التاكيد على حركة الامام الحسين ع في كربلاء

لماذا التاكيد على حركة الامام الحسين ع في كربلاء؟



- المقدمة
ان الله تبارك وتعالى خلق الخلق متفضلا ولم يخلقهم عبثا ولم يتركهم هملا بل خلقهم وهو غني عنهم لاجل حصولهم على مصالحهم الكبرى ووصولهم الى كمالهم المنشود المتمثل باخلاص العبادة لله تعالى,قال عز من قائل:

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } [الذاريات : 56]

اذن فالغرض من الخليقة هو الحصول على ذلك الكمال العظيم المتمثل بتوجيه العقيدة والمفهوم الى الله عز وجل وقصد السلوك على طاعته وعدله في كل حركة وسكون,واذا نظرنا الى حقيقة هذا الكمال من جوانبه المتعددة واستطعنا تحصيل الفكرة المتكاملة عنه عرفنا المقصود الذي اصبح هدفا لايجاد الخليقة".(1)
فلذلك بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين تذعمهم الكتب السماوية والتوجيهات الربانية لاصلاح البشرية,فقد امتازالتاريخ البشري بالكثير من الحركات الالهية وعلى مدى قرونه المتطاولة كان ابطالها ائمة معصومون وانبياء ومرسلون واؤلياء وصالحون يعضدهم مؤمنون بدرجات معتد بها من الاخلاص والتقوى,وكان الطابع العام والهدف المنشود لتلك الرسالات والحركات هو رفع لواء الطاعة لله سبحانه وحده ومحاربة الكفر والاشراك والطغيان والفساد والانحراف بكل مسمياته والوانه والعود بالمجتمعات الى جادة الصواب والهدى .
الا انه لم يحظى ايا من تلك الحركات بما حظت به حركة الامام الحسين بن علي (عليما السلام)وثورته المباركة من النصيب الاوفر من استقطاب الانظار اليها وحث الائمة المعصومين عليهم السلام اتباعهم على النهل من فيوضاتهاالالهية الثرة والاقتداء بشخوصها ,كما نجد ذلك جليا في كلماتهم سلام الله عليهم اجمعين,وهذا لم يات من فراغ يقينا بل للاسباب الموضوعية التي سنحاول استقصاءها قدر امكاننا في هذا البحث ان شاء الله تعالى.
ولك ان تتصور عظم حركة الامام الحسين عليه السلام بمقارنتها مع ذلك الكم -كما اشرنا-من الحركات الالهية المباركة في التاريخ الانساني السابق واللاحق لحركته سلام الله عليه.
والتي يمكن ان تكون فيها الاسوة والمقتدى والمنطلق للمؤمنين الساعين الى نيل رضا الباري عزوجل والسعي في بسط طاعته في الارض واجتثاث الظلم والفساد والانحراف وهداية الضالين,بعد ان نعلم ان كل نبي او رسول او امام معصوم (كل بحسبه)له حركة واتجاه فكري وعقائدي وسلوكي الهدف منها اتمام الحجة وهداية الناس الى سبيل الرشاد والتقوى واصلاح ما فسد من امورهم وبالتالي السعي الى تكاملهم افرادا ومجتمعا من كل الجهات والجوانب العبادية والاخلاقية والفكريةووو...
ولايقولن قائل ان الاسلام وبعد اشراق نور الر سالة المحمدية لايحتاج الى ثورة او حركة اصلاحية باعتباره الرسالت الخاتمة كما قال تعالى:

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ } [آل عمران : 19]

بل هو كغيره من الاديان والرسالات السماوية الاخرى قد تعرض الى عبث المنحرفين والمنافقين والمفسدين في الارض واضرابهم الذين استطاعوا ومع مرور الزمن صرف الكثيرين من المسلمين عن طاعة قياداتهم الالهية الحقة المتمثلة بائمة اهل البيت سلام الله عليهم وبالتالي موالات ائمة الجور والضلال الذين عاثوا في دين الله الفساد واظهروا به البدع والمنكرات,
كقوله تعالى في محكم كتابه العزيز:

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الروم : 41]

او الرواية الواردة عن امامنا الصادق عليه السلام الدالة على تناقص طاعة الله تعالى الى ما قبل الظهور المقدس للامام المهدي عليه السلام انه قال:

"كان امير المؤمنين (عليه السلام)يقول:لايزال الناس ينقصون حتى لايقال (الله)فاذا كان ضرب يعسوب الدين بذنبه,............"(3)
ففي طف كربلاء تمثل الخير والشر والصراع بينهما منذ خلق الخلق وان امامنا الحسين عليه السلام يمثل الحق والصدق والقسيم بين الحق والباطل
وحيث ان كل شيء في الوجود خاضع للتخطيط الالهي الحكيم ويسير وفق نظام وترتيب وسنن الهية لاتتخلف
كقوله تعالى:

{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القمر : 49]
وقوله تعالى:

{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا } [الفرقان : 2]

اذن,فالله سبحانه وتعالى يوجد في مسير الانسانية الطويل ما يصلحه ويقّومه فكان لابد من وجود المثال التضحوي في طف كربلاء ليكون منارا للاجيال الى قيام يوم الدين ولعل في قول الحسين عليه السلام :
"شاء الله ان يراني قتيلا"
او كما قال شهيد الجمعة المقدس محمد محمد صادق الصدر رضوان الله عليه في مو سوعته المهدوية الكبرى –تاريخ مابعد الظهور:
"ان الامام الحسين عليه السلام ضحى بدمه ليكون موقفه هذا مثالا ومقتدى"
ويمكن ان نلحظ التاكيد على تلك الثورة المباركة دون غيرها من الحركات الاخرى التي قامت على مر التاريخ بالاسباب الاتية:

- دورها الرئيسي في التمهيد لحركة الامام المهدي عليه السلام
تشير الادلة العقلية والنقلية الى ان الامام المهدي عليه السلام هو الذي يجني الثمار النهائية لثورة الامام الحسين عليه السلام ونهضته المبار كة,من تحقيق للاهداف الالهية في ظل اقامة دولة العدل الالهية العالمية.
فاذن الامام الحسين عليه السلام بتضحيته ارسى القواعد الاساسية لدولة العدل الالهية وشيد بنائها النظري والمعنوي في اذهان المؤمنين ويبقى التشييد الخارجي للبناء والذي يمثل التطبيق الحرفي للقانون الالهي كما في قوله تعالى:

{وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } [القصص : 5 }

موكولا بالامام المهدي ارواح العالمين له الفدى.
ولعله من اهم الاسباب للتاكيد على ثورة الامام الحسين عليه السلام في كربلاء,هو ما قلناه من دورها الرئيسي والمحوري بالتمهيد لحركة الامام المهدي عليه السلام وصياغتها للاهداف الالهية التي سوف تكون منطلقا وبرنامجا عمليا للحركة المهدوية العالمية,ولعل الربط القراني بين الحركتين نجده واضحا وجليا في العديد من الايات القرانية الكريمة كما في قوله تعالى:

{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء : 33)

وفي التفسير فان المراد والمصداق الاكبر من (قتل مظلوما) هو الامام الحسين عليه السلام و(لوليه) اي ولي الدم والاخذ بالثار من القاتل هو الامام المهدي عليه السلام من خلال القضاء الانحراف والمنحرفين واجتثاث الظلم والفساد وبسط الدين على الارض اي جميع ماسعى الامام ابي عبد الله الحسين عليه السلام لتحقيقيه في ثورته المباركة.
وقد حوت مصادر العامة مايؤيد ذلك,فقد روى الحافظ سليمان القندوزي,قال:عن عبد السلام بن صالح الهروي عن علي الرضا بن موسى الكاظم في قوله تعالى:
{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا } [الإسراء : 33]
قال:نزل في الحسين والمهدي.( )
ولعله ليس من العجيب او الغريب ان تذكر مادة (قتل)و(مصيبة)و(دم) في القران الكريم (10)مرات اشارة الى مصيبة الحسين عليه السلام ودمه المراق ظلما في عاشوراء الشهادة.


- التاكيد على ثورة الامام الحسين عليه السلام تاكيد الهي :
فقد قال الحق سبحانه:

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [الأحزاب : 21]

والمعنى واضح وجلي في الاية المباركة في ان من اراد الاخرة وسعى سعيها فليتخذ الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه واله وسلم اسوة وقدوة ومثالا له,وعندنا في الخبر الصحيح الصريح الوارد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:
"حسين مني وانا من حسين"
فالحسين عليه السلام هو الامتداد الطبيعي لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فمن اراد تلك الاسوة والاقتداء فعليه بالاقتداء بسبط رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ومنها اكيدا نهضته الكبرى في كربلاء.هذا من جهة ومن جهة اخرى فقد اسقط الامام الحسين عليه السلام بتضحيته الكبرى في كربلاء باعز ما يملك من نفس واهل بيت وخير الاصحاب ,كافة الاعذار عند من يدعّي القيادة للامة من التضحية اذا ما تعرضت بيضة الاسلام للخطر او اقتضت الضرورة من القائد التضحية عند تصديه لاصلاح المجتمع ,ولعل اروع من اقتدى بامامه الحسين منهجا وسلوكا في عصرنا الحاضر هو سماحة السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر الذي ضحى بنفسه وولده والمخلصين من اتباعه في سبيل الدين وطالبا للاصلاح في امة جده سيد المرسلين عندما وقف بوجه الطاغوت الصدّامي اليزيدي المنحرف بكل ما اؤتي من قوة ومسّطرا لاروع ملاحم التضحية والفداء والعزة والاباء.

- تكامل مقومات ثورة الحسين عليه السلام دون غيرها
فكما يعلم الجميع ان تحرك المعصوم عليه السلام يخضع لضوابط وشروط الهية لا يمكن له ان يتعداها لاي حال من الاحوال ,ومن هذه الشروط اطرحها على سبيل الاطروحة هو شرط وجود العدد الكافي من المخلصين لقيام ثورة بمثل هذا الحجم في كربلاء,على غرار ما ورد من الشروط لتحقق ظهور الامام المهدي عليه السلام وهي:
1-وجود الاطروحة العادلة اي الاسلام.
2-وجود القائد الكامل-المعصوم-.
3-وجود العدد الكافي من المخلصين لفتح العالم.
والشرط الثالث اي العدد الكافي لقيام الثورة في كربلاء لم يتحقق الا للامام الحسين عليه السلام اضافة للظروف الموضوعية المناسبة الاخرى للقيام ,ويمكن الاستدلال على محورية العدد الكافي من الامثلة الاتية:
كما في مثال امير المؤمنين عليه السلام عند وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الذي اوصاه بالتحرك عند قيام مناؤيه بغصبه الخلافة اذا ما توفر له اربعين رجلا
والوقائع التاريخية المؤكدة تبين ان امير المؤمنين عليه السلام قعد عن حقه في الخلافة في تلك الفترة لعدم اكتمال الناصر والمعين ,وكذلك في حالة الامام الصادق عليه السلام عندما كتب أبو مسلم الخراساني قائد الثورة في بلاد فارس للإمام يقول : إني قد أظهرت الكلمة ودعوت الناس الى موالاة أهل البيت عليهم السلام فان رغبت فلا مزيد عليك ، فأجاب الإمام عليه السلام : ما أنت من رجالي ولا الزمان زماني.(الملل والنحل للشهرستاني –ج1-ص241),هذا فضلا على ان تلك الشروط والمقدمات لم تتوفر في الانبياء السابقين لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه واله وسلم لعدم تحقق الشرط الثالث اي وجود عدد كاف من المخلصين.حدد

فاذن توّفر للامام الحسين عليه السلام في طف كربلاء كل المقومات الموضوعية للتحرك والنهوض من حيث الزمان والمكان المناسبين والعدة والعدد لبلوغ النصر المعنوي الذي ارادته المشيئة الالهية منجزا في كربلاء.

- حركة الامام الحسين اصبحت ميزان الهي للتفريق بين الحق والباطل

سبق واوضحنا في مقد البحث ان الله سبحانه وتعالى خلق الخلق للعبادة والتكاما في دار الدنيا ولم يخلقهم للهو واللعب ولتوجيه مسار الانسان نحو ذلك الهدف الالهي في كل عصر انزل الشرائع السماوية والكتب الالهية على لسان اشرف وافضل مخلوقاته وهم الرسل والانبياء ,ولم يقتصر الامر على اؤلئك النخبة من البشر بل تعدى القاء الحجج الالهية الى الدور العظيم للاؤلياء والصالحين ليكونوا منارا وهدى للعالمين,وكما قال الحق سبحانه:

{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء : 47)

فمن جملة موازين الحق التي نصبت للناس كان هم ائمة اهل البيت عليهم السلام كما في قول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:

"علي مع الحق والحق مع علي "

او قوله صلوات الله عليه واله في الزهراء البتول روحي فداها:

"فاطمة بضعة مني فمن اذاها فقد اذاني"

وقوله في الحسنين عليما السلام"

"الحسن والحسين امامان قاما او قعدا"

اذن فائمة اهل البيت النبوي عليهم السلام هم موازين قسط وحق وعدل وضعها الباري لتكون الاسوة والقدوة ومنارا للهدى والتقوى وحبل الله المتين وصراطه المستقيم,والامام الحسين عليه السلام وحركته في كربلاء ارادها الله ان تكون ميزان قسط لامة الخاتم محمد صلى الله عليه واله وسلم
,حيث من تلك الثورة والحركة تستلهم من القوانين التي اطلقها ابي الاحرار عليه السلام لتكون منهجا عمليا واسس ومنطلقات لاتباع الحق اينما كانوا وحيثما وجدوا ,كشعار:
"هيهات منا الذلة"
وشعار:
"الموت اولى من ركوب العار والعار اولى من دخول النار "
وشعار:
"مثلي لا يبايع مثله"
وكما قيل :
"كل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء"
فقد اصبح تحديد جهة الحق والمصداقية منوطا بتطبيق تلك الشعارات الحسينيةوهي غير خاضعة للمساومة والتزييف,فلذلك اتبعنا المرجعية الناطقة لسماحة السيد الشهيد محمد الصدر رضوان الله عليه ومن بعده تعلقت القلوب وانقادت الانفس بخطى مطمئنة تحت لواء قائد القواعد الشعبية لجيش الامام المهدي عليه السلام سماحة السيد القائد مقتدى الصدر دام نصره الذي رفع لواء وشعارات الحسين خفاقة في سماء عراق العز والمجد ,مدخلا لتلك الشعارات حيز التطبيق وخاصة في مجاهدةالغزو الصليبي الامريكي لارض العراق المقدسة فلم يدّخر وسعا ولم يالو جهدا في محاربتهم واذلالهم والقضاء على وجودهم هذا من جهة ,ومن جهة اخرى ترتيب البيت العراقي من حيث نبذالطائفية المقيتة والفساد بكل صنوفه وانواعه الذان ينخران في جسد العراق وشعبه.


- حركة الامام الحسين اوضحت احقية شيعة اهل البيت عليهم السلام:
من مناهل وبركات ثورة الامام الحسين عليه السلام في كربلاء الشهادة والتضحية والاباء,انها ابرزت الشيعة"اي اتباع اهل البيت عليهم السلام"بانهم الاتباع الحقيقيين للقران ونعم المطيعين لرسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم ومن اوصى باتباعه من بعده اي امير المؤنين علي ابن ابي طالب والائمة المعصومون من ولده عليهم السلام ,فها هو كلام الله يصدح فينا صباحا ومساء قائلا"

{ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ } [الشورى : 23]

والقربى باتفاق جميع علماء الامة الاسلامية حتى ما عرف بنصبه وعدائه للعترة الهادية قالوا ان المقصود بها هم علي وفاطمة واولادهم والذي شهد التاريخ انهم قد عانوا الامرين من منحرفي الامة وطغاتها فقتل من قتل وسبي من سبي ,وعانت ذراريهم من القتل والتشريد وغصت بهم المحابس والسجون ,وهم صلوات الله عليهم وان لم يكونوا لخصوص الشيعة او المسلمين وانما كانوا مصابيح دجى للانسانية جمعاء ,الا ان شيعتهم اختصوا بفضيلة امتثال امر السماء بوجوب محبتهم ومشايعتهم وطاعتهم,فان المحب كما قيل لمن احب مطيع.


- حركة الامام الحسين تهدي للتي هي اقوم:
وكما اوضحنا في مقدمة البحث بان الله خلقنا للجنة والنعيم الالهي غير المتناهي وجعل الطاعة له ولاؤلياءه معيارا رئيسيا للالتحاق بدرجاتها التي تعد بعدد انفاس الخلائق ولكن عامة الناس بل قل اولي الايمان منهم جعلوا اكثر همهم ومبلغ علمهم نيل مسمى الجنة او ادنى الدرجات فيها وذلك واضح وجدانا ولايحتاج الى كثير بيان,وكما يقول السيد الشهيد محمد الصدر قدس سره الشريف في كتابه الرائع"فقه الاخلاق"في جزئه الثاني ,ما مضمونه:
"ان الله سبحانه وتعالى خلق الجنة بدرجاتها التي لا حد لها لعباده المؤمنين,ولكن الناس اكتفوا وجعلوا اكثر همهم نيل ادنى درجاتها"
فتضحية الامام الحسين عليه السلام في طف كربلاء بنفسه وعياله وصحبه الكرام فتحت الباب على مصراعيه وقرعت الاسماع والاذهان الى دخول الجنان باوسع ابوابها واعلى درجاتها ولعل في حديث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم الموجه للامام حسين عليه السلام دليلا على ما نقول:
قول الرسول(ص):
(ان لك مقامات في الجنة لن تنالها إلا بالشهادة),وحسب فهمي فان الشهادة في سبيل الله وبعقيدة حقة ومن اجل الحفاظ عل بيضة الاسلام موجب لنيل الدرجات العالية في الجنة والتي تكون تبعا لدرجة ايمان الفرد ومدى تكامله في عالم الدنيا وتكون اعلى المقامات والدرجات لاهل العصمة ومنهم الامام الحسين عليه السلام,اذن,فكما قران الله يهدي المؤمنين الى الكمالات والرفعة في الدنيا والاخرة:

{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا } [الإسراء : 9]

كذلك كتاب الله الناطق والترجمان الحي لوحي السماء وحجة الله على ارضه المام المعصوم بالحق هدى المؤمنين الى تلك الحقيقة وشوّقهم الى السير التكاملي المختوم بدم الشهادة لينالوا كامامهم واميرهم الحسينبن علي عليهما السلام ارفع الدرجات عند مليك مقتدر.
نتائج البحث
تبين مما سبق الاتي:
ان ثورة الامام الحسين عليه السلام في كربلاء كانت حتمية الوقوع وضرورة لابد منها للقيام انيا بوجه الانحراف الاموي في حينه ولتكون تللك الثورة مشعلا وضّاءا وعلما خفّاقا للمؤمنين لما بعد ذلك والى يوم الدين للسعي الحقيقي والجاد لتطبيق شرع الله المقدس في الارض ولو كره الكافرون,وهي ضرورة, كما قلنا,في التمهيد الرئيسي لحركة الامام المهدي عليه السلام ,ولان التاكيد عليها تاكيد الهي ,ولتكامل مقوّماتها من كل الجوانب دون غيرها من الحركات التي قام بها المعصومون عليهم السلام,ولانها اصبحت ميزان عام للتفريق بين الحق والباطل والى يومنا هذا,وكذلك لانها اعطت الارجحية على احقية شيعة اهل البيت عليهم السلام بما يقوموبه من احياءا لشعائرها والتمسك بهداها,واخيرا لانها تهدي المؤمنين للتي هي اقوم.
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
وصلّى الله على المبعوث رحمة للعالمين
محمد واله الطاهرين وعجّل فرجهم والعن عدوهم.


الاسئلة
1-حددت ثورة الحسين عليه السلام فقط بتمهيدها للامام المهدي عليه السلام ؟
قد يبدو ذلك للوهلة الاولى ولكن لو تصفحنا البحث جيدا لوجدنا الجوانب الاخرى المضيئة لثورة الامام الحسين في كربلاء وعلى كافة الصعدالعبادية والتكاملية والالتفاف حول جهة الحق اينما كانت
2 -مقولة "كل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء "هل هي من قول المعصومين عليهم السلام؟
لم تثبت نسبة تلك المقولة لاحد من ائمتنا صلوات الله عليهم ولعلها من اقوال احد علمائنا والله العالم.


المصادر
1-من شرح الفصل الثاني-الغيبة الكبرى –موسوعة الامام المهدي
ع للسيد الشهيد محمد الصدر قدس
2-المعجم الموضوعي ص 329

بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء

بارك الله بجهودك أخي الكريم
ودمت برعاية الله وحفظه

تسسلم يمينك على رووعه طرحك~
الله يعطيك الف عاآآآآآآفيه