الحمى وثوابها:
قال (
): (إن المؤمن إذا حم حماة واحدة تناثرت الذنوب منه كورق الشجر، فإن صار على فراشه فأنينه تسبيح وصياحه تهليل وتقلبه على الفراش كمن يضرب بسيفه في سبيل الله، وإن أقبل يعبد الله عز وجل بين أصحابه كان مغفورا له، فطوبى له إن مات وويله إن عاد والعافية أحب إلينا)(1).
وعن علي بن الحسين (
) قال: (حمى ليلة كفارة سنة وذلك لأن ألمها يبقى في الجسد سنة)(2).
وعن أبي الحسن (
) قال: (حمّى ليلة كفّارة سنة)(3).
وعنه (
): (حمّى يوم كفّارة سنة)(4).
قال المحدث النوري في المستدرك: (وسمعنا بعض الأطبّاء وقد حكي له هذا الحديث فقال: هذا يصدّق قول أهل الطّبّ إنّ حمّى يوم تؤلم البدن سنةً)(5).
وعن أبي عبد الله (
) قال: (حمى ليلة كفارة لما قبلها ولما بعدها)(6).
وعن أبي جعفر (
) قال: (حمى ليلة تعدل عبادة سنة، وحمى ليلتين تعدل عبادة سنتين، وحمى ثلاث تعدل عبادة سبعين سنة)، قال أبو حمزة: قلت: فإن لم يبلغ سبعين سنة، قال: (فلأبيه وأمه)، قال: قلت: فإن لم يبلغا، قال: (فلقرابته)، قال: قلت: فإن لم تبلغ قرابته، قال: (فلجيرانه)(7).
وقال رسول اللّه (
): (الحمّى تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد)(
.
عن أبي عبد الله (
) قال: قال رسول الله (
): (الحمى رائد الموت وسجن الله في أرضه وفورها من جهنم وهي حظ كل مؤمن من النار)(9).
وعن عبد اللّه بن سنان قال سمعت أبا عبد اللّه (
) يقول: (الحمّى رائد الموت وهو سجن اللّه في الأرض وهو حظّ المؤمن من النّار)(10).
وعن أبي بصير عن أبي عبد اللّه (
) قال: قال أمير المؤمنين (
): (الحمّى رائد الموت وسجن اللّه في الأرض يحبس بها من يشاء من عباده وهي تحتّ الذّنوب كما يحاتّ الوبر عن سنام البعير)(11).
وعن علي بن الحسين (
) قال: (نعم الوجع الحمى يعطي كل عضو قسطه من البلاء ولا خير فيمن لا يبتلى)(12).
وعن عليّ بن أبي طالب (
) أنّ رسول اللّه (
) عاد رجلاً من الأنصار فشكا إليه ما يلقى من الحمى، فقال رسول اللّه (
): (الحمّى طهور من ربّ غفور) فقال الرجل: بل الحمّى تفور بالشّيخ الكبير حتى تحله القبور، فغضب رسول اللّه (
) وقال: (فليكن ذلك بك) قال: فمات من علته تلك (13).
وشبهه في المستدرك عن الصّادق (
) عن آبائه عن رسول اللّه (
(14)).
مرض الولد:
عن أبي عبد اللّه (
) قال: (إنّ العبد يكون له عند ربّه درجة لا يبلغها بعمله فيبتلى في جسده أو يصاب في ماله أو يصاب في ولده فإن هو صبر بلّغه اللّه إيّاها)(15).
وقال النّبيّ (
): (إذا مرض الصّبيّ كان مرضه كفّارةً لوالديه)(16).
وعن علي (
) في المرض يصيب الصبي؟ قال: (كفارة لوالديه)(17).
المفجوع في أعضائه:
عن ابن فهد في عدّة الدّاعي، عن جابر قال أقبل رجل أصمّ أخرس حتّى وقف على رسول اللّه (
) فأشار بيده، فقال رسول اللّه (
): (اكتبوا له كتاباً تبشّرونه بالجنّة فإنّه ليس من مسلم يفجع بكريمته أو بلسانه أو بسمعه أو برجله أو بيده فيحمد اللّه على ما أصابه ويحتسب عند اللّه ذلك إلا نجّاه الله من النار وأدخله الجنّة) ثمّ قال رسول اللّه (
): (إنّ لأهل البلايا في الدّنيا درجات وفي الآخرة ما لا تنال بالأعمال، حتّى أنّ الرّجل ليتمنّى أنّ جسده في الدّنيا كان يقرض بالمقاريض ممّا يرى من حسن ثواب اللّه لأهل البلاء من الموحّدين فإنّ اللّه لا يقبل العمل في غير الإسلام)(18).
وقال النّبيّ (
): (لا يذهب حبيبتا عبد فيصبر ويحتسب إلا أدخل الجنّة)(19).
وعن ابن فضّال قال سمعت الرّضا (
) قال: (ما سلب أحد كريمته إلا عوّضه اللّه منه الجنّة)(20).
وقال (
) حاكياً عن الله تعالى: (إذا وجّهت إلى عبد من عبيدي في بدنه أو ماله أو ولده ثمّ استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه يوم القيامة أن أنصب له ميزاناً أو أنشر له ديواناً)(21).
وقال (
): (إنّ الرّجل ليكون له الدّرجة عند اللّه لا يبلغها بعمله يبتلى ببلاء في جسمه فيبلغها بذلك)(22).
لا تكثر من الدواء:
قال البعض: باستحباب ترك المداواة مع إمكان الصبر وعدم الخطر، سيّما من الزكام والدماميل والرّمد والسعال، فقد ورد أنّه لا دواء إلاّ ويهيج داء، وليس شيء أنفع في البدن من إمساك اليد إلاّ عما يحتاج إليه.
في الحديث الشريف عن رسول الله (
) قال: (تجنب الدواء ما احتمل بدنك الداء فإذا لم يحتمل الداء فالدواء)(23).
وقال علي (
): (امش بدائك ما مشى بك)(24).
ومثله في نهج البلاغة(25).
وقال (
): (رب دواء جلب داء)(26).
وقال (
): (ربما كان الدواء داء)(27).
وقال (
): (رب داء انقلب دواء)(28).
وقال (
): (ربما كان الداء شفاء)(29).
وقال (
): (من كثرت أدواؤه لم يعرف شفاؤه)(30).
وعن الجعفري قال: سمعت موسى بن جعفر (
) وهو يقول: (ادفعوا معالجة الأطباء ما اندفع الداء عنكم فإنه بمنزلة البناء قليلة يجر إلى كثيرة)(31).
وعن السكوني عن أبي عبد الله (
) قال: (من ظهرت صحته على سقمه فيعالج نفسه بشيء فمات فأنا إلى الله منه برئ)(32).
أي: يعالج نفسه من دون الحاجة إليها.
وعن سالم بن أبي خيثمة عن الصادق (
) قال: (من ظهرت صحته على سقمه فشرب الدواء فقد أعان على نفسه)(33).
وقال (
): (تجنب الدواء ما احتمل بدنك الداء، فإذا لم يحتمل الداء فالدواء)(34).
وعن عثمان الأحول قال: سمعت أبا الحسن (
) يقول: (ليس من دواء إلا وهو يهيج داء، وليس شيء في البدن أنفع من إمساك اليد إلا عما يحتاج إليه)(35).
وعن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليهم السلام): (لا يتداوى المسلم حتى يغلب مرضه على صحته)(36).
الزكام وما أشبه:
عن النّبيّ (
) قال: (ما من إنسان إلا وفي رأسه عرق من الجذام فيبعث اللّه عليه الزّكام فيذيبه وإذا وجد أحدكم فليدعه ولا يداويه حتّى يكون اللّه يداويه)(37).
وعن النّبيّ (
) أنّه قال: (الزّكام جند من جنود اللّه عزّ وجلّ يبعثه اللّه على الدّاء فيزيله)(38).
وعن الإمام الرضا (
): (وإذا خاف الإنسان الزّكام في زمان الصّيف فليأكل كلّ يوم خيارةً وليحذر الجلوس في الشّمس)(39).
صبر المريض:
يستحب للمريض احتساب المرض وأن يصبر عليه ويتحمل وجعه ويشكر الله عز وجل، فإنّ المرض سجن الله الذي به يعتق المؤمن من النّار، ويكتب له في مرضه أفضل ما كان يعمل من خير في صحّته، وإن سهر ليلة من مرض أو وجع أفضل وأعظم أجراً من عبادة سنة، وإنّ أنين المؤمن تسبيح وصياحه تهليل، ونومّه على الفراش عبادة، وتقلّبه من جنب إلى آخر جهاد في سبيل الله، وإن عوفي مشى في النّاس وما عليه ذنب، وأيّما رجل اشتكى فصبر واحتسب، كتب الله له أجر ألف شهيد، إلى غير ذلك.
قال (
): (من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها وأدى إلى الله شكرها كانت له كفارة ستين سنة)، قال قلت: وما قبلها بقبولها؟ قال: (صبر على ما كان فيها)(40).
وروي عن أمير المؤمنين (
) أنه قال: (المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع ذنبا إلا حطه، وإنما الأجر بالقول واللسان، والعمل باليد والرجل، وإن الله تعالى ليدخل بصدق النية والسريرة الخالصة جما من عباده الجنة)(41).
وعن النّبيّ (
) قال: (يكتب أنين المريض حسنات ما صبر، فإن جزع كتب هلوعاً لا أجر له)(42).
وعنه (
): (يكتب أنين المريض فإن كان صابراً كتب حسنات وإن كان جزعاً كتب هلوعاً لا أجر له)(43).
وعنه (
) قال: (عجبت من المؤمن وجزعه من السّقم ولو يعلم ما له في السّقم من الثواب لأحبّ أن لا يزال سقيماً حتّى يلقى ربّه عزّ وجلّ)(44).
وعن الصّادق (
): (إن الصّبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو صبور وإنّ البلاء والجزع يستبقان إلى الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع)(45).
وروي: (أنّ المؤمن بين بلاءين أوّل هو فيه منتظر به بلاء ثان فإن هو صبر للبلاء الأوّل كشف عنه الأوّل والثّاني وانتظره البلاء الثّالث فلا يزال كذلك حتّى يرضى)(46).
موقع المعصومين الأربعة عشر