان أبو العاص بن الربيع ، وهو ختن رسول الله ، يجئ بالعير بالليل ، عليها البر والتمر إلى باب الشعب ، ثم يصيح بها ، فتدخل الشعب ، فيأكلها بنو هاشم ، وقال رسول الله : لقد صاهرنا أبو العاص ، فأحمدنا صهره ، لقد كان يعمد إلى العير ونحن في الحصار فيرسلها في الشعب ليلا . فلما أتى لرسول الله في الشعب أربع سنين ، بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابة الأرض ، فلحست جميع ما فيها من قطيعة رحم وظلم وجور ، وتركت اسم الله باسمك اللهم ، ونزل جبرئيل على رسول الله ، فأخبره بذلك ، فأخبر رسول الله أبا طالب ، فقام أبو طالب ، فلبس ثيابه ، ثم مضى حتى دخل المسجد على قريش ، وهم مجتمعون فيه ، فلما بصروا به قالوا : قد ضجر أبو طالب ، وجاء الآن ليسلم محمدا ابن أخيه ، فدنا منهم ، وسلم عليهم ، فقاموا إليه ، وعظموه ، وقالوا : يا أبا طالب ، قد علمنا أنك أردت مواصلتنا ، والرجوع إلى جماعتنا ، وأن تسلم إلينا ابن أخيك ، قال : والله ما جئت لهذا ، ولكن ابن أخي أخبرني - ولم يكذبني - أن الله أخبره ، أنه بعث على صحيفتكم القاطعة دابة الأرض ، فلحست جميع ما فيها ، من قطيعة رحم وظلم وجور ، وتركت اسم الله ، فابعثوا إلى صحيفتكم ، فإن كان حقا ، فاتقوا الله ، وارجعوا عما أنتم عليه من الظلم وقطيعة الرحم ، وإن كان باطلا ، دفعته إليكم ، فإن شئتم قتلتموه ، وإن شئتم استحييتموه .
فبعثوا إلى الصحيفة ، فأنزلوها من الكعبة ، وعليها أربعون خاتما ، فلما أتوا بها نظر كل رجل منهم إلى خاتمه ، ثم فكوها فإذا ليس فيها حرف واحد ، إلا باسمك اللهم . فقال أبو طالب : يا قوم ، اتقوا الله ، وكفوا عما أنتم عليه ، فتفرق القوم ، ولم يتكلم أحد ، ورجع أبو طالب إلى الشعب ، وقال في ذلك قصيدته البائية ، التي أولها : ألا من لهم آخر الليل منصب * وشعب العصا من قومك المتشعب وقد كان في أمر الصحيفة عبرة * متى ما يخبر غائب القوم يعجب محا الله منها كفرهم وعقوقهم * وما نقموا من ناطق الحق معرب وأصبح ما قالوا من الامر باطلا * ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقا * على سخط من قومنا غير معتب فلا تحسبونا مسلمين محمدا * لذي عزة منا ولا متعرب ستمنعه منا يد هاشمية * مركبها في الناس خير مركب وقال عند ذلك نفر من بني عبد مناف ، وبني قصي ، ورجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم : منهم مطعم بن عدي بن عامر بن لؤي ، وكان شيخا كبيرا كثير المال له أولاد ، وأبو البختري بن هشام وزهير بن أبي أمية المخزومي ، في رجال من أشرافهم : نحن برآة مما في هذه الصحيفة ، فقال أبو جهل : هذا قد قضي بليل .
قال علي بن إبراهيم : قدم أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس في موسم من مواسم العرب ، وهما من الخزرج ، وكان بين الأوس والخزرج حرب ، قد بقوا فيها دهرا طويلا ، وكانوا لا يضعون السلاح ، لا بالليل ولا بالنهار ، وكان آخر حرب بينهم يوم بعاث ، وكانت للأوس على الخزرج ، فخرج أسعد بن زرارة ، وذكوان إلى مكة ، في عمرة رجب ، يسألون الحلف على الأوس ، وكان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة فنزل عليه ، فقال له : إنه كان بيننا وبين قومنا حرب ، وقد جئناك نطلب الحلف عليهم ، فقال له عتبة ، بعدت دارنا عن داركم ، ولنا شغل لا نتفرغ لشئ ، قال : وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم ؟ قال له عتبة : خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله ، سفه أحلامنا ، وسب آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرق جماعتنا ، فقال له أسعد : من هو منكم ؟ قال : ابن عبد الله بن عبد المطلب ، من أوسطنا شرفا وأعظمنا بيتا . وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج ، يسمعون من اليهود ، الذين كانوا بينهم ، النضير وقريضة وقينقاع : أن هذا أوان نبي يخرج بمكة ، يكون مهاجره بالمدينة ، لنقتلنكم به يا معشر العرب . فلما سمع ذلك أسعد ، وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود ، قال : فأين هو ؟ قال : هو جالس في الحجر ، وأنهم لا يخرجون من شعبهم ، إلا في الموسم .
فلا تسمع منه ، ولا تكلمه ، فإنه ساحر ، يسحرك كلامه ، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب ، فقال له أسعد : فكيف أصنع وأنا معتمر ؟ لا بد لي أن أطوف بالبيت ، قال : ضع في أذنيك القطن فدخل أسعد المسجد وحشى أذنيه بالقطن فطاف بالبيت ورسول الله جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم : فنظر إليه نظرة فجازه ، فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه : ما أحد أجهل مني أيكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أتعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم ثم أخذ القطن من أذنيه ، ورمى به ، وقال لرسول الله : أنعم صباحا ، فرفع رسول الله رأسه إليه وقال : أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا ، تحية أهل الجنة ، السلام عليكم .
فقال له أسعد : إن عهدك بهذا لقريب ، إلى ما تدعو يا محمد ؟ قال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأدعوكم إلى ( أن لا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصيكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصيكم به لعلكم تذكرون ) .
فلما سمع أسعد هذا ، قال له : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، أنا من أهل يثرب ، من الخزرج ، وبيننا وبين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة ، فإن وصلها الله بك ، فلا أجد أعز منك ، ومعي رجل من قومي ، فإن دخل في هذا الامر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك ، والله يا رسول الله لقد كنا نسمع من اليهود خبرك ، وكانوا يبشروننا بمخرجك ، ويخبروننا بصفتك وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك عندنا ، فقد أعلمنا اليهود ذلك فالحمد لله الذي ساقني إليك ، والله ما جئت إلا لنطلب الحلف على قومنا .
وقد آتانا الله بأفضل مما أتينا له . ثم أقبل ذكوان . فقال له أسعد : هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به وتخبرنا بصفته ، فهلم فأسلم ، فأسلم ذكوان . ثم قالا : يا رسول الله ، ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن ، ويدعو الناس إلى أمرك .
فقال رسول الله لمصعب بن عمير وكان فتى حدثا ، مترفا بين أبويه ، يكرمانه ، ويفضلانه على أولادهم ، ولم يخرج من مكة ، فلما أسلم ، جفاه أبواه ، وكان مع رسول الله في الشعب حتى تغير وأصابه الجهد ، فأمره رسول الله بالخروج مع أسعد ، وقد كان تعلم من القرآن كثيرا ، فجاء إلى المدينة ، ومعهما مصعب بن عمير ، فقدموا على قومهم ، وأخبروهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وخبره ، فأجاب من كل بطن الرجل والرجلان ، وكان مصعب نازلا على أسعد بن زرارة ، وكان يخرج في كل يوم ، فيطوف على مجالس الخزرج ، يدعوهم إلى الاسلام ، فيجيبه الاحداث .
وكان عبد الله بن أبي شريفا في الخزرج ، وقد كان الأوس والخزرج اجتمعت على أن يملكوه عليهم ، لشرفه وسخائه ، وقد كانوا اتخذوا له إكليلا ، احتاجوا في إتمامه إلى واسطة كانوا يطلبونها ، وذلك أنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث ، ولم يعن على الأوس ، وقال : هذا ظلم منكم للأوس ، ولا أعين على الظلم ، فرضيت به الأوس والخزرج .
فلما قدم أسعد ، كره عبد الله ما جاء به أسعد وذكوان ، وفتر أمره ، فقال أسعد لمصعب : إن خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس ، وهو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف ، فإن دخل في هذا الامر ثم لنا أمرنا ، فهلم نأتي محلتهم ، فجاء مصعب مع أسعد إلى محلة سعد بن معاذ ، فقعد على بئر من آبارهم ، واجتمع إليه قوم من أحداثهم ، وهو يقرأ عليهم القرآن .
فبلغ ذلك سعد بن معاذ ، فقال لأسيد بن حضير - وكان من أشرافهم - : بلغني أن أبا أمامة أسعد بن زرارة قد جاء إلى محلتنا مع هذا القرشي ، يفسد شباننا ، فأته وانهه عن ذلك . فجاء أسيد بن حضير ، فنظر إليه أسعد ، فقال لمصعب : إن هذا رجل شريف ، فإن دخل في هذا الامر رجوت أن يتم أمرنا ، فاصدق الله فيه .
فلما قرب أسيد منهم قال : يا أبا أمامة يقول لك خالك : لا تأتنا في نادينا ، ولا تفسد شبابنا ، واحذر الأوس على نفسك ، فقال مصعب : أو تجلس ، فنعرض عليك أمرا ، فإن أحببته دخلت فيه ، وإن كرهته نحينا عنك ما تكره ؟ فجلس فقرأ عليه سورة من القرآن ، فقال : كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الامر ؟ قال : نغتسل ، ونلبس ثوبين طاهرين ، ونشهد الشهادتين ، ونصلي ركعتين ، فرمى بنفسه مع ثيابه في البئر ، ثم خرج ، وعصر ثوبه . ثم قال : اعرض علي فعرض عليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فقالها ، ثم صلى ركعتين ، ثم قال لأسعد : يا أبا أمامة ، أنا أبعث إليك الآن خالك ، واحتال عليه في أن يجيبك ، فرجع أسيد إلى سعد بن معاذ ، فلما نظر إليه سعد قال : أقسم أن أسيدا قد رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا .
وأتاهم سعد بن معاذ ، فقرأ عليه مصعب ( حم تنزيل من الرحمن الرحيم ) فلما سمعها ، قال مصعب : والله لقد رأينا الاسلام في وجهه قبل أن يتكلم فبعث إلى منزله ، وأتى بثوبين طاهرين ، واغتسل ، وشهد الشهادتين ، وصلى ركعتين .
ثم قام ، وأخذ بيد مصعب ، وحوله إليه ، وقال : أظهر أمرك ، ولا تهابن أحدا ، ثم جاء ، فوقف في بني عمرو بن عوف ، وصاح : يا بني عمرو بن عوف ، لا يبقين رجل ، ولا امرأة ، ولا بكر ، ولا ذات بعل ، ولا شيخ ، ولا صبي ، إلا أن يخرج ، فليس هذا يوم ستر ، ولا حجاب ، فلما اجتمعوا قال : كيف حالي عندكم ؟ قالوا : أنت سيدنا ، والمطاع فينا ، لا نرد لك أمرا ، فمرنا بما شئت ، فقال : كلام رجالكم ونسائكم وصبيانكم علي حرام ، حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فالحمد لله الذي أكرمنا بذلك ، وهو الذي كانت اليهود تخبرنا به ، فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلا وفيها مسلم أو مسلمة .
وحول مصعب بن عمير إليه ، وقال له : أظهر أمرك ، وادع الناس علانية ، وشاع الاسلام بالمدينة ، وكثر ، ودخل فيه من البطنين أشرافهم ، وذلك لما كان عندهم من أخبار اليهود .
وبلغ رسول الله أن الأوس والخزرج قد دخلوا في الاسلام ، وكتب إليه مصعب بذلك . وكان كل من دخل في الاسلام من قريش ضربه قومه وعذبوه ، فكان رسول الله يأمرهم أن يخرجوا إلى المدينة ، فكانوا يتسللون رجلا فرجلا ، فيصيرون إلى المدينة ، فينزلهم الأوس والخزرج عليهم ، ويواسونهم . قال : فلما قدمت الأوس والخزرج مكة ، جاءهم رسول الله ، فقال لهم : تمنعون لي جانبي ، حتى أتلو عليكم كتاب ربكم ، وثوابكم على الله الجنة ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، فخذ لنفسك ولربك ما شئت ، فقال : موعدكم العقبة ، في الليلة الوسطى من ليالي التشريق . فلما حجوا رجعوا إلى منى ، وكان فيهم ممن قد أسلم بشر كثير ، وكان أكثرهم مشركين على دينهم ، وعبد الله بن أبي فيهم ، فقال لهم رسول الله في اليوم الثاني من أيام التشريق : فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة ، ولا تنبهوا نائما ، وليتسلل واحد فواحد .
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله نازلا في دار عبد المطلب ، وحمزة وعلي والعباس معه ، فجاءه سبعون رجلا من الأوس والخزرج ، فدخلوا الدار ، فلما اجتمعوا قال لهم رسول الله : تمنعون لي جانبي ، حتى أتلو عليكم كتاب ربي ، وثوابكم على الله الجنة ؟ فقال أسعد بن زرارة ، والبراء بن معرور ، وعبد الله بن حرام : نعم يا رسول الله فاشترط لنفسك ولربك ، فقال رسول الله : تمنعوني مما تمنعون أنفسكم ، وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم ؟ قالوا : فما لنا على ذلك ؟ قال : الجنة ، تملكون بها العرب في الدنيا ، وتدين لكم العجم ، وتكونون ملوكا ، فقالوا : قد رضينا .
فقام العباس بن نضلة وكان من الأوس فقال : يا معشر الأوس والخزرج ، تعلمون ما تقدمون عليه ؟ إنما تقدمون على حرب الأحمر والأبيض ، وعلى حرب ملوك الدنيا ، فإن علمتم أنه إذا أصابتكم المصيبة في أنفسكم خذلتموه وتركتموه ، فلا تغروه ، فإن رسول الله وإن كان قومه خالفوه ، فهو في عزه ومنعة .
فقال عبد الله بن حرام ، وأسعد بن زرارة ، وأبو الهيثم بن التيهان : مالك وللكلام ؟ يا رسول الله صلى الله عليه وآله ، بل دمنا بدمك ، وأنفسنا بنفسك ، فاشترط لربك ولنفسك ما شئت . فقال رسول الله : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ، يكفلون عليكم بذلك ، كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيبا ، فقالوا : اختر من شئت ، فأشار جبرئيل إليهم ، فقال : هذا نقيب ، وهذا نقيب ، حتى اختار تسعة من الخزرج ، وهم : أسعد بن زرارة ، والبراء بن معرور ، وعبد الله بن حزام أبو جابر بن عبد الله ، ورافع بن مالك ، وسعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، وعبد الله بن رواحة ، وسعد بن الربيع ، وعبادة بن الصامت ، وثلاثة من الأوس ، وهم : أبو الهيثم بن التيهان ، وكان رجلا من أهل اليمن حليفا في بني عمرو بن عوف ، وأسيد بن حضير ، وسعد بن خيثمة .
فلما اجتمعوا ، وبايعوا رسول الله ، صاح بهم إبليس : يا معشر قريش والعرب ، هذا محمد والصباة من الأوس والخزرج ، على جمرة العقبة ، يبايعونه على حربكم ، فأسمع أهل منى ، فهاجت قريش ، وأقبلوا بالسلاح ، وسمع رسول الله النداء فقال لهم النبي تفرقوا - فقالوا : يا رسول الله إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا ، فقال رسول الله لم أومر بذلك ولم يأذن الله لي في محاربتهم - فقالوا : يا رسول الله فتخرج معنا ؟ قال : أنتظر أمر الله .
فجاءت قريش على بكرة أبيها ، قد أخذوا السلاح ، وخرج حمزة ، ومعه السيف ، فوقف على العقبة ، هو وعلي بن أبي طالب ، فلما نظروا إلى حمزة قالوا : ما هذا الذي اجتمعتم عليه ؟ قال : ما اجتمعنا ، وما ههنا أحد ، والله لا يجوز أحد هذه العقبة إلا ضربته بسيفي ، فرجعوا ، وغدوا إلى عبد الله بن أبي .
وقالوا له : قد بلغنا أن قومك بايعوا محمدا على حربنا ، فحلف لهم عبد الله إنهم لم يفعلوا ، ولا علم له بذلك ، وإنهم لم يطلعوه على أمرهم ، فصدقوه ، وتفرقت الأنصار ، ورجع رسول الله إلى مكة . | |
|
عهد الوفاء الرتبــــــة
رقم العضوية : 44 الجنــس : المواليد : 25/06/1977 التسجيل : 21/01/2013 العمـــــــــــــــــر : 47 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 8799 نقـــــــــاط التقيم : 11721 السٌّمعَــــــــــــــة : 3 علم بلدك : مشرفة الاجتماعيات والكتاب الشيعي
| موضوع: رد: إظهار دعوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الأربعاء مارس 06, 2013 12:21 am | |
| شكر جزيلا للطرح القيم ننتظر المزيد من الابداع من اقلامكم الرائعه تحيتي وتقديري لكم | |
|
أبو سجاد الرتبــــــة
رقم العضوية : 9 الجنــس : المواليد : 15/05/1973 التسجيل : 19/12/2012 العمـــــــــــــــــر : 51 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 10278 نقـــــــــاط التقيم : 14107 السٌّمعَــــــــــــــة : 6 علم بلدك : الموقع : منتديات اهل البيت عليهم السلام مشرف منتدى الامام علي عليه السلام
| موضوع: رد: إظهار دعوة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم الأربعاء مارس 06, 2013 12:23 am | |
| شكرا" لك أختي العزيزة لمرورك الكريم | |
|