الطريبيلي الرتبــــــة
رقم العضوية : 11 التسجيل : 20/12/2012 عدد المساهمات : 3314 نقـــــــــاط التقيم : 5593 السٌّمعَــــــــــــــة : 8 مشرف الاقسام العلمية
| موضوع: بعض ما رأته السيدة زينب (ع) من المصائب الخميس ديسمبر 27, 2012 1:53 am | |
| بعض ما رأته السيدة زينب (ع) من المصائب ان المصائب التي المت بالصديقة الصغرى زينب الكبرى ابنة علي (عليهم السلام) في كربلاء مصائب كثيرة، منها: ما رأته اول ما نزلت في كربلاء من معارضة الحر بن يزيد الرياحي وإجبار أخيها (عليه السلام) على النزول. وما شاهدته من القلة في أصحاب أخيها وكثرة جيوش الأعداء. وما شاهدته من تفرق من كان مع أخيها وذهاب الأكثر ممن تبعه حين خطبهم بخطبته المشهورة بعد ما بلغه خبر قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة (رضي الله عنهما) فتفرق الناس عنه يميناً وشمالاً حتى لم يبق الا الذين قتلوا معه. وما كانت تشاهده من اضطراب النساء وخوفهن حين نزلوا كربلاء. وما شاهدته من عطشها وعطش أهل بيتها عندما منعهم القوم الماء. وما كانت تقوم به من مداراة الأطفال والنساء وهم في صراخ وعويل من العطش. وما كانت تنظر اليه من الانكسار في وجه أخيها الحسين (عليه السلام). وحين شاهدت إخوانها وبني إخوانها وبني عمومتها وشيعة أخيها يبارزون ويقتل الواحد منهم تلو الواحد. وما شاهدته من مقتل ولديها. وحين شاهدت أخاها الحسين (عليه السلام) وحيداً فريداً لا ناصر له ولامعين وقد أحاط به الأعداء من كل جانب ومكان. وحين شاهدت رأس أخيها على الرمح دامي الوجه خضيب الشيب. وحين ازدحم القوم على رحل أخيها ومناديهم ينادي: (احرقوا بيوت الظالمين). وحين احرق القوم الخيام وفرت النساء والأطفال على وجوههم في البيداء. ومرورها على مصرع أخيها ورؤيتها جسده الشريف ملقى على الأرض تسفي عليه الرياح. ولما اركبوها النياق المهزولة هي والعيال والأطفال. ومداراتها الامام زين العابدين (عليه السلام) وهو من شدة مرضه لا يطيق الركوب وقد قيدوه من تحت بطن الناقة. وهناك مصائب أخرى من اشدّها انها كانت تنظر الى قتلة أخيها وأصحابه وهم يسرحون ويمرحون والسياط بأيديهم يضربون الأطفال والنساء وهم في غاية الشماتة بها وبأهل بيتها. ويجدر هاهنا ان نذكر تفصيل بعض ما ورد من مصائبها (عليها السلام) قال السيد رضي الدين ابن طاووس (قدس سره): ورد الحسين (عليه السلام) كربلاء في اليوم الثاني من المحرم فلما وصلها قال: ما اسم هذه الأرض ؟. فقيل: كربلاء. فقال (عليه السلام): اللهم اني أعوذ بك من الكرب والبلاء. ثم قال: هذا موضع كرب وبلاء انزلوا، هاهنا محط ركابنا وسفك دمائنا وهنا محل قبورنا، بهذا حدثني جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله). فنزلوا جميعاً ونزل الحر وأصحابه ناحية وجلس الحسين (عليه السلام) يصلح سيفه ويقول: يا دهــــر اف لك من خليل *** كم لك بالإشراق والأصيل من صاحـــب اوطالب قتيل *** والدهر لا يقــــنع بالبديــل وكــــل حـــي سالك سبيلي *** ما اقرب الوعد من الرحيل وانما الأمر الى الجليل قال: فسمعت زينب ابنة فاطمة (عليها السلام) ذلك فقالت: يا أخي هذا كلام من أيقن بالقتل. فقال: يا أختاه فقال زينب: واثكلاه ينعى الحسين الى نفسه. قال: وبكين النسوة ولطمن الخدود وشققن الجيوب وجعلت ام كلثوم تنادي: وامحمداه.. واعلياه.. وا اماه.. وا اخاه.. وا حسيناه.. واضيعتنا بعدك ابا عبد الله. قال السيد (رحمه الله): بعد ان ذكر نزول الجيوش المقاتلة للحسين(عليه السلام) مع أميرهم عمر بن سعد في كربلاء وتضييقهم على الحسين (عليه السلام) حتى نال منه العطش ومن أصحابه، قام الحسين (عليه السلام) واتكأ على قائم سيفه ونادى بأعلى صوته فقال: أنشدكم بالله هل تعرفونني ؟ قالوا: نعم انت ابن رسول الله وسبطه. قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان جدي رسول الله ؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان امي فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله)؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان ابي علي بن ابي طالب ؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان جدتي خديجه بنت خويلد اول نساء هذه الامة إسلاماً؟. قالوا: اللهم نعم. قل أنشدكم الله هل تعلمون ان سيد الشهداء حمزة عمي؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان جعفر الطيار في الجنة عمي؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان هذا سيف رسول الله انا متقلده؟ قالوا: اللهم نعم. قال أنشدكم الله هل تعلمون ان هذه عمامة رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنا لابسها؟. قالوا: اللهم نعم. قال: أنشدكم الله هل تعلمون ان علياً (عليه السلام) كان اول القوم اسلاماً وأعلمهم علماً وأعظمهم حلماً وانه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟. قالوا: اللهم نعم. قال: فبم تستحلون دمي وأبي الذائد على الحوض يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادر عن الماء ولواء الحمد بيد أبي يوم القيامة؟! قالوا: قد علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشاً!! فلما خطب هذه الخطبة وسمع بناته وأخته زينب كلامه بكين وندبن ولطمن وارتفعت أصواتهن، فوجه (عليه السلام) إليهن أخاه العباس (عليه السلام) وعلياً ابنه وقال لهما: سكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن(1). وقال المفيد (طاب ثراه) في الإرشاد: قال علي بن الحسين (عليه السلام): (اني جالس في تلك العشية التي قتل ابي في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني اذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جون مولى أبي ذر الغفاري وهو يعالج سيفه ويصلحه، وأبي يقول: يا دهــــر اف لك من خليل *** كم لك بالإشراق والأصيل من صاحـــب اوطالب قتيل *** والدهر لا يقــــنع بالبديــل وكــــل حـــي سالك سبيلي *** ما اقرب الوعد من الرحيل وانما الأمر الى الجليل فأعادها مرتين او ثلاثاً حتى فهمتها وعرفت ما أراد، فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت، وعلمت ان البلاء قد نزل، واما عمتي فانها سمعت ما سمعت وهي امرأة ومن شأن النساء الرقة والجزع فلم تملك نفسها ان وثبت تجر ثوبها وانها لحاسرة حتى انتهت اليه فقالت: واثكلاه ليت الموت اعدمني الحياة، اليوم ماتت امي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن (عليهم السلام) يا خليفة الماضي وثمال الباقي. فنظر اليها الحسين (عليه السلام) فقال لها: يا اخية، لا يذهبن بحلمك الشيطان، وترقرقت عيناه بالدموع وقال: لو ترك القطا لنام. فقالت: يا ويلتاه أفتغتصب نفسك اغتصاباً فذاك أقرح لقلبي واشد على نفسي، ثم لطمت وجهها وهوت الى جيبها فشقته فخرت مغشياً عليها.. فقام إليها الحسين (عليه السلام) فصب على وجهها الماء وقال لها: اختاه اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي ان أهل الأرض يموتون، أهل السماء لا يبقون، وان كل شيء هالك الا وجه الله الذي خلق الخلق بقدرته ويبعث الخلق ويعيدهم وهو فرد وحده، جدي خير مني، وأبي خير مني، وامي خير مني، وأخي خير مني، ولي ولكل مسلم برسول الله (صلى الله عليه وآله) أسوة فعزاها بهذا ونحوه). قال في اللهوف: ولما راى الحسين (عليه السلام) حرص القوم على تعجيل القتال وقلة انتفاعهم بمواعظ الفعال والمقال، قال لأخيه العباس (عليه السلام) ان استطعت ان تصرفهم عنا في هذا اليوم فافعل، لعلنا نصلي لربنا في هذه الليلة، فانه يعلم اني احب الصلاة له و تلاوة كتابه. قال: فسألهم العباس (عليه السلام) ذلك، فتوقف عمر بن سعد وقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي: والله لو انهم من الترك والديلم وسألونا مثل ذلك لاجبناهم فكيف وهم آل محمد (صلى الله عليه وآله) فأجابوهم الى ذلك، فكان لهم في تلك الليلة دوي كدوي النحل من الصلاة والتلاوة. قال: وجلس الحسين (عليه السلام) فرقد ثم استيقظ وقال: يا أختاه أني رأيت الساعة جدي محمداً (صلى الله عليه وآله)وأبي علياً وامي فاطمة وأخي الحسن و هم يقولون: انك يا حسين رائح الينا عن قريب… قال: فلطمت زينب وجهها وصاحت، فقال: لها الحسين (عليه السلام) مهلاً لا تشمتي القوم بنا. وفي الإرشاد: ان عمر بن سعد زحف نحو خيام الحسين (عليه السلام) بعد العصر من يوم التاسع، وكان الحسين (عليه السلام) جالساً أمام بيته محتبياً بسيفه، اذ خفق برأسه على ركبتيه، فسمعت اخته الضجة، فدنت من أخيها فقالت: يا اخي اما تسمع الأصوات قد اقتربت؟ فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه فقال: اني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الساعة في المنام، فقال لي: انك تروح إلينا، فلطمت اخته وجهها ونادت بالويل، فقال لها الحسين (عليه السلام): ليس لك الويل اسكتي رحمك الله، ثم ذكر ارسال الحسين (عليه السلام) اخاه العباس واخذه المهلة من القوم سواد ليلة العاشرة(2). ورد انه: لما كان اليوم العاشر من المحرم جاء حبيب وجلس ازاء خيمة النساء، واضعاً رأسه في حجره وهو يبكي، ثم رفع رأسه وقال: آه آه لوجدك يا زينب بوم تحملين على بعير ضالع، يطاف بك البلدان، ورأس أخيك الحسين أمامك، وكأني برأسي هذا معلق بلبان الفرس تضربه بركبتيها.. فضربت زينب رأسها بعمود الخيمة وقالت: بهذا اخبرني اخي البارحة. ولما قتل علي الاكبر ـ على ما رواه المفيد والسيد وغيرهما ـ جاء الحسين (عليه السلام) حتى وقف عليه فقال: قتل الله قوماً قتلوك ما أجراهم على الرحمن، وعلى انتهاك حرمة الرسول (صلى الله عليه وآله) وانمهلت عيناه بالدموع. قالوا: وخرجت زينب أخت الحسين (عليه السلام) تنادي: يا حبيباه وابن أخاه، وجاءت حتى انكبت عليه، فأخذ الحسين(عليه السلام) برأسها فردها الى الفسطاط، وقال لفتيانه: احملوا أخاكم، فحملوه حتى وضعوه بين يدي الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه(3). وقال في اللهوف: ولما رأى الحسين (عليه السلام) مصارع فتيانه وأحبته، عزم على لقاء القوم بمهجته، ونادى: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟. هل من موحد يخاف الله فينا؟. هل من مغيث يرجو الله باغاثتنا؟. هل من معين يرجو الله في إعانتنا ؟. فارتفعت أصوات النساء بالعويل، فتقدم الى باب الخيمة، وقال لزينب (عليها السلام): ناوليني ولدي الصغير حتى أودعه، فأخذه وأوماً اليه ليقبله، فرماه حرملة بن كاهل الاسدي بسهم فوقع في نحره فذبحه، فقال (عليه السلام) لزينب: خذيه، ثم تلقى الدم بكفيه ثم قال: هون علي ما نزل بي، انه بعين الله تعالى، قال الباقر (عليه السلام): فلم يسقط من ذلك الدم قطرة الى الأرض(4). قال المفيد (رحمه الله): لما قتل الحسين (عليه السلام) وانتهبوا رحله وابله وأثقاله، قال حميد بن مسلم:فوالله لقد كنت ارى المرأة من نسائه وبناته وأهله تنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه. وفي الدمعة الساكبة: قال ابو مخنف: قالت زينب بنت علي أمير المؤمنين(عليه السلام) كنت في ذلك الوقت واقفة في الخيمة، اذ دخل ازرق العينين، فأخذ ما كان في الخيمة، ونظر الى علي بن الحسين (عليه السلام) وهو على نطع من الأديم وكان مريضاً، فجذب النطع من تحته ورماه الى الأرض، والتفت الي واخذ القناع من رأسي، ونظر الى قرطين كانا في اذني، فجعل يعالجهما وهو يبكي حتى نزعهما، فقلت: تسلبني وأنت تبكي؟!. فقال اللعين: ابكي لمصابكم أهل البيت. فقلت له: قطع الله يديك ورجليك وأحرقك الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة، ثم ساق الكلام الى استجابة دعائها على يد المختار. وفي (معدن البكاء): وهّم الشمر لعنه الله بقتل ابن الحسين(عليه السلام)، وهو مريض، فخرجت اليه زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام) فوقعت عليه وقالت: والله لا يقتل حتى اقتل، فكف عنه… وفي خبر أبي مخنف قال: لما سقط الحسين (عليه السلام) من ظهر جواده الى الأرض اقبل فرسه الى الخيام، فلما سمعت زينب صهيله، أقبلت على سكينة وقالت لها: جاء أبوك بالماء، فخرجت سكينة فرأت الجواد عارياً والسرج خالياً، فنادت: واقتيلاه.. وا أبتاه.. واحسناه.. وا حسيناه.. وا غربتاه.. وابُعد سفراه.. وا كربتاه.. فلما سمع باقي الحرم خرجن فنظرن الفرس، فجعلن يلطمن الخدود، ويقلن: وا محمداه.. وا علياه.. وا حسناه.. وا حسيناه.. اليوم مات محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة الزهراء… ولما عزم ابن سعد على الرحيل من كربلاء، أمر بحمل النساء والأطفال على أقتاب الجمال، ومروا بهن على مصارع الشهداء، فلما نظرن النسوة الى القتلى صحن وضربن وجوههن وفيهن زينب بنت علي(عليه السلام) تنادي بصوت حزين وقلب كئيب: يا محمداه صلى عليك مليك السماء، هذا حسين مرمل بالدماء، مقطع الاعضاء، وبناتك سبايا، الى الله المشتكى والى محمد المصطفى، والى علي المرتضي، والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيد الشهداء، يا محمدا هذا حسين بالعراء تسفي عليه الصبا، قتيل اولاد البغايا، واحزناه وا كرباه عليك يا أبا عبد الله اليوم مات جدي رسول الله، يا أصحاب محمداه هؤلاء ذرية المصطفى، يساقون سوق السبايا، وهذا حسين محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والرداء، بابي من أضحى معسكره يوم الاثنين نهبا، بأبي من فسطاطه مقطع العرى، بأبي من لا غائب فيرجى ولا جريح فيداوى، بابي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبه يقطر بالدماء، بأبي من جده محمد المصطفى، بأبي من جده رسول اله السماء، بأبي من هو سبط نبي الهدى، بأبي محمد المصطفى، بأبي خديجة الكبرى، بأبي علي المرتضى، بأبي فاطمة الزهراء، بأبي من ردت عليه الشمس حتى صلى، فأبكت كل عدو وصديق. وفي بحار الأنوار(5) وعوالم العلوم والمعارف: مرسلا عن مسلم الجصاص قال: دعاني ابن زياد لعنه الله لاصلاح دار الإمارة بالكوفة، فبينما انا اجصص الأبواب واذا انا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة، فأقبلت على خادم كان معنا، فقلت: ما لي ارى الكوفة تضج؟. قال: الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد فقلت: من هذا الخارجي؟. فقال: الحسين بن علي(عليه السلام) قال: فتركت الخادم حتى خروج ولطمت وجهي حتى خشيت على عيني ان يذهبا، و غسلت يدي من الجص، وخرجت من ظهر القصر وأتيت الى الكناس، فبينما انا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس اذ أقبلت نحو عشرين شقة يحملن على أربعين جملاً فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة (عليها السلام) واذا بعلي بن الحسين (عليه السلام) على بعير بغير غطاء، وأوداجه تشخب دماً، وهو مع ذلك يبكي ويقول: يا امة السوء لاسقيــــاً لــــربعكم *** يا امــــة لــــم تـــراع احمداً فينـا لو اننــــا ورسول الله يجمعــــنـــا *** يــــوم القيــــامة ما كنـتم تقولونا تسيرونا على الاقتاب عــــاريـــة *** كاننا لم نشيــــد فيــــكم ديــــنـــــا بني اميــــة ما هذا الوقوف على *** هذي المصائب لم تصغوا لداعينا تصفـقون علينا كفكم فرحـاً وانتم *** في فجـــــاج الأرض تسبــــونــــا أليــــس جــــدي رسول الله ويلكم *** أهدى البرية من سبل المــضلينا يا وقعة الطف قد أورثتـــني حزناً *** والله يهتك أستـــار المسيئــــينــا قال: وصار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين هم على المحامل بعض التمر والخبز والجوز، فصاحت بهم أم كلثوم وقالت: يا أهل الكوفة ان الصدقة علينا حرام، وصارت تأخذ ذلك من ايدي الأطفال وأفواههم وترمي به الى الأرض. قال: كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم، ثم ان ام كلثوم اطلعت رأسها من المحمل وقالت لهم: صه يا أهل الكوفة يقتلنا رجالكم وتبكينا نساؤكم، فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء. فبينما هي تخاطبهم واذا بضجة قد ارتفعت واذا هم أتوا برأس الحسين (عليه السلام) وهو رأس زهري قمري اشبه الخلق برسول الله (صلى الله عليه وآله) ولحيته كسواد السبج قد اتصل بها الخضاب، ووجهه دارة قمر طالع، والريح تلعب بها يميناً وشمالاً، فالتفتت زينب فرأت رأس أخيها، فنطحت جبينها بمقدم المحمل، حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها، وأومت اليه بحرقة وجعلت تقول: يا هـــلالاً لما استتم كمالاً *** غاله خسفه فابدى غروبا ما توهمت يا شقيق فؤادي *** كــان هذا مقدراً مكتوبـا ولما ادخلوا سبايا آل محمد (صلى الله عليه وآله) مدينة دمشق صباحاً، طافوا بهم الأزقة والسكك، والمحلات والأسواق، حتى اذا جنهم الليل وصلوا الى قصر يزيد، فأسكنوهم خربة كانت هناك قريبة من القصر، وكانت الخربة بحيث لا تقي السبايا من حر، ولا تكنهن من برد، حتى تقشر وجوههن وتغير الوانهن. ثم ان القضايا الصعبة والحرجة التي مر بها السبايا من حين دخولهم الشام حتى ورودهم على يزيد كثيرة جداً، قد تعرض لها كتب المقاتل المفصلة، فمن أرادها فليرجع اليها. وقيل: ان يزيد بن معاوية كان حين ورود سبايا آل محمد (صلى الله عليه وآله) الى الشام يتنزه هو وندماؤه في منطقة سياحية، ويتصرف في مصيف من مصايف دمشق يدعى بـ: جيرون، ولذلك لما ادخلوا الاسرى الى دمشق وتراءت ليزيد تلك الرؤوس المنيرة انشأ يقول: لما بــــدت تــــلك الـرؤس واشرقت *** تــــلك الشــموس على ربى جيرون نعق الغراب فقلت:صـح أو لا تصح *** فقد قــــضيت مــــن النــــبي ديـوني حتى ان يزيد امر بإدخال السبايا عليه، وكان قد عقد مجلساً ضخماً جمع فيه الامراء والسفراء والأشراف والأعيان، اضافة الى عامة الناس، وكان على ما قيل: قد عقد يزيد عدة مجالس في مرات متكررة، وفي كل مرة يأمر بادخال السبايا عليه، ليشمت بهم، ويفتخر بين الناس بظفره عليهم، وقد أمر في اول مرة ادخلوا السبايا عليه بان يوثقوهم بالحبال ويربطوهم جميعاً بها، فأدخلوهم عليه كذلك. كما قال الإمام زين العابدين(عليه السلام): (لما وفدنا الى يزيد بن معاوية، اتوا بحبال وربقونا مثل الأغنام، وكان الحبل في عنقي وعنق ام كلثوم، وبكتف زينب وسكينة والبنات، وكلما قصرنا عن المشي ضربونا حتى اوقفونا بين يدي يزيد وهو على سرير مملكته). وللسيدة زينب (عليها السلام) في هذا المجلس احتجاجات ومخاصمات يكشف التدقيق فيها مدى ما قدمته هذه المظلومة الأسيرة (عليها السلام) للإسلام والقرآن من خدمة كبرى، فان أهل الشام خاصة كانوا يرون معاوية ـ على اثر دعاياته المضللة ـ هو الحق حتى لو ادعى الألوهية، وان من سواه هو الباطل ولو كانوا آل محمد(صلى الله عليه وآله) وأولاد علي (عليه السلام)، غير ان عقيلة الوحي والرسالة، العالمة غير المعلمة، زينب الكبرى(عليها السلام) أبطلت باحتجاجها وتخاصمها مع يزيد كل ما نسجه معاوية، ونسفت كل ما بناه، وايقضت جماهير الشام من نومتهم، ونبهتهم عن غفلتهم، واوقفتهم على حقيقة آل ابي سفيان وجرائمهم وجناياتهم، حتى خشي يزيد الانتفاضة وثورة الناس عليه، فاخذ يظهر براءته من أهل الكوفة، وينسب هذه الجناية الكبرى الى ابن مرجانه، ويصب لعناته عليه، ليمتص نقمة الجماهير الغاضبة، ويسكن فورتهم المتصاعدة. والمصائب التي جرت على زينب (عليها السلام) في مجلس يزيد كثيرة منها: قال السيد ابن طاووس، قال الراوي: ثم ادخل ثقل الحسين (عليه السلام) ونساؤه ومن تخلف من أهل بيته على يزيد بن معاوية، وهم مقرنون في الحبال، فلما وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال، قال له علي بن الحسين (عليه السلام): (أنشدك الله يا يزيد، ما ظنك برسول الله (صلى الله عليه وآله) لو رآنا على هذه الصفة). فأمر يزيد بالحبال فقطعت، ثم وضع رأس الحسين(عليه السلام) بين يديه، واجلس النساء خلفه، لئلا ينظرون إليه. واما زينب (عليها السلام) فانها لما رأته أهوت الى جيبها فشقته، ثم ادت بصوت حزين يقرح القلوب: ياحسيناه، يا حبيب رسول الله، يا بن مكة ومنى، يا بن فاطمة الزهراء سيدة النساء، يا بن بنت المصطفى، فأبكت والله كل من كان في المجلس ويزيد ساكت. وعن مقتل ابن عصفور: ان بعض الأوغاد الطغاة قال في مجلس يزيد (لعنه الله): ان الحسين (عليه السلام) جاء في نفر من أصحابه وعترته، فهجمنا عليهم، وكان يلوذ بعضهم بالبعض، فلم تمض ساعة الا وقتلناهم عن آخرهم، فقالت الصديقة الصغرى زينب (عليها السلام): ثكلتك الثواكل ايها الكذاب، ان سيف اخي الحسين لم يترك في الكوفة بيتاً الا وفيه باك وباكية ونائح ونائحة. ــــــــــــــــــــــــ 1 - بحار الانوار ج44 ص 318 ب37 ح1. 2 - الارشاد ج2 ص89 -90. 3 - الارشاد ج2 ص107. 4 - بحار الانوار ج45 ص46 باب37. 5 - بحار الانوار ج45 ص114 ب39 ح1. موقع 14 معصوم
| |
|