- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 3 ص 338 : - |
فصل ( 52 ) فيما نذكره من فضل زيارة الحسين صلوات الله عليه ليلة النصف من شعبان اعلم ان سبب تأخيرنا ذكر هذه الزيارة في هذا الموضع من فصول عمل ليلة النصف من شعبان ، وهذه الزيارة من أهم مهمات هذه الميقات ، لان الذين
يحتاجون في هذه الليلة الى الصلوات والدعوات اكثر ممن يتهيأ لهم زيارة الحسين صلوات الله عليه وآله من الجهات ، فقدمنا ما هو أعم نفعا للعباد في سائر البلاد وذخر ما يختص بالزيارة وما يحصل بها في هذه الخزانة المصونة لمن وفق لها ، كما
ذخر محمد صلوات الله عليه وآله وعلى عترته الطاهرين ، وهو سيد الأولين والآخرين في آخرهم وهو مقدم عليهم اجمعين ، فنقول : روينا باسنادنا الى محمد بن احمد بن داود القمي ، المتفق على صلاحه وعلمه وعدالته ، تغمده الله جل جلاله
برحمته ، باسناده الى الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول :
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 3 ص 339 : - |
من احب ان يصافحه مائة ألف نبي واربعة وعشرون ألف نبي ، فليزر الحسين عليه السلام ليلة النصف من شعبان ، فان الملائكة وارواح النبيين يستأذنون الله في زياته فيأذن لهم ، فطوبى لمن صافحهم وصافحوه ، منهم خمسة اولوا العزم من المرسلين : نوح وابرهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وعليهم اجمعين ، قلت : لم سموا اولوا العزم ؟ قال : لأنهم بعثوا الى شرقها وغربها وجنها وانسها ( 1 ) .
ومن ذلك ما رويناه عن محمد بن داود القمي باسناده عن ابن أبي عمير ، الذي ما كان في زمانه مثله ، عن معاوية بن وهب ، العبد الصالح المعظم في زهده وفضله ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا كان اول يوم من شعبان نادى مناد من تحت العرش : يا وفد الحسين لا تخلو ليلة النصف من شعبان من زيارة الحسين عليه السلام ، فلو تعلمون ما فيها لطالت عليكم السنة حتى يجئ النصف ( 2 ) .
ومن ذلك باسنادنا الى محمد بن داود باسنادنا الى يونس بن يعقوب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا يونس ليلة النصف من شعبان يغفر لكل من زار الحسين عليه السلام من المؤمنين ما قدموا من ذنوبهم وقيل لهم : استأنفوا العمل ، قال : قلت : هذا كله لمن زار الحسين عليه السلام في ليلة النصف من شعبان ؟ قال : يا يونس لو خبرت الناس بما فيها لمن زار الحسين عليه السلام لقامت ذكور رجال على الخشب ( 3 ) .
اقول : لعل معنى قوله عليه السلام : لقامت ذكور رجال على الخشب ، أي كانوا قد صلبوا على الاخشاب لعظيم ما كانوا ينقلونه ويروونه في فضل زيارة الحسين عليه السلام في النصف من شعبان من عظيم فضل سلطان الحساب وعظيم نعيم دار الثواب الذي لا يقوم بتصديعه ضعف الالباب . واعلم ان الذي استسلم له الحسين عليه السلام لما دعى الى الشهادة وبذله من
|
1 - عنه البحار 11 : 58 ، 101 ، 93 ، رواه في التهذيب 6 : 48 ، كامل الزيارات : 179 ، وعنه الوسائل 10 : 367 ، اخرجه في مدينة المعاجز : 286 ، المزار الكبير : 167 ، مصباح الكفعمي : 498 ، المزار للمفيد : 50 ، اخرجه عن بعض المصادر البحار 11 : 58 . 2 - عنه البحار : 101 : 98 . 3 - رواه في كامل الزيارات : 181 عنه البحار 101 : 95 ، 10 : 367 . ( * ) | |
- إقبال الأعمال - السيد ابن طاووس الحسني ج 3 ص 340 : - |
نفسه العزيزة من الامور الخارقة العادة ، مع كونه عارفا بها قبل التعرض لها بما اخبر به جده وابوه صلوات الله عليهم بتلك الاهوال على التفصيل لا يستكثر له مهما اعطاه الله جل جلاله ، واعطى لاجله زائرية الساعين لله جل جلاله على ما يريده
الحسين عليه السلام من التعظيم والتبجيل ، فالذي يستكثر العباد عند الله جل جلاله قليل ، فانه جل جلاله القادر لذاته الرحيم لذاته الكريم ، لذاته الذي لا ينقصه مهما أعطا من هباته ، بل يزيد في ملكه زيادة عطاياه وصلاته .
ومن أهم المهمات اخلاص الزائرين في هذه وتطهير النيات ، وان يكون الزيارة لمجرد امر الله جل جلاله ، فالعبادة له جل جلاله بها والطاعة له في الموافقة له في التعظيم لها ، ويكون إذا زار مع كثرة الزائرين ، فكأنه زار وحده دون الخلائق اجمعين ، فلا يكون ناظره وخاطره متعلقا بغير رب العالمين ، وهذا أمر شهد به صريح العقول من العارفين ، وقال جل جلاله : ( وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) ( 1 ) .
ومن المنقول ما رويناه باسنادنا الى محمد بن داود القمي باسناده الى أبي عبد الله البرقي قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام : ما لمن زار الحسين بن علي عليه السلام في النصف من شعبان يريد به الله عز وجل وما عنده لا عند الناس ، قال : غفر الله
له في تلك الليلة ذنوبه ولو انها بعدد شعر معزى كلب ( 2 ) ، ثم قيل له : جعلت فداك يغفر الله عز وجل له الذنوب كلها ؟ قال : اتستكثر لزائر الحسين عليه السلام هذا ، كيف لا يغفرها وهو في حد من زار الله عز وجل في عرشه ( 3 ) .
وفي حديث آخر عن الصادق عليه السلام : يغفر الله لزائر الحسين عليه السلام في نصف شعبان ما تقدم من ذنبه وما تأخر
( 4 ) .
|
1 - البينة : 5 . 2 - : المعزى : المعز ، وكلب قبيلة . 3 - عنه البحار : 101 : 98 . 4 - عنه البحار 101 : 98 رواه في كامل الزيارات 181 عنه البحار 101 : 95 . ( * ) | |