مفهوم الثراء في الإسلامالثراء في الإسلام يكون بالالتزام بالكسب الشرعي وندب للبذل والعطاء السخي
الملكية الخاصة في الإسلام ملكية متميزة تحقق رغبة الإنسان الفطرية في التملك ، وفي الوقت نفسه محاطة بسياج من قيود
وضوابط الشارع الحكيم لتظل في منأى عن انتاج المحرمات أو استخدام أساليب
الربا والاحتكار أو
الاحتيال ، أي
ملكية نظيفة غير مستغلة تستند إلى
الجهد المشروع إعماراً للأرض وتحقيقاً للحياة الطيبة لعموم الأفراد والجهد المشروع إعماراً للأرض وتحقيقاً للحياة الطيبة لعموم افراد المجتمع المسلم ، فهي ما تقررت أساساً إلا لجلب المصالح ودرء المفاسد ، وبتالي فالملكية الخاصة في الإسلام أداة تساهم في ظهور تفاوت منضبط في الملكيات والدخول الخاصة ، تفاوت لا طغيان ولا استغلال فيه في إطار مبدأ تكافؤ الفرص ، تفاوت طبيعي نتج عن تفاوت الأفراد اساساً في القدرات والملكات الخاصة منشأة الخالق سبحانه وتعالى الذي جعل فروق بين خلقه في العقول والفهم والأخلاق والأموال والأرزاق ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً .
يقول
تعالى في
سورة الزخرف:
وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ .
وعليه ، وفي ظل هذه المعطيات ، فإن ظهور الأثرياء في المجتمع المسلم نتاج طبيعي لهذا التفاوت ، فالثراء في الإسلام ثراء محمود ، صاحبه ملتزم بمصادر الكسب والتملك المشروع ، امواله وممتلكاته نتاج لهذا الجهد المشروع والقدرات والملكات الخاصة التي حباه بها الخالق سبحانه وتعالى ، كما أن الثراء في الإسلام أمانة ومسؤولية ملقاه على عاتق صاحبه تستلزم منه تسخير جزء من أمواله وصرفها لمستحقيها ، وهذا قيد وضابط مهم من قيود وضوابط الشارع الحكيم في الكسب والتملك . كما يعني ذلك أيضاً أن يلتزم على سبيل الندب بصرف
جزء من أمواله بذلاً وعطاءً لصالح الجهاد في سبيل
الله ، أو لصالح المساهمة في المشروعات الاستثمارية النافعة التي تستوعب أعداداً من أفراد المتمع المحتاجين إلى العمل ، أو لصالح عموم الفقراء والمحتاجين .
[ البذل والعطاء في الاسلامولقد حفل التاريخ الإسلامي بعطاء نخبة من الأبناء الأثرياء الذين ساهموا بأموالهم وممتلكاتهم في ترسيخ دعائم الإسلام والمسلمين .نماذج من هذا العطاء.
وهكذا فإن الثراء في الإسلام ثراء محمود وعامل إيجابي يساهم بدور مهم في تحقيق توازن المجتمع المسلم بفضل قيود وضوابط الشارع الحكيم في كسب تلك الأموال ، وبفضل قوة الوازع الديني المهيمن على كافة التصرفات الفردية .
[ اثرياء هذا الزمنزماننا هذا واثريائه ساروا في الكسب والتملك حقيقة لقد سلكوا في سبيل حصولهم على المال وتنميته اتجاهين متناقضين واصبحوا فئتين:
الفئة الاولىفريق منهم خرج عن جادة الصواب والسلوك القويم وأرتأى منهجاً للكسب والتملك يعتمد أساساً على المصادر التي حرمها الشارع الحكيم والمتمثلة في انتاج المحرمات أو استخدام الربا أو الاحتكار أو الاحتيال . فهذا الفريق ذو نزعة استغلالية غايته تعظيم أمواله وممتلكاته بشتى الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق هدفه المادي المنشور .
الفئة الثانيةوأما الفريق الآخر فقد سلك جادة الصواب والسلوك القويم فتمسك بتعاليم وقيم دينه في الكسب والتملك ونأى عن كافة طرق الكسب الحرام ، فهذا الفريق على نقيض الفريق الأول أثر السلامة والنجاة والكسب الطيب ومن ثم الحياة الطيبة التي ينشدها كل إنسان سوي . وإذا كنا قد صنفنا الأثرياء هنا إلى ملتزمين وغير ملتزمين فماذا عن صفة البذل والعطاء والتي اقترنت بأثرياء السلف الصالح . بالنسبة للفريق غير الملتزم ، أي صاحب الكسب غير المشروع فلا شك أن أعمال البذل والعطاء منحسرة عنده بدرجة كبيرة ، فمن ابتغى الحرام كسباً وتملكاً فقد حصر في دائرته ، وذلك هو الخسران المبين . وأما بالنسبة للفريق الملتزم فهم على فئتين : فئة شغلت بنشاطها المادي ومحاولة توسيع دائرته على البذل والعطاء ، وثم فم فهي في خضم نشاطها المادي هذا في غفلة تامة عن وعد الحق سبحانه وتعالى لمن يتصدى للبذل والعطاء بالأجر والثواب العظيم وفي ذلك
قوله
تعالى في
سورة فاطر:
إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ .
ويقول
تعالى في
سورة المزمل:
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
ويقول
تعالى في
سورة البقرة:
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
وأما الفئة الأخرى فهي الفئة القدوة : الفئة التي من الله عليها بنعمتي الكسب المشروع والبذل والعطاء فآثرتهما على الكسب الحرام والشح والإمساك فاستحقت الفوز والفلاح مصداقاً
لقوله
تعالى في
سورة الحشر:
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
إن وجود هذه الفئة في هذا الزمان المادي يؤكد على أن أرض الإسلام ما زالت تحمل الخير بين جنباتها فقد دفع الإيمان والصلاح والتقوى أفراد هذه الفئة إلى المساهمة بجزء من أموالهم وممتلكاتهم ، وبصفة دورية ، لصالح عموم المحتاجين وجمعيات البر .
وهنا ينبغي اغتنام الصحوة الإسلامية المباركة التي أخذت تدب في عموم أقطار العالم الإسلامي بالسعي إلى توجيه أثرياء المسلمين إلى أهمية وضرورة التمسك بالإسلام كدين نظام حياة في كافة التصرفات والأفعال ، وبالذات في مجال الكسب والتملك ،وكذا أهمية وفضيلة البذل والعطاء أسوة بالسلف الصالح . إن العودة بمفهوم الثراء في الإسلام كسباً وبذلاً إلى المنبع والمنشأ سوف يساهم بالتأكيد في مد بساط الرحمة والإخوة بين كافة المؤمنين مصداقاً لقوله تعالى : { إنما المؤمنون إخوة ؟ } [ الحجرات : 10 ] ، بما يؤدي بدوره إلى دعم وترسيخ هذا الكيان الإسلامي الكبير .
[3]ل] تعريف الثراء الحرام في القانون
يُقصد بالثراء الحرام كل مال يتم الحصول عليه بأيٍ من الطرق الآتية:
( أ ) من المال العام بدون عوض أو بغبن
فاحش أو
بالمخالفة لأحكام القوانين أو القرارات التي تضبط سلوك العمل في الوظيفة العامة.
(ب) إستغلال
سلطة الوظيفة العامة، أو نفوذها بوجه ينحرف بها عن الأغراض المشروعة و المصالح العامة.
(ج) الهدية المقدرة التي لا يقبلها العرف أو الوجدان السليم أو القرض لأي موظف عام من جانب أي
شخص له أي
مصلحة مرتبطة بالوظيفة العامة أو ممن يتعاملون معها.
] تعريف الثراء المشبوهيُقصد بالثراء المشبوه كل مال يطرأ على أي شخص و لا يستطيع بيان أي وجه مشروع لاكتسابه.
[4]