منتديات اهل البيت عليهم السلام _ البوابة للعلم والمعرفة
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   0313_1f3cd11726cf1


السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة اخي اختي العزيز/ه حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم المنتدى حديث وبحاجه الى المزيد من المبدعين عزيزناعليك التسجيل اولا قبل الدخول
ملاحظة نرحب بالاخوه المخالفين للمناقشه بشكل حضاري وثقافي

منتديات اهل البيت عليهم السلام _ البوابة للعلم والمعرفة
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   0313_1f3cd11726cf1


السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة اخي اختي العزيز/ه حياكم الله وبياكم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم المنتدى حديث وبحاجه الى المزيد من المبدعين عزيزناعليك التسجيل اولا قبل الدخول
ملاحظة نرحب بالاخوه المخالفين للمناقشه بشكل حضاري وثقافي

منتديات اهل البيت عليهم السلام _ البوابة للعلم والمعرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات اهل البيت عليهم السلام _ البوابة للعلم والمعرفة

منتدى ( ديني )( اجتماعي ) ( حضاري )( ثقافي )( علمي )( برامج العاب كمبيوتر )( فتاوي عامة )( مرئيات صوتيات )( تفسير احلام ) ( تقارير مصورة)
 
الرئيسيةبوابهأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
علي احمد الوائلي
مدير عام المنتدى
مدير عام المنتدى
علي احمد الوائلي


رقم العضوية : 52
الجنــس : ذكر
المواليد : 01/03/1972
التسجيل : 06/02/2013
العمـــــــــــــــــر : 52
البـــــــــــــــــرج : السمك
الأبـراج الصينية : الفأر
عدد المساهمات : 979
نقـــــــــاط التقيم : 2363
السٌّمعَــــــــــــــة : 0
علم بلدك : العراق
100%
15000
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Jb12915568671

باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Empty
مُساهمةموضوع: باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما    باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Emptyالإثنين أبريل 08, 2013 11:36 pm

باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما
قال الرازي في كتابه مفاتيح الغيب : أما القائلون بأنّ الإنسان عبارةٌ عن هذه البنية المحسوسة ، وهذا الهيكل المجسّم المحسوس ، فإذا أبطلنا كون الإنسان عبارةً عن هذا الجسم ، وأبطلنا كون الإنسان محسوساً ، فقد بطل كلامهم بالكلية .
والذي يدلّ على أنه لا يمكن أن يكون الإنسان عبارةً عن هذا الجسم وجوه :
الأول : أنّ العلم البديهي حاصلٌ ، بأنّ أجزاء هذه الجثة متبدّلةٌ ، بالزيادة والنقصان تارةً بحسب النمو والذبول ، وتارةً بحسب السمن والهزال ، والعلم الضروري حاصلٌ ، بأنّ المتبدّل المتغيّر مغايرٌ للثابت الباقي ، ويحصل من مجموع هذه المقدّمات الثلاث : العلم القطعي بأنه ليس عبارةً عن مجموع هذه الجثة .
الثاني : أنّ الإنسان حال ما يكون مشتغل الفكر ، متوجّه الهمة نحو أمرٍ مخصوصٍ ، فإنه في تلك الحالة غير غافلٍ عن نفسه المعيّنة ، بدليل أنه في تلك الحالة قد يقول : غضبتُ ، واشتهيتُ ، وسمعتُ كلامك ، وأبصرتُ وجهك ، و " تاء " الضمير كناية عن نفسه المخصوصة ، فهو في تلك الحالة عالمٌ بنفسه المخصوصة ، وغافلٌ عن جملة بدنه ، وعن كلّ واحدٍ من أعضائه وأبعاضه .
الثالث : أنّ كلّ أحدٍ يحكم بصريح عقله ، بإضافة كلّ واحدٍ من هذه الأعضاء إلى نفسه ، فيقول : رأسي ، وعيني ، ويدي ، ورجلي ، ولساني ، وقلبي ، وبدني .. والمضاف غير المضاف إليه ، فوجب أن يكون الشيء الذي هو الإنسان مغايراً لجملة هذا البدن ، ولكلّ واحدٍ من هذه الأعضاء ، فإن قالوا : فقد يقول : نفسي وذاتي ، فيضيف النفس والذات إلى نفسه ، فيلزم أنّ نفس الشيء وذاته مغايرةٌ لنفسه وذاته وذلك محالٌ ، قلنا : قد يُراد بنفس الشيء وذاته هذا البدن المخصوص ، وقد يُراد بنفس الشيء وذاته الحقيقة المخصوصة التي إليها يشير كلّ أحدٍ بقوله : " أنا " ، فإذا قال : نفسي وذاتي ، كان المراد منه البدن ، وعندنا أنه مغايرٌ لجوهر الإنسان .
الرابع : أنّ كلّ دليلٍ يدلّ على أنّ الإنسان يمتنع أن يكون جسماً ، فهو أيضاً يدلّ على أنه يمتنع أن يكون عبارةً عن هذا الجسم ، وسيأتي تقرير تلك الدلائل .
الخامس : أنّ الإنسان قد يكون حيّاً حال ما يكون البدن ميّتاً ، فوجب كون الإنسان مغايراً لهذا البدن ، والدليل على صحة ما ذكرناه قوله تعالى :
{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } ، فهذا النص صريحٌ في أنّ أولئك المقتولين أحياء ، والحسّ يدلّ على أنّ هذا الجسد ميتةٌ .
السادس : أن قوله تعالى : { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } ، وقوله : { أُغرقوا فاُدخلوا نارا } ، يدلّ على أنّ الإنسان حيٌّ بعد الموت ، وكذلك قوله (ص) : " الأنبياء لا يموتون ولكن يُنقلون من دارٍ إلى دار " ، وكذلك قوله (ص) : " القبر روضةٌ من رياض الجنة ، أو حفرةٌ من حفر النيران " ، وكذلك قوله (ص) :
" من مات فقد قامت قيامته " .
وإن كلّ هذه النصوص يدل على أنّ الإنسان حيٌّ يبقى بعد موت الجسد ، وبديهة العقل والفطرة شاهدتان بأنّ هذا الجسد ميتٌ ، ولو جوّزنا كونه حيّاً كان يجوز مثله في جميع الجمادات ، وذلك عين السفسطة ، وإذا ثبت أنّ الإنسان حيٌّ ما كان الجسد ميتاً ، لزم أنّ الإنسان شيءٌ غير هذا الجسد .
السابع : قوله (ص) في خطبةٍ طويلةٍ له : " حتى إذا حُمل الميت على نعشه ، رفرف روحه فوق النعش ، ويقول :
يا أهلي !.. ويا ولدي !.. لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعتُ المال من حلّه ومن غير حلّه ، فالمهنأ لغيري والتبعة عليّ ، فاحذروا مثل ما حلّ بي " .
وجه الاستدلال : أنّ النبي (ص) صرّح ، بأنّ حال كون الجسد محمولاً على النعش ، بقي هناك شيءٌ ينادي ويقول :
" يا أهلي !.. ويا ولدي !.. جمعت المال من حلّه وغير حله...." ومعلومٌ أنّ الذي كان الأهل أهلاً له ، وكان الولد ولداً له ، وكان جامعاً للمال من الحرام والحلال ، والذي بقي في ربقته الوبال ، ليس إلا ذلك الإنسان ، فهذا تصريحٌ بأنّ في الوقت الذي كان الجسد ميّتاً محمولاً على النعش ، كان ذلك الإنسان حيّاً باقياً فاهماً ، وذلك تصريحٌ بأنّ الإنسان شيءٌ مغايرٌ لهذا الجسد والهيكل .
الثامن : قوله تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية } ، والخطاب بقوله : { ارجعي } إنما يتوجّه إليها حال الموت ، فدلّ هذا على أنّ الشيء الذي يرجع إلى الله بعد موت الجسد ، يكون راضياً مرضيّاً عند الله ، والذي يكون راضياً مرضيّاً ليس إلا الإنسان ، فهذا يدلّ على أنّ الإنسان بقي حيّاً بعد موت الجسد ، والحيّ غير الميّت ، فالإنسان مغايرٌ لهذا الجسد .
التاسع : قوله تعالى : { حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله موليهم الحق } ، أثبت كونهم مردودين إلى الله ، الذي هو موليهم الحقّ ، عند كون الجسد ميّتاً ، فوجب أن يكون ذلك المردود إلى الله مغايراً لذلك الجسد الميّت .
الثالث عشر : أنّ القرآن والأحاديث يدلان على أنّ جماعةً من اليهود قد مسخهم الله ، وجعلهم في صورة القردة والخنازير ، فنقول : ذلك الإنسان هل بقي حال ذلك المسخ أولم يبقَ ؟.. فإن لم يبقَ كان هذا إماتة لذلك الإنسان ، وخلق خنزير أو قردة ، وليس هذا من المسخ في شيءٍ ، وإن قلنا : إنّ ذلك الإنسان بقي حال حصول ذلك المسخ ، فنقول : فعلى هذا التقدير الإنسان باقٍ ، وتلك البنية وذلك الهيكل غير باقٍ ، فوجب أن يكون ذلك الإنسان شيئاً مغايراً لتلك البنية .
الرابع عشر : أنّ رسول الله (ص) كان يرى جبرائيل في صورة دحية الكلبي ، وكان يرى إبليس في صورة الشيخ النجدي ، فهنا بنية الإنسان وهيكله وشكله حاصلٌ ، مع أنّ الحقيقة الإنسانية غير حاصلةٍ ، وهذا يدل على أنّ الإنسان ليس عبارةً عن هذه البنية وهذا الهيكل .
السابع عشر : الإنسان يجب أن يكون عالماً ، والعلم لا يحصل إلا في القلب ، فيلزم أن يكون الإنسان عبارةً عن الشيء الموجود في القلب ، وإذا ثبت هذا بطل القول بأنّ الإنسان عبارةٌ عن هذا الهيكل وهذه الجثة .
إنما قلنا : إنّ الإنسان يجب أن يكون عالماً ، لأنه فاعلٌ مختارٌ ، والفاعل المختار هو الذي يفعل بواسطة القصد إلى تكوينه ، وهما مشروطان بالعلم ، لأنّ ما لا يكون متصوراً امتنع القصد إلى تكوينه ، فثبت أنّ الإنسان يجب أن يكون عالماً بالأشياء .
وإنما قلنا إنّ العلم لا يوجد إلا في القلب للبرهان والقرآن ، أما البرهان : فلأنّا نجد العلم الضروري بأنّا نجد علومنا من ناحية القلب .. وأما القرآن : فآيات نحو قوله تعالى : { لهم قلوب لا يفقهون بها } ، وقوله : { كتب في قلوبهم الإيمان } وقوله : { نزل به الروح الأمين على قلبك } ، وإذا ثبت أنّ الإنسان يجب أن يكون عالماً ، وثبت أنّ العلم ليس إلا في القلب ثبت أنّ الإنسان شيءٌ في القلب ، أو شيءٌ له تعلّقٌ بالقلب ، وعلى التقديرين فإنه بطل قول من يقول : إنّ الإنسان هو هذا الجسد وهذا الهيكل . ص10
المصدر: مفاتيح الغيب
بيــان: ثم ذكر حججا عقليّة طويلة الذيل على إثبات النفس ومغايرتها للبدن :
منها : أنا لما تأملنا في أحوال النفس ، رأينا أحوالها بالضدّ من أحوال الجسم ، وذلك يدلّ على أنّ النفس ليست جسماً ، وتقرير هذه المنافاة من وجوه :
الأول : أنّ كلّ جسم حصلت فيه صورةٌ ، فإنه لا يقبل صورةً أخرى من جنس الصورة الأولى ، إلا بعد زوال الصورة الأولى عنه زوالاً تاماً ، مثاله أنّ البصر إذا حصل فيه شكل التثليث ، امتنع أن يحصل فيه شكل التربيع والتدوير ، إلا بعد زوال الشكّل الأول عنه .
ثم إنا وجدنا الحال في قبول النفس لصور المعقولات بالضدّ من ذلك ، فإنّ النفس التي لم تقبل صورةً عقليةً البتّة ، يعسر قبولها لشيءٍ من الصور العقلية ، فإذا قبلت صورةً واحدةً كان قبولها للصورة الثانية أسهل ، وإذا قبلت الصورة الثانية صار قبولها للصورة الثالثة أسهل ، ثم إنّ النفس لا تزال تقبل صورة بعد صورة من غير أن تضعف البتّة ، بل كلما كان قبولها للصور أكثر ، كان قبولها للصورالآتية بعد ذلك أسهل وأسرع .
ولهذا السبب يزداد الإنسان فهماً وإدراكاً كلما ازداد تخريجاً وارتياضاً للعلوم ، فثبت أنّ قبول النفس للصورة العقلية على خلاف قبول الجسم للصورة وذلك يوهم أنّ النفس ليست بجسم .
والثاني : أنّ المواظبة على الأفكار الدقيقة ، لها أثرٌ في النفس وأثرٌ في البدن :
أما أثرها في النفس : فهو تأثيرها في إخراج النفس عن القوة ، إلى الفعل في التعقّلات والإدراكات ، وكلما كانت الأفكار أكثر كان حصول هذه الأحوال أكمل ، وذلك غاية كمالها ونهاية شرفها وجلالتها .
وأما أثرها في البدن : فهو أنها توجب استيلاء اليبس على البدن ، واستيلاء الذبول عليه ، وهذه الحالة لو استمرت لانتهت إلى الماليخوليا وموت البدن ، فثبت بما ذكرنا أنّ هذه الأفكار توجب حياة النفس وشرفها ، وتوجب نقصان البدن وموته ، فلو كانت النفس هي البدن ، لصار الشيء الواحد بالنسبة إلى الشيء الواحد سبباً لكماله ونقصانه معاً ، ولحياته وموته معاً ، وإنه محالٌ .
والثالث : أنا شاهدنا أنه ربما كان بدن الإنسان ضعيفاً نحيفاً ، فإذا لاح نورٌ من الأنوار القدسية ، وتجلّى له سرٌّ من أسرار عالم الغيب ، حصل لذلك الإنسان جرأةٌ عظيمةٌ وسلطنةٌ قويةٌ ، ولم يعبأ بحضور أكبر السلاطين ، ولم يقم له وزناً ، ولولا أنّ النفس شيءٌ سوى البدن ، والنفس إنما تحيا وتبقى بغير ما به يقوى البدن ويحيا ، لما كان الأمر كذلك .
والرابع : أنّ أصحاب الرياضات والمجاهدات ، كلما أمعنوا في قهر القوى البدنية ، وتجويع الجسد ، قويت قواهم الروحانية ، وأشرقت أسرارهم بالمعارف الإلهية ، وكلما أمعن الإنسان في الأكل والشرب ، وقضاء الشهوات الجسدانية ، صار كالبهيمة ، وبقي محروماً عن آثار النظر ، والعقل والفهم والمعرفة ، ولولا أنّ النفس غير البدن لما كان الأمر كذلك .
والخامس : أنا نرى النفس تفعل أفاعيلها بآلاتٍ بدنيةٍ ، فإنها تبصر بالعين وتسمع بالأذن ، وتأخذ باليد ، وتمشي بالرجل .
أما إذا آل الأمر إلى التعقّل والإدراك ، فإنها مستقلةٌ بذاتها في هذا الفعل من غير إعانة شيءٍ من الآلات ، ولذلك فإنّ الإنسان يمكنه أن لا يبصر شيئاً إذا غمض عينيه ، وأن لا يسمع شيئاً إذا سدّ أذنيه ، ولا يمكنه البتّة أن يزيل عن قلبه العلم بما كان عالماً به .
فعلمنا أنّ النفس غنيةٌ بذاتها في العلوم والمعارف ، عن شيءٍ من الآلات البدنية ، فهذه الوجوه أماراتٌ قويةٌ في أنّ النفس ليست بجسم .
ثم ذكر في إثبات أنّ النفس ليست بجسمٍ وجوهاً من الدلائل السمعية :
الأول : قوله تعالى : { ولا تكونوا كالذين نسو الله فأنساهم أنفسهم } ومعلومٌ أنّ أحداً من العقلاء لا ينسى هذا الهيكل المشاهد ، فدلّ ذلك على أنّ النفس التي ينساها الإنسان عند فرط الجهل شيءٌ آخر غير هذا البدن .
الثاني : قوله تعالى : { أخرجوا أنفسكم } ، وهذا صريحٌ في أنّ النفس غير هذا الجسد .
الثالث : أنه تعالى ذكر مراتب الخلقة الجسمانية فقال : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } - إلى قوله - { فكسونا العظام لحما } ، ولا شكّ أنّ جميع هذه المراتب اختلافات واقعة في الأحوال الجسمانية ، ثم إنه تعالى لما أراد أن يذكر نفخ الروح قال : { ثم أنشأناه خلقا آخر } ، وهذا تصريحٌ بأنّ ما يتعلق بالروح جنسٌ مغايرٌ لما سبق ذكره من التغيرات الواقعة في الأحوال الجسمانية ، وذلك يدلّ على أنّ الروح شيءٌ مغايرٌ للبدن .
الرابع : قوله : { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي } ، ميّز تعالى بين التسوية وبين نفخ الروح ، فالتسوية عبارة عن تخليق الأبعاض والأعضاء ، ثم أضاف الروح إلى نفسه بقوله : { من روحي } ، دلّ ذلك على أنّ جوهر الروح شيءٌ مغايرٌ لجوهر الجسد .
الخامس : قوله تعالى : { ونفس وما سويها فألهمها فجورها وتقويها } وهذه الآية صريحةٌ في وجود النفس موصوفة بالإدراك والتحريك معاً ، لأنّ الإلهام عبارةٌ عن الإدراك ، وأما الفجور والتقوى فهو فعلٌ ، وهذه الآية صريحةٌ في أنّ الإنسان شيءٌ واحدٌ ، وهو موصوفٌ بالإدراك والتحريك ، وهو موصوفٌ أيضاً بفعل الفجور تارةً ، وفعل التقوى أخرى .
ومعلومٌ أنّ جملة البدن غير موصوف بهذين الوصفين ، وليس في البدن عضوٌ واحدٌ موصوفٌ بهذين الوصفين ، فلابدّ من إثبات جوهرٍ واحدٍ يكون موصوفاً بكل هذه الأمور .
السادس : قوله تعالى : { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا } ، فهذا تصريحٌ بأنّ الإنسان شيءٌ واحدٌ وذلك الشيء الواحد هو المبتلى بالتكاليف الإلهية والأمور الربانية وهو الموصوف بالسمع والبصر ، ومجموع البدن ليس كذلك ، وليس عضوٌ من أعضاء البدن كذلك ، فالنفس شيءٌ مغايرٌ جملة البدن ومغايرٌ أجزاء البدن ، وهو الموصوف بهذه الصفات .
واعلم أنّ الأحاديث الواردة في صفة الأرواح ، قبل تعلقها بالأجساد ، وبعد انفصالها من الأجساد كثيرة ، وكل ذلك يدلّ على أنّ النفس غير هذا الجسد ، والعجب ممن يقرأ هذه الآيات الكثيرة ، ويروي هذه الأخبار الكثيرة ، ثم يقول : توفي رسول الله (ص) وما كان يعرف ما الروح !.. وهذا من العجائب . ص20

قال أمير المؤمنين (ع) : إنّ للجسم ستة أحوال :
الصحة ، والمرض ، والموت والحياة ، والنوم ، واليقظة .. كذلك الروح :
فحياتها علمها ، وموتها جهلها ، ومرضها شكّها ، وصحتها يقينها ، ونومها غفلتها ، ويقظتها حفظها . ص40
المصدر: التوحيد ص219

قال الصادق (ع) : مثل روح المؤمن وبدنه كجوهرةٍ في صندوقٍ ، إذا أُخرجت الجوهرة منه ، طُرح الصندوق ولم يعبأ به .
وقال : إنّ الأرواح لا تمازج البدن ولا تواكله ، وإنما هي كلل للبدن محيطة به . ص41
المصدر: منتخب البصائر

قال الصادق (ع) : خلقٌ أعظم من جبرائيل وميكائيل ، وهو مع الأئمة يفقّههم .. وهو من الملكوت . ص42
المصدر: تفسير العياشي 2/317

قال أبو الحسن (ع) : إنّ المرء إذا نام فإنّ روح الحيوان باقيةٌ في البدن ، والذي يخرج منه روح العقل .. فقال عبد الغفار الأسلمي : يقول الله عزّ وجلّ :
{ الله يتوفى الأنفس حين موتها } - إلى قوله - { إلى أجل مسمى } ، أفليس ترى الأرواح كلها تصير إليه عند منامها ، فيمسك ما يشاء ويرسل ما يشاء ؟.. فقال له أبو الحسن (ع) :
إنما يصير إليه أرواح العقول فأما أرواح الحياة فإنها في الأبدان ، لا يخرج إلا بالموت ، ولكنه إذا قضى على نفسٍ الموت قبض الروح الذي فيه العقل ، ولو كانت روح الحياة خارجةً ، لكان بدناً ملقىً لا يتحرك ، ولقد ضرب الله لهذا مثلاً في كتابه في أصحاب الكهف حيث قال :
{ ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال } ، أفلا ترى أنّ أرواحهم فيهم بالحركات ؟.. ص43

المصدر: جامع الأخبار

قال الصادق (ع) : إنّ الله خلقنا من نور عظمته ، ثم صوّر خلقنا من طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ ، فأسكن ذلك النور فيه ، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين ، لم يجعل لأحدٍ في مثل الذي خلقنا نصيباً ، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا ، وأبدانهم من طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ أسفل من ذلك الطينة ، ولم يجعل الله لأحدٍ في مثل الذي خلقهم منه نصيباً إلا للأنبياء ، فلذلك صرنا نحن وهم الناس ، وسائر الناس همجٌ ، للنار وإلى النار . ص45
المصدر: الكافي 1/389

قلت للصادق (ع) : جعلت فداك يا بن رسول الله !.. هل يُكره المؤمن على قبض روحه ؟.. قال : لا والله ، إنه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك ، فيقول له ملك الموت :
يا ولي الله !.. لا تجزع ، فو الذي بعث محمداً ، لأنا أبرّ بك وأشفق عليك من والدٍ رحيمٍ لو حضرك ، افتح عينيك فانظر !.. قال :
يتمثّل له رسول الله (ص) ، وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم (ع) ، فيقال له :
هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (ع) رفقاؤك ، قال : فيفتح عينيه فينظر ، فينادي روحه منادٍ من قبل ربّ العزة فيقول :
{ يا أيتها النفس المطمئنة } إلى محمد وأهل بيته ، { ارجعي إلى ربك راضية } بالولاية ، { مرضية } بالثواب ، { فادخلي في عبادي } يعني محمدا وأهل بيته ، { وادخلي جنتي } فما شيءٌ أحب إليه من استلال روحه ، واللحوق بالمنادي . ص48
المصدر: الكافي 3/127

قال الصادق (ع) : إذا حيل بينه وبين الكلام ، أتاه رسول الله (ص) ومن شاء الله ، فجلس رسول الله عن يمينه والآخر عن يساره ، فيقول رسول الله :
أما ماكنت ترجو فهو ذا أمامك ، وأما ما كنت تخاف فقد أمنت منه ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقول : هذا منزلك من الجنة ، فإن شئت رددناك إلى الدنيا ولك فيها ذهبٌ وفضةٌ ، فيقول :
لا حاجة لي في الدنيا - وساق إلى قوله - فإذا خرجت النفس من الجسد ، فيعرض عليها كما عرض عليه وهي في الجسد ، فيختار الآخرة ، فيغسله فيمن يغسله ويقلبه فيمن يقلبه ، فإذا أُدرج في أكفانه ووُضع على سريره ، خرجت روحه تمشي بين أيدي القوم قدماً ، وتلقاه أرواح المؤمنين يسلّمون عليه ، ويبشّرونه بما أعدّ الله له - جل ثناؤه - من النعيم .
فإذا وضِع في قبره رُدّ إليه الروح إلى وركيه ، ثم يُسأل عما يعلم ، فإذا جاء بما يعلم فُتح له ذلك الباب الذي أراه رسول الله (ص) ، فيدخل عليه من نورها وبردها وطيب ريحها . ص49

المصدر: الكافي 3/129

قال الباقر (ع) : إنّ آية المؤمن إذا حضره الموت ، ببياض وجهه أشدّ من بياض لونه ، ويرشح جبينه ، ويسيل من عينيه كهيئة الدموع ، فيكون ذلك خروج نفسه ، وإنّ الكافر تخرج نفسه سيلاً من شدقه كزبد البعير ، أو كما تخرج نفس البعير . ص49
المصدر: الكافي 3/134

قال الصادق (ع) : إذا قُبضت الروح فهي مظلّةٌ فوق الجسد - روح المؤمن وغيره - ينظر إلى كل شيءٍ يُصنع به ، فإذا كُفّن ووُضِع على السرير ، وحُمل على أعناق الرجال ، عادت الروح إليه فدخلت فيه ، فيُمدّ له في بصره ، فينظر إلى موضعه من الجنة أو من النار ، فينادي بأعلى صوته - إن كان من أهل الجنة - : عجلوني !.. عجلوني !.. وإن كان من أهل النار : ردّوني !.. ردّوني !.. وهو يعلم كل شيءٍ يُصنع به ، ويسمع الكلام . ص50
المصدر: الفقيه ص51

خرجت مع أمير المؤمنين (ع) إلى الظهر ، فوقف بوادي السلام كأنه مخاطبٌ لأقوامٍ ، فقمتُ بقيامه حتى أعييتُ ، ثم جلستُ حتى مللتُ ، ثم قمتُ حتى نالني مثل ما نالني أولاً ، ثم جلستُ حتى مللتُ ، ثم قمتُ وجمعتُ ردائي ، فقلت :
يا أمير المؤمنين !.. إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ثم طرحت الرداء ليجلس عليه ، فقال لي :
يا حبة !.. إنْ هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته .. قلت :
يا أمير المؤمنين !.. وإنهم لكذلك ؟.. قال : نعم ، ولو كُشف لك لرأيتهم حلقاً حلقاً محتبين يتحادثون .. فقلت : أجسامٌ أم أرواحٌ ؟.. فقال :
أرواحٌ ، وما من مؤمنٍ يموت في بقعةٍ من بقاع الأرض إلا قيل لروحه :
الحقي بوادي السلام ، وإنها لبقعةٌ من جنة عدن . ص51

المصدر: الكافي 3/243

قال الصادق (ع) : إنّ المؤمن ليزور أهله ، فيرى ما يحب ، ويُستر عنه ما يكره ، وإنّ الكافر ليزور أهله ، فيرى ما يكره ، ويُستر عنه ما يحب ، قال : وفيهم من يزور كلّ جمعة ، ومنهم من يزور على قدر عمله . ص52
المصدر: الكافي 3/230

سألت الكاظم (ع) عن الميت يزور أهله ؟.. قال : نعم ، فقلت : في كم يزور ؟.. قال : في الجمعة ، وفي الشهر ، وفي السنة على قدر منزلته فقلت : في أي صورةٍ يأتيهم ؟.. قال :
في صورة طائرٍ لطيفٍ يسقط على جدرهم ويشرف عليهم ، فإن رآهم بخير فرح ، وإن رآهم بشرٍّ وحاجةٍ حزن واغتمّ . ص53

المصدر: الكافي 3/230

روي أنّ في العرش تمثالاً لكلّ عبدٍ ، فإذا اشتغل العبد بالعبادة ، رأت الملائكة تمثاله ، وإذا اشتغل بالمعصية أمر الله بعض الملائكة حتى يحجبوه بأجنحتهم ، لئلا تراه الملائكة ، فذلك معنى قوله (ص) :
" يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح " . ص53

المصدر: دعوات الراوندي
بيــان: ربما يستدل به على أن الجسد المثالي موجود في حال الحياة أيضاً. 53

قال الباقر (ع) : والله ما من عبدٍ من شيعتنا ينام ، إلا أصعد الله روحه إلى السماء ، فيبارك عليها ، فإن كان قد أتى عليها أجلها ، جعلها في كنوز رحمته ، وفي رياض جنته ، وفي ظلّ عرشه .. وإن كان أجلها متأخراً ، بعث بها مع أمنته من الملائكة ، ليردّها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه . ص54
المصدر: روضة الكافي ص213

قال أمير المؤمنين (ع) : قال لي رسول الله (ص) - وساق الحديث إلى أن قال - : يا علي !.. إنّ أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها ، كما ينظر الناس إلى الهلال شوقاً إليهم ، ولما يرون منزلتهم عند الله عزّ وجلّ . ص55
المصدر: مجالس الصدوق ص336

قال الباقر (ع) في قول الله عزّ وجلّ { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } فقال : لعلك ترى أنّ القوم لم يكونوا ينامون ؟.. فقلت :
الله ورسوله أعلم .. فقال : لا بدّ لهذا البدن أن تريحه حتى تخرج نفسه ، فإذا خرج النفس استراح البدن ، ورجعت الروح فيه ، وفيه قوةٌ على العمل . ص55

المصدر: الفقيه ص127

إنّ مخنثاً قدم المدينة ، فنزل على مخنّثٍ من غير أن يعلم أنه مخنّثٌ ، فبلغ ذلك النبي (ص) ، فقال :
الأرواح جنودٌ مجنّدةٌ . ص64

المصدر: شهاب الأخبار

قال النبي (ص) : الأرواح جنودٌ مجنّدةٌ فتشامّ كما تشامّ الخيل ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف .. فلو أنّ مؤمناً جاء إلى مجلسٍ فيه مائة منافقٍ ، ليس فيهم إلا مؤمنٌ واحدٌ ، لجاء حتى يجلس إليه . ص64
المصدر: شهاب الأخبار

كانت امرأةٌ بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن ، فلما هاجرت إلى المدينة دخلت المدينة فدخلت عليّ قلت : فلانة !.. ما أقدمكِ ؟.. قالت : إليكن .. قلت : فأين نزلتِ ؟.. قالت :
على فلانة - امرأة مضحكة بالمدينة - فدخل رسول الله (ص) فقلت :
يا رسول الله !.. دخلت فلانة المضحكة .. قال (ص) : فعلى من نزلت ؟.. قلت : على فلانة .. قال : المضحكة ؟.. قلت : نعم ، قال : الحمد لله ، إنّ الأرواح جنود مجندة !.. ص65

المصدر: شهاب الأخبار
بيــان: قال المحقق القاساني في روض الجنان : اعلم أنّ المذاهب في حقيقة النفس ، كما هي الدائرة في الألسنة ، والمذكورة في الكتب المشهورة ، أربعة عشر مذهباً .... إلى أن قال بعد إيراد بعض الدلائل والأجوبة من الجانبين : فالحقّ أنها جوهرٌ لطيفٌ نورانيٌّ ، مدركٌ للجزئيات والكليات ، حاصلٌ في البدن ، متصرّفٌ فيه ، غنيٌّ عن الاغتذاء ، بريءٌ عن التحلل والنماء ، ولم يبعد أن يبقى مثل هذا الجوهر بعد فناء البدن ، ويلتذّ بما يلائمه ، ويتألم بما يباينه .. هذا تحقيق ما تحقق عندي من حقيقة النفس . ص78

قال الصدوق - رضي الله عنه - في رسالة العقائد : اعتقادنا في النفوس أنها الأرواح التي بها الحياة ، وأنها الخلق الأول لقول النبي (ص) :
" أول ما أبدع الله سبحانه وتعالى ، هي النفوس المقدّسة المطهّرة فأنطقها بتوحيده ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه " ، واعتقادنا فيها أنها خلقت للبقاء ولم تخلق للفناء لقول النبي (ص) :
" ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء ، وإنما تنقلون من دارٍ إلى دارٍ " ، وأنها في الأرض غريبةٌ وفي الأبدان مسجونةٌ .
واعتقادنا فيها أنها إذا فارقت الأبدان فهي باقيةٌ ، منها منعّمةٌ ومنها معذّبةٌ إلى أن يردّها الله عزّ وجلّ بقدرته إلى أبدانها . ص78

المصدر: رسالة العقائد

قال الشيخ المفيد - نوّر الله ضريحه - في شرحه على العقائد :
النفس عبارةٌ عن معانٍ : أحدها ذات الشيء ، والآخر الدم السائل ، والآخر النفس الذي هو الهواء ، والرابع هو الهوى وميل الطبع .
فأما شاهد المعنى الأول فهو قولهم : هذا نفس الشيء ، أي ذاته وعينه .
وشاهد الثاني قولهم : كلما كانت النفس سائلةً فحكمه كذا وكذا .
وشاهد الثالث قولهم : فلان هلكت نفسه إذا انقطع نفسه ، ولم يبقَ في جسمه هواءٌ يخرج من حواسه .
وشاهد الرابع قول الله تعالى : { إن النفس لأمارة بالسوء } ، يعني الهوى داعٍ إلى القبيح ، وقد يعبّر عن النفس بالنقم ، قال الله تعالى :
{ ويحذركم الله نفسه } يريد نقمته وعقابه .
فأما الروح فعبارةٌ عن معانٍ :
أحدها : الحياة ، والثاني : القرآن ، والثالث : ملَكٌ من ملائكة الله تعالى ، والرابع : جبرائيل (ع) .
فشاهد الأول قولهم : كلّ ذي روحٍ فحكمه كذا ، يريدون كلّ ذي حياة ،ٍ وقولهم فيمن مات : قد خرجت منه الروح ، يعنون الحياة ، وقولهم في الجنين : صورة لم يلجه الروح ، يريدون لم تلجه الحياة .
وشاهد الثاني قوله تعالى : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } يعني القرآن .
وشاهد الثالث قوله : { يوم يقوم الروح والملائكة } .
وشاهد الرابع قوله تعالى : { قل نزله روح القدس } يعني جبرائيل (ع) .
وأما ما ذكره أبو جعفر ورواه : أنّ الأرواح مخلوقةٌ قبل الأجساد بألفي عامٍ ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، فهو حديثٌ من أحاديث الآحاد ، وخبرٌ من طرق الأفراد ، وله وجهٌ غير ما ظنه من لا علم له بحقائق الأشياء ، وهو أنّ الله تعالى خلق الملائكة قبل البشر بألفي عامٍ فما تعارف منها قبل خلق البشر ، ائتلف عند خلق البشر ، وما لم يتعارف منها إذ ذاك ، اختلف بعد خلق البشر ، وليس الأمر كما ظنه أصحاب التناسخ ، ودخلت الشبهة فيه على حشوية الشيعة .
فتوهموا أنّ الذوات الفعالة المأمورة المنهية ، كانت مخلوقةً في الذرّ ، وتتعارف وتعقل وتفهم وتنطق ، ثم خلق الله لها أجساداً من بعد ذلك فركّبها فيها ولو كان ذلك كذلك لكنا نعرف نحن ما كنا عليه ، وإذا ذُكّرنا به ذكرناه ولا يخفى علينا الحال فيه .
ألا ترى أنّ من نشأ ببلدٍ من البلاد ، فأقام فيه حولاً ثم انتقل إلى غيره ، لم يذهب عنه علْم ذلك ، وإن خفي عليه لسهوه عنه، فيُذكر به ذكره ، ولولا أنّ الأمر كذلك ، لجاز أن يولد منا إنسانٌ ببغداد ، وينشأ بها ويقيم عشرين سنة فيها ، ثم ينتقل إلى مصر آخر ، فينسى حاله ببغداد ولا يذكر منها شيئاً ، وإن ذُكّر به وعدّد عليه علامات حاله ومكانه ونشوئه ، وهذا ما لا يذهب إليه عاقلٌ .
والذي صرّح به أبو جعفر - رحمه الله - في معنى الروح والنفس ، هو قول التناسخية بعينه من غير أن يعلم أنه قولهم ، فالجناية بذلك على نفسه وغيره عظيمة .
فأما ما ذكره من أن الأنفس باقيةٌ ، فعبارةٌ مذمومةٌ ، ولفظٌ يضادّ ألفاظ القرآن ، قال الله تعالى :
{ كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } ، والذي حكاه من ذلك وتوهّمه هو مذهب كثيرٍ من الفلاسفة الملحدين ، الذين زعموا أنّ الأنفس لا يلحقها الكون والفساد وأنها باقيةٌ وإنما تفنى وتفسد الأجسام المركّبة ، وإلى هذا ذهب بعض أصحاب التناسخ ، وزعموا أنّ الأنفس لم تزل تتكرر في الصور والهياكل لم تحدث ولم تفنَ ولن تُعدم ، وأنها باقيةٌ غير فانيةٍ .
وهذا من أخبث قول وأبعده من الصواب ، وما دونه في الشناعة والفساد شنّع به الناصبة على الشيعة ونسبوهم به إلى الزندقة ، ولو عرف مثبته ما فيه لما تعرّض له ، لكنّ أصحابنا المتعلّقين بالأخبار ، أصحاب سلامةٍ ، وبُعد ذهنٍ ، وقلة فطنةٍ ، يمرون على وجوههم فيما سمعوه من الأحاديث ولا ينظرون في سندها ، ولا يفرقون بين حقها وباطلها ، ولا يفهمون ما يدخل عليهم في إثباتها ، ولا يحصّلون معاني ما يطلقونه منها .
والذي ثبت من الحديث في هذا الباب ، أنّ الأرواح بعد موت الأجساد على ضربين : منها ما يُنقل إلى الثواب والعقاب ، ومنها ما يبطل فلا يشعر بثواب ولا عقاب .
وقد روي عن الصادق (ع) ما ذكرنا في هذا المعنى وبيّناه ، وسئل عمن مات في هذه الدار : أين تكون روحه ؟.. فقال :
من مات وهو ماحضٌ للإيمان محضاً ، أو ماحضٌ للكفر محضاً ، نُقلت روحه من هيكله إلى مثله في الصورة ، وجوزي بأعماله إلى يوم القيامة ، فإذا بعث الله من في القبور ، أنشأ جسمه وردّ روحه إلى جسده ، وحشره ليوفيه أعماله ، فالمؤمن ينتقل روحه من جسده إلى مثل جسده في الصورة ، فيُجعل في جنان من جنان الله ، يتنعّم فيها إلى يوم المآب ، والكافر ينتقل روحه من جسده إلى مثله بعينه ، ويُجعل في النار ، فيُعذب بها إلى يوم القيامة ، وشاهد ذلك في المؤمن قوله تعالى :
{ قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي } ، وشاهد ما ذكرناه في الكافر قوله تعالى :
{ النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } ، فأخبر سبحانه أنّ مؤمنا قال بعد موته وقد أُدخل الجنة : يا ليت قومي يعلمون ، وأخبر أنّ كافراً يُعذب بعد موته غدواً وعشياً ، ويوم يقوم الساعة يُخلّد في النار .
والضرب الآخر من يُلهى عنه ، ويُعدم نفسه عند فساد جسمه ، فلا يشعر بشيءٍ حتى يُبعث ، وهو من لم يمحض الإيمان محضاً ولا الكفر محضاً ، وقد بيّن الله ذلك عند قوله :
{ إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما } ، فبيّن أنّ قوماً عند الحشر ، لا يعلمون مقدار لبثهم في القبور ، حتى يظن بعضهم أنّ ذلك كان عشراً ، ويظنّ بعضهم أنّ ذلك كان يوماً ، وليس يجوز أن يكون ذلك من وصف من عُذّب إلى بعثه ونعّم إلى بعثه ، لأنّ من لم يزل منعّماً أو معذّباً ، لا يجهل عليه حاله فيما عومل به ، ولا يلتبس عليه الأمر في بقائه بعد وفاته .
وقد روي عن أبي عبدالله (ع) أنه قال : إنما يُسأل في قبره من محض الإيمان محضاً ، أو محض الكفر محضاً ، فأما ما سوى هذين فإنه يُلهى عنه .
وقال في الرجعة : إنما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم ، من محض الإيمان أو محض الكفر محضاً ، فأما ما سوى هذين فلا رجوع لهم إلى يوم المآب ، وقد اختلف أصحابنا فيمن يُنعّم ويُعذّب بعد موته ، فقال بعضهم :
المُعذّب والمُنعّم هو الروح التي توجّه إليها الأمر والنهي والتكليف ، سموها جوهرا ً.. وقال آخرون : بل الروح الحياة ، جُعلت في جسدٍ كجسده في دار الدنيا .. وكلا الأمرين يجوزان في العقل .
والأظهر عندي قول من قال : إنها الجوهر المخاطب ، وهو الذي يسميه الفلاسفة " البسيط " ، وقد جاء في الحديث : أنّ الأنبياء خاصةً والأئمة من بعده ، يُنقلون بأجسادهم وأرواحهم من الأرض إلى السماء ، فيتنعّمون في أجسادهم التي كانوا فيها عند مقامهم في الدنيا ، وهذا خاصٌّ لحجج الله دون من سواهم من الناس .
وقد روي عن النبي (ص) أنه قال : من صلّى عليّ من عند قبري سمعته ومن صلّى عليّ من بعيدٍ بُلّغته ، وقال (ص) : من صلّى عليّ مرةً صلّيتُ عليه عشراً ، ومن صلّى عليّ عشراً صلّيتُ عليه مائة مرة ، فليكثر امرؤ منكم الصلاة عليّ ، أو فليقلّ .
فبيّن أنه (ص) بعد خروجه من الدنيا ، يسمع الصلاة عليه ، ولا يكون كذلك إلا وهو حيٌّ عند الله تعالى ، وكذلك أئمة الهدى ، يسمعون سلام المسلم عليهم من قُرب ، ويبلغهم سلامه من بُعد ، وبذلك جاءت الآثار الصادقة عنهم ، وقد قال الله :
{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } ، إلى آخر ما مرّ في كتاب المعاد . ص83

المصدر: شرح الغقائد

قال المفيد - قدس الله روحه - في كتاب المسائل : القول في تنعّم أصحاب القبور وتعذيبهم : على أي شيءٍ يكون الثواب لهم والعقاب ؟.. ومن أي وجهٍ يصل إليهم ذلك ؟.. وكيف تكون صورهم في تلك الأحوال ؟..
وأقول : إنّ الله تعالى يجعل لهم أجساماً كأجسامهم في دار الدنيا ، يُنعّم مؤمنيهم فيها ، ويُعذّب كفارهم وفسّاقهم فيها ، دون أجسامهم التي في القبور ، يشاهدها الناظرون ، تتفرق وتندرس وتبلى على مرور الأوقات ، وينالهم ذلك في غير أماكنهم من القبور ، وهذا يستمر على مذهبي في النفس ، ومعنى الإنسان المكلّف عندي ، وهو الشيء المحدث القائم بنفسه ، الخارج عن صفات الجواهر والأعراض ، ومضى به روايات عن الصادقين من آل محمد (ع) ، ولست أعرف لمتكلّمٍ من الإمامية قبلي فيه مذهباً فاحكّمه ، ولا أعلم بيني وبين فقهاء الإمامية وأصحاب الحديث فيه اختلافاً . ص83
المصدر: كتاب المسائل

قال العلامة الحلي - نوّر الله مرقده - في كتاب معارج الفهم : اختلف الناس في حقيقة النفس ما هي ، وتحرير الأقوال الممكنة فيها :
أنّ النفس إما أن تكون جوهراً ، أو عرضاً ، أو مركّباً منهما .. وإن كانت جوهراً : فإما أن تكون متحيزة ، أو غير متحيزة .. وإن كانت متحيزة : فإما أن تكون منقسمة ، أو لا تكون ، وقد صار إلى كل من هذه الأقوال قائلٌ ، والمشهور مذهبان :
أحدهما : أنّ النفس جوهرٌ مجردٌ ، ليس بجسمٍ ولا حالٍّ في الجسم ، وهو مدبّرٌ لهذا البدن ، وهو قول جمهور الحكماء ، ومأثور عن شيخنا المفيد وبني نوبخت من أصحابنا .
والثاني : أنها جوهرٌ أصليةٌ في هذا البدن ، حاصلة فيه من أول العمر إلى آخره ، لا يتطرق إليها التغيّر ولا الزيادة ولا النقصان .. وعند المعتزلة عبارةٌ عن الهيكل المشاهد المحسوس . ص86
المصدر: كتاب معارج الفهم

قال المحقق الطوسي - قدس الله روحه - في التجريد :
هي جوهرٌ مجردٌ .. وقال العلامة - رفع الله مقامه - في شرحه :
اختلف الناس في ماهية النفس ، وأنها هل هي جوهرٌ أم لا ، والقائلون بأنها جوهرٌ اختلفوا في أنها هل هي مجردةٌ أم لا والمشهور عند الأوائل وجماعة من المتكلّمين ، كبني نوبخت من الإمامية والمفيد منهم والغزالي من الأشاعرة ، أنها جوهرٌ مجردٌ ليس بجسمٍ ولا جسماني ، وهو الذي اختاره المصنّف . ص86
المصدر: التجريد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أبو سجاد
الرتبــــــة
الرتبــــــة
أبو سجاد


رقم العضوية : 9
الجنــس : ذكر
المواليد : 15/05/1973
التسجيل : 19/12/2012
العمـــــــــــــــــر : 51
البـــــــــــــــــرج : الثور
الأبـراج الصينية : الثور
عدد المساهمات : 10278
نقـــــــــاط التقيم : 14107
السٌّمعَــــــــــــــة : 6
علم بلدك : العراق
100%
الموقع : منتديات اهل البيت عليهم السلام
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   1%20(35)
العمل/الترفيه مشرف منتدى الامام علي عليه السلام
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Jb12915568671

باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   1338424567981
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   T20659-8





باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما    باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Emptyالثلاثاء أبريل 09, 2013 1:32 am

بارك الله بجهودك أخي الكريم
ودمت برعاية الله وحفظه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
طريقي زينبي
الرتبــــــة
الرتبــــــة
طريقي زينبي


رقم العضوية : 33
الجنــس : انثى
المواليد : 20/08/1994
التسجيل : 11/01/2013
العمـــــــــــــــــر : 30
البـــــــــــــــــرج : الاسد
الأبـراج الصينية : الكلب
عدد المساهمات : 3643
نقـــــــــاط التقيم : 4443
السٌّمعَــــــــــــــة : 5
علم بلدك : العراق
100%
الموقع : https://albeet.alafdal.net/
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   757447957
العمل/الترفيه المنتدى ومراقب عام
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Jb12915568671

باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   86

باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Cd3f31fb39fbcb36dc553f37e9dc3ce8


باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   3
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   3
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   3



باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Empty
مُساهمةموضوع: رد: باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما    باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما   Emptyالثلاثاء أبريل 09, 2013 4:49 am

جزاك الله خيرا
موضوع متميز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ظلم النفس
» معركة النفس
» وحم الحمل .. هل هو حقيقة؟
» إكبار النفس
» النفس المطمئنة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اهل البيت عليهم السلام _ البوابة للعلم والمعرفة :: ~ إنما يريد الله ليُذهب عنكم الرجس أهل البيت"~ الاسلامية :: القسم الاسلامي العام-
انتقل الى: