شرف ومجد السيدة زينب عليها السلام
الشرف في اللغة هو: العلو. والشرف في النسب: اتصاله بعظيم من العظماء، وأظهر أفراد هذا النوع: هم الذرية الطاهرة من آل الرسول(صلّى الله عليه وآله). والمجد لغة يطلق على الشرف الواسع، ويطلق على الكرم والعز والجاه. قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (كل بني أم ينتمون إلى عصبتهم، إلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم)(1)
وقد روي هذا الحديث بالإسناد إلى فاطمة بنت الحسين(عليه السلام) عن فاطمة الكبرى (عليها السلام)بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ورواه الطبراني وغيره بأسانيدهم المختلفة، كما في الشرف المؤبد للنبهاني عنه (صلّى الله عليه وآله): (أن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه، وأن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، والروايات بهذا المعنى كثيرة.
وهذا الشرف الحاصل لزينب (عليها السلام)شرف عظيم جداً.
فإذا ضممنا إلى ذلك أن أباها علي المرتضى، وأمها فاطمة الزهراء وجدتها خديجة الكبرى، وعمها جعفر الطيار في الجنة، وعمتها أم هاني بنت أبي طالب، وأخواها سيدا شباب أهل الجنة, وأخوالها وخالاتها أبناء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فماذا يكون هذا الشرف، وإلى أين ينتهي شأوه ويبلغ مداه.
وإذا ضممنا إلى ذلك أيضاً علمها وفضلها، وتقواها وكمالها، وزهدها وورعها وكثرة عبادتها ومعرفتها بالله تعالى، كان شرفها شرفاً خاصاً بها وبأمثالها من أهل بيتها، ومجدها مجدا مؤثلا لا يليق إلا بها وبهم (عليهم السلام).
ومما زاد في شرفها ومجدها أن الخمسة الطاهرة أهل العباء (عليهم السلام) كانوا يحبونها حبا شديداً.
حدث يحيى المازني قال: (كنت في جوار أمير المؤمنين (عليه السلام)في المدينة مدة مديدة وبالقرب من البيت الذي تسكنه زينب ابنته، فلا والله ما رأيت لها شخصاً ولا سمعت لها صوتاً، وكانت إذا أرادت الخروج لزيارة جدها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تخرج ليلا والحسن عن يمينها والحسين عن شمالها وأمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين (عليه السلام)فأخمد ضوء القناديل، فسأله الحسن مرة عن ذلك، فقال: أخشى أن ينظر أحد إلى شخص أختك زينب).
وورد أن الحسن(عليه السلام) لما وضع الطشت بين يديه وصار يقذف كبده سمع بأن أخته زينب تريد الدخول عليه، فأمر ـ وهو في تلك الحال ـ برفع الطشت إشفاقا عليها.
وجاء في بعض الأخبار: (إن الحسين (عليه السلام) كان إذا زارته زينب يقوم إجلالاً لها، وكان يجلسها في مكانه).
كما أنها (عليها السلام) كانت أمينة أبيها على الهدايا الإلهية.
ـــــــــــــــــــــــــ
1 - أورده النبهاني في الشرف المؤبد: 51، وقال الصباني في إسعاف الراغبين: هذه الخصوصية لأولاد فاطمة (عليها السلام)فقط دون أولاد بقية بناته صلى الله عليه وآله وسلم فلا يطلق عليه (صلّى الله عليه وآله) أنه أب لهم وأنهم بنوه، كما يطلق ذلك على أولاد فاطمة (عليها السلام)نعم يطلق عليهم أنهم من ذريته ونسله وعقبه.