تسبح فاطمة الزهراءع
كثيرة هي الأحاديث الواردة في بيان فضل وآثار تسبيح فاطمة على المؤمن.
إذ يكفي من البيان في معرفة المؤمن لآثار هذا التسبيح على حياته في الدنيا والآخرة ما ورد عن الإمام الباقر فيه، فقال : « ما عُبد الله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله وسلم فاطمة »(1).
وفي حديث آخر رواه الشيخ الطوسي رحمه الله عن أبي هارون المكفوف، عن أبي عبد الله الصادق ، أنه قال: «يا أبا هارون أنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنه لم يلزمه عبد فشقي»(2).
ما هو تسبيح فاطمة
عن أبي بصير رحمه الله عن أبي عبدالله الصادق ، قال: «تبدأ بالتكبير أربعاً وثلاثين، ثم التحميد ثلاثاً وثلاثين، ثم التسبيح ثلاثاً وثلاثين»(3).
وقال الصادق : «من سبح لله عز وجل في دبر الفريضة، تسبيح فاطمة المائة واتبعها بلا إله إلا الله غفر الله له»(4).
انه خير لعلي وفاطمة من الخادم
روى الشيخ الصدوق عن علي أمير المؤمنين أنه قال لرجل من بني سعد: «ألا أحدثك عني وعن فاطمة الزهراء، أنها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت، حتى أغبرت ثيابها، و أوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر شديد، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرَّ ما أنت فيه من هذا العمل، فأتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوجدت عنده حداثاً فاستحيت فانصرفت، فعلم وسلم أنها قد جاءت لحاجة ففدا علينا ونحن في لحافنا.
فقال وسلم: السلام عليكم، فسكتنا واستحينا لمكاننا ثم قال: السلام عليكم فسكتنا، ثم قال: السلام عليكم فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف وقد كان يفعل ذلك فيسلم ثلاثاً فإن أذن له وإلا أنصرف.
فقلنا: وعليك السلام يا رسول الله وسلم، أدخل، فدخل وجلس عند رؤوسنا، ثم قال: «يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟.
فخشيت إذ لم نجبه أن يقوم، فأخرجت رأسي فقلت: أنا والله أخبرك يا رسول الله، أنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها، وجرت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرَّ ما أنت فيه من هذا العمل.
قال: أفلا أعلمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فكبرا أربعاً وثلاثين تكبيره، وسبحا ثلاث وثلاثين تسبيحه واحمداً ثلاث وثلاثين تحميده.
فأخرجت فاطمة رأسها وقالت: رضيت عن الله وعن رسوله، رضيت عن الله وعن رسوله»(5).
تسبيح فاطمة في القرآن
ورد تسبيح فاطمة في كتاب الله تعالى حسبما أفادت به الأحاديث الشريفة الواردة عن أئمة أهل البيت .
فقد سئل الإمام الصادق عن قول الله تعالى
يأيها الذين إمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً ) (6) ما حد الذكر؟، فقال : «من سبح في عقب كل فريضة تسبيح فاطمة فقد ذكر الله ذكراً كثيرا»(7).
وقال الشيخ المفيد رحمه الله: «تسبيح الزهراء في أعقاب الصلوات المفترضات سنة مؤكدة، وفي أعقاب النوافل مستحب»(
.
وعن زراره وحمران ابن أعين، عن الصادق ، قال: «من سبح تسبيح فاطمة فقد ذكر الله ذكراً كثيراً»(9).
تسبيح فاطمة في قوله تعالى: (فاذكروني أذكركم) (10).
روى الشيخ الصدوق رحمه الله في المعاني عن محمد مسلم عن الصادق في حديث يقول في آخره: «تسبيح فاطمة من ذكر الله الكثير الذي قال الله عز وجل: (فاذكروني أذكركم).
انه في قوله تعالى: ( والذاكرين الله كثيراً والذاكرات )(11).
فعن أبي عبدالله الصادق ، أنه قال: «أنه من بات على تسبيح فاطمة كان من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات»(12).
فضل تسبيحها عند الله تعالى
دلت الأحاديث الشريفة على فضل تسبيح فاطمة عند الله تعالى إلى درجة لم يبلغها ذكر آخر.
1 . فعن كعب بن عجزد، قال، قال رسول الله وسلم: «معقبات لا يخيب قائلهن دبر كل صلاة مكتوبة، ثلاثاً وثلاثون تسبيحه وثلاث وثلاثون تحميده وأربع وثلاثون تكبيره»(13).
2 . عن ابن سنان عن أبي عبدالله قال: «من سبح تسبيح الزهراء عليها السلام قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له ويبدأ بالتكبير»(14).
3 . عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر الباقر : من سبع تسبيح الزهراء ثم استغفر، غفر الله له، وهي مائة باللسان، وألف في الميزان، وتطرد الشيطان، وترضى الرحمن»(15).
4 . عن أبي خلف القماط، قال: سمعت أبا عبدالله يقول: «تسبيح فاطمة الزهراء في دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة ألف ركعة في كل يوم»(16).
5 . عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر الباقر عن التسبيح؟ فقال: «ما علمت شيئاً موظفاً غير تسبيح فاطمة»(17).
6 . روى المحقق الحلي قال: «جاء الفقراء إلى رسول الله وسلم وقالوا: ذهب أهل الدبور من الأموال بالدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما تصلي ويصومون كما تصوم ولهم فضول أموال يحجون بها ويعتمرون ويتصدقون؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «الا أحدثكم بحديث أن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم إلا من عمل بمثله، تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين»(18).
مسبحة فاطمة
قال المحقق البحراني صاحب الحدائق رحمه الله نقلاً عن الطبرسي والمجلسي رحمهما الله: «أن فاطمة بنت رسول الله وسلم كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات فكانت تديرها بيدها تكبر وتسبح إلى أن قتل حمزة بن عبدالمطلب سيد الشهداء رحمه الله فاستعملت تربته وعملت المسابيح فاستعملها الناس.
فلما قتل الحسين عدل بالأمر إليه فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية».
وسئل الإمام الصادق عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة والحسين والتفاضل بينهما فقال : السبحة من طين قبر الحسين عليه السلام تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح».
وروي عن الصادق : «ان من أدارها مرة واحدة بالاستغفار أو غيره كتب الله له سبعين مرة، وأن السجود عليها يخرق الحجب السبع»(19).
التداوي بتسبيح فاطمة
1 . شكى أحد أصحاب الإمام الصادق إليه ثقلاً في أذنه فقال عليه السلام: «عليك بتسبيح فاطمة»(20).
2 . عن جعفر بن محمد الصادق قال: «من أصابه ضعف في قلبه أو بدنه فليأكل لحم الضأن باللبن فانه يخرج من أوصاله كل داء وغائلة ويقوي جسمه ويشد لثته ويقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيي ويميت، ويميت ويحيي وهو حي لا يموت)، يرددها عشر مرات قبل نومه ويسبح تسبيح فاطمة ويقرأ آية الكرسي وقل هو الله أحد»(21).
(1) تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي.
(2) نواب الأعمال للصدق: ص 163، ط منشورات الشريف الرضي.
(3) تهذيب الأحكام للطوسي: ج 2، ص 105، ط دار الكتب الإسلامية.
(4) تهذيب الأحكام للطوسي: ج 2، ص 105، ط دار الكتب الإسلامية.
(5) من لا يحضره الفقيه للصدوق: ج 1، ص 320، ط مؤسسة النشر الإسلامي.
(6) سورة الأحزاب، الآية: 41.
(7) الينابيع الفقيه لعلي أصغر مرواريد: ج 3، ص 121.
(
المقنعة للشيخ المفيد: ص 140، ط مؤسسة النشر الإسلامي.
(9) وسائل الشيعة: ج 6، ص 443، ط مؤسسة آل البيت .
(10) سورة البقرة، الآية: 152.
(11) سورة الأحزاب، الآية: 35.
(12) وسائل الشيعة: ج 6، ص 447، ط مؤسسة آل البيت .
(13) المعتبر للمحقق الحلي: ج 2، ص 248، ط مؤسسة سيد الشهداء.
(14) قرب الإسناد للحميري: ص 4، ط مؤسسة آل البيت .
(15) ثواب الأعمال للصدوق: ص 163، ط منشورات الشريف الرضي ــ قم.
(16) ثواب الأعمال: ص 163، ط منشورات الشريف الرضي ــ قم.
(17) وسائل الشيعة: ج 4، ص 1021.
(18) المعتبر للمحقق الحلي: ج 2، ص 249، ط مؤسسة سيد الشهداء .
(19) الحدائق الناظرة: ج 8، ص 525، ط مؤسسة النشر الإسلامي.
(20) الدعوات للراوندي: ص 197، ط مدرسة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ــ قم.
(21) طب الأئمة: ص 64، ط الشريف الرضي.