سورية .. معركة الساعات الأخيرة..الجيش يتقدم.. والمسلحون يتخاصمون ويسقطون
أوقات الشام
ثمة أسئلة كثيرة تُطرح عن التفجير الانتحاري الإرهابي الأخير في منطقة السبع بحرات في دمشق، منها:
- هل هذا التفجير عمل عسكري؟ وبالتالي ما هي وظيفته وأهدافه؟
- هل هو استهداف لنقطة عسكرية، أو لموكب عسكري، أو لمسؤول ما؟
- هل هو جزء من الخطة التي يجري الحديث عنها منذ نحو 15 شهراً عن اقتحام دمشق؟
أحمد زين الدين
يجيب مصدر عسكري رفيع على كل هذه الأسئلة وغيرها، فيشدد على أن نجاحات وانتصارات كبرى ونوعية حققها الجيش العربي السوري، وقوات المقاومة الشعبية التي أخذت تتشكل في العديد من المناطق السورية لمواجهة الغزو الذي تواجهه سورية، إذ إن انتصارات هامة حققتها الدولة الوطنية السورية في مدينة حلب وريفها، لاسيما بعد فك القوات المسلحة السورية الحصار الذي كان مضروباً على عدد من القرى من قبل الإرهابيين، خصوصاً بعد فتحه الطريق بين محافظة حماه ومطار حلب، والسيطرة على جميع القرى المنتشرة على جانبي هذه الطريق.
أما على محاور ريف دمشق، فإن الجيش السوري وجّه ضربات قاصمة للمجموعات المسلحة في أكثر من مكان، سواء في داريا، أو في جوبر وحرستا وامتداداً حتى الغوطة، حيث كان المسلحون يحتشدون بعشرات الآلاف.
الانتصارات النوعية الأخيرة حوّلت دمشق إلى قلعة حصينة لا يمكن اختراقها، وكل ذلك ترافق مع انتصارات هامة للجيش في أكثر من مكان، فضيّق الخناق على المسلحين في ريف إدلب الشمالي امتداداً حتى الحدود التركية، وفي حمص – المدينة يستعد الجيش لإعلانها مدينة آمنة، مع تقدّمه في أريافها، وفي مناطق ريف القصير وريف تلكلخ.
أمام هذه الانتصارات النوعية يأتي مسلسل الإرهاب والإجرام الانتحاري المتنقل، الذي حط هذه المرة في دمشق، التي لجأ إليها ملايين السوريين، لأنهم متمسكون بدولتهم الوطنية، وبجيشهم القوي، وبالتالي فإن هذا العمل الإجرامي ليس له من غاية سوى استهداف الناس والانتقام منهم، في محاولة يائسة لإفراغ دمشق من أهلها وناسها وشعبها.
وبرأي المصدر العسكري الرفيع، فإن هذه الهمجية – العدوانية ضد سورية لن تجعل السوريين ييأسون، بقدر ما ستضاعف الغضب عندهم، ويجعل الجيش السوري بأعصابه الفولاذية وعقله البارد أكثر تصميماً وعزماً على الحسم العسكري الذي ستتصاعد وتيرته، وهو ما يتجلى الآن بتمكّنه من إسقاط معادلة استعمال الحدود لإدخال المسلحين وتهريب السلاح الذي أضحى يقض مضاجع قادة المسلحين وأسيادهم، خصوصاً أمام أعداد القتلى التي تتحدث بعض المعلومات أنهم فاقوا العشرة آلاف قتيل، منهم آلاف من جنسيات عربية، ما بدأ يثير الرأي العام العربي، الذين أخذت آلاف العائلات في بلدان المغرب العربي تسأل عن مصير أبنائها، وتحمّل قيادات تونس والخليج و”الإخوان” المسؤولية، علماً أن قسماً من هؤلاء القتلى راح ضحية صراعات زعماء المجموعات المسلحة على الغنائم والأموال المتدفقة عليهم من بلدان الغاز العربي.
وفي هذا الصدد، ثمة تقارير متعددة تتحدث عن خلافات بين قادة ما يسمى الحركات “الجهادية”، ومنها ما أعلنه أحد قادتها في المغرب العربي، من أن ما يجري في سورية هو مؤامرة أميركية – غربية – صهيونية – خليجية – “إخوانية”، هدفه القضاء على “الجهاديين” في سورية، لمنعهم من مواجهة حلف الأطلسي مباشرة، والتي سنحت لهم فرصته في مالي، لكن الآلاف منهم كانوا قد جُرّوا إلى سورية من أجل أن يلقوا حتفهم المشؤوم، معيدين إلى الذاكرة كيف تم استغلالهم في التطورات الليبية، حيث هم الآن مجرد مرتزقة، وملاحَقون في ليبيا، وفي كل مكان من العالم، وتتم تصفيتهم بالجملة وبالتقسيط.
ثمة معلومات كثيرة عن نقاشات وحوارات حامية على مستوى عدد من قيادات “الجهاديين” عن الوحول السورية التي رماهم بها بائعو الكاز العربي والأتراك و”الإخوان”، وكلها بهدف خدمة السيد الكبير الأميركي، وهنا قد تكون العودة ضرورية إلى سلسلة تقارير غربية تشي بشيء من هذا الواقع، فصحيفة “الغارديان” البريطانية كانت قد تحدثت قبل أسابيع عن أن وكالة الاستخبارات الأميركية “سي.أي.إيه” تُدرّب أعداداً كبيرة من المسلحين في قواعد لها في الأردن، لتقوم بأعمال الفصل وإبعاد “الجهاديين” عن القوات “الإسرائيلية” في الجولان، حيث انتشر مسلحون سوريون تلقوا تدريبات على يد “السي.أي.إيه” في الجولان لهذه المهمة.
كما أشارت صحيفة “الواشنطن بوست” قبل أيام إلى استراتيجية جديدة بدأتها واشنطن مع حلفائها الغربيين، وتحديداً بريطانيا وفرنسا، تقوم على أساس النأي بالنفس عن التدخل المباشر في مسرح العمليات، والقيام بتدريب آلاف المسلحين على أسلحة وأجهزة متطورة، والدفع بهم ضمن خطة عسكرية دقيقة لتمزيق جغرافية سورية، وكسر دولتها الوطنية، مستفيدة بخطتها من قرارات جامعة الدول العربية التي تحوّلت إلى مجرد ملحق تابع لمجلس التعاون الخليجي، ولدائرة استخبارات صغيرة في البنتاغون.
بأي حال، مع مواصلة الجيش السوري عملياته النوعية ضد المجموعات المسلحة، أكدت تقارير غربية أن ضباطاً “إسرائيليين” في تركيا، مع ضباط أتراك وغربيين، يشرفون على تدريب مجموعات مسلحة وما يسمى “الجيش الحر”، في محاولة لجعلهم يصمدون أكثر، لكن الانقسامات التي تتفجر باستمرار داخل المعارضات السورية، تزيد من حدة الانقسامات والصراعات المسلحة بين هذه المجموعات، لأنها – حسب وكالة الصحافة الفرنسية – تعكس صراعاً إقليمياً على النفوذ بين محورين:
الأول: قطري – تركي يدعم “الإخوان” وتوابعهم، والثاني: سعودي يتناغم مع السياسة الأميركية، وهذا الصراع تسخَّر له الأموال الطائلة، والسلاح والمسلحين.
وتضاف إلى ذلك مجموعات “سلفية” مسلحة تمولها جمعيات ومنظمات غير حكومية، ومتمولون ورجال أعمال من الدول الخليج العربي.
عودة إلى المصدر العسكري الرفيع، فإن هناك ثمة صراع يحتدم، والمنتصر سيكون بالتأكيد الدولة الوطنية السورية وحلفاؤها وشركاؤها في معادلة الصمود والانتصار، والتي تبدأ من منظومة المقاومة والممانعة المتمثلة في إيران وسورية المقاومة، امتداداً حتى كوريا الديمقراطية والصين وروسيا ومجموعة “البريكس”.. وغداً لناظره قريب.
الثبات