قولها عليها السلام
و نأى عن الجزاء أمدها ـ يمكن أن تتصور مراحل
الشكر
تارة بلحاظ الحمل الأولي وأخرى بلحاظ الحمل الشائع الصناعي فإن كان الشكر قصد
به جزاء تلك النعم من ناحية الأمر الكلي فيقع أيضا بين النعم الكلّية التي لا حدود
لها في مقام علمه سبحانه، بمقتضى فيضه على طبق استعداد الممكنات و بين
الشكر
الكلي نسبة المساواة و ان كان
الشكر
أريد به أن يقدم الجزاء على تلك النعم اللامحدودة في مقام وجودها بما أنها مفاضة
من واهبها و صانعها و هو بعين ذاته واقع في المحدودية فكيف يقدم الجزاء من المحدود
إلى اللامحدود إذ لا قدرة له على عدّ النعم سواء كانت بمراحل وجودها الطولية أم
العرضية فيما مضى أو يأتي و إذا أمعن النظر و أجال البصر لوجود نعم غير محدودة
فكيف في النعم التي لا تعلق له بها فالنعم على ذلك نسبية إضافية غير قابلة للحصر و
جعلها في الحاسبة الكترونية فإن الأرقام لها العدّ و عليه لامجال لجزاء
الشكر
من قبل المحدود أمام النعم اللامحدودة
و هنا يمكن أن تطلعنا على نظرية الحاسوب الالكتروني (الآلي)
انه مهما بلغ من عدّه للأعداد وراء ما اختزن فيه من العدد فسوف تكون بالقياس إلى
الأرقام التي تنطلق من عالم المعرفة المطلقة فإن الكرة الأرضية لو جعلت حاسوبا لما
أمكن أن يصل إلى جزء يسير من أرقام فيض علومه المتدفقة
ثم أرادت أن تكشف حالتين من النعم، الأولى نعم ترتبط بملاك
الذات الآبي عن النقص والممتلك لجميع الكمالات والغنى المطلق والثانية نعم ترتبط
بملاك الذات الذي هو من شؤونه النقص والحاجة في مقام الذات فجزاء الثاني للأول من
الأمور الممتنعة فيها مقام المكافأة
قولها عليهاالسلام
وتفاوت عن الادراك أبدها ـ أرادت بيان حالة القصور بين مقام
العقل العملي والنظري حيث أمام الفيض الالهي وجود الانسان في أصل خلقته لا يمكنه
المكافأة لقصور ذاته أمام الذات الالهية المطلقة اللامحدودة في عطائها و بين
القصور في مقام العقل النظري إذ لا يمكنه أن يدرك حقائق تلك النعم كما لا يمكنه أن
يتوصل إلى ابتدائها كذلك لا يدرك حال مبدأ وجود خالقها
وهذا ما تشير إليه فاطمة عليها
السلام
إلى عدم معرفة الزمان إلا بلحاظ متعلقه إذ ما وقع في الزمانيات لا يمكنه أن يحدد
الزمان نفسه من حيث المبدأ أوالمنتهى
قولها عليهاالسلام
وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها ـ وبعين ما أشارت إلى عدم
القدرة على تحديد
الشكر
للمنعم طلب سبحانه من المنعم عليه أن يقدم الشكر لإثبات ضعفه و عدم قدرته
على الجزاء و قال تعالى
ولئن شكرتم لأزيدنكم
كما انه منه لاظهار أنسه بمعبوده حيث إن زيادة شكره دليل على
انعطافه نحو مولاه واعترافه بالرقية والخضوع فإذا تكرر منه الشكر أصبح في
مقام الصلة بين المنعم و بين المنعم عليه
وتنقلنا
الزهراء
عليها
السلام إلى أن
الشكر أمام النعم المالية
ربما يواصل العبد شكره فيزيد فقرا إلى فقره و إنما أرادت له الجزاء في مقام معرفته
و هو أن يشعر بمقام التلذذ في العبودية فيجد في عين الشدة صبرا و بعين المأساة
راحة وأنسا يرتاح بالانفراد والوحشة وترتاح نفسه بنغمات الحزن والكآبة فيروضها إلى
العشق الالهي ليصل إلى نيل السعادة الأخروية
بحث رقم ( 288 ) لـ آية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور
الشيخ سجاد الشمري