الذي يجب تقديمه في هذا الباب أنّه قد ثبت بالدلالة القاطعة وجوب الإمامة في كلّ زمان لكونها لطفاً في فعل الواجبات والامتناع عن المقبّحات ، فإَنّا نعلم ضرورة ان عند وجود الرئيس المهيب يكثر الصلاح من الناس ويقلّ الفساد، وعند عدمه يكثر الفساد ويقلّ الصلاح منهم ، بل يجب ذلك عند ضعف أمره مع وجود هيبته .
وثبت أيضاً وجوب كونه معصوماً مقطوعاً على عصمته ، لأنّ جهة الحاجة إلى هذا الرئيس هي إرتفاع العصمة عن الناس وجواز فعل القبيح منهم ، فإن كان هو غير معصوم وجب أن يكون محتاجاً إلى رئيس آخر غيره ،لأنّ علّة الحاجة إليه قائمة فيه ، والكلام في رئيسه كالكلام فيه ، فيؤدّي إلى وجوب ما لا نهاية له من الأئمّة أو الانتهاء إلى إمام معصوم وهو المطلوب .
فإذا ثبت وجوب عصمة الإمام فالعصمة لا يمكن معرفتها إلاّ بإعلامالله سبحانه العالم بالسرائر والضمائر، ولا طريق إلى ذلك سواه ، فيجب النصّ من الله تعالى عليه على لسان نبيّ مؤيّد بالمعجزات ، أو إظهار معجز دالّ على إمامته . وإذا ثبتت هذه الجملة القريبة - التي لا تحتاج فيها إلى تدقيق كثير- سبرنا أحوال الاُمّة بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فوجدناهم اختلفوا في الإمام بعده على أقوال ثلاثة :
فقالت الشيعة : الإمام بعده صلّى الله عليه وآله وسلّم أميرالمؤمنين عليه السلام ، بالنصّ على إمامته.
وقالت العبّاسيّة : الإمام بعده العبّاس ، بالنصّ أو الميراث.
وقال الباقون من الاُمّة : الإمام بعده أبو بكر.
وكلّ من قال بإمامة أبي بكر والعبّاس أجمعوا على أنّهما لم يكونا مقطوعاً على عصمتهما، فخرجا بذلك من الإمامة لما قدّمناه ، ووجب أن يكون الإمام بعده أمير المؤمنين علي عليه السلام بالنصّ الحاصل من جهة الله تعالى عليه والإشارة إليه ، وإلاّ كان الحقّ خارجاً عن أقوال جميع الاُمّة وذلك غير جائز بالاتّفاق بيننا وبين مخالفينا، فهذا هو الدليل العقلي على كونه منصوصاً عليه صلوات الله عليه .
وأما الأدلّة السمعيّة على ذلك فقد استوفاها أصحابنا ـ رضي الله عنهم ـ قديماً وحديثاً في كتبهم ، لا سيّما ما ذكره سيّدنا الأجلّ المرتضى علم الهدى ذو المجدين قدّس الله روحه في كتاب الشافي في الإمامة، فقد استولى على الأمد، وغار في ذلك وأنجد، وصوّب وصعّد، وبلغ غاية الاستيفاء والاسقصاء، وأجاب على شُبَه المخالفين التي عوّلوا على اعتمادها واجتهدوا في إيرادها ، أحسن اللهّ عن الدين وكافّة المؤمنين جزاءه ، ونحن نذكر الكلام في ذلك على سبيل الاختصار والإجمال دون البسط والإكمال .
فنقول : إنّ الذي يدل على أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نصّ على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالإمامة بعده بلا فصل ، ودل على فرض طاعته على كلّ مكلّف قسمان : أحدهما : يرجع إلى الفعل ،وإن كان يدخل فيه أيضاً القول ، والاخر يرجع إلى القول .
فأمّا النصّ الدال على إمامته بالفعل والقول : فهو أفعال نبينا صلى الله عليه وآله وسلّم المبينة لأمير المؤمنين عليه السلام من جميع الاُمة، الدالةعلى استحقاقه التعظيم والإجلال والتقديم التي لم تحصل ولا بعضها لأحد سواه ، وذلك مثل إنكاحه ابنته الزهراء سيّدة نساء العالمين ، ومؤاخاته إيّاه بنفسه ، وأنّه لم يندبه لأمر مهمّ ولا بعثه في جيش قطَ إلى آخرعمره إلآ كان هو الوالي عليه ، المقذم فيه ، ولم يولّ عليه أحداً من أصحابه وأقربيه ، وأنّه لم ينقم عليه شيئاً من أمره مع طول صحبته إيّاه ، ولا أنكر منه فعلاً، ولا استبطأه ، ولا استزاده في صغير من الاُمور ولا كبير، هذا مع كثرة ما عاتب سواه من أصحابه إمّا تصريحاً وإمّا تلويحاً .
وأمّا ما يجري مجرى هذه الأفعال من الأقوال الصادرة عنه صلى الله عليه وآله وسلم الدالة على تميزه عمن سواه ، المنبئة عن كمال عصمته وعلوّ رتبته فكثيرة :
منها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم يوم اُحد وقد انهزم الناس وبقي عليّ عليه السلام يقاتل القوم حتّى فض جمعهم وانهزموا فقال جبرئيل : «إن هذه لهي المواساة» فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم لجبرئيل : «عليّ مني وأنا منه » فقال جبرئيل : «وأنا منكما» (1) .
فاجراه مجرى نفسه ، كما جعله الله سبحانه نفس النبيّ صلّى الله عليه واله وسلّم في اية المباهلة بقوله :﴿ وأنفسنا ﴾ (2) .
ومنها : قوله عليه واله السلام لبريدة : «يا بريدة، لا تبغض عليّاً ، فإنهمنّي وأنا منه (3) ، إنّ الناس خلقوا من أشجار شتّى وخلقت أنا وعليّ من شجرة واحدة» (4) .
ومنها: قوله : «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ يدور حيثما دار» (5) .
ومنها: ما اشتهرت به الرواية من حديث الطائر، وقوله عليه وآله السلام : «اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر» فجاء عليّ عليه السلام (6) .
ومنها : قوله صلّى اللهّ عليه وآله وسلّم لابنته الزهراء عليها السلام لمّا عيّرتها نساء قريش بفقر عليّ عليه السلام : «أما ترضين يا فاطمة أنّي زوّجتك أقدمهم سلماً ، وأكثرهم علماً، إنّ اللهّ عزّ وجلّ اطّلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباك فجعله نبيّاً، واطّلع عليهم ثانية فاختار منهم بعلك فجعله وصيّاً، وأوحى إليّ أن اُنكحه ، أما علمت يا فاطمة أنّك بكرامة الله إيّاك زوجتك أعظمهم حلماً ، وأكثرهم علماً، وأقدمهم سلماً».
فضحكت فاطمة عليها السلام واستبشرت ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «يا فاطمة إنّ لعليّ ثمانية أضراس قواطع لم تجعل لأحد من الأوّلين والآخرين ، هو أخي في الدنيا والآخرة، ليس ذلك لغيره من الناس ، وأنت يا فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة زوجته ، وسبطا الرحمة سبطا يولده ، وأخوه المزيّن بالجناحين في الجنّة يطير مع الملائكة حيث يشاء ، وعنده علم الأوّلين والآخرين ، وهو أوّل من آمن بي ، وآخر الناس عهداً بي ، وهو وصّي ووارث الوصيّين » (7) .
ومنها: قوله صلَى الله عليه وآله وسلّم فيه : «أنت مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأت من الباب » (
.
وما رواه عبدالله بن مسعود: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم استدعى عليّاً فخلا به ، فلمّا خرج إلينا سألناه : ما الذي عهد إليك ؟ فقال :«علّمني ألف باب من العلم ، فتح لي كلّ باب ألف باب » (9) .
ومنها: أنّه جعل محبّته علماً على الإيمان ، وبغضه علماً على النفاق بقوله فيه : «لايحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق » (10) .
ومنها: أنّه عليه وآله السلام جعل ولايته عَلَماً على طيب المولد ، وعداوته عَلَماً على خبث المولد ، بقوله «بوروا (11) أولادكم بحبّ عليّ بن أبي طالب ، فمن أحبّه فاعلموا أنّه لرشدة ، ومن أبغضه فاعلموا أنّه لغيّة (12) . رواه جابر بن عبدالله الأنصاري عنه .
وروى عنه أبو جعفر الباقر عليهما السلام قال : «سمعت رسول الله صلّى الله عليه واله وسلّم يقول لعليّ عليه السلام : ألا أسرّك ، ألا أمنحك ،ألا آبشّرك ؟ فقال : بلى يا رسول الله قال : خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ففضلت منها فضلة فخلق الله منها شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس باسماء اُمّهاتهم ، سوى شيعتنا فإنهم يدعون بأسماء ابائهم لطيب مولدهم » (13) .
وروي عن جابر أنه كان يدور في سكك الأنصار ويقول : عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر، معاشر الأنصار بوروا أولادكم بحب عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فمن أبى فانظروا في شأن اُمّه (14) .
ومنها: عن ابن عبَاس : أنَ النبي صلّى النبي عليه وآله وسلم قال : «إذاكان يوم القيامة دعي الناس كلّهم بأسمائهم ما خلا شيعتنا فإنهم يدعون بأسماء ابائهم لطيب مواليدهم » (15) .
ومنها: أنه جعله وشيعته الفائزون، رواه أنس بن مالك عنه صلّى الله عليه واله وسلم : «يدخل الجنة من اُمتي سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب »ثمّ التفت إلى علي عليه السلام فقال : «هم شيعتك وأنت إمامهم » (16) .
ومنها : أنه عليه السلام سد الأبواب في المسجد إلاّ بابه عليه السلام ، روى أبو رافع قال : خطب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : «أيّها النّاس إنّ الله تعالى أمر موسى بن عمران أن يبني مسجداً طاهراً لا يسكنه إلاّ هو وهارون وابنا هارون شبر وشبير، وإنّ الله أمرني أن أبني مسجداً لا يسكنه إلاّ أنا وعليّ والحسن والحسين ، سدوا هذه الأبواب الاّ باب عليّ » .
فخرج حمزة يبكي وقال : يا رسول الله أخرجت عمّك وأسكنت ابن عمّك ! فقال : «ما أنا أخرجتك وأسكنته ، ولكنّ الله أسكنه » .
فقال بعض الصحابة ـ وقيل : هو أبو بكرـ: دع لي كوّة أنظر فيها،فقال : «لا ، رأس إبرة» (17) .
وروى زيد بن أرقم عن سعد بن أبي وقّاص قال : سدّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم الأبواب إلاّ باب عليّ (18) .
وإلى هذا أشار السيّد الحميري في قصيدته المذهّبة بقوله ؟
صهرُ النبيّ وجارهُ في مسجدٍ طهر بطيبة للرسولِ مطيّب
سيّان فيه عليهِ غير مذمّمٍ ممشاه إِن جنباً وإن لَم يجنب (19)
وأمثال ما ذكرناه من الأفعال والأقوال الظاهرة التي جاءت بها الأخَبار المتظاهرة ولا يخالف فيها ولن ولا عد ـ كثير- يطول هذا الكتاب بذكرها ، وإنّما شهدت هذه الأفعال والأقوال باستحقاقه عليه السلام الإمامة ، ودلّت على أنّه عليه السلام أحقّ بمقام الرسول عليه وآله السلام ، وأولى بالإمامة والخلافة من جهة أنّها إذا دلّت على الفضل الأكيد ، والاختصاص الشديد ، وعلوّ الدرجة ، وكمال المرتبة ، علم ضرورة أنّها أقوى الأسباب والوصلات إلى أشرف الولايات . لأنّ الظاهر في العقل أن من كان أبهر فضلاً، وأجلّشأناً ، وأعلى في الدين مكاناً ، فهو أولى بالتقديم ، وأحقّ بالتعظيم ، والإمامة ، وخلافة الرسول صلّى الله عليه واله وسلّم هي أعلا منازل الدين بعد النبوّة ، فمن كان أجلّ قدراً في الدين ، وأفضل وأشرف على اليقين ، وأثبت قدماً ، وأوفر حظّاً فيه ، فهو أولى بها ، ومن دلّ على ذلك من حاله دل على إمامته .
ولأنّ العادة قد جرت فيمن يرشّح لجليل الولايات ، ويؤهّل لعظيم الدرجات ، أن يصنع به بعض ما تقدّم ذكره ، يبيّن ذلك أنّ بعض الملوك لو تابع بين أفعال وأقوال في بعض أصحابه طول عمره وولايته يدل على فضل شديد ، وقرب منه في المودّة والمخالصة والاتحاد ، لكان عند أرباب العادات بهذه الأفعال مرشّحاً له لأفضل المنازل ، وأعلى المراتب بعده ، ودالاً على استحقاقه لذلك . وقد قال قوم من أصحابنا : إن دلالة العقل ربما كانت آكد من دلالة القول ؛ لأنها أبعد من الشبهة ، وأوضح في الحجة ، من حيث إنّ مايختصَ بالفعل لا يدخله المجاز ولا يتحمل التأويل ، وأمّا القول فيحتمل ضروباً من التأويل ويدخله المجاز وبالله التوفيق .
وأمّا النص المختص بالقول فينقسم قسمين : النص الجلي ، والنصّ الخفيّ . فالنص الجليّ: هو ما علم سامعوه من الرسول صلَى الله عليه وآله وسلّم مراده منه ضرورة وإن كنَا نعلم الآن ثبوته .
والمراد به إستدلالاً : وهو النصّ الذي فيه التصريح بالإمامة والخلافة مثل ،قوله صلى الله عليه وآله « سلّموا على عليً بإمرة المؤمنين » (20)
وقوله صلوات الله عليه وآله مشيرا إليه وآخذا بيده : « هذا خليفتي فيكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوه » (21) .
وقوله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأمّ سلمة: «اسمعي واشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين » (22) .
وقوله عليه وآله السلام حين جمع بني عبدالمطّلب في دار أبي طالبوهم أربعون رجلاً يومئذ يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً ـ فيما ذكره الرواة ـوقد صنع لهم فخذ شاة مع مدّ من البرّ، وأعدّ لهم صاعاً من اللبن ، وقد كان الرجال منهم يأكل الجذعة في مقام واحد ويشرب الفرق من الشراب ، ثمّ أمر بتقديمه لهم ، فأكلت الجماعة من ذلك اليسير حتّى تملّوا منه ولم يبيّن ما أكلوه وشربوه فيه .
ثمّ قال لهم بعدأن شبعوا ورووا: يابني عبد المطّلب ، إنّ الله قد بعثني إلى الخلق كافّة ، وبعثني إليكم خاصّة فقال : ( وَاَنذِر عَشِيرَتَكَ الأقرَبينَ ) (23) وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ، ثقيلتين في الميزان ، تَملكون بهما العرب والعجم ، وتنقاد لكم بهما الأمم ، وتدخلون بهما الجنَة ، وتنجون بهما من النار: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله ، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووصيّي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي »؟ فلم يجب أحد منهم .
فقام عليّ عليه السلام فقال : « أنا يا رسول الله اُؤازرك على هذا الأمر» .
فقال : « اجلس » .
ثم أعاد القول على القوم ثانية فاصمتوا وقام علي فقال مثل مقالته الاُولى ، فقال : « اجلس » .
فاعاد القول ثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف ، فقام علي فقال : «أنا اُؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر» . فقال : «اجلس فأنت أخي ووصيّي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي » .
فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب : ليهنك اليوم إن دخلت في دين ابن أخيك ، فقد جعل ابنك أميراً عليك (24) .
وقد أورد هذا الخبر الاُستاذ أبو سعيد الخركوشي إمام أصحابالحديث بنيشابور في تفسيره (25) .
وهذا الضرب من النص قد تفرّد بنقله الشيعة الإمامية خاصّة ، وإن كانبعض من لم يفطن لما عليه فيه من أصحاب الحديث قد روى شيئاً منه .
وأمّا الدلالة على تصحيح هذا النصّ فقد سطرها أصحابنا في كتبهم ، وذكروا من الكلام في إثباته وإبطال ما خرج المخالفون فيه ما ربّما بلغ حجم كتابنا هذا أو أكثر، فمن أراد تحقيق أبوابه والتغلغل في شعابه فعليه بالكتابالشافي ، فإنّه يشرف منه على ما لا يمكن المزيد عليه .
وأمّا النصّ الذي يسمِّيه أصحابنا النصّ الخفيّ فهو ما لا يقطع علىأنِّ سامعيه علموا النصّ عليه بالإمامة منه ضرورة، وإن كان لا يمتنع أن يكونوا يعلمونه كذلك أو علموه استدلالاً، من حيث اعتبار دلالة اللفظ ، وأمّا نحن فلا نعلم ثبوته ، والمراد به إلاّ استدلالاً، وهذا الضرب سن النصّ على ضربين : قرانيٌّ ، وأخباريٌّ .
فأمّا النصّ من القرآن : فقوله سبحانه وتعالى :﴿ إنّما وَلِيكم الله وَرَسوله وَالَّذِينَ آمَنوا الَذِينَ يُقِيمُونَ الصلوةَ وَيُؤتونَ الزَّكوةَ وَهْم راكِعونَ ﴾ (26) .
ووجه الاستدلال من هذه الاية : أنه قد ثبت أن المراد بلفظة﴿ وليكم ﴾المذكورة في ألآية : من كان المتحقق بتدبيركم والقيام باُموركم وتجب طاعته عليكم ، بدلالة أنّهم يقولون في السلطان: أنَه ولي أمر الرعية، وفيمن ترشح للخلافة : أنه وليّ عهد المسلمين ، وفي من يملك تدبير انكاح المرأة : أنَة وليّها، وفي عصبة المقتول : أنّهم أولياء الدم، من حيث كانت إليهم المطالبة بالدم والعفو.
وقال المبرد في كتابه: الولي هو الأولى والأحق، ومثله المولى (27) .
فإذا كان حقيقته في اللغة ذلك فالذي يدل على أنّه المراد في الاية : أنَه قد ثبت أنّ المراد بـ ( الذين امنوا ) ليس هو جميعهم بل بعضهم، وهو منكانت له الصفة المخصوصة التي هي إيتاء الزكاة في حال الركوع .
وقد علمنا أنّ هذه الصفة لم تثبت لغير أمير المؤمنين عليه السلام، فإذا ثبت توجّه الآية إلى بعض المؤمنين دون جميعهم ، ونفى سبحانه ما أثبته عمّن عدا المذكور بلفظة (إنّما) لأنها محققة لما ذكرنا فيه لما لم يذكره ـ يبينه قولهم : إنّما الفصاحة في الشعر للجاهلية ، يريدون نفي الفصاحة عن غيرهم ، وإنّما النحاة المدققون البصريّون يريدون نفي التدقيق عن غيرهم ، وإنّما اكلت رغيفاً يريدون نفي أكل أكثر من رغيف - فيجب أن يكون المراد بلفظة ( وليّ ) في الآية ما يرجع إلى معنى الإمامة والاختصاص بالتدبير، لأنما تحمله هذه اللفظة من الموالاة في الدين والمحبّة لا تخصص في ذلك ، والمؤمنون كلهم مشتركون في معناه ، فقد قال الله سبحانه :﴿ والمؤمنونَ وَالمؤمِناتُ بَعضُهم أَولِياءُ بَعضٍ ﴾ (28) فإذا ثبت ذلك فالذي يدلّ على توجه لفظة ( الذين امنوا ) إلى أمير المؤمنين عليه السلام أشياء :
منها : قد ورد الخبر في ذلك بنقل طائفتين مختلفتين ومن طريق العامّة والخاصة نزول الأية في أمير المؤمنين عند تصدقه بخاتمه في حال ركوعه ، والقصة في ذلك مشهورة (29) .
ومنها : أن الاُمة قد اجمعت على توجهها إليه عليه السلام ، لأنها بين قائلين : قائل يقول : ان المراد بها جميع المؤمنين الذين هو أحدهم ، وقائل يقول : إنه المختص بها .
ومنها : أن كلّ من ذهب إلى أن المراد بالأية ما ذكرناه من معنى الإمامة يذهب إلى أنه عليه السلام هو المراد بها والمقصود ، ويدل على أنه عليه السلام المختصّ بالآية هو دون غيره ،أن الإمامة إذا بطل ثبوتها لأكثر من واحد في الزمان ، واقتضت اللفظة الإمامة، وتوجّهت إليه عليه السلام بما قدّمناه ثبت أنّه عليه السلام المنفرد بها، ولأنّ كلّ من ذهب إلى أن اللفظة مقتضية للإمامة افرده عليه السلام بموجبها، وما يورد في هذا الدليل من الأسئلة والجوابات فموضعها الكتب الكبار.
وأما النص من طريق الأخبار: فمثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خمّ : «من كنت مولاه فعلي مولاه » (30) .
وقوله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى » (31) .
فهذان الخبران ممّا رواهما الشيعي والناصبي ، وتلقّته الاُمّة بالقبول على اختلافها في النِحَل وتباينها في المذاهب ، وإن كانوا قد اختلفوا في تأويله واعتقاد المراد به .
فامّا وجه الاستدلال بخبر الغدير ففيه طريقتان: أحدهما : أن نقول : إنّ النبىّ صلى الله عليه وآله وسلّم قرّر اُمّته في ذلك المقام على فرض طاعته فقال : « ألست اولى بكم من أنفسكم » فلمّا أجابوه بالاعتراف وقالوا : بلى ، رفع بيد أمير المؤمنين عليّ عليه السلام وقال عاطفاً على ما تقدّم : «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه (32) - وفي روايات اُخر: فعليّ مولاه - اللهمّ وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » (33) .
فأتى عليه الصلاة والسلام بجملة يحتمل لفظها معنى الجملة الأولى التي قدّمها ، وهو أنّ لفظة (مولى) تحتمل معنى أولى ، وإن كانت تحتمل غيره ، فيحب أن يكون أراد بها المعنى المتقدّم على مقتضى استعمال أهل اللغة ، وإذا كانت هذه اللّفظة تفيد معنى الإمامة بدلالة أنّهم يقولون : السلطان أولى بإقامة الحدود من الرعيّة ، والمولى أولى بعبده ، وولد الميّت أولى بميراثه منغيره ، وقوله سبحانه : ﴿ النبي أولى بِالمُؤمِنِينَ مِن أنفُسِهِم ﴾ (34) لا خلاف بين المفسّرين أنّ المراد به أنّه أولى بتدبير المؤمنين والأمر والنهي فيهم من كل أحد منهم . وإذا كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلم أولى بالخلق من أنفسهم من حيث كان مفترض الطاعة عليهم ، وأحق بتدبيرهم وأمرهم ونهيهم وتصريفهم بلا خلاف ، وجب أن يكون ما أوجبه لأمير المؤمنين عليه السلام فيكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، من حيث أنّ طاعته مفترضة عليهم ، وأمره ونهيه ممّا يجب نفوذه فيهم ، وفرض الطاعة والتحقق بالتدبير من هذا الوجه لا يكون الآ لنبي أوامام ، فاذا لم يكن عليه السلام نبياً وجب أن يكون إماماً .
وأمّا الطريقة الاُخرى في الاستدلال بهذا الخبر فهي : أن لا نبني الكلام على المقدّمة ونستدلّ بقوله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » من غيراعتبار لما قبله ، فنقول : معلومِ أنّ النبي صلّى الله عليه واله وسلّم أوجب لأميرالمؤمنين عليه السلام أمراً كان واجباً له لا محالة، فيجب أن يعتبر ما تحتمله لفظة (مولى) من الأقسام ، وما يصحّ كون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم مختصاً به منها وما لا يصحّ ، وما يجوز أن توجبه لغيره في تلك الحال وما لا يجوز، وجميع ما تحتمله لفظه (مولى) ينقسم إلى أقسام :
منها : ما لم يكن ـ عليه واله السلام ـ عليه ، وهو المعتق والحليف لأنه لم يكن حاجفا لأحد ، والحليف الذي يحالف قبيلة وينتسب إليهم ليتعزز بهم .
ومنها: ما كان عليه ، ومعلوم لكلّ أحد أنّه لم يرده وهو المعتق والجار والصهر والحليف الإمام إذا عد من أقسام المولى وابن العمّ .
ومنها: ما كان عليه ، ومعلوم بالدليل أنَه لم يرده ، وهو ولاية الديات والنصرة فيه والمحبّة أو ولاء العتق . ومما يدلّ على أنّه لم يرده ذلك أنّ كلّ عاقل يعلم من دينه صلى الله عليه وآله وسلم وجوب موالاة المؤمنين بعضهم بعضاً ونطق القران بذلك ، وكيف يجوز أن يجمع عليه وآله السلام ذلك الجمع العظيم في مثل تلك الحال ويخطب على المنبر المعمول من الرحال ليعلم الناس من دينه ما يعلمونه هم ضرورة .
وكذلك ولاء العتق ، فإنهم يعلمون أن ولاء العتق لبني العمّ قبل الشريعة وبعدها .
ويبطل ذلك أيضاً ما جاء في الرواية من مقال عمر بن الخطاب له عليه السلام : بخّ بخّ يا عليّ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة (35).
ومنها : ما كان حاصلاً له ويجب أن يريده ، وهو الأولى بتدبير الاُمّة وأمرهم ونهيهم ، لأنّا إذا أبطلنا جميع الأقسام وعلمنا أنّه يستحيل أن يخلو كلامه من معنى وفائدة ، ولم يبق إلاّ هذا القسم ، وجب أن يريده ، وقد بيّنا أنّ كلّمن كان بهذه الصفة فهو الإمام المفترض الطاعة، وأمّا استيفاء الكلام فيه ففي الكتب الكبار (36).
وأمّا الاستدلال بالخبر الآخر وهو قوله صلّى الله عليه واله وسلّم : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبي بعدي» (37) فإنه يدل على النصّ من وجهين : أحدهما : أنّ هذا القول يقتضي حصول جميع منازل هارون من موسى لأمير المؤمنين من النبيّ عليه السلام إلآ ما خصّه الاستثناء المنطوق به في الخبر من النبوة، وما جرى مجرى الاستثناء وهو العرف من اُخوّة النسب ، وقد علمنا أن من منازل هارون من موسى عليهما السلام هي :الشركة في النبوّة، واُخوّة النسب ، والتقدّم عنده في الفضل والمحبّة والاختصاص على جميع قومه ، والخلافة له في حال غيبته على اُمّته ، وأنّه لو بقي بعده لخلفه فيهم .
وإذا خرج الاستثناء بمنزلة النبوة، وخص العرف منزلة الاُخوّة - لأن كل من عرفهما علم أنهما لم يكونا ابني أب واحد - وجب القطع على ثبوت ما عدا هاتين المنزلتين من المنازل الاُخر. وإذا كان في جملة تلك المنازل أنه لو بقي لخلفه ودبرّ أمر اُمَته ، وقام فيهم مقامه ، وعلمنا بقاء أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة الرسول عليه السلام وجبت له الإمامة بعده بلا شبهة، وإنما قلنا إنّ هارون لو بقي بعد موسى عليه السلام لحلفه في اُمته ، لأنه قد ثبتت خلافته له في حال حياته ، وقد نطق به القران في قوله تعالى : ﴿ وَقال مُوسى لأخِيهِ هارونَ آخلُفنِي فِي قومِي ﴾ (38) وإذا ثبتت له الخلافة في حال الحياة وجب حصولها له بعد الوفاة لو بقي إليها، لأنخروجها عنه في حال من الأحوال مع بقائه حطّ له عن مرتبة سنية كانت له ، وصرف عن ولاية فوضت إليه ، وذلك يقتضي التنفير، وقد يجنب الله تعالى أنبياءه من موجبات التنفير ما هو أقل ممّا ذكرناه بلا خلاف فيه بيننا وبين المعتزلة ، وهو الدمامة المفرطة ، والخلق المشينة ، والصغائر المستخفة ، وانلا يجبهم فيما يسألونه لاُمتهم من حيث يظهر لهم .
وأما الوجه الآخر من الاستدلال بالخبر على النص فهو: أن تقول : قد ثبت كون هارون عليه السلام خليفة لموسى عليه السلام على أمَته في حياته ومفترض الطاعة عليهم ، وإن هذه المنزلة من جملة منازله منه ، ووجدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم استثنى ما لم يرده من المنازل بعده بقوله : «إلآ أنَه لا نبيَ بعدي» فدل هذا الاستثناء على أن ما لم يستثنه حاصل لأمير المؤمنين عليه السلام بعده ، وإذا كان من جملة المنازل الخلافة في الحياة وثبتت بعده فقد تبين صحة النصّ عليه بالإمامة.
وإنما قلنا: إن الاستثناء في الخبر يدل على بقاء ما لم يستثن من المنازل بعده ؛ لأنّ الاستثناء كما أن من شأنه إذا كان مطلقاً أن يوجب ثبوت ما لم يستثن مطلقاً، فكذلك إذا قيد بحال أو وقت أن يوجب ثبوت ما لم يستثن في ذلك الوقت ، وفي تلك الحال ألا ترى أنّ قول القائل : ضربت أصحابي إلاّ أنّ زيداً في الدار يدلّ على أنّ ضربه أصحابه كان في الدار لتعلّق الاستثناء بذلك ، والأسئلة والجوابات في الدليل كثيرة، وفيما ذكرناه هنا كفاية لمن تدبره .
وأمّا ما تختصّ الشيعة بنقله من ألفاظ النصوص الصريحة علىأمير المؤمنين عليه السلام وعلى الأئمّة من أبنائه عليهم السلام بما لم يشاركها فيه مخالفوها فممّا لا يُحصى، أوَ يُحصى الحصى؟! ولا يمكن له الحصر والعدّ، أوَ يُحصر رملٌ عالج ويعد؟
﴿
(1) تفسير فرات الكوفي :22 و25 تفسير القمي 1: 116، الكافي 8: 110 |90و 328 | ضمن حديث 502 ،علل الشرائع : 7 | 3، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1: 85،ارشاد المفيد 1: 85، الخصال : 556، مناقب ابن شهراَشوب 3: 124، فضائل أحمد:171 | 241 و172 | 242، تاريخ الطبري 2 : 514، المعجم الكبير للطبراني 1: 318 | 941، ربيع الأبرار للزمخشري 1: 833، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 167 / 214 و 215، الكامل في التاريخ 2 : 154،كفاية الطالب : 274 و 275، ذخائر العقبى:86 ، ونقله المجلسي فى بحار الأنوار 20 :95.
(2)آل عمران3: 61 .
(3) مسند أحمد5: 356، خصائص النسائي : 110 | 90، مناقب ابن المغازلي :225 | 217 ، مجمع الزوائد9: 128، وفي جميعها ضمن رواية .
(4) مستدرك الحاكم 2: 241 شواهد التنزيل 1: 288 | 395، مناقب ابن المغازلي :400 | 454 ، الفردوس بمأثور الخطاب 1 : 44 | 9،مناقب الخوارزمي : 87، تاريخ ابنعساكر ـ ترجمة الاٍ مام علي عليه السلام ـ 1: 142 | 176، مجمع الزوائد 9 : 100. (4) مناقب ابن شهراشوب3: 62، تاريخ بغداد 14: 321.
(5) أمالي الصدوق : 3 | 521، ارشاد المفيد1: 38، أمالي الطوسي 1 : 259 ، فضائل أحمد : 42 | 68، صحيح الترمذي 5: 636 | 3721 ، خصائص النسائي 29 | 10 ،المعجم الكبير للطبراني 1 : 352 | 730، مستدرك الحاكم 3: 130 ، تاريخ جرجان :169 | 228، حلية الأولياء 6: 339 ، أخبار اصبهان 1: 232، تاريخ بغداد 3: 171و 9: 369و 11: 376، مناقب الخوارزمي : 59 ، مناقب ابن المغازلي : 156 | 189 ـ212 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الإمام علي عليه السلام ـ 2 : 105 | 609 | 642 ، تذكرة الخواص:44 ، تذكرة الحفاظ 2 : 1042، اسد الغابة 4: 30،جامع الأصول 8 : 653 | 6494 ، كفاية الطالب : 144 ، ذخائر العقبى : 61، سير أعلام النبلاء 13: 232، ميزان الأعتدال 1 :
411 / 1505 و 3 : 58 | 7671 و 4 : 583 | 10703، لسان الميزان1 : 42 | 85 و 7 :119 | 1297 ، مجمع الزوائد 9 : 125 .
وقد تواتر وروده بطرق شتى وأسانيد مختلفة، بالاضافة إلى أن الإمام علي عليه السلام احتج به في يوم الدار، فقال :
انشدكم بالله هل فيكم احد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم : اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء أحد غيري ؟ فقالوا : اللهم لا، فقال : اللهم أشهد .
وقد روى هذا الحديث بضعة وتسعون نفساً كما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 7 :452.
(7)ارشاد المفيد1: 36 الخصال :412 | 16، مناقب ابن المغازلي : 101 | 144 ، وأورد الخوارزمي في المناقب : 63 صدر الحديث .
(
تاريخ جرجان : 7 | 65، مستدرك الحاكم 3: 126 ، تاريخ بغداد 11 :49 مناقب ابن المنازلي : 80 | 120 و81 | 121و 122، مناقب الخوارزمي : 4 ، تاريخ دمشق ـ ترجمة الامام علي عليه السلام ـ 2: 466 | 985 و469 | 988 و470 | 991 و473 | 992، تذكرة الخواص : 52 ، اُسد الغابة 4: 22 ، كفاية الطالب :220ـ 221 ، ذخائر العقبى : 77
(9)بصائر الدرجات: 333، الاختصاص 282، مناقب ابن شهرآشوب 2 : 36وذكره باختلاف في صدره ابن عساكر في تاريخه ـ ترجمة الإمام علي عليه السلام ـ 2 :483 | 1003.
(10)ارشاد المفيد1: 40 ، أمالي الطوسي 1: 264 ، مسند الحميري 1: 31 | 58، المصنف لابن أبي شبية 12 : 57 | 12113، صحيح مسلم 1: 86 | 131، سنن ابن ماجة 1 :42 | 114 السنة لابن أبي عاصم 584 | 1325 ، مسند أحمد 1 : 95 فضائل أحمد : 45 | 71 و 122 | 181و 156 | 224 و160 | 229 و 214 | 292، صحيح الترمذي 5 : 643 | 3736 ، خصائص النسائي 118 | 100 و 101 ، سنن النسائي8: 116، الايمان لابن مندة 2 : 7 06 | 532، حلية الأولياء 4 : 5 8 1 ، تاريخ بغداد 2 :255 و14 :426 ، تذكرة الخواص :35 اُسد الغابة 4: 26، ذخائر العقبى : 91 .
(11) بوروا : أي امتحنوا . «انظر: الصحاح ـ بور ـ2: 597»
(12) ارشاد المفيد 1 : 45 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوا ر 38: 189.
(13) ارشاد المفيد 1 : 44 ، أمالي المفيد :311 | 3 ، أمالي الطوسي 2 : 71، بشارة المصطفى : 14 و20 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 38: 189.
(14) انظر: أمالي الصدوق 6 | 71 ، مائة منقبة لابن شاذان : 128 | 63 و 138 | 70، تاريخ بغداد7: 421 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام علي ـ 2 :444 | 955 و445 | 956و 957، كفاية الطالب245، 246 ، سير أعلام النبلاء 8 : 205، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 38: 189.
(15) ارشاد المفيد1: 44، ونقله المجلسي في بحار الأنوار38: 189
(16) ارشاد المفيد 1: 42، بشارة المصطفى: 163، مناقب ابن المغازلي 293 | 335 ، مناقبالخوارزمي: 235 .
(17) مناقب ابن المغازلي : 252 | 301 و 299 | 343 صدر الحديث ، ونقله المجلسي في بحارالأنوار 38 / 190، وانظر ما أورده ابن عساكر في تاريخه ـ ترجمة الامام علي ـ1 : 275 ـ 305 بالفاظ مختلفة عن عدة من الصحابة.
(18) مسند أحمد 4: 369 ، فضائل أحمد : 72 | 109 ، خصائص النسائي : 59 | 38،مناقب ابن المغازلي : 255 | ذيل حديث 304 ، مناقب الخوارزمي : 234 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام علي ـ 1: 279 | 324 ، كلها ضمن . رواية ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار38: 190.
(19) نقله المجلسي في بحار الأنوار 38: 190.
(20) ارشاد المفيد 1: 48، أمالي الطوسي 1 :340، بشارة المصطفى : 185 ، اليقين : 54و95 و 96 .
(21) احقاق الحق4: 297 عن نهاية العقول للفخر الرازي .
(22) ارشاد المفيد 1 : 47 ، مناقب ابن شهرآشوب 3: 54 ، اليقين : 29 و35 .
(23) الشعراء 26: 214.
(24) انظر: علل الشرائع 1: 69 1 | 1 و. 7 2 | 1، مسند احمد1: 111 و195 فضائل أحمد:161 | 230 ، خصائص النسائي: 83 | 66 ، تاربخ الطبري 2: 319، تفسير الطبري 19: 74 ، شواهد التنزيل للحسكاني 1: 371 | 514 و42 | 580، تاريخ ابنعساكر ـ ترجمة الاٍمام علي عليه السلام ـ 1 : 99 | 137، شرح نهح البلاغة لابن أبي الحديد 13:244 تفسير ابن كثير مجمع الزوائد 9 | 13.
(25) تفسير الخركوشي...
(26) المائدة 5: 55.
(27) الكامل في اللغة والأدب : 348 .
(28) التوبة 9 : 71 .
(29) انظر: تفسير فرات: 40 أمالي الصدوق: 107 | 4، تفسير التبيان للطوسي 3: 559، الاحتجاج للطبرسي: 450، تفسير الطبري 6: 186، أسباب النزول للواحدي: 148، مناقب ابن المغازلي :312/ 356و 313 / 357، مناقب الخوارزمي: 186، تذكرة الخواص : 24 ، تفسير الرازي12: 26، كفاية الطالب : 250 ، الفصول المهمة :124.
(30) مصنف عبدالرزاق الصنعاني 11 : 225 ، المصنف لابن آبي شيبة 12 : 59 | 12121و 60 | 12122، سنن ابن ماجة1: 45 | 121، السنة لابن أبي عاصم ذكره بأسانيده من حديث رقم 1354 ـ 1376، مسند أحمد1: 84 و 5: 347 و 366، صحيح الترمذي 5: 633 | 3713، خصائص النسائي: 99 | 81 ـ 83، و 100 | 84 و 101 | 86، حلية الأولياء4: 23 و 5: 364، أخبار اصفهان 1: 126، الطبراني في المعجم الكبير 3:199 | 4903 و 4: 173 | 4052 و12: 97 | 12593 و 19: 291 | 646 والأوسط 2 :126، والصغير 1 : 65 و71 ، مستدرك الحاكم 3: 110، تاريخ بغداد 8: 290، شواهد التنزيل للحسكاني 1 : 156 | 210 و 157 |212 و158 | 213، مناقب ابن المغازلي :20 | 26 و21 | 29، مناقب الخوارزمي : 79 و 94، وانظر: طرق الحديث عن الصحابة في تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الإمام علي عليه السلام ـ 2 :35 ـ 90، مجمع الزوائد 9 : 104و 106 .
(31) المصنف لابن أبي شيبة 12 : 60 | 12125 و 61 | 12126، التاريخ الكبير للبخاري 1:115 | 333 و7: 301 | 1284، صحيح مسلم 4 :1870 | 2404، السنة لابن أبي عاصم ذكره باسانيده من حديث رقم13333ـ 1348،مسند أحمد 1: 179و3: 32 و 6 : 438، صحيح الترمذي 5: 640 | 3730، خصائص النسائي: 68 ـ 79 | 45 و 48 و50 و51 و62 و63 و64، حلية الاولياء 4: 345 و7 : 195 و196، تاريخ ابن اصبهان 2: 281 و 328، الطبراني في المعجم الكبير 1: 146 | 328 و148 | 333 و334و 2:247 | 2035و4: 17 | 3515 و 11: 74 | 11087و 24: 146 | 384 ـ 389، والصغير 2: 53 ـ 54، تاريخ بغداد 1: 325 و 3: 406 و 4: 305 و8 : 53 و9 : 365 و10 : 43 و 12: 323، الاستيعاب 3: 34، المناقب لابن المغازلي: 27 ـ 36 | 40ـ 56. انظر طرق الحديث عن الصحابة في تاريخ أبن عساكرـ ترجمة الإمام علي (ع) ـ 1: 306 ـ390، مجمع الزوائد 9: 109 .
وغير ذلك من مصادر العامة المختلفة التي يصعب حصرها هنا، حيت تتكفل في ذلك المراجع المختصة بهذا الباب، ولعل من أوضح التعليقات المؤيدة لهذا الأمر ما ذكره الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل (1 : 52ا) عن أحد المشايخ وهو عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي (ت 417 هـ) والذيَ يُترجم له بأنه كان صادقاً عارفاً حافظاً وغير ذلك من عبارات الثناء والتقدير كما يذكر ذلك الخطيب البغدادي في تاريخه (11: 272) والذهبي في تذكرة الحفاظ ( 4: 1272 | 1072 ).
فذكر الحسكاني عنه قوله : خرجته ـ أي حديث المنزلة ـ بخمسة آلاف إسناد .فتأمل .
(32) السنة لابن أبي عاصم : 1361 ، مسند أحمد4: 370، خصائص النسائي : 100 | 84،
المعجم الكبير للطبراني 3: 200 | 3052، المناقب لابن المغازلي: 18 | 24و 23 | 34 .تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الإمام علي (ع ) ـ 2 : 74 | 571 .
(33) المصنف لابن أبي شيبة 12: 67 | 12140 و 68 | 12141، سنن ابن ماجة 1:43 | 116 ، انساب الأشراف للبلاذري 2: 156 | 169، مسند أحمد 1: 118 و 119 و 4 :281 و 368 و370و 372 ، خصائص النسائي: 102 | 88، كشف الأستار للبزار 3: 190و 191، والطبراني في المعجم الكبير 3: 201 | 3052 و 4: 173 | 4053، والصغير 1: 65، مستدرك الحاكم 3: 109، أخبار اصفهان 1: 107و 2: 227، تاريخ بغداد 7:377 و 14: 236، المناقب لابن المغازلي: 16ـ 27 | 23 و 26 و 27 و 29 و 33 و 37 و 38 ، شواهد التنزيل للحسكاني 1: 157 | 211، وانظر ابن عساكر في تاريخه ـ ترجمة الامام علي (ع) ـ 2: 38 ـ 84، تذكرة الخواص: 36، اُسد الغابة 1: 367 و 4: 28، ذخائر العقبى: 67.
(34) الأحزاب 33: 6.
(35) مسند أحمد 4: 281 تاريخ بغداد 8: 290، مناقب ابن المغازلي : 18 | 24 ، مناقب الخوارزمي : 4 9، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الإمام علي عليه السلام ـ 2 :47 ـ52 ؟ 546و 547 و549 و 550 تذكرة الخواص : 36، ذخائر العقبى :67 .
(36) لقد أفرد علماء الامامية رحمهم الله في إثبات الاستدلال بهذا الحديث على إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، جملة واسعة من المؤلفات القيمة التي لم تترك جانباً إلا وناقشته وتعرضت له سواء بالاثبات أو التفنيد، وبحجج متينة لا يرقى لها الشك والتأويل .
وقد وافقهم على ذلك جملة من علماء العامة ممن هداهم الله تعالى الى ادراك هذه الحقيقة الناصعة والثابتة، مثل الحافظ أبي الفرج يحيى بن السعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه الموسوم بكتاب «مرج البحرين» والعلامة سبط ابن الجوزي في كتابه «تذكرة الخواص : 37» ، حيث ذكر سبل الاستدلال للوصول إلى ما ذهب إليه الشيعة الامامية من تفسيرهم لكلمة «المولى» ، سنحاول أن نورده مختصراً، قال :
اتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة حيث جمع الصحابة ـ وكانوا مائة وعشرين ألفاً ـ وقال : «من كنت مولاه فعلي مولاه . . . الحديث» حيث نص صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك بصريح العبارة دون الاشارة .
ثم ذكر بعد ذلك قصة الحرث بن النعمان الفهري عند سماعه الخبر حيث جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلمَ فقال له : هذا منك أو من الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ وقد احمرت عيناه ـ والله الذي لا إله إلا هو أنه من الله وليس مني». قالها ثلاثاً. وبعد ان ذكر ابن الجوزي هذه القصة عرج فذكر أقوال علماء العربية في تفسيرهم للفظة «المولى» وانها ترد على عشرة وجوه ، وناقش هذه الوجوه المذكورة وبيّن بطلان الذهاب الى تفسيرها بالوجوه التسعة الاولى ، والتي تفسرها بانها تعني المالك أو المعتق أو الناصية . . . إلخ ، وذهب إلى إثبات حتمية تفسيرها بالوجه العاشر دون غيره من الوجوه ، وهو «الاولى» ، حيث قال :
فتعين الوجه العاشر وهو «الاولى» ومعناه: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به، وقد صرح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن السعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى«مرج البحرين» ، فبعد ان ذكر الحديث قال .
فعلم ان جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر ـ الأولى ـ ودل عليه أيضاً قوله عليه السلام «الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» وهذا نص صريح في إثبات امامته وقبول طاعته ، وكذا قوله صلى الله عليه وآله وسلم «وأدر الحق معه حيث ما دار وكيف ما دار» فيه دليل على أنه ما جرى خلاف بين علي عليه السلام وبين أحد من الصحابة إلا والحق مع علي وهذا باجماع الاُمة الا ترى أن العلماء إنما استنبطوا أحكام البغاة من وقعة الجمل وصفين .
(37)تقدم في صفحة:326.
(38) الأعراف 7 : 142 .