اختص الله الزهراء من بين أخواتها بنات النبي بالدرجة الرفيعة التي رفعها إليها ، فجعلها في مقام مريم ابنة عمران ، حيث وصفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهما خير نساء العالمين ، واختص الله الزهراء كذلك ، بان كانت وحدها ، من دون أبناء النبي وبناته ، هي التي كان منها سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الحسن والحسين ، ومنهما كان نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن ثم فقد كان للزهراء - بضعة رسول الله ، وسيدة آل البيت ، وأم الأئمة ، وسيدة نساء المؤمنين - كثيرا من الفضائل التي انعم الله بها عليها ، إكراما لأبيها النبي الرسول ، سيدنا ومولانا وجدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن هذه الفضائل ما جاء في القرآن الكريم ، ومنها ما جاء في الحديث الشريف :
أولا - في القرآن الكريم ليست هناك آيات خاصة في القرآن الكريم بالسيدة فاطمة الزهراء ، رضي الله عنها ، وانما تشترك هي فيما نزل من كتاب الله خاصا بآل البيت الطاهرين المطهرين ، ومن ذلك آية المباهلة ( آل عمران 61 )
روى مسلم ، لما نزلت آية (]فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة والحسن والحسين ، رضي الله عنهم ، وقال : ( اللهم هؤلاء أهلي ) ، وآية المباهلة هذه بإجماع المسلمين
على اختلاف مذاهبهم ، انما نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنته الزهراء وابن عمه الإمام علي ، وسبطيه الحين والحسين .
ومنها آية التطهير ( الأحزاب 33 ) ، اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت هذه الآية في خمسة : في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة ، ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
ومنها آية مودة القربى ( الشورى 23 ) روى البيضاوي في تفسيره لقوله تعالى : قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى، قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال صلى الله عليه وسلم ( علي وفاطمة وابناهما ) .
وروى الإمام احمد والهيثمي والطبراني والسيوطي وابن المنذر وابنه أبي حاتم وابن مردويه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت : (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) ، قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ، قال : ( علي وفاطمة وابناها ، عليهم السلام ) ( اللفظ لأحمد ) .
ومنها آيات سورة الإنسان ( 7 - 12 ) قال تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . . . ) إلى قوله تعالى : ( جَنَّةً وَحَرِيرًا ) ، اخرج ابن مردويه عن ابن عباس ان الآيات نزلت في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وروى الواحدي في تفسيره البسيط والزمخشري في تفسيره الكشاف ، والبيضاوي في تفسيره ، والفخر الرازي في التفسير الكبير : ان ابن عباس روى ( ان الحسن والحسين ، عليها السلام ، مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس معه فقالوا يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك ، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما ان شفاهما الله تعالى ان يصوموا ثلاثة أيام فشفيا وما معهم شئ فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة اصوع من شعير ، فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة أقراص على عددهم ووضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال : اللام عليكم أهل بيت محمد ، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة فآثروه ، وباتوا ولم يذوقوا إلا الماء ، وأصبحوا
صائمين ، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم فآثروه وجاءهم أسير في الثالثة ، ففعلوا مثل ذلك ، فلما أصبحوا اخذ علي عليه السلام ، بيد الحسن والحسين ، ودخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال : ما اشد ما يسوءني ما أرى بكم ، وقام فانطلق معهم ، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها فساءه ذلك ، فنزل جبريل عليه السلام ، وقال : خذها يا محمد هناك ، الله في أهل بيتك فاقرأها السورة ) .
وروى المحب الطبري عن ابن عباس في قوله تعالى : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) قال اجر على نفسه يسقي نخلا بشئ من شعير ليلة ، فلما أصبح قبض الشعير فطحن منه ، فجعلوا منه شيئا ليأكلوه يقال له ( الخريرة ) ( دقيق بلادهن ) فلما تم إنضاجه أتى مسكينا فسال فأطعموه إياه ، ثم وصنعوا الثلث ، الثاني ، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسال فأطعموه إياه ثم وضعوا الثلث الثالث ، فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين فأطعموه إياه وطووا يومهم فنزلت الآية .