العلاقة بين المهدي(ع) والحجر الأسود عشقٌ من نوع
آخر
أي حجر ترميه في الماء يرسب ولا يوجد حجر في الدنيا يطفوا على
سطح الماء ومن قال بغير ذلك فهو جاهل. هذه قاعدة ثابتة لا تقبل النقاش . فهذه
طبيعة الأشياء الأثقل وزنا تغوص في الأشياء الأخف وزنا ولا أعرف إن كان هناك
استثناءات لا أعرفها
وكذلك نعرف أن الماء يُغرق أي شيء يصادفه في حال
الطوفانات الكبيرة . وفي قصة نوح عندما أغرق الله الأرض لتطهيرها من المنحرفين
والفاسدين والظالمين ، فإن كل شيء على الأرض أغرقه الماء ، بحيث أن نوح عندما أرسل
الحمامة بعد أيام من الطوفان لتكشف له هل أن الماء انحسر عن بقعه من الأرض تصلح أن
تكون مرسا له . عادت الحمامة خائبة ولم تجد لها موضع قدم في تلك الأنحاء التي
غطاها الماء
وهذا يعني أن كل شيء كان غارقا .
ولكن في الكثير من
الروايات الواردة في بعض الكتب المقدسة تُشير إلى مكان واحد لم يغرقه
الطوفان وقد ورد عندنا أيضا ما يؤيد ذلك من أن الماء استحار حول الكعبة ولم
يغرقها ، وفي بعض الروايات أن الله رفع بيته فوق سطح الماء وأنقذه من الغرق
والروايات في ذلك مستفيضة
وكما نعلم أيضا ومن خلال ما وصلنا من أحاديث من أن
هذا الحجر لا يستقر في مكانه إلا على يد نبي أو وصي نبي فمنذ أن نزل آدم
وجاء بالحجر معه من الجنة كصمام أمان لهذه الأرض وفيه أيضا ما مذكور في الروايات
التي أتينا على ذكرها من أسرار الخلق او كتاب العهد الذي ا لقمه الله لهذا الحجر
أو أنه حجر الشهادة لمن استلمه .. الخ
فآدم مسكه بيده الشريفة ووضعه حيث
هو ثم بعد اندثاره جاء إبراهيم ورفع قواعده ، وأيضا جاء به جبرئيل إلى
إبراهيم ووضعه بيده الشريفة , مرورا بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم
عندما تم تجديد بناء الكعبة , حيث رضيت به القبائل أن يرفع الحجر ويضعه في مكانه
من دون علم منهم أن ذلك كان بإرادة ربانية حيث أبت المشيئة الإلهية أن لا يضع هذا
الحجر في مكانه إلا من خلص وطهر من الرجس فيكون نسخة مطابقة لمخلوقات ذلك العالم
المثالي الذي أهبطنا منه
وعندما أعيد الحجر إلى مكانه بعد جريمة
القرامطة أيضا وفي غفلة من أعين الناس وذهول منهم جاء ذلك الشاب الأسمر
الجميل الذي يحمل على خده خالا كأنه الكوكب الدري ، فرفع الحجر ووضعه في مكانه ،
ثم غاب في شعاب مكة
ما هذا العشق الغريب ؟ وما هذه
العلاقة
الغريبة بين هؤلاء وبين هذا الحجر ؟
والله أنه حب غريب من نوعه أن لايعشق هذا
الحجر إلا تلك الأكف التي خلصت وطهرت ونُقّيت من الدنس والرجس
تعال معي
لنرى من خلال القصة التالية ، كيف أن هؤلاء هم فقط العالمون بسر الحجر الأسود
وخصائصه والناس بملايينهم ذاهلون عن ذلك
ذكر الحموي قال : عندمادخل
القرامطة سنة ( 317 ) إلى مكة عنوة فنهبوها وقتلوا الحجاج وسلبوا البيت
وقلعواالحجر الأسود وحملوه معهم إلى بلادهم بالإحساء من أرض البحرين ونصبوه هناك
تحرك الزعماء والأمراء والملوك لإنقاذ هذا الحجر وإرجاعه إلى مكانه وكلٌ منه يحاول
أن ينال قبل صاحبه هذا الشرف الرفيع وإن بذل كل ما يملك من اجل ذلك ومن
هؤلاء كان ) بجكم التركي) الذي استولى على بغداد في أيام الراضي بالله فبذل
للقرامطة ألوف الدنانير على أن يردوه فلم يفعلوا حتى توسط الشريف أبو علي
عمر بن يحيى العلوي بين الخليفة المطيع لله في سنة(339) وبينهم حتى ردوه وجاءوا في
طريقهم إلى الكوفة وعلّقوه على ألاسطوانة وجعلوا حوله حراسا لحراسته
فماذا حدث ؟
تنقل لنا الروايات فتقول : ((فجاء رجل من أهل العلم وأخذ
يتمسح بالحجر الأسود والحجر يحن إليه وهو معلق بالاسطوانة في مسجد الكوفة فقاُل
القرمطي الحارس : ما يؤمنكم أن يكون غيبنا ذلك الحجر وجينا بغيره وبعد لحظة
تأمل قال لهُ ذلك الشاب الأسمر الذي يتوسط خده خالٌ كأنه الكوكب الدري : أن لنا
فيه علامة وهو إننا إذا طرحناه في الماء فلا يرسُب فضحك القرمطي ولم يصدقه
وتعجب كل من كان حاضراً، حيث أنه من المعلوم أن الأحجار تغوص في الماء إذا ألقيت
فيه ولكن ومن أجل التحدي أو الفضول جاء القرمطي بماء ووضعه في حوض كبير ثم
ألقوا الحجر الأسود فيه فطفا الحجر على وجه الماء (( معجم البلدان الحموي ج2 طبع
طهران 1965 ))))
لم يكن الإسلام الوحيد الذي أكد مسألة عدم غرق هذا
البيت والحجر معه بل أجمعت الديانات على ذلك فكل دين أو أمة عندما تذكر
قصة الطوفان تقول بأن بيت قدسها لم يغرق وأغلب هذه الديانات تقول بأن الله
ألقى رحمته على هذا البيت الذي جعله آمنا ، ولم يُسخّر عليه شيئا من العقوبات التي
ضرب بها البشر
وهذه التوراة تصف ذلك فتقول : ((قد أقسمت بنفسي كقسمي أيام نوح
، أن أغرق الأرض بالطوفان كذلك أقسمت أن لا أسخر عليك ورحمتي عليك لا تزول))
سفر إشعياء الاصحاح 54 : 9 ـ 10
أحلامنا تزول وأنفسنا تجزع وعقولنا تضيق عن
إدراك ذلك إن أمر آل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلا نبي أو ملك مقرب أوعبدٌ امتحن
الله قلبه للإيمان ومصداق ذلك هو قول المعصوم عليه السلام في بيان صغر
عقولنا عن فهم ذلك فيقول سلام الله عليه : ((إذا فُقِد الخامس مِن وُلْد
السابع فاللهَ الله في أديانكم لا يُزيلكم أحدٌ عنها.
فقلت: يا سيّدي، مَنِ
الخامسُ مِن وُلْد السابع ؟
قال: يا بُنيّ، عقولُكم تَصغُر عن هذا، وأحلامكم
تَضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تُدركونه)) الشيخ الصدوق في علل الشرائع
1- ويؤيد ذلك قوله تعالى : ((وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ
ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ)) وقد أغرق الله امرأة نوح وابنه حيث شملهم الحكم
لأنهم ظلموا فكانوا من المغرقين
2- نستفيد من هذا الرواية ، بأن
الإمام المهدي سلام الله عليه حي حتى هذا التاريخ وما بعده . وكذلك نستفيد من هذه
الرواية علاقة الأمام المهدي بمسجد الكوفة ولا نستبعد ذلك إذا علمنا أن الكوفة هي
عاصمة خلافته العالمية .والروايات مستفيضة عن أهل البيت (ع) بأن
الامام الحجة(ع)
سينقل هذا الحجر من مكانه الى مسجد الكوفة عند قيامه.والله
العالم