فقال ( عليه السلام ) : أعرض علينا (1) .
فعرض علينا
تسع جوار ، كل ذلك وأبو الحسن يقول له : لا حاجة لي فيها .
ثم قال له : اعرض
علينا .
قال : ما عندي شيء .
فقال ( عليه السلام ) : بلى ، اعرض علينا
.
قال : لا والله ! ما عندي إلا جارية مريضة .
فقال له : ما عليك أن تعرضها
؟
فأبى عليه صاحب الرقيق ، ثم انصرف ( عليه السلام ) .
قال هشام : ثم إنه
( عليه السلام ) أرسلني من الغد إليه . .
وقال لي : قل له كم غايتك فيها ؟ فإذا
قال : كذا وكذا . فقُل : قد أخذتها . ( قال هشام : ) .
فاتيتُه . . .
قلتُ :
كم غايتُك فيها ؟
فقال : ما أريد أن اُنقصها من كذا (2) .
فقلت : قد أخذتها
.
فقال : هي لك ، ولكن مَن الرجل الذي كان معك بالأمس ؟
فقلت : قد أخذتها
.
فقال : هي لك ، ولكن من الرجل الذي كان معك بالامس ؟
فقلت : رجل من بني
هاشم .
فقلت : من نقبائهم (3) .
____________
(1) أي أعرض علينا ما عندك
من الرقيق .
(2) أي لا اريد أن تنقص قيمة الجارية عن المبلغ الكذائي .
(3)
فلما سمع النخاس ذلك طمع في مزيد من المال .
فقال : أريد اكثر .
فقلت : ما عندي اكثر من هذا
.
فقال : أخبرك عن هذه الوصيفة (1) ؟ إنّي اشتريتها من اقصى بلاد المغرب ،
فلقيتني امرأه من أهل الكتاب . .
فقالت : ما هذه الوصيفة معك ؟
فقلت :
اشتريتها لنفسي .
فقالت : ما ينبغي أن تكون هذه الوصيفة عند مثلك ! ! إن هذه
الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الارض ، فلا تلبث عنده إلا قليلاً حتى تلد منه
علاماً يدين له شرق الارض وغربها .
قال هشام : فأتيت الإمام ( عليه السلام )
بالجارية (2) .
وكانت لهذه الجارية عدة اسماء منها : نجمة وتكتم (3) .
وقد
كانت بكراً حين شرائها (4) .
والظاهر أن الإمام ( عليه السلام ) اشتراها ـ
ابتداءً ـ لامّه حميدة المصفّاة .
وكانت السيدة تُكتم من أفضل النساء في عقلها
ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة حتى انها ما جلست بين يديها إجلالاً لها (5) .
____________
(1) قد يكون بمعنى الاستفهام وقد يكون بمعنى الإخبار ولعل
الثاني اظهر . أي : أريد ان اخبرك عن هذه الوصيفة . والوصيفة هنا أي الجارية
.
(2) عيون أخبار الرضا : ج1 بص 17 .
(3) المصدر السابق : ج1 ص 16 ، ص 17
.
(4) المصدر السابق : ج1 ص 17 .
(5) عيون أخبار الرضا : ج1 بص 14
.
ثم إن السيدة حميدة ذكرت انّها رأت في المنام رسول الله (
صلى الله عليه وآله وسلّم ) يقول لها : يا حميدة ! هبي نجمة لابنك موسى ، فإنّه
سيولد له منها خير أهل الارض (1) .
فقالت لابنها موسى ( عليه السلام ) : يا بني
! إن تُكتم جارية ما رايت جارية قط افضل منها . . . وقد وهبتها لك (2) .
فقالت
لابنها موسى ( عليه السلام ) ـ لمّا أتى بها ـ قد جمع أصحابه وأخبرهم بأنّه ما
اشتراها الا بامر من الله ووحيه . .
قال (عليه السّلام) : بينا انا نائم ، إذا
أتاني جدّي رسول الله وأبي ( عليهما السلام ) ومعهما شقّة حرير (3) ، فنشراها فإذا
قميص وفيه صورة هذه الجارية .
فقالا : يا موسى ! ليكونن لك من هذه الجارية خير
اهل الارض بعدك . ثم أمراني أن أسمه عليا .
وقالا لي : إن الله تعالى يظهر به
العدل والرافة ، طوبى لمن صدقه وويل لمن عاداه وجحده (4) .
ولما ولدت (السيدة
تكتم) الامام الرضا (
عليه
السلام ) قالت : اعينوني بمرضعة ! ! فقيل لها : انقص الدر (5) ؟
____________
(1) عيون اخبار الرضا : ص 17 .
(2) المصدر السابق : ص 14
.
(3) أي قطعة حرير .
(4) إثبات الوصيّة : ص 170 .
(5) أي : هل نقص لبن
الرضاع ؟
قالت : ما أكذب . ما نقص الدّر ، ولكن علي ورد (1) من
صلاتي وتسبيحي . وقد نقص منذ ولدت (2) .
وهذا مما يدل على حرصها على عبادتها
ووردها وانقطاعها إلى الله تعالى .
____________
(1) الورد : أي المندوب
والمستحب في مقابل الواجب ، وجمعه أوراد .
(2) عيون اخبار الرضا : ج1 ص15
.