علي احمد الوائلي
مدير عام المنتدى رقم العضوية : 52 الجنــس : المواليد : 01/03/1972 التسجيل : 06/02/2013 العمـــــــــــــــــر : 52 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 979 نقـــــــــاط التقيم : 2363 السٌّمعَــــــــــــــة : 0 علم بلدك : 15000
| موضوع: الإنسانة العالمية السبت مارس 23, 2013 1:33 am | |
| الإنسانة العالمية كانت الزهراء (ع) الإنسانة العالمية، ومن المؤسف أننا حبسناها في دائرة المأساة، وهي التي كانت أكبر من المأساة، لم تذكر مأساتها ولم تتحدّث عنها يوماً، وإنما ذكرت الحق في حق عليّ (ع)، كان كل همها في كل ما تحدثت به وكل مواقفها مع المسلمين جميعاً ـ نساءً ورجالاً ـ كيف تؤكد لهم أصالة الحق في ما يملكه عليّ (ع) من الشرعية. كانت الإنسانة التي عاشت معنى رسول الله في الرسالة، ومعنى عليّ في الإمامة، ولذلك كان صوتها صوت عليّ عندما تحدث عن الحق الذي لم يترك له من صديق، وكذلك لم يترك الحق لها من صديق. كانت الإنسانة التي تقف بكل صلابة في مواجهة الباطل، ولم تأخذها في الله لومة لائم.
ولذلك، لا بد لنا من أن ندخل شخصية الزهراء في الواقع الإنساني كله، لا أن نحبسها في دائرة مصيبة في وفاة هنا أو في دائرة فرح في مولد هناك. إن العالم بحاجة إلى سيدة عظيمة طاهرة كفاطمة الزهراء (ع)، هذا العالم يتحدث عن أكثر من سيدة في ما تنتجه النساء من جهود أو مواقع، ولكننا لا نجد في كل ما تحدثوا عنه من تضحيات وأخلاق وإنسانية كما نجده في الزهراء (ع). هذه الإنسانة التي تفكر بالناس أكثر مما تفكر بنفسها. نحن نعتبر أن القيمة الكبرى للإنسان المؤمن هو أن يساوي الآخرين بنفسه، "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه ويكره له ما يكره لها"، أما فاطمة الزهراء (ع) فقد كانت تحب للناس أكثر مما تحب لنفسها، وهذا ما يرويه ولدها الإمام الحسن (ع) عندما كانت تقوم الليل حتى تتورم قدماها، وكان يسمعها تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها، وكان يسألها: "يا أماه، لم لا تدعين لنفسك"؟ فتقول: "يا بني، الجار ثم الدار". لقد كانت تفكر بالآخرين قبل أن نفكّر بنفسها، وتتحسس آلامهم والظلم الذي يقع عليهم أكثر مما تتحسسه في نفسها.
كانت إنسانيتها كإنسانية زوجها وابن عمها أمير المؤمنين (ع) في مسألة الإيثار، {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً* إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً}، كانا يطويان يومهما جائعين ويعطيان إفطارهما للمسكين واليتيم والأسير. كانوا يقدّمون التضحية كلها ويفعلون الخير كله، ويجسّدون الإيثار كله لوجه الله، وذلك يمثل أعلى معاني الإنسانية.
وكانت الزهراء (ع) إلى جانب ذلك ربّة بيت أخلصت لزوجها، حتى كان يجد في بيتها كل مناخ الروح وحيوية الرسالة، وكل الجهد الذي كانت تعيشه، وكان يقول: "ولقد طحنت بالرحى حتى أثّر في صدرها، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، ومجلت يداها"، وكانت لا تتأفف، حتى إن علياً (ع) طلب منها أن تطلب من رسول الله (ص) خادماً يعينها في البيت، وذهب إلى رسول الله وحدّثه عن آلام الزهراء ومتاعبها في البيت، فكان جواب رسول الله (ص): "ألا أعلّمكما شيئاً إذا أنتما فعلتماه كان خيراً لكما من الخادم، إذا أخذتما منامكما فكبّرا الله أربعاً وثلاثين مرة، واحمدا الله ثلاثاً وثلاثين مرة، وسبّحا الله ثلاثاً وثلاثين مرة، فهو خير لكما من الخادم"، فقالا: "رضينا بالله تعالى"، وخلّدت الزهراء في تسبيحها، فأصبح تسبيح الزهراء تعقيب المؤمنين في صلاتهم وعند منامهم.
وكانت ـ وهي الزوجة والأم والبنت لرسول الله(ص) ـ تجمع نساء المهاجرين والأنصار لتتلو عليهم ما تسمعه من حديث رسول الله (ص)، كانت المعلّمة في الوقت الذي كانت حياتها محاصرة بكل المتاعب والظلمات، كانت ترى أن على الإنسانة المؤمنة أن تملك الثقافة الإسلامية من أجل أن توجّه المؤمنات، لأن المرأة في وعي الزهراء(ع) الذي هو وعي الإسلام، ليست كمية مهملة، بل هي إنسان يتحمل مسؤولية المجتمع كما الرجل، {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، لذلك كانت تشعر أن مشاكلها وتعبها لا يمنعانها من القيام بمسؤولياتها في توعية المؤمنات.
وكانت الإنسانة المجاهدة التي وقفت أمام المهاجرين والأنصار في المسجد الذي كان يخطب فيه أبوها ويعظ الناس، وقد قيل بأن من يسمعها فكأنه يسمع رسول الله (ص)، لأنها كانت تشبهه هدياً وسمتاً ومنطقاً، وقفت أمام المهاجرين والأنصار لتدافع عن الحق، ولتجادل في ما أثير من أمر "فدك"، وقد استطاعت أن تلقي محاضرة ثقافية يتمثل فيها كل تعاليم الإسلام في خطوطه العامة والخاصة، فتحدثت في مواجهة الكلمات التي أُريد لها أن تبعدها عن إرث أبيها، وتحدثت عن القرآن والنبي بهدوءٍ ورويّة، لأنها كانت ـ كأبيها وزوجها ـ في خط الإسلام، كانت القضية عندهم ليست هي أن يهينوا الآخرين الذين يختلفون معهم، بل يريدون أن يفتحوا عقولهم على الحق، وقلوبهم على المحبة، وهكذا كانت الزهراء (ع) إنسان الحوار، وكانت تتنقل من موقع إلى موقع في المسلمين لتحدثهم عن عليّ (ع) وحقه، لأنها كانت تشعر أن رسالتها تتجاوز ذاتها، وأن قضيتها تتجاوز آلامها، لأن الإنسان الرسالي هو الذي يعيش مسؤولية الرسالة قبل أن يعيش مسؤولية الذات.
السيد محمد حسين فضل الله | |
|
عهد الوفاء الرتبــــــة
رقم العضوية : 44 الجنــس : المواليد : 25/06/1977 التسجيل : 21/01/2013 العمـــــــــــــــــر : 47 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 8799 نقـــــــــاط التقيم : 11721 السٌّمعَــــــــــــــة : 3 علم بلدك : مشرفة الاجتماعيات والكتاب الشيعي
| موضوع: رد: الإنسانة العالمية السبت مارس 23, 2013 4:56 am | |
| شكر جزيلا للطرح القيم ننتظر المزيد من الابداع من اقلامكم الرائع تحيتي وتقديري لكم | |
|
أبو سجاد الرتبــــــة
رقم العضوية : 9 الجنــس : المواليد : 15/05/1973 التسجيل : 19/12/2012 العمـــــــــــــــــر : 51 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 10278 نقـــــــــاط التقيم : 14107 السٌّمعَــــــــــــــة : 6 علم بلدك : الموقع : منتديات اهل البيت عليهم السلام مشرف منتدى الامام علي عليه السلام
| موضوع: رد: الإنسانة العالمية السبت مارس 23, 2013 1:36 pm | |
| بارك الله بك أخي الكريم ودمت بحفظ الله | |
|