الطريبيلي الرتبــــــة
رقم العضوية : 11 التسجيل : 20/12/2012 عدد المساهمات : 3314 نقـــــــــاط التقيم : 5593 السٌّمعَــــــــــــــة : 8 مشرف الاقسام العلمية
| موضوع: السيّدة زينب (عليها السّلام) في عهد والدها أمير المؤمنين (عليه السّلام) الخميس ديسمبر 27, 2012 1:52 am | |
| السيّدة زينب (عليها السّلام) في عهد والدها أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد أن وصل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) من البصرة إلى الكوفة واستقر به المكان ، التحقت به العوائل من المدينة إلى الكوفة ، ومن جملة السيّدات اللواتي هاجرن من المدينة إلى الكوفة هي السيّدة زينب (عليها السّلام) ، وقد سبقها زوجها عبد الله بن جعفر ، حيث كان في جيش الإمام لدى وصوله إلى البصرة . والمستفاد من مطاوي التواريخ والأحاديث أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد انقضاء مدّة من وصوله إلى الكوفة نزل في دار الإمارة ، وهو المكان المُعَدّ لحاكم البلدة ، ومع تواجد الإمام في الكوفة لم يكن هناك حاكم أو أمير غيره ، فلماذا لا ينزل في دار الإمارة ؟ ويتبادر إلى الذهن أنّ دار الإمارة كانت مشتملة على حجرات وغرف عديدة واسعة ، وكان كلّ من البنات والأولاد (المتزوّجين) يسكنون في حُجرة من تلك الحُجُرات ، والسيّدة زينب كانت تسكن مع زوجها في حُجرة ، أو غرفة من غرف دار الإمارة(1) . ومكثت السيّدة زينب (عليها السّلام) في الكوفة سنوات ، ـــــــــــــــــــ (1) السيّدة زينب تعلّم تفسير القرآن لنساء الكوفة ، وجاء في التاريخ أنّ جمعاً من رجال الكوفة جاؤوا إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وقالوا : ائذن لنسائنا كي يأتين إلى ابنتك ويتعلّمنَ منها معالم الدين وتفسير القرآن . فأذن الإمام لهم بذلك ، فبدأت السيّدة زينب بتدريس النساء . ويعلم الله عدد النساء المسلمات اللواتي كنّ يحضرن درس السيّدة طيلة أربع سنوات أو أكثر . وذات يوم دخل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) الدار فسمع ابنته زينب تتحدّث للنساء في درسها عن الحروف المقطّعة في أوائل السور ، وعن بداية سورة مريم بشكل خاص ، وبعد انتهاء الدرس التقى الإمام (ع) بابنته ، وقال لها : (( يا نور عيني ، أتعلمين أنّ هذه الحروف هي رمز لما سيجري عليك وعلى أخيك الحسين في أرض كربلاء ؟ )) . ثمّ بدأ يحدّثها عن بعض تفاصيل تلك الفاجعة . كتاب ( الخصائص الزينبية ) ـ للسيد الجزائري المتوفّى (عام 1384 هـ) / 68 ؛ وكتاب ( رياحين الشريعة ) ـ للمحلاّتي 3 / 57 . المحقّق . -------------------------------------------------------------------------------- الصفحة (55) وعاصرت الأحداث والاضطرابات الداخلية التي حدثت ، من واقعة صفين إلى النهروان إلى الغارات التي شنّها عملاء معاوية على بلاد الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) . انقضت تلك السنوات المريرة ، المليئة بالآلام والمآسي ، وانتهت تلك الصفحات المؤلمة بالفاجعة التي اهتزّت منها السماوات والأرضون ، وهي حادثة استشهاد الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) . لقد كانت العلاقات الودّيّة بين الإمام أمير المؤمنين وبين أولاده وبناته على أطيب ما يمكن ، وفي جوّ من الصفاء والوفاء ، والعاطفة والمحبّة . والإمام أمير المؤمنين هو السلطان الحاكم على نصف الكرة الأرضية ، ومعه عائلته المصونة وأبناؤه المكرمون ، ولكنّه في شهر رمضان من تلك السنة ، وهي السنة الأخيرة والشهر الأخير من حياته كان يفطر ليلة عند ولده الإمام الحسن ، وليلة عند ولده الإمام الحسين (عليهما السّلام) ، وليلة عند السيّدة زينب التي كانت تعيش مع زوجها عبد الله بن جعفر(1) ؛ كلّ ذلك تقويةً لأواصر ـــــــــــــــــــ (1) الإرشاد ـ للشيخ المفيد / 169 ، وذكر أيضاً في (بحار الأنوار) ـ للشيخ المجلسي 41 / 300 ، باب إخباره بالغائبات وعلمه باللغات . نقلاً عن كتاب الخرائج . -----------------------------
المحبّة والتواصل بينه وبين أشباله وبناته . وفي الليلة التاسعة عشر من شهر رمضان ، كانت النوبة للسيّدة زينب ، وأفطر الإمام في حجرتها ، وقدّمت له طبقاً فيه رغيفان من خبز الشعير ، وشيء من الملح ، وإناء من لبن . كان هذا هو فطور الإمام أمير المؤمنين (ع) الذي كان يحكم على نصف العالم ، وأنهار الذهب والفضة تجري بين يديه . واكتفى الإمام تلك الليلة برغيف من الخبز مع الملح فقط ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ، وقام إلى الصلاة ، ولم يزل راكعاً وساجداً ومبتهلاً ومتضرّعاً إلى الله تعالى . ولا أعلم لماذا بات الإمام في حُجرة ابنته السيّدة زينب تلك الليلة ؟ ولعلّه اختار المبيت في بيتها حتّى تُشاهد وترى ، وتروي مُشاهداتها ومسموعاتها عن أبيها أمير المؤمنين (ع) في تلك الليلة ؛ إذ كانت تلك الليلة تمتاز عن بقيّة الليالي ؛ فإنّها تحدّثنا فتقول : إنّه (عليه السّلام) قال لأولاده : (( إنّي رأيت في هذه الليلة رؤيا هالتني ، واُريد أن أقصها عليكم )) . قالوا : وما هي ؟
----------------------------
قال : (( إنّي رأيت الساعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في منامي وهو يقول لي : يا أبا الحسن ، إنّك قادم إلينا عن قريب ؛ يجيء إليك أشقاها فيخضّب شيبتك من دم رأسك ، وأنا والله مشتاق إليك ، وإنّك عندنا في العشر الآخر من شهر رمضان ، فهلمّ إلينا فما عندنا خيرٌ لك وأبقى )) . فلمّا سمعوا كلامه ضجّوا بالبكاء والنحيب ، وأبدوا العويل ، فأقسم عليهم بالسكوت فسكتوا(1) . وتقول السيّدة زينب (عليها السّلام) : لم يزل أبي ـ تلك الليلة ـ قائماً وقاعداً وراكعاً وساجداً ، ثمّ يخرج ساعةً بعد ساعة ، يقلّب طرفه في السماء ، وينظر في الكواكب ، وهو يقول : (( والله ، ما كُذبت ولا كَذبت ، وإنّها الليلة التي وُعِدت بها )) . ثمّ يعود إلى مصلاّه ويقول : (( اللّهم بارك لي في الموت )) . ويكثر من قول : (( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم )) . ويصلّي على النبي وآله (صلّى الله عليه وآله) ويستغفر الله كثيراً . تقول : فلمّا رأيته في تلك الليلة قلقاً متململاً(2) ، ـــــــــــــــــــ (1) كتاب ( بحار الأنوار ) ـ للشيخ المجلسي 42 / 277 ، ب 127 . (2) متململاً : التململ : هو الاضطراب وعدم الاستقرار بسبب الهمّ أو الألم . وجاء في كتاب (العين) للخليل بن أحمد : الململة : أن يصير الإنسان من جزع أو حرقة كأنّه يقف على جمر . وقال الفيروز آبادي في ( القاموس ) : التململ : التقلّب . . مرضاً أو غماً . المحقّق . ------------------------ كثير الذكر والاستغفار ، أرقت معه ليلتي(1) وقلت : يا أبتاه , ما لي أراك في هذه الليلة لا تذوق طعم الرقاد ؟! قال (عليه السّلام) : (( يا بُنيّة ، إنّ أباك قتل الأبطال وخاض الأهوال وما دخل الخوف له جوفاً ، وما دخل في قلبي رعب أكثر ممّا دخل في هذه الليلة ))(2) . ثمّ قال : (( إنا لله وإنا إليه راجعون )) . ـــــــــــــــــــ (1) أرقت معه : أي سهرت معه ، الأرق : السهر . (2) بناءً على صحة هذه المقطوعة من التاريخ يتبادر إلى الذهن هذا السؤال : لماذا الخوف ؟ الجواب : لا شك أنّ الخوف لم يكن من الموت ؛ لأنّ الإمام (عليه السّلام) يقسم على الله تعالى ـ أكثر من مرّة ـ أنّه لا يخاف الموت ، وأنّه (( آنس بالموت من الطفل بصدر اُمّه )) ، وأنّه (( لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه )) ، وساحات الحرب وميادين القتال تشهد له بصدق كلماته هذه . فلعل سبب الخوف هو هيبة لقاء الله تعالى ، والانتقال من عالم الفناء إلى عالم البقاء . أو الخوف والقلق على مستقبل الاُمّة بعد غياب الإمام (ع) عن ذلك المجتمع ، وبسبب خطر المؤامرات التي كان يحيكها معاوية ضدّ الإسلام والمسلمين ، أو لغير ذلك من الأسباب ، والله العالم . المحقّق . --------------------------
فقلت : يا أبتاه ، ما لك تنعى نفسك في هذه الليلة ؟ قال : (( يا بُنيّة ، قد قرب الأجل وانقطع الأمل )) . قالت : فبكيت ، فقال لي : (( يا بُنيّة ، لا تبكي فإنّي لم أقل ذلك إلاّ بما عهد إليّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) )) . تقول (عليها السّلام) : ثمّ إنّه نعس وطوى ساعة ، ثمّ استيقظ من نومه ، وقال : (( يا بُنيّة ، إذا قرب وقت الأذان فاعلميني )) . ثمّ رجع إلى ما كان عليه أوّل الليل من الصلاة والدعاء والتضرّع إلى الله سبحانه وتعالى . فجعلت أرقب وقت الأذان ، فلمّا لاح الوقت أتيته ومعي إناء فيه ماء ، ثمّ أيقظته فأسبغ الوضوء ، وقام ولبس ثيابه وفتح باب الحجرة ، ثمّ نزل إلى ساحة الدار . وكانت في الدار إوز(1) قد أهديت إلى أخي الحسين ، فلمّا نزل خرجنَ وراءه ورفرفنَ وصحن في وجهه ـ ولم يصحنَ قبل تلك الليلة ـ فقال (عليه السّلام) : (( لا إله إلاّ الله ، صوارخ تتبعها نوائح ، وفي غداة غد يظهر القضاء )) . فقلت : يا أبتاه , هكذا تتطيّر ؟! ــــــــــــــــــــ (1) إوز (بكسر الهمزة وفتح الواو وتشديد الزاي) : البط ، كما في ( مجمع البحرين ) للطريحي . وقيل : الإوز : طائر يشبه البط في شكله العام ، ولكنّه أكبر منه حجماً وأطول عنقاً ، كما في كتاب ( المعجم الوسيط ) . ------------------------------ فقال : (( يا بُنيّة ، ما منّا ـ أهل البيت ـ مَنْ يتطيّر ولا يُتطيّر به ، ولكن قول جرى على لساني )) . ثمّ قال (عليه السّلام) : (( يا بُنية ، بحقّي عليك إلاّ ما أطلقتيه ، فقد حبستِ ما ليس له لسان ، ولا يقدر على الكلام إذا جاع أو عطش ؛ فأطعميه واسقيه ، وإلاّ خلّي سبيله يأكل من حشائش الأرض )) . فلمّا وصل إلى الباب عالجه ليفتحه ، فتعلّق الباب بمئزره ، فانحلّ مئزره حتّى سقط ، فأخذه وشدّه وهو يقول : اُشددْ حيازيمَكَ للموتِ فـإنّ الـموتَ iiلاقيكا ولا تجزع من iiالموتِ إذا حــلّ iiبـناديكا كـما أضحكَكَ iiالدهرُ كـذاك الدهرُ iiيبكيكا ثمّ قال : (( اللّهمّ بارك لنا في الموت ، اللّهمّ مبارك لي في لقائك )) . تقول السيّدة اُمّ كلثوم : وكنت أمشي خلفه ، فلمّا سمعته يقول ذلك قلت : وا غوثاه ! يا أبتاه ! أراك تنعى نفسك منذ الليلة ؟! فقال (عليه السّلام) : (( يا بُنية ، ما هو بنعاء ولكنّها ---------------------------
دلالات وعلامات للموت يتبع بعضها بعضاً )) . ثمّ فتح الباب وخرج . فجئت إلى أخي الحسن فقلت : يا أخي ، قد كان من أمر أبيك الليلة كذا وكذا ، وهو قد خرج في هذا الليل الغلس فالحقه(1) . فقام الحسن (عليه السّلام) وتبعه ، فلحق به قبل أن يدخل الجامع ، فأمره الإمام بالرجوع فرجع . أيّها القارئ الكريم ، هنا ننقل ما ذكره المؤرّخون ، ثمّ نعود إلى حديث السيّدة زينب (عليها السّلام) : لقد جاء الإمام علي (عليه السّلام) حتّى دخل المسجد ، فصعد على المئذنة ووضع سبابتيه في أذنيه وتنحنح ، ثمّ أذن فلم يبقَ في الكوفة بيت إلاّ اخترقه صوته ، ثمّ نزل عن المئذنة وهو يسبّح الله ويقدّسه ويكبّره ، ويكثر من الصلاة على النبي (صلّى الله عليه وآله) . وكان يتفقّد النائمين في المسجد ويقول للنائم : (( الصلاة ــــــــــــــــــــ (1) الغلس (بفتح اللام) : ظلمة آخر الليل , كما في (القاموس) للفيروز آبادي . وقيل : ظلام آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح ، كما في كتاب ( مجمع البحرين ) للطريحي . ---------------------------
يرحمك الله ، قم إلى الصلاة المكتوبة )) ، ثمّ يتلو : ( إِنّ الصّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ )(1) . . . . . ثمّ اتّجه نحو المحراب وقام يصلّي ، وكان (عليه السّلام) يطيل الركوع والسجود ، فقام ابن ملجم (لعنه الله) لارتكاب أكبر جريمة في تاريخ الكون ، وأقبل مسرعاً حتّى وقف بإزاء الاسطوانة التي كان الإمام يصلّي عندها(2) ، فأمهله حتّى صلّى الركعة الأولى وسجد السجدة الأولى ورفع رأسه منها ، فتقدّم اللعين ورفع السيف وهزّه ثمّ ضرب الإمام على رأسه الشريف ، فوقعت الضربة على مكان الضربة التي ضربه عمرو بن عبد ود العامري يوم الخندق . فوقع الإمام (عليه السّلام) على وجهه قائلاً : (( بسم الله وبالله ، وعلى ملّة رسول الله ، فزت وربِّ الكعبة ، هذا ما وعد الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله )) . وسال الدم على وجهه الشريف ، وشيبته المقدّسة ، وعلى ــــــــــــــــــــ (1) سورة العنكبوت / 45 . (2) الاسطوانة : العمود الذي يعتمد عليه سقف البناء . وكلمة (اسطوانة) معربة من اللغة الفارسية ، وأصلها : (ستون) أو (أستون) . المحقّق . ---------------------------
صدره وأزياقه(1) حتّى اختضبت شيبته وتحقّق ما أخبر عنه الرسول الكريم . وفي هذه اللحظة الأليمة هتف جبرئيل بين السماء والأرض ذلك الهتاف السماوي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الأنبياء والأوصياء . لقد هتف جبرئيل بشهادة الإمام علي (عليه السّلام) كما هتف يوم أحد بفتوته وشهامته يوم قال : لا فتى إلاّ علي ، لا سيف إلاّ ذو الفقار . فقد اصطفقت أبواب المسجد الجامع(2) ، وضجّت الملائكة في السماء ، وهبّت ريح عاصفة سوداء مظلمة ، ونادى جبرئيل بصوت سمعه كلّ مستيقظ : تهدّمت والله أركان الهدى ، وانطمست والله نجوم السماء وأعلام التقى ، وانفصمت والله العروة الوثقى ؛ قُتل ابن عمّ محمّد المصطفى ، قُتل الوصي المجتبى ، قُتل علي المرتضى ، قُتل والله سيّد الأوصياء ، قتله أشقى الأشقياء . ــــــــــــــــــــ (1) أزياق : جمع زيق (بالكسر) ، زيق القميص : ما أحاط بالعنق من القميص . كما في كتاب القاموس وتاج العروس . وبتعبير آخر : زيق : فتحة القميص التي يدخل الإنسان رأسه منها . المحقّق . (2) اصطفقت : ضربت بعضها ببعض ، ضرباً يسمع منه الصوت . ---------------------------
فلمّا سمعت السيّدة اُمّ كلثوم نعي جبرئيل لطمت على وجهها وخدّها ، وشقّت جيبها وصاحت : وا أبتاه ! وا علياه ! وا محمداه ! وا سيّداه ! ثمّ حملوا الإمام والناس حوله يبكون وينتحبون ، وجاؤوا به إلى الدار . فاقبلت بنات رسول الله (ص) وسائر بنات الإمام (ع) ، وجلسنَ حول فراشه ينظرن إلى أسد الله وهو بتلك الحالة ، فصاحت السيّدة زينب وأختها : أبتاه ، مَنْ للصغير حتّى يكبر ؟! ومَنْ للكبير بين الملأ ؟! يا أبتاه ! حزننا عليك طويل ، وعبرتنا لا ترقأ(1) . فضجّ الناس من وراء الحجرة بالبكاء والنحيب ، وشاركهم الإمام (عليه السّلام) وفاضت عيناه بالدموع . وفي الليلة الحادية والعشرين من شهر رمضان ، في الساعة الأخيرة من حياة الإمام (عليه السّلام) كانت السيّدة زينب (عليها السّلام) جالسة عنده تنظر في وجهه ، إذ عرق جبين الإمام (ع) ، فجعل يمسح العرق بيده ، فقالت زينب : يا أبه ، أراك تمسح جبينك ؟ قال : (( يا بُنيّة ، سمعت جدّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ــــــــــــــــــــ (1) لا ترقأ : لا تنقطع ، أو لا تجف . ----------------------- يقول : إنّ المؤمن إذا نزل به الموت ودنت وفاته ، عرق جبينه وصار كاللؤلو الرطب ، وسكن أنينه )) . فعند ذلك ألقت زينب بنفسها على صدر أبيها وقالت : يا أبه ، حدّثتني اُمّ أيمن بحديث كربلاء ، وقد أحببت أن أسمعه منك(1) . فقال (عليه السّلام) : (( يا بُنيّة ، الحديث كما حدّثتك اُمّ أيمن ، وكأنّي بك وبنساء أهلك لسبايا بهذا البلد ، خاشعين تخافون أن يتخطّفكم الناس ، فصبراً صبراً )) . ثمّ التفت الإمام إلى ولديه الحسن والحسين (عليهما السّلام) وقال : (( يا أبا محمّد , ويا أبا عبد الله ، كأنّي بكما وقد خرجت عليكما من بعدي الفتن من ها هنا وها هنا ، فاصبرا حتّى يحكم الله وهو خير الحاكمين . يا أبا عبد الله ، أنت شهيد هذه الاُمّة ، فعليك بتقوى الله والصبر على بلائه )) . ثمّ اُغمي عليه وأفاق ، وقال : (( هذا رسول الله ، وعمّي حمزة ، وأخي جعفر ، وأصحاب رسول الله ، وكلّهم يقولون : عجّل قدومك علينا فإنّا إليك مشتاقون )) . ــــــــــــــــــــ (1) سوف نذكر لمحة سريعة عن اُمّ أيمن ، في فصل ( بعض ما روي عن السيّدة زينب (عليها السّلام) ) . ---------------------------------
ثمّ أدار عينيه في وجوه أهل بيته ، وقال لهم : (( أستودعكم الله )) ، وتلا قوله تعالى : ( لِمِثْلِ هذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ )(1) ، وقوله سبحانه : ( إِنّ اللّهَ مَعَ الّذِينَ اتّقَوْا وَالّذِينَ هُم مُحْسِنُونَ )(2) . ثمّ تشهّد الشهادتين وفارق الحياة . فعند ذلك صرخت زينب وأم كلثوم وجميع نسائه وبناته ، وشققن الجيوب ، ولطمن الخدود ، وارتفعت الصيحة في الدار . ولمّا فرغ أولاد الإمام (عليه السّلام) من تغسيله ، نادى الإمام الحسن أخته زينب ، وقال : (( يا اُختاه ، هلمّي بحنوط جدّي رسول الله )) ـ وكان قد نزل به جبرئيل من الجنّة ـ . فبادرت السيّدة زينب مسرعة حتّى أتته به ، فلمّا فتحته فاحت الدار لشدّة رائحة ذلك الطيب . أيّها القارئ الكريم : هذا بعض ما يرتبط بالسيّدة زينب في حياة أبيها العظيم ، الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) وقد اقتطفنا ما يرتبط بمقتل أبيها من كتابنا (الإمام علي من المهد إلى اللحد) . ــــــــــــــــــــ (1) سورة الصافات / 61 . (2) سورة النحل / 128 .
من كتاب زينب الكبرى (عليها السّلام) من المهد إلى اللحد بقلم المرحوم السيد محمّد كاظم القزويني
| |
|
بشار
مدير عام المنتدى رقم العضوية : 1 الجنــس : المواليد : 11/05/1992 التسجيل : 07/12/2012 العمـــــــــــــــــر : 32 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 3576 نقـــــــــاط التقيم : 7183 السٌّمعَــــــــــــــة : 29 علم بلدك : الموقع : منتديات اهل البيت عليهم السلام _البوابة مدير المنتدى
| موضوع: رد: السيّدة زينب (عليها السّلام) في عهد والدها أمير المؤمنين (عليه السّلام) الخميس ديسمبر 27, 2012 2:17 am | |
| ..آحسنتٍ"غاليتنا"على آختياركٍ المحمدي الطاهر.. ..آسآل الباري آن يقضي جميع حوآآئجكٍ وحوآآئج" السائلين" بحق محمد وآله الآطهار.. ..خالص"شكري"و"آمتناني"لعظيم جهوودكٍ القيمه نترقب آبدآآعكٍ القادم.. ..دمتٍ بخير بشار الربيعي
| |
|
الطريبيلي الرتبــــــة
رقم العضوية : 11 التسجيل : 20/12/2012 عدد المساهمات : 3314 نقـــــــــاط التقيم : 5593 السٌّمعَــــــــــــــة : 8 مشرف الاقسام العلمية
| موضوع: رد: السيّدة زينب (عليها السّلام) في عهد والدها أمير المؤمنين (عليه السّلام) الخميس ديسمبر 27, 2012 10:35 pm | |
| بارك الله فيك اخي بشار الربيعي على مرورك الكريم والمشاركة وحياك الله ودمت بحفظ الرحمن وتوفيقة
| |
|