إبن سعد وقتاله لإمام زمانه

إبن سعد وقتاله لإمام زمانه

اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

ابن سعد وقتاله لإمام زمانه

كلنا يعرف من هو عمر بن سعد بن أبي وقاص والذي والده أي سعد ابن أبي وقاص هو احد أخوال النبي صلى الله عليه واله وسلم أي انه من أقرباء الإمام الحسين ع وهنا تبادرت في ذهني بعض الأسئلة حول خروج ابن سعد لحرب الإمام ع وجوابها إن شاء الله سوف يكون على أطروحات ،في البدء هذه هي التساؤلات :

أولا: لماذا تم اختيار عمر بن سعد للخروج لقتال الإمام الحسين ع؟

ثانياً : هل إن مُلك الري هو من دعا عمر بن سعد لقتال الحسين ع؟ وما مدى تعلقه به؟

ثالثاً : هل إن هذا المُلك كان موعوداً به من زمن معاوية أم غير ذلك؟

رابعاً : لماذا تذكر إحدى الروايات انه أي (عمر) جلس مع الإمام الحسين ع يتناجيا إلى وقت متأخر من الليل في إحدى الليالي قبل وقوع السيف بينهما ؟ ولماذا غير قراره فجأة ومنع الماء عن الحسين ع وأهل بيته وأصحابه؟


وغيرها من التساؤلات التي قد يستغرب البعض من سؤالها لكون هذا الشخص ملعون وتصدر منه هكذا أفعال ؟

أطروحات في أجوبة هذه الأسئلة :

1. في جواب التساؤل الأول:
ان اختيار الدولة الظالمة الاموية والمتمثلة بابن زياد حاكم الكوفة اختار عمر بن سعد لعدة اسباب منها:
1.إنه من اقرباء الامام الحسين ع وحين يرى القوم ان هذا الشخص قد انتدب لقتال الحسين ع مع العلم بانه قريبه سوف يكون هذا دافعاً لهم للخروج لقتاله عليه السلام ايضاً.
2.إنه اختير لذلك لكـي يقال انها قضية قبلية نشبت للتنازع على السلطة وانهم اقتتلوا فيما بينهم وللأسف هناك بعض الكتاب المأجورين قال بذلك.
3. انه أي عمر بن سعد ابن فاتح العراق وابوه هو من بنى الكوفة حسب ما جاء في الروايات وبهذا المكانة اكتسب نفوذا يمتد خارج قبيلته ولقد لاحظ ابن زياد هذا النفوذ الذي بواسطته يمكن جمع اكبر عدد ممكن من الرجال للخروج الى حرب الامام الحسين ع وبه أي النفوذ يمكنه من السيطرة على ذوي المقاتلين الذين سوف يقتلون في المعركة ولذلك استدعاه لحرب الامام ع كما جاء في الرواية التالية(انه لما جمع ابن زياد قومه - لعنهم الله جميعا -
لحرب الحسين - عليه السلام - كانوا سبعين ألف فارس ، فقال ابن زياد : أيها
الناس من منكم يتولى قتل الحسين - عليه السلام - وله [ ولاية ] ( 1 ) أي بلد
شاء ، فلم يجبه أحد منهم ، فاستدعى بعمر بن سعد - لعنه الله - ، وقال ( له ] ( 2 ) :
يا عمر أريد أن تتولى حرب الحسين - عليه السلام - بنفسك ، فقال له : اعفني
عن ذلك .فقال ابن زياد : قد أعفيتك ( 3 ) يا عمر فاردد علينا عهدنا الذي كتبناه
لك بولاية الري .فقال عمر بن سعد : أمهلني الليلة ، فقال له : قد أمهلتك..................) مدينة المعاجز_ السيد هاشم البحراني ج4 ص 63
4.اعتاد العدو الرئيسي للمعصومين سلام الله تعالى عليهم ان يجند اناساً قريبين منهم ظاهرياَ ليكونوا ذو تأثير اكبر في الحرب عليهم سواء كانت تلك الحرب اعلامية او فكرية او مادية او عسكرية وهذا ممتد عبر الازمنة وفي زماننا هذا استغل الاحتلال الامريكي هذه النقطة على عادته في جذب الشخصيات القريبة من اولياء الله تعالى كما حصل مع زمن السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله حين انشق الكثير بعد استشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر قدس وان اختلف عنوان هذا المنشق عما كان عليه في الازمنة السابقة واقصد هنا انه ليس له اب صلبي كعمر بن سعد وانما الابوة المعنوية له من قبل الاولياء الصالحين وهو قد يكون مُني من قبل الاحتلال بجعله قائدا لمقاومة عسكرية قبال قيادة السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله فحصل على ما يريد بشرط ان يكون من اعداء السيد القائد بالمباشر وان كان يدعي الوصل بالسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس او قد يكون ممن لهم رغبة في الحصول على درجة الاجتهاد وهو في نفسه أي الاجتهاد (مطلوب) ولكنه لم يكمل حتى دورة اصولية ومع ذلك ادعى الاجتهاد وشق عصى من كانوا منضوين تحت راية آل الصدر واخذ اعدادا لا يستهان بها من الناس لاتباعه والعمل تحت امرته وهناك امثلة اخرى ولكن المهم هو ان من يكون قريبا من خط الاولياء عليه الحذر كل الحذر من الانزلاق كم عبر السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس في كتاب منهج الصدر حول صفات رجل الدين حيث قال (كلما كثرت الفرص كانت المسؤولية أزيد, من قبيل هذا الذي قلته اكثر من مرة كان بعض أساتذتي يقول : (نضعه على المزلق ونقول له لا تنزلق ), أنا أزيد على ذلك انه نأتي بمزلق أولا أملس, وثانيا مطلي بالدهن ونقل له لا تنزلق, ليس مزلق خشن بحيث يمكن التمسك به, ولكن فيه اقتضاء الانزلاق مائة بالمائة, لأنه الحمد لله هذا الدهن موجود في داخل النفس وهو النفس الأمارة بالسوء, إن لم أكن أريد الزلق فازلق على كل حال, وكلما كانت المسؤولية أزيد, كان الزلق احتماله اكثر) انتهى كلام السيد الشهيد ،اذن فمدخلات الشيطان كثيرة وعجيبة وغريبة في نفس الوقت فهو يأتي أحياناً في ابسط الأشياء لا اعقدها فكلٌ يُختبر في المستوى الذي وصل اليه من التكامل ،فالنجاة من هذه المغريات تكون باتباع جهة الحق بعد معرفتها ومن ثم امتثال اوامرها .

جواب التساؤل الثاني:
أولا : جاء في كتاب مجموعة رسائل للسيد عبد الحسين اللاري هامش ص458(« 1 » الرّي - بتشديد الراء - : من بلاد فارس ، لم تكن مدينة في الشرق أعمر منها ، و ان كانت نيسابور أكبر رقعة منها ، و هي عجيبة في الحسن و الجمال .
« 2 » قال أرباب السير : و كان ابن زياد قد بعث عمر بن سعد - قبيل شهر المحرّم - قائدا على أربعة آلاف إلى ( ثغر دستبي ) لأنّ ( الديلم ) قد غلبوا عليها ، و كتب له عهدا بولاية ( الري و ثغر دستبي والديلم ) فعسكر ابن سعد في ( حمام أعين ) ، فلمّا كان من أمر الحسين عليه السّلام ما كان ، دعاه ابن زياد و قال له : سر إلى الحسين ، فإذا فرغنا ممّا بيننا وبينه سرت إلى عملك .فاستعفاه عمر بن سعد من ذلك ، فقال ابن زياد : نعم على أن تردّ لنا عهدنا الذي كتبناه لك ).
ومن المعروف إن فاتح بلاد فارس فيه قولين أحدهما أن سعد ابن أبي وقاص هو هذا الفاتح ووجود عمر بن سعد يكون من احد وجهين هما:

الوجه الأول: انه علم من أبيه بأنه كان فاتحاً لمنطقة الري حيث أرسل قائداً للجيش لتحرير بلاد العراق وفارس ومن ضمنها منطقة الري من قبل عمر بن الخطاب والذي ولد هو أي (عمر بن سعد) بعد مقتله كما ذكر ابن عساكر حيث يقول ( أبو حفص عمر بن سعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك ....................قال سمعت يحيى بن معين يقول ولد عمر بن سعد عام مات عمر بن الخطاب) تأريخ ابن عساكر ج45 ص43)

الوجه الثاني: أنه عاش مع أبيه في ارض الري وترعرع فيها لمدة لا بأس بها بحيث أخذت منه ذلك المأخذ وأصبح متعلقاً بها وهذا ما ذكره ابن عساكر في تأريخه حيث اكمل وقال ((........................وذلك في سنة تسع عشرة وهذا القول يدل على أن عمر بن سعد قد ولد في عصر النبي ( صلى الله عليه وسلم )) تأريخ ابن عساكر نفس الجزء ص44،وفي كلا الوجهين يمكن القول بأن سعد بن ابي وقاص قد ترك أرض الري لأنه قائد عسكري يدور مدار الامر الذي يعطى له من قبل الخليفة في وقته فكان موقف ولده عمر موقف المطالب بحق المكان الذي حرره والده باعتباره وريثه.

ثانيا : انه مر ذات يوم على أبيه وهو يرعى الإبل في البادية فقال لأبيه كما جاء في الرواية التالية (وكان سعد من أحد الناس بصرا فرأى ذات يوم شيئا يزول فقال لمن تبعه ترون قالوا نرى شيئا كالطير قال أرى راكبا على بعيره ثم قال بعد قليل أرى عمر بن سعد وقال ابن حمدان ثم جاء بعد قليل عمر بن سعد على بختي أو بختية ثم قال اللهم إنا نعوذ بك من شر ما جاء به فسلم عليه ثم قال لأبيه أرضيت أن تتبع أذناب هذه الماشية بين هذه الجبال وأصحابك يتنازعون في أمر الأمة قال سعد بن أبي وقاص سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول إنها ستكون بعدي فتن أو قال أمور خير الناس فيها الغني الخفي التقي فإن استطعت يا بني أن تكون كذلك فكن فقال له عمر أما عندك غير هذا فقال له لا............). تأريخ ابن عساكر ج45 ص 48
وقوله لأبيه هنا واضح بأنه قد قصد بذلك (الخلافة) وهذا يدل على نزعته وحبه للسلطة منذ القِدم وانه يعتبر أبيه ممن لهم الحق في استلام مهام الخلافة لرسول الله ص وآله وسلم وعند حصوله ملك الري بعدها قد تحين له فرصة للمطالبة بالخلافة.
وكان تعلقه واضح بهذا الملك لما قلنا في البداية وإلا لما أعطاه ابن زياد كتاب بالإمرة عليه من دون بقية الأماكن التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية.

2. في جواب التساؤل الثالث:
انه كان مولعاً بملك الري وكان يحاول فعل أي شيء يرضي معاوية في سبيل الحصول منه على صك بهذا الملك العقيم ولكنه لم ينل ذلك إلى حين أن تسلم يزيد لعنه الله الأمر وتولي ابن زياد حكم إمارة الكوفة فبعث ابن سعد لقتال الديلم وأعطاه صكاً بحكم الري إن هو قضى على ذلك التمرد كما تذكر الرواية التالية حيث جاء في ( طبقات ابن سعد 5 / 935 ، الكامل 4 / 31 ) (أرسله عبيد الله بن زياد على أربعة آلاف لقتال الديلم ، وكتب له عهده على الري . ثم لما علم ابن زياد بمسير الحسين عليه السلام من مكة إلى الكوفة ، كتب إلى عمر بن سعد أن يعود بمن معه فولاه قتال الحسين عليه السلام ، فاستعفاه أولا ، ثم أطاع فكانت الفاجعة بمقتل الحسين عليه السلام ) وان تعلقه بهذا الملك واضح حيث يقول في شعره:
أأترك ملك الري والري منيتي * أم أرجع مأثوما بقتل حسين
حسين ابن عمي والحوادث جمة * لعمري ولي في الري قرة عين
فهو يصفه بالمنية او الامنية ومرة اخرى بـ (قرة العين) وهذا ما جعله يفعل ما فعل.

3. جواب التساؤل الرابع:
إن جلوس عمر بن سعد مع الإمام الحسين ع لم يكن من رغبته وإنما مبادرة كانت من الإمام الحسين ع لردعه عما جاء به من أمر الحرب عليه ولشدة بغضه للإمام الحسين ع رفض كل عرضٍ عليه من قبل الإمام في سبيل ترك القتال وقام بتغيير رأيه وقت ورود كتاب ابن زياد له وتأنيبه على مجالسة الإمام الحسين ع كما جاء في الرواية التالية : عن أبي مخنف ، عن سليمان بن أبي راشد ، عن حميد بن مسلم « جاء كتاب من عبيد اللَّه إلى عمر بن سعد أمّا بعد فحل بين الحسين وأصحابه وبين الماء فلا يذوقوا منه قطرة ، فبعث عمر عمرو ابن الحجّاج مع خمسمائة فارس على الشريعة وحالوا بين الحسين عليه السّلام وأصحابه وبين الماء وذلك قبل قتل الحسين بثلاث ».

الخاتمة
وفي الختام اذكر بعض النقاط التي يمكن ان تكون نتيجة لهذا البحث المتواضع وهي:

1. إن بعض من حارب الإمام الحسين ع أو اشترك في الحرب عليه كان منغمساً في ملذات الدنيا وزخارفها وكانت السبب في قتاله وحربه ضد الإمام ع.
2. إن كل ملك زائل فاين ملك معاوية وملك يزيد وغيرهم.
3. إن بعض من حارب الإمام الحسين ع كانت حربه بدافع الانتقام وعدم الإيمان بالله تعالى وبعثة رسوله محمد ص وآله وسلم.
4. إن نصرة الإمام الحسين ع تتطلب الكثير الكثير من التضحيات في يوم الانسان المؤمن بالله من تعب فكري وبذل مادي ومتابعة اوامر الامام ع وتلقي الدروس على يديه سواء بالمباشر او بواسطة مقربة منه عليه السلام حتى يتمكن الفرد من الصمود امام المغريات التي تعرض عليه والاهواء التي تأتي من الكلام مع النفس كما قال تعالى كتابه الكريم: (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ) يوسف53
5. إن نصرة الإمام المهدي عج هي النصرة في الوقت الحاضر للإمام الحسين ع وهي متمثلة بنصرة من يمثل خط الحق والمطالبة به إلا وهو بقية آل الصدر الكرام السيد القائد مقتدى الصدر اعزه الله.

أسئلة حول البحث
س1/ ذكرتَ ان منطقة الري وجمالها ؟ فهل كان تعلقه بها من اجل الجمال؟
ج1/ لم يتعلق بها من باب طبيعتها بل كان التعلق بحكمها وصعود كرسي ملكها.

س2/ قلت عبارة (يوم الانسان) فما تعني بها؟
ج2/ أي كيف يستغل الفرد المؤمن يومه وكيف يقضيه في طاعة الله وما يقربه منها لان ذلك له التأثير على سلوكه واخلاقه وبالتالي له التأثير في سيره وتكامله.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم

المصادر

1. القرآن الكريم.
2. كتاب منهج الصدر (مجموعة الحوارات والمواعظ الأخلاقية للشهيد الصدر المقدس) صفات رجل الدين ص312
3. تأريخ ابن عساكر ج 45
4. نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري ج20
5. شرح الأخبار – القاضي النعمان المغربي ج3 هامش ص270
6. الكامل 4 / 31
7. مدينة المعاجز_ السيد هاشم البحراني ج4 ص 63
8. مجموعة رسائل للسيد عبد الحسين اللاري هامش ص458

بارك الله بجهودك أخي الكريم
ودمت بحفظ الله