خرج البخاري فيما يسمى صحيح البخاري برقم 7411 .
قال : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي.
المصدر صحيح البخاري / 3 / 7 .
لكن عمر جعل صلاة التراويح عشرين ركعة
روى البخاري في باب فضل من قام رمضان : توفي رسول الله والناس على ذلك ( يعني ترك إقامة التراويح جماعة ) ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر .
وروى أيضا عن عبدالرحمن القارئ أنه قال : خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع مستفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط .
فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل . ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم قال عمر : نعم البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون ـ يريد آخر الليل ـ وكان الناس يقومون أوله .
في هذا الحديث نظر فقوله " نعم البدعة هذه " دليل على أنها من سنن الخليفة ولا صلة لها بالشرع ، يقول القسطلاني : سماها عمر بدعة لأنه (ص) لم يسن لهم الاجتماع لها ولا كانت في زمن الصديق ولا أول الليل ولا كل ليلة ولا هذا العدد .
وهناك من نقل أن عمر أول من سن الجماعة فمثلا :
ابن سعد في ترجمة عمر قال " هو أول من سن قيام شهر رمضان بالتراويح وجمع الناس على ذلك وكتب به إلى البلدان وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة " .
وقال ابن عبد الرب في ترجمة عمر " وهو الذي نور شهر الصوم بصلاة الإشفاع فيه " .
وقال الوليد بن الشحنة عند ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 23 هـ " وهو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد … أول من جمع الناس على إمام يصلي بهم التراويح " .
فإذا يتضح لنا من هذه الأحاديث والاستنتاجات أن صلاة التراويح ليست من السنة من بدعة ابتدعها عمر .
فما كان خلاف ما أمر الله به ورسوله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فهو في حيز الذم والإنكار ... إلى أن قال : ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه : نعمت البدعة هذه ، لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها لأن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" لم يسنها لهم ... )
والغريب هو تقسيم البدعة عند أهل السنة إلى بدعتين بدعة هدى وبدعة ضلال كما هو عند ابن الأثير حيث قال : وتلحقها كلمة ( قال عمر نعم البدعة هذه )
إن اعتراف عمر بالبدعة وإنها لم يأمر بها النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ولم يسنها دليل كاف على أنها بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . هذا ما رووه أهل السنة فضلاً عن الشيعة . فكيف تكون بعد ذلك البدعة نوعان بدعة هدى وبدعة ضلال ؟ وهذا العذر يمكن أن يعتذر به كل أحد فإذا قلنا للسارق لماذا سرقت قال السرقة نوعان سرقة حرام وسرقة حلال ، وهذه سرقتي حلال فعلتها طلباً لقوت أطفالي ، وهكذا الزنا نوعان زنا حلال وزنا حرام فإن الزاني يحتج أنه يزني للترفيه عن نفسه وهكذا يمكن أن تفتح باباً للاعتذار عن كل ذنب ومعصية ، ولا يحق لأحد الاعتراض عليه بعد ذلك .
أليس العبادة هي التقرب إلى الله تعالى ، فكيف نتقرب إلى الله بشيء مبغوض فإن الأمر المنهي عنه مبغوض عند الله إذ لا ينهي النبي عن شيء إلاّ كونه مبغوض فكيف نتقرب إلى الله بشيء مبغوض ؟! وهل فات النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" تشريع صلاة التراويح إذا كانت مندوبة عند الله ومطلوبة ، فهل غفل عن ذلك النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" وسبقه إلى ذلك عمر ؟! سؤال نطرحه إلى كل من رأى محبوبية صلاة التراويح وتشريعها . فإننا أتباع سنة رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وليس سنة أحد ، فكل سنة دون سنة رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار