علي احمد الوائلي
مدير عام المنتدى رقم العضوية : 52 الجنــس : المواليد : 01/03/1972 التسجيل : 06/02/2013 العمـــــــــــــــــر : 52 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 979 نقـــــــــاط التقيم : 2363 السٌّمعَــــــــــــــة : 0 علم بلدك : 15000
| موضوع: باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما الإثنين أبريل 08, 2013 11:36 pm | |
| باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما قال الرازي في كتابه مفاتيح الغيب : أما القائلون بأنّ الإنسان عبارةٌ عن هذه البنية المحسوسة ، وهذا الهيكل المجسّم المحسوس ، فإذا أبطلنا كون الإنسان عبارةً عن هذا الجسم ، وأبطلنا كون الإنسان محسوساً ، فقد بطل كلامهم بالكلية . والذي يدلّ على أنه لا يمكن أن يكون الإنسان عبارةً عن هذا الجسم وجوه : الأول : أنّ العلم البديهي حاصلٌ ، بأنّ أجزاء هذه الجثة متبدّلةٌ ، بالزيادة والنقصان تارةً بحسب النمو والذبول ، وتارةً بحسب السمن والهزال ، والعلم الضروري حاصلٌ ، بأنّ المتبدّل المتغيّر مغايرٌ للثابت الباقي ، ويحصل من مجموع هذه المقدّمات الثلاث : العلم القطعي بأنه ليس عبارةً عن مجموع هذه الجثة . الثاني : أنّ الإنسان حال ما يكون مشتغل الفكر ، متوجّه الهمة نحو أمرٍ مخصوصٍ ، فإنه في تلك الحالة غير غافلٍ عن نفسه المعيّنة ، بدليل أنه في تلك الحالة قد يقول : غضبتُ ، واشتهيتُ ، وسمعتُ كلامك ، وأبصرتُ وجهك ، و " تاء " الضمير كناية عن نفسه المخصوصة ، فهو في تلك الحالة عالمٌ بنفسه المخصوصة ، وغافلٌ عن جملة بدنه ، وعن كلّ واحدٍ من أعضائه وأبعاضه . الثالث : أنّ كلّ أحدٍ يحكم بصريح عقله ، بإضافة كلّ واحدٍ من هذه الأعضاء إلى نفسه ، فيقول : رأسي ، وعيني ، ويدي ، ورجلي ، ولساني ، وقلبي ، وبدني .. والمضاف غير المضاف إليه ، فوجب أن يكون الشيء الذي هو الإنسان مغايراً لجملة هذا البدن ، ولكلّ واحدٍ من هذه الأعضاء ، فإن قالوا : فقد يقول : نفسي وذاتي ، فيضيف النفس والذات إلى نفسه ، فيلزم أنّ نفس الشيء وذاته مغايرةٌ لنفسه وذاته وذلك محالٌ ، قلنا : قد يُراد بنفس الشيء وذاته هذا البدن المخصوص ، وقد يُراد بنفس الشيء وذاته الحقيقة المخصوصة التي إليها يشير كلّ أحدٍ بقوله : " أنا " ، فإذا قال : نفسي وذاتي ، كان المراد منه البدن ، وعندنا أنه مغايرٌ لجوهر الإنسان . الرابع : أنّ كلّ دليلٍ يدلّ على أنّ الإنسان يمتنع أن يكون جسماً ، فهو أيضاً يدلّ على أنه يمتنع أن يكون عبارةً عن هذا الجسم ، وسيأتي تقرير تلك الدلائل . الخامس : أنّ الإنسان قد يكون حيّاً حال ما يكون البدن ميّتاً ، فوجب كون الإنسان مغايراً لهذا البدن ، والدليل على صحة ما ذكرناه قوله تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } ، فهذا النص صريحٌ في أنّ أولئك المقتولين أحياء ، والحسّ يدلّ على أنّ هذا الجسد ميتةٌ . السادس : أن قوله تعالى : { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } ، وقوله : { أُغرقوا فاُدخلوا نارا } ، يدلّ على أنّ الإنسان حيٌّ بعد الموت ، وكذلك قوله (ص) : " الأنبياء لا يموتون ولكن يُنقلون من دارٍ إلى دار " ، وكذلك قوله (ص) : " القبر روضةٌ من رياض الجنة ، أو حفرةٌ من حفر النيران " ، وكذلك قوله (ص) : " من مات فقد قامت قيامته " . وإن كلّ هذه النصوص يدل على أنّ الإنسان حيٌّ يبقى بعد موت الجسد ، وبديهة العقل والفطرة شاهدتان بأنّ هذا الجسد ميتٌ ، ولو جوّزنا كونه حيّاً كان يجوز مثله في جميع الجمادات ، وذلك عين السفسطة ، وإذا ثبت أنّ الإنسان حيٌّ ما كان الجسد ميتاً ، لزم أنّ الإنسان شيءٌ غير هذا الجسد . السابع : قوله (ص) في خطبةٍ طويلةٍ له : " حتى إذا حُمل الميت على نعشه ، رفرف روحه فوق النعش ، ويقول : يا أهلي !.. ويا ولدي !.. لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي ، جمعتُ المال من حلّه ومن غير حلّه ، فالمهنأ لغيري والتبعة عليّ ، فاحذروا مثل ما حلّ بي " . وجه الاستدلال : أنّ النبي (ص) صرّح ، بأنّ حال كون الجسد محمولاً على النعش ، بقي هناك شيءٌ ينادي ويقول : " يا أهلي !.. ويا ولدي !.. جمعت المال من حلّه وغير حله...." ومعلومٌ أنّ الذي كان الأهل أهلاً له ، وكان الولد ولداً له ، وكان جامعاً للمال من الحرام والحلال ، والذي بقي في ربقته الوبال ، ليس إلا ذلك الإنسان ، فهذا تصريحٌ بأنّ في الوقت الذي كان الجسد ميّتاً محمولاً على النعش ، كان ذلك الإنسان حيّاً باقياً فاهماً ، وذلك تصريحٌ بأنّ الإنسان شيءٌ مغايرٌ لهذا الجسد والهيكل . الثامن : قوله تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية } ، والخطاب بقوله : { ارجعي } إنما يتوجّه إليها حال الموت ، فدلّ هذا على أنّ الشيء الذي يرجع إلى الله بعد موت الجسد ، يكون راضياً مرضيّاً عند الله ، والذي يكون راضياً مرضيّاً ليس إلا الإنسان ، فهذا يدلّ على أنّ الإنسان بقي حيّاً بعد موت الجسد ، والحيّ غير الميّت ، فالإنسان مغايرٌ لهذا الجسد . التاسع : قوله تعالى : { حتى إذا جاء أحدهم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله موليهم الحق } ، أثبت كونهم مردودين إلى الله ، الذي هو موليهم الحقّ ، عند كون الجسد ميّتاً ، فوجب أن يكون ذلك المردود إلى الله مغايراً لذلك الجسد الميّت . الثالث عشر : أنّ القرآن والأحاديث يدلان على أنّ جماعةً من اليهود قد مسخهم الله ، وجعلهم في صورة القردة والخنازير ، فنقول : ذلك الإنسان هل بقي حال ذلك المسخ أولم يبقَ ؟.. فإن لم يبقَ كان هذا إماتة لذلك الإنسان ، وخلق خنزير أو قردة ، وليس هذا من المسخ في شيءٍ ، وإن قلنا : إنّ ذلك الإنسان بقي حال حصول ذلك المسخ ، فنقول : فعلى هذا التقدير الإنسان باقٍ ، وتلك البنية وذلك الهيكل غير باقٍ ، فوجب أن يكون ذلك الإنسان شيئاً مغايراً لتلك البنية . الرابع عشر : أنّ رسول الله (ص) كان يرى جبرائيل في صورة دحية الكلبي ، وكان يرى إبليس في صورة الشيخ النجدي ، فهنا بنية الإنسان وهيكله وشكله حاصلٌ ، مع أنّ الحقيقة الإنسانية غير حاصلةٍ ، وهذا يدل على أنّ الإنسان ليس عبارةً عن هذه البنية وهذا الهيكل . السابع عشر : الإنسان يجب أن يكون عالماً ، والعلم لا يحصل إلا في القلب ، فيلزم أن يكون الإنسان عبارةً عن الشيء الموجود في القلب ، وإذا ثبت هذا بطل القول بأنّ الإنسان عبارةٌ عن هذا الهيكل وهذه الجثة . إنما قلنا : إنّ الإنسان يجب أن يكون عالماً ، لأنه فاعلٌ مختارٌ ، والفاعل المختار هو الذي يفعل بواسطة القصد إلى تكوينه ، وهما مشروطان بالعلم ، لأنّ ما لا يكون متصوراً امتنع القصد إلى تكوينه ، فثبت أنّ الإنسان يجب أن يكون عالماً بالأشياء . وإنما قلنا إنّ العلم لا يوجد إلا في القلب للبرهان والقرآن ، أما البرهان : فلأنّا نجد العلم الضروري بأنّا نجد علومنا من ناحية القلب .. وأما القرآن : فآيات نحو قوله تعالى : { لهم قلوب لا يفقهون بها } ، وقوله : { كتب في قلوبهم الإيمان } وقوله : { نزل به الروح الأمين على قلبك } ، وإذا ثبت أنّ الإنسان يجب أن يكون عالماً ، وثبت أنّ العلم ليس إلا في القلب ثبت أنّ الإنسان شيءٌ في القلب ، أو شيءٌ له تعلّقٌ بالقلب ، وعلى التقديرين فإنه بطل قول من يقول : إنّ الإنسان هو هذا الجسد وهذا الهيكل . ص10 المصدر: مفاتيح الغيب بيــان: ثم ذكر حججا عقليّة طويلة الذيل على إثبات النفس ومغايرتها للبدن : منها : أنا لما تأملنا في أحوال النفس ، رأينا أحوالها بالضدّ من أحوال الجسم ، وذلك يدلّ على أنّ النفس ليست جسماً ، وتقرير هذه المنافاة من وجوه : الأول : أنّ كلّ جسم حصلت فيه صورةٌ ، فإنه لا يقبل صورةً أخرى من جنس الصورة الأولى ، إلا بعد زوال الصورة الأولى عنه زوالاً تاماً ، مثاله أنّ البصر إذا حصل فيه شكل التثليث ، امتنع أن يحصل فيه شكل التربيع والتدوير ، إلا بعد زوال الشكّل الأول عنه . ثم إنا وجدنا الحال في قبول النفس لصور المعقولات بالضدّ من ذلك ، فإنّ النفس التي لم تقبل صورةً عقليةً البتّة ، يعسر قبولها لشيءٍ من الصور العقلية ، فإذا قبلت صورةً واحدةً كان قبولها للصورة الثانية أسهل ، وإذا قبلت الصورة الثانية صار قبولها للصورة الثالثة أسهل ، ثم إنّ النفس لا تزال تقبل صورة بعد صورة من غير أن تضعف البتّة ، بل كلما كان قبولها للصور أكثر ، كان قبولها للصورالآتية بعد ذلك أسهل وأسرع . ولهذا السبب يزداد الإنسان فهماً وإدراكاً كلما ازداد تخريجاً وارتياضاً للعلوم ، فثبت أنّ قبول النفس للصورة العقلية على خلاف قبول الجسم للصورة وذلك يوهم أنّ النفس ليست بجسم . والثاني : أنّ المواظبة على الأفكار الدقيقة ، لها أثرٌ في النفس وأثرٌ في البدن : أما أثرها في النفس : فهو تأثيرها في إخراج النفس عن القوة ، إلى الفعل في التعقّلات والإدراكات ، وكلما كانت الأفكار أكثر كان حصول هذه الأحوال أكمل ، وذلك غاية كمالها ونهاية شرفها وجلالتها . وأما أثرها في البدن : فهو أنها توجب استيلاء اليبس على البدن ، واستيلاء الذبول عليه ، وهذه الحالة لو استمرت لانتهت إلى الماليخوليا وموت البدن ، فثبت بما ذكرنا أنّ هذه الأفكار توجب حياة النفس وشرفها ، وتوجب نقصان البدن وموته ، فلو كانت النفس هي البدن ، لصار الشيء الواحد بالنسبة إلى الشيء الواحد سبباً لكماله ونقصانه معاً ، ولحياته وموته معاً ، وإنه محالٌ . والثالث : أنا شاهدنا أنه ربما كان بدن الإنسان ضعيفاً نحيفاً ، فإذا لاح نورٌ من الأنوار القدسية ، وتجلّى له سرٌّ من أسرار عالم الغيب ، حصل لذلك الإنسان جرأةٌ عظيمةٌ وسلطنةٌ قويةٌ ، ولم يعبأ بحضور أكبر السلاطين ، ولم يقم له وزناً ، ولولا أنّ النفس شيءٌ سوى البدن ، والنفس إنما تحيا وتبقى بغير ما به يقوى البدن ويحيا ، لما كان الأمر كذلك . والرابع : أنّ أصحاب الرياضات والمجاهدات ، كلما أمعنوا في قهر القوى البدنية ، وتجويع الجسد ، قويت قواهم الروحانية ، وأشرقت أسرارهم بالمعارف الإلهية ، وكلما أمعن الإنسان في الأكل والشرب ، وقضاء الشهوات الجسدانية ، صار كالبهيمة ، وبقي محروماً عن آثار النظر ، والعقل والفهم والمعرفة ، ولولا أنّ النفس غير البدن لما كان الأمر كذلك . والخامس : أنا نرى النفس تفعل أفاعيلها بآلاتٍ بدنيةٍ ، فإنها تبصر بالعين وتسمع بالأذن ، وتأخذ باليد ، وتمشي بالرجل . أما إذا آل الأمر إلى التعقّل والإدراك ، فإنها مستقلةٌ بذاتها في هذا الفعل من غير إعانة شيءٍ من الآلات ، ولذلك فإنّ الإنسان يمكنه أن لا يبصر شيئاً إذا غمض عينيه ، وأن لا يسمع شيئاً إذا سدّ أذنيه ، ولا يمكنه البتّة أن يزيل عن قلبه العلم بما كان عالماً به . فعلمنا أنّ النفس غنيةٌ بذاتها في العلوم والمعارف ، عن شيءٍ من الآلات البدنية ، فهذه الوجوه أماراتٌ قويةٌ في أنّ النفس ليست بجسم . ثم ذكر في إثبات أنّ النفس ليست بجسمٍ وجوهاً من الدلائل السمعية : الأول : قوله تعالى : { ولا تكونوا كالذين نسو الله فأنساهم أنفسهم } ومعلومٌ أنّ أحداً من العقلاء لا ينسى هذا الهيكل المشاهد ، فدلّ ذلك على أنّ النفس التي ينساها الإنسان عند فرط الجهل شيءٌ آخر غير هذا البدن . الثاني : قوله تعالى : { أخرجوا أنفسكم } ، وهذا صريحٌ في أنّ النفس غير هذا الجسد . الثالث : أنه تعالى ذكر مراتب الخلقة الجسمانية فقال : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } - إلى قوله - { فكسونا العظام لحما } ، ولا شكّ أنّ جميع هذه المراتب اختلافات واقعة في الأحوال الجسمانية ، ثم إنه تعالى لما أراد أن يذكر نفخ الروح قال : { ثم أنشأناه خلقا آخر } ، وهذا تصريحٌ بأنّ ما يتعلق بالروح جنسٌ مغايرٌ لما سبق ذكره من التغيرات الواقعة في الأحوال الجسمانية ، وذلك يدلّ على أنّ الروح شيءٌ مغايرٌ للبدن . الرابع : قوله : { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي } ، ميّز تعالى بين التسوية وبين نفخ الروح ، فالتسوية عبارة عن تخليق الأبعاض والأعضاء ، ثم أضاف الروح إلى نفسه بقوله : { من روحي } ، دلّ ذلك على أنّ جوهر الروح شيءٌ مغايرٌ لجوهر الجسد . الخامس : قوله تعالى : { ونفس وما سويها فألهمها فجورها وتقويها } وهذه الآية صريحةٌ في وجود النفس موصوفة بالإدراك والتحريك معاً ، لأنّ الإلهام عبارةٌ عن الإدراك ، وأما الفجور والتقوى فهو فعلٌ ، وهذه الآية صريحةٌ في أنّ الإنسان شيءٌ واحدٌ ، وهو موصوفٌ بالإدراك والتحريك ، وهو موصوفٌ أيضاً بفعل الفجور تارةً ، وفعل التقوى أخرى . ومعلومٌ أنّ جملة البدن غير موصوف بهذين الوصفين ، وليس في البدن عضوٌ واحدٌ موصوفٌ بهذين الوصفين ، فلابدّ من إثبات جوهرٍ واحدٍ يكون موصوفاً بكل هذه الأمور . السادس : قوله تعالى : { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا } ، فهذا تصريحٌ بأنّ الإنسان شيءٌ واحدٌ وذلك الشيء الواحد هو المبتلى بالتكاليف الإلهية والأمور الربانية وهو الموصوف بالسمع والبصر ، ومجموع البدن ليس كذلك ، وليس عضوٌ من أعضاء البدن كذلك ، فالنفس شيءٌ مغايرٌ جملة البدن ومغايرٌ أجزاء البدن ، وهو الموصوف بهذه الصفات . واعلم أنّ الأحاديث الواردة في صفة الأرواح ، قبل تعلقها بالأجساد ، وبعد انفصالها من الأجساد كثيرة ، وكل ذلك يدلّ على أنّ النفس غير هذا الجسد ، والعجب ممن يقرأ هذه الآيات الكثيرة ، ويروي هذه الأخبار الكثيرة ، ثم يقول : توفي رسول الله (ص) وما كان يعرف ما الروح !.. وهذا من العجائب . ص20 قال أمير المؤمنين (ع) : إنّ للجسم ستة أحوال : الصحة ، والمرض ، والموت والحياة ، والنوم ، واليقظة .. كذلك الروح : فحياتها علمها ، وموتها جهلها ، ومرضها شكّها ، وصحتها يقينها ، ونومها غفلتها ، ويقظتها حفظها . ص40 المصدر: التوحيد ص219 قال الصادق (ع) : مثل روح المؤمن وبدنه كجوهرةٍ في صندوقٍ ، إذا أُخرجت الجوهرة منه ، طُرح الصندوق ولم يعبأ به . وقال : إنّ الأرواح لا تمازج البدن ولا تواكله ، وإنما هي كلل للبدن محيطة به . ص41 المصدر: منتخب البصائر قال الصادق (ع) : خلقٌ أعظم من جبرائيل وميكائيل ، وهو مع الأئمة يفقّههم .. وهو من الملكوت . ص42 المصدر: تفسير العياشي 2/317 قال أبو الحسن (ع) : إنّ المرء إذا نام فإنّ روح الحيوان باقيةٌ في البدن ، والذي يخرج منه روح العقل .. فقال عبد الغفار الأسلمي : يقول الله عزّ وجلّ : { الله يتوفى الأنفس حين موتها } - إلى قوله - { إلى أجل مسمى } ، أفليس ترى الأرواح كلها تصير إليه عند منامها ، فيمسك ما يشاء ويرسل ما يشاء ؟.. فقال له أبو الحسن (ع) : إنما يصير إليه أرواح العقول فأما أرواح الحياة فإنها في الأبدان ، لا يخرج إلا بالموت ، ولكنه إذا قضى على نفسٍ الموت قبض الروح الذي فيه العقل ، ولو كانت روح الحياة خارجةً ، لكان بدناً ملقىً لا يتحرك ، ولقد ضرب الله لهذا مثلاً في كتابه في أصحاب الكهف حيث قال : { ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال } ، أفلا ترى أنّ أرواحهم فيهم بالحركات ؟.. ص43 المصدر: جامع الأخبار قال الصادق (ع) : إنّ الله خلقنا من نور عظمته ، ثم صوّر خلقنا من طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ ، فأسكن ذلك النور فيه ، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين ، لم يجعل لأحدٍ في مثل الذي خلقنا نصيباً ، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا ، وأبدانهم من طينةٍ مخزونةٍ مكنونةٍ أسفل من ذلك الطينة ، ولم يجعل الله لأحدٍ في مثل الذي خلقهم منه نصيباً إلا للأنبياء ، فلذلك صرنا نحن وهم الناس ، وسائر الناس همجٌ ، للنار وإلى النار . ص45 المصدر: الكافي 1/389 قلت للصادق (ع) : جعلت فداك يا بن رسول الله !.. هل يُكره المؤمن على قبض روحه ؟.. قال : لا والله ، إنه إذا أتاه ملك الموت لقبض روحه جزع عند ذلك ، فيقول له ملك الموت : يا ولي الله !.. لا تجزع ، فو الذي بعث محمداً ، لأنا أبرّ بك وأشفق عليك من والدٍ رحيمٍ لو حضرك ، افتح عينيك فانظر !.. قال : يتمثّل له رسول الله (ص) ، وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ذريتهم (ع) ، فيقال له : هذا رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والأئمة (ع) رفقاؤك ، قال : فيفتح عينيه فينظر ، فينادي روحه منادٍ من قبل ربّ العزة فيقول : { يا أيتها النفس المطمئنة } إلى محمد وأهل بيته ، { ارجعي إلى ربك راضية } بالولاية ، { مرضية } بالثواب ، { فادخلي في عبادي } يعني محمدا وأهل بيته ، { وادخلي جنتي } فما شيءٌ أحب إليه من استلال روحه ، واللحوق بالمنادي . ص48 المصدر: الكافي 3/127 قال الصادق (ع) : إذا حيل بينه وبين الكلام ، أتاه رسول الله (ص) ومن شاء الله ، فجلس رسول الله عن يمينه والآخر عن يساره ، فيقول رسول الله : أما ماكنت ترجو فهو ذا أمامك ، وأما ما كنت تخاف فقد أمنت منه ، ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقول : هذا منزلك من الجنة ، فإن شئت رددناك إلى الدنيا ولك فيها ذهبٌ وفضةٌ ، فيقول : لا حاجة لي في الدنيا - وساق إلى قوله - فإذا خرجت النفس من الجسد ، فيعرض عليها كما عرض عليه وهي في الجسد ، فيختار الآخرة ، فيغسله فيمن يغسله ويقلبه فيمن يقلبه ، فإذا أُدرج في أكفانه ووُضع على سريره ، خرجت روحه تمشي بين أيدي القوم قدماً ، وتلقاه أرواح المؤمنين يسلّمون عليه ، ويبشّرونه بما أعدّ الله له - جل ثناؤه - من النعيم . فإذا وضِع في قبره رُدّ إليه الروح إلى وركيه ، ثم يُسأل عما يعلم ، فإذا جاء بما يعلم فُتح له ذلك الباب الذي أراه رسول الله (ص) ، فيدخل عليه من نورها وبردها وطيب ريحها . ص49 المصدر: الكافي 3/129 قال الباقر (ع) : إنّ آية المؤمن إذا حضره الموت ، ببياض وجهه أشدّ من بياض لونه ، ويرشح جبينه ، ويسيل من عينيه كهيئة الدموع ، فيكون ذلك خروج نفسه ، وإنّ الكافر تخرج نفسه سيلاً من شدقه كزبد البعير ، أو كما تخرج نفس البعير . ص49 المصدر: الكافي 3/134 قال الصادق (ع) : إذا قُبضت الروح فهي مظلّةٌ فوق الجسد - روح المؤمن وغيره - ينظر إلى كل شيءٍ يُصنع به ، فإذا كُفّن ووُضِع على السرير ، وحُمل على أعناق الرجال ، عادت الروح إليه فدخلت فيه ، فيُمدّ له في بصره ، فينظر إلى موضعه من الجنة أو من النار ، فينادي بأعلى صوته - إن كان من أهل الجنة - : عجلوني !.. عجلوني !.. وإن كان من أهل النار : ردّوني !.. ردّوني !.. وهو يعلم كل شيءٍ يُصنع به ، ويسمع الكلام . ص50 المصدر: الفقيه ص51 خرجت مع أمير المؤمنين (ع) إلى الظهر ، فوقف بوادي السلام كأنه مخاطبٌ لأقوامٍ ، فقمتُ بقيامه حتى أعييتُ ، ثم جلستُ حتى مللتُ ، ثم قمتُ حتى نالني مثل ما نالني أولاً ، ثم جلستُ حتى مللتُ ، ثم قمتُ وجمعتُ ردائي ، فقلت : يا أمير المؤمنين !.. إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ثم طرحت الرداء ليجلس عليه ، فقال لي : يا حبة !.. إنْ هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته .. قلت : يا أمير المؤمنين !.. وإنهم لكذلك ؟.. قال : نعم ، ولو كُشف لك لرأيتهم حلقاً حلقاً محتبين يتحادثون .. فقلت : أجسامٌ أم أرواحٌ ؟.. فقال : أرواحٌ ، وما من مؤمنٍ يموت في بقعةٍ من بقاع الأرض إلا قيل لروحه : الحقي بوادي السلام ، وإنها لبقعةٌ من جنة عدن . ص51 المصدر: الكافي 3/243 قال الصادق (ع) : إنّ المؤمن ليزور أهله ، فيرى ما يحب ، ويُستر عنه ما يكره ، وإنّ الكافر ليزور أهله ، فيرى ما يكره ، ويُستر عنه ما يحب ، قال : وفيهم من يزور كلّ جمعة ، ومنهم من يزور على قدر عمله . ص52 المصدر: الكافي 3/230 سألت الكاظم (ع) عن الميت يزور أهله ؟.. قال : نعم ، فقلت : في كم يزور ؟.. قال : في الجمعة ، وفي الشهر ، وفي السنة على قدر منزلته فقلت : في أي صورةٍ يأتيهم ؟.. قال : في صورة طائرٍ لطيفٍ يسقط على جدرهم ويشرف عليهم ، فإن رآهم بخير فرح ، وإن رآهم بشرٍّ وحاجةٍ حزن واغتمّ . ص53 المصدر: الكافي 3/230 روي أنّ في العرش تمثالاً لكلّ عبدٍ ، فإذا اشتغل العبد بالعبادة ، رأت الملائكة تمثاله ، وإذا اشتغل بالمعصية أمر الله بعض الملائكة حتى يحجبوه بأجنحتهم ، لئلا تراه الملائكة ، فذلك معنى قوله (ص) : " يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح " . ص53 المصدر: دعوات الراوندي بيــان: ربما يستدل به على أن الجسد المثالي موجود في حال الحياة أيضاً. 53 قال الباقر (ع) : والله ما من عبدٍ من شيعتنا ينام ، إلا أصعد الله روحه إلى السماء ، فيبارك عليها ، فإن كان قد أتى عليها أجلها ، جعلها في كنوز رحمته ، وفي رياض جنته ، وفي ظلّ عرشه .. وإن كان أجلها متأخراً ، بعث بها مع أمنته من الملائكة ، ليردّها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه . ص54 المصدر: روضة الكافي ص213 قال أمير المؤمنين (ع) : قال لي رسول الله (ص) - وساق الحديث إلى أن قال - : يا علي !.. إنّ أرواح شيعتك لتصعد إلى السماء في رقادهم ووفاتهم ، فتنظر الملائكة إليها ، كما ينظر الناس إلى الهلال شوقاً إليهم ، ولما يرون منزلتهم عند الله عزّ وجلّ . ص55 المصدر: مجالس الصدوق ص336 قال الباقر (ع) في قول الله عزّ وجلّ { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } فقال : لعلك ترى أنّ القوم لم يكونوا ينامون ؟.. فقلت : الله ورسوله أعلم .. فقال : لا بدّ لهذا البدن أن تريحه حتى تخرج نفسه ، فإذا خرج النفس استراح البدن ، ورجعت الروح فيه ، وفيه قوةٌ على العمل . ص55 المصدر: الفقيه ص127 إنّ مخنثاً قدم المدينة ، فنزل على مخنّثٍ من غير أن يعلم أنه مخنّثٌ ، فبلغ ذلك النبي (ص) ، فقال : الأرواح جنودٌ مجنّدةٌ . ص64 المصدر: شهاب الأخبار قال النبي (ص) : الأرواح جنودٌ مجنّدةٌ فتشامّ كما تشامّ الخيل ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف .. فلو أنّ مؤمناً جاء إلى مجلسٍ فيه مائة منافقٍ ، ليس فيهم إلا مؤمنٌ واحدٌ ، لجاء حتى يجلس إليه . ص64 المصدر: شهاب الأخبار كانت امرأةٌ بمكة تدخل على نساء قريش تضحكهن ، فلما هاجرت إلى المدينة دخلت المدينة فدخلت عليّ قلت : فلانة !.. ما أقدمكِ ؟.. قالت : إليكن .. قلت : فأين نزلتِ ؟.. قالت : على فلانة - امرأة مضحكة بالمدينة - فدخل رسول الله (ص) فقلت : يا رسول الله !.. دخلت فلانة المضحكة .. قال (ص) : فعلى من نزلت ؟.. قلت : على فلانة .. قال : المضحكة ؟.. قلت : نعم ، قال : الحمد لله ، إنّ الأرواح جنود مجندة !.. ص65 المصدر: شهاب الأخبار بيــان: قال المحقق القاساني في روض الجنان : اعلم أنّ المذاهب في حقيقة النفس ، كما هي الدائرة في الألسنة ، والمذكورة في الكتب المشهورة ، أربعة عشر مذهباً .... إلى أن قال بعد إيراد بعض الدلائل والأجوبة من الجانبين : فالحقّ أنها جوهرٌ لطيفٌ نورانيٌّ ، مدركٌ للجزئيات والكليات ، حاصلٌ في البدن ، متصرّفٌ فيه ، غنيٌّ عن الاغتذاء ، بريءٌ عن التحلل والنماء ، ولم يبعد أن يبقى مثل هذا الجوهر بعد فناء البدن ، ويلتذّ بما يلائمه ، ويتألم بما يباينه .. هذا تحقيق ما تحقق عندي من حقيقة النفس . ص78 قال الصدوق - رضي الله عنه - في رسالة العقائد : اعتقادنا في النفوس أنها الأرواح التي بها الحياة ، وأنها الخلق الأول لقول النبي (ص) : " أول ما أبدع الله سبحانه وتعالى ، هي النفوس المقدّسة المطهّرة فأنطقها بتوحيده ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه " ، واعتقادنا فيها أنها خلقت للبقاء ولم تخلق للفناء لقول النبي (ص) : " ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء ، وإنما تنقلون من دارٍ إلى دارٍ " ، وأنها في الأرض غريبةٌ وفي الأبدان مسجونةٌ . واعتقادنا فيها أنها إذا فارقت الأبدان فهي باقيةٌ ، منها منعّمةٌ ومنها معذّبةٌ إلى أن يردّها الله عزّ وجلّ بقدرته إلى أبدانها . ص78 المصدر: رسالة العقائد قال الشيخ المفيد - نوّر الله ضريحه - في شرحه على العقائد : النفس عبارةٌ عن معانٍ : أحدها ذات الشيء ، والآخر الدم السائل ، والآخر النفس الذي هو الهواء ، والرابع هو الهوى وميل الطبع . فأما شاهد المعنى الأول فهو قولهم : هذا نفس الشيء ، أي ذاته وعينه . وشاهد الثاني قولهم : كلما كانت النفس سائلةً فحكمه كذا وكذا . وشاهد الثالث قولهم : فلان هلكت نفسه إذا انقطع نفسه ، ولم يبقَ في جسمه هواءٌ يخرج من حواسه . وشاهد الرابع قول الله تعالى : { إن النفس لأمارة بالسوء } ، يعني الهوى داعٍ إلى القبيح ، وقد يعبّر عن النفس بالنقم ، قال الله تعالى : { ويحذركم الله نفسه } يريد نقمته وعقابه . فأما الروح فعبارةٌ عن معانٍ : أحدها : الحياة ، والثاني : القرآن ، والثالث : ملَكٌ من ملائكة الله تعالى ، والرابع : جبرائيل (ع) . فشاهد الأول قولهم : كلّ ذي روحٍ فحكمه كذا ، يريدون كلّ ذي حياة ،ٍ وقولهم فيمن مات : قد خرجت منه الروح ، يعنون الحياة ، وقولهم في الجنين : صورة لم يلجه الروح ، يريدون لم تلجه الحياة . وشاهد الثاني قوله تعالى : { وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا } يعني القرآن . وشاهد الثالث قوله : { يوم يقوم الروح والملائكة } . وشاهد الرابع قوله تعالى : { قل نزله روح القدس } يعني جبرائيل (ع) . وأما ما ذكره أبو جعفر ورواه : أنّ الأرواح مخلوقةٌ قبل الأجساد بألفي عامٍ ، فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ، فهو حديثٌ من أحاديث الآحاد ، وخبرٌ من طرق الأفراد ، وله وجهٌ غير ما ظنه من لا علم له بحقائق الأشياء ، وهو أنّ الله تعالى خلق الملائكة قبل البشر بألفي عامٍ فما تعارف منها قبل خلق البشر ، ائتلف عند خلق البشر ، وما لم يتعارف منها إذ ذاك ، اختلف بعد خلق البشر ، وليس الأمر كما ظنه أصحاب التناسخ ، ودخلت الشبهة فيه على حشوية الشيعة . فتوهموا أنّ الذوات الفعالة المأمورة المنهية ، كانت مخلوقةً في الذرّ ، وتتعارف وتعقل وتفهم وتنطق ، ثم خلق الله لها أجساداً من بعد ذلك فركّبها فيها ولو كان ذلك كذلك لكنا نعرف نحن ما كنا عليه ، وإذا ذُكّرنا به ذكرناه ولا يخفى علينا الحال فيه . ألا ترى أنّ من نشأ ببلدٍ من البلاد ، فأقام فيه حولاً ثم انتقل إلى غيره ، لم يذهب عنه علْم ذلك ، وإن خفي عليه لسهوه عنه، فيُذكر به ذكره ، ولولا أنّ الأمر كذلك ، لجاز أن يولد منا إنسانٌ ببغداد ، وينشأ بها ويقيم عشرين سنة فيها ، ثم ينتقل إلى مصر آخر ، فينسى حاله ببغداد ولا يذكر منها شيئاً ، وإن ذُكّر به وعدّد عليه علامات حاله ومكانه ونشوئه ، وهذا ما لا يذهب إليه عاقلٌ . والذي صرّح به أبو جعفر - رحمه الله - في معنى الروح والنفس ، هو قول التناسخية بعينه من غير أن يعلم أنه قولهم ، فالجناية بذلك على نفسه وغيره عظيمة . فأما ما ذكره من أن الأنفس باقيةٌ ، فعبارةٌ مذمومةٌ ، ولفظٌ يضادّ ألفاظ القرآن ، قال الله تعالى : { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } ، والذي حكاه من ذلك وتوهّمه هو مذهب كثيرٍ من الفلاسفة الملحدين ، الذين زعموا أنّ الأنفس لا يلحقها الكون والفساد وأنها باقيةٌ وإنما تفنى وتفسد الأجسام المركّبة ، وإلى هذا ذهب بعض أصحاب التناسخ ، وزعموا أنّ الأنفس لم تزل تتكرر في الصور والهياكل لم تحدث ولم تفنَ ولن تُعدم ، وأنها باقيةٌ غير فانيةٍ . وهذا من أخبث قول وأبعده من الصواب ، وما دونه في الشناعة والفساد شنّع به الناصبة على الشيعة ونسبوهم به إلى الزندقة ، ولو عرف مثبته ما فيه لما تعرّض له ، لكنّ أصحابنا المتعلّقين بالأخبار ، أصحاب سلامةٍ ، وبُعد ذهنٍ ، وقلة فطنةٍ ، يمرون على وجوههم فيما سمعوه من الأحاديث ولا ينظرون في سندها ، ولا يفرقون بين حقها وباطلها ، ولا يفهمون ما يدخل عليهم في إثباتها ، ولا يحصّلون معاني ما يطلقونه منها . والذي ثبت من الحديث في هذا الباب ، أنّ الأرواح بعد موت الأجساد على ضربين : منها ما يُنقل إلى الثواب والعقاب ، ومنها ما يبطل فلا يشعر بثواب ولا عقاب . وقد روي عن الصادق (ع) ما ذكرنا في هذا المعنى وبيّناه ، وسئل عمن مات في هذه الدار : أين تكون روحه ؟.. فقال : من مات وهو ماحضٌ للإيمان محضاً ، أو ماحضٌ للكفر محضاً ، نُقلت روحه من هيكله إلى مثله في الصورة ، وجوزي بأعماله إلى يوم القيامة ، فإذا بعث الله من في القبور ، أنشأ جسمه وردّ روحه إلى جسده ، وحشره ليوفيه أعماله ، فالمؤمن ينتقل روحه من جسده إلى مثل جسده في الصورة ، فيُجعل في جنان من جنان الله ، يتنعّم فيها إلى يوم المآب ، والكافر ينتقل روحه من جسده إلى مثله بعينه ، ويُجعل في النار ، فيُعذب بها إلى يوم القيامة ، وشاهد ذلك في المؤمن قوله تعالى : { قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي } ، وشاهد ما ذكرناه في الكافر قوله تعالى : { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } ، فأخبر سبحانه أنّ مؤمنا قال بعد موته وقد أُدخل الجنة : يا ليت قومي يعلمون ، وأخبر أنّ كافراً يُعذب بعد موته غدواً وعشياً ، ويوم يقوم الساعة يُخلّد في النار . والضرب الآخر من يُلهى عنه ، ويُعدم نفسه عند فساد جسمه ، فلا يشعر بشيءٍ حتى يُبعث ، وهو من لم يمحض الإيمان محضاً ولا الكفر محضاً ، وقد بيّن الله ذلك عند قوله : { إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما } ، فبيّن أنّ قوماً عند الحشر ، لا يعلمون مقدار لبثهم في القبور ، حتى يظن بعضهم أنّ ذلك كان عشراً ، ويظنّ بعضهم أنّ ذلك كان يوماً ، وليس يجوز أن يكون ذلك من وصف من عُذّب إلى بعثه ونعّم إلى بعثه ، لأنّ من لم يزل منعّماً أو معذّباً ، لا يجهل عليه حاله فيما عومل به ، ولا يلتبس عليه الأمر في بقائه بعد وفاته . وقد روي عن أبي عبدالله (ع) أنه قال : إنما يُسأل في قبره من محض الإيمان محضاً ، أو محض الكفر محضاً ، فأما ما سوى هذين فإنه يُلهى عنه . وقال في الرجعة : إنما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم ، من محض الإيمان أو محض الكفر محضاً ، فأما ما سوى هذين فلا رجوع لهم إلى يوم المآب ، وقد اختلف أصحابنا فيمن يُنعّم ويُعذّب بعد موته ، فقال بعضهم : المُعذّب والمُنعّم هو الروح التي توجّه إليها الأمر والنهي والتكليف ، سموها جوهرا ً.. وقال آخرون : بل الروح الحياة ، جُعلت في جسدٍ كجسده في دار الدنيا .. وكلا الأمرين يجوزان في العقل . والأظهر عندي قول من قال : إنها الجوهر المخاطب ، وهو الذي يسميه الفلاسفة " البسيط " ، وقد جاء في الحديث : أنّ الأنبياء خاصةً والأئمة من بعده ، يُنقلون بأجسادهم وأرواحهم من الأرض إلى السماء ، فيتنعّمون في أجسادهم التي كانوا فيها عند مقامهم في الدنيا ، وهذا خاصٌّ لحجج الله دون من سواهم من الناس . وقد روي عن النبي (ص) أنه قال : من صلّى عليّ من عند قبري سمعته ومن صلّى عليّ من بعيدٍ بُلّغته ، وقال (ص) : من صلّى عليّ مرةً صلّيتُ عليه عشراً ، ومن صلّى عليّ عشراً صلّيتُ عليه مائة مرة ، فليكثر امرؤ منكم الصلاة عليّ ، أو فليقلّ . فبيّن أنه (ص) بعد خروجه من الدنيا ، يسمع الصلاة عليه ، ولا يكون كذلك إلا وهو حيٌّ عند الله تعالى ، وكذلك أئمة الهدى ، يسمعون سلام المسلم عليهم من قُرب ، ويبلغهم سلامه من بُعد ، وبذلك جاءت الآثار الصادقة عنهم ، وقد قال الله : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } ، إلى آخر ما مرّ في كتاب المعاد . ص83 المصدر: شرح الغقائد قال المفيد - قدس الله روحه - في كتاب المسائل : القول في تنعّم أصحاب القبور وتعذيبهم : على أي شيءٍ يكون الثواب لهم والعقاب ؟.. ومن أي وجهٍ يصل إليهم ذلك ؟.. وكيف تكون صورهم في تلك الأحوال ؟.. وأقول : إنّ الله تعالى يجعل لهم أجساماً كأجسامهم في دار الدنيا ، يُنعّم مؤمنيهم فيها ، ويُعذّب كفارهم وفسّاقهم فيها ، دون أجسامهم التي في القبور ، يشاهدها الناظرون ، تتفرق وتندرس وتبلى على مرور الأوقات ، وينالهم ذلك في غير أماكنهم من القبور ، وهذا يستمر على مذهبي في النفس ، ومعنى الإنسان المكلّف عندي ، وهو الشيء المحدث القائم بنفسه ، الخارج عن صفات الجواهر والأعراض ، ومضى به روايات عن الصادقين من آل محمد (ع) ، ولست أعرف لمتكلّمٍ من الإمامية قبلي فيه مذهباً فاحكّمه ، ولا أعلم بيني وبين فقهاء الإمامية وأصحاب الحديث فيه اختلافاً . ص83 المصدر: كتاب المسائل قال العلامة الحلي - نوّر الله مرقده - في كتاب معارج الفهم : اختلف الناس في حقيقة النفس ما هي ، وتحرير الأقوال الممكنة فيها : أنّ النفس إما أن تكون جوهراً ، أو عرضاً ، أو مركّباً منهما .. وإن كانت جوهراً : فإما أن تكون متحيزة ، أو غير متحيزة .. وإن كانت متحيزة : فإما أن تكون منقسمة ، أو لا تكون ، وقد صار إلى كل من هذه الأقوال قائلٌ ، والمشهور مذهبان : أحدهما : أنّ النفس جوهرٌ مجردٌ ، ليس بجسمٍ ولا حالٍّ في الجسم ، وهو مدبّرٌ لهذا البدن ، وهو قول جمهور الحكماء ، ومأثور عن شيخنا المفيد وبني نوبخت من أصحابنا . والثاني : أنها جوهرٌ أصليةٌ في هذا البدن ، حاصلة فيه من أول العمر إلى آخره ، لا يتطرق إليها التغيّر ولا الزيادة ولا النقصان .. وعند المعتزلة عبارةٌ عن الهيكل المشاهد المحسوس . ص86 المصدر: كتاب معارج الفهم قال المحقق الطوسي - قدس الله روحه - في التجريد : هي جوهرٌ مجردٌ .. وقال العلامة - رفع الله مقامه - في شرحه : اختلف الناس في ماهية النفس ، وأنها هل هي جوهرٌ أم لا ، والقائلون بأنها جوهرٌ اختلفوا في أنها هل هي مجردةٌ أم لا والمشهور عند الأوائل وجماعة من المتكلّمين ، كبني نوبخت من الإمامية والمفيد منهم والغزالي من الأشاعرة ، أنها جوهرٌ مجردٌ ليس بجسمٍ ولا جسماني ، وهو الذي اختاره المصنّف . ص86 المصدر: التجريد | |
|
أبو سجاد الرتبــــــة
رقم العضوية : 9 الجنــس : المواليد : 15/05/1973 التسجيل : 19/12/2012 العمـــــــــــــــــر : 51 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 10278 نقـــــــــاط التقيم : 14107 السٌّمعَــــــــــــــة : 6 علم بلدك : الموقع : منتديات اهل البيت عليهم السلام مشرف منتدى الامام علي عليه السلام
| موضوع: رد: باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما الثلاثاء أبريل 09, 2013 1:32 am | |
| بارك الله بجهودك أخي الكريم ودمت برعاية الله وحفظه | |
|
طريقي زينبي الرتبــــــة
رقم العضوية : 33 الجنــس : المواليد : 20/08/1994 التسجيل : 11/01/2013 العمـــــــــــــــــر : 30 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 3643 نقـــــــــاط التقيم : 4443 السٌّمعَــــــــــــــة : 5 علم بلدك : الموقع : https://albeet.alafdal.net/ المنتدى ومراقب عام
| موضوع: رد: باب حقيقة النفس والروح وأحوالهما الثلاثاء أبريل 09, 2013 4:49 am | |
| جزاك الله خيرا موضوع متميز | |
|