بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ ... وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِيْنَ
------------------
كفارة الغيبة
الغيبة من المحرمات التي تستوجب الكفارة وذكروا أن كفارة الاغتياب أمور :
الأول / الاستغفار لنفسه والتوبة لله تعالى من ذنبه .
الثاني / الاستغفار لمن اغتابه والدعاء له .
الثالث / التحلل منه ، بمعنى طلب برائة الذمة منه والاعتذار له واستسماحه .
والأول من حقوق الله تعالى والآخرَيْن من حقوق الناس
وهل هذه الأمور واجبةٌ مجتمعةً او أنّ الواجب بعضها دون بعض ؟
لا إشكال في وجوب الأول كسائر المحرمات يجب الاستغفار منها والتوبة والندم على فعلها ومنها الغيبة فمن اغتاب غيره فقد فعل محرماً يجب عليه أن يستغفر الله تعالى منه ويتوب اليه ويعزم على عدم العود .
أما الأمران الثاني والثالث ففي وجوبهما خلاف ، فهل يجب الاستغفار المغتاب لمن استغابه ؟ وهل يجب الذهاب اليه للاستحلال وطلب براءة الذمة منه ؟ خلاف ، والأقوال متعددة بعضها لفقهائنا المتقدمين :
منها / وجوبهما معاً ، فيجب استغفار المغتاب لمن اغتابه في ظهر الغيب كما يجب الاستحلال منه .
ومنها / كفاية الاستغفار له وعدم وجب الاستحلال منه .
ومنها / وجوب الاستحلال منه وعدم وجوب الاستغفار له – عكس القول السابق – كما هو رأي الشيخ وحيد الخراساني – دام ظله - ، لاحظ منهاج الصالحين /الشيخ وحيد الخراساني ج 1 – المقدمة ص 15
ومنها / وجوب الاستحلال منه إن أمكن والا – اي لم يمكن – يكفي الاستغفار له ، وفرق هذا القول عن الأول أنهما واجبان الا ان وجوبهما طولي ترتبي بمعنى لا يجب الاستغفار الا عند عدم القدرة على الاستحلال بخلاف الأول فيجبان معاً فالاستغفار واجب سواء أمكن الاستحلال أو لم يمكن . وهذا للسيد محمد صادق الروحاني ، لاحظ منهاج الصالحين - السيد محمد صادق الروحاني - ج 1 - ص 13
الى غير ذلك من الأقوال الا أن القول المعروف بين مراجعنا المعاصرين :
عدم وجوبهما معاً فلا يجب الاستغفار له ولا يجب الاستحلال وطلب براءة الذمة منه والاعتذار له الا على نحو الاحتياط الاستحبابي
فلا يجب في الغيبة الا التوبة والندم وأن يستغفر المستغيب ربه لنفسه ، قال السيد الخوئي قده في منهاج الصالحين ج 1 - ص 11 ( ويجب عند وقوع الغيبة التوبة والندم والأحوط - استحبابا - الاستحلال من الشخص المغتاب - إذا لم تترتب على ذلك مفسدة - أو الاستغفار له )
ولاحظ منهاج الصالحين - السيد السيستاني - ج 1 - ص 17 ، ومنهاج الصالحين - الشيخ محمد إسحاق الفياض - ج 1 - ص 20
هذا من الناحية الفقهية فيما يخص كفارة الغيبة ، ولا إشكال في حرمتها وأنها من الكبائر ، وما تذكره أخبار المعصومين عليهم السلام في عقوبة الغيبة وشناعتها وعظم إثمها شيء تقشعر له الأبدان ، فخير للمؤمن أن يجتهد في تجنبها ففي الحديث إن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران : ( أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة وإن لم يتب فهو أول من يدخل النار ) بحار الأنوار ج 72 ص 222
أعاذنا الله تعالى من الغيبة وغفر لنا ولمن اغتبناه ولمن اغتابنا إنه أرحم الراحمين