[
كان التأويل في استعمال السلف مترادفا مع التفسير، وقد دأب عليه أبو جعفر الطبري في جامع البيان لكنه في مصطلح المتأخرين جاء متغايرا مع التفسير، وربما اخص منه.
التفسير رفع الإبهام عن اللفظ المشكل، فمورده: إبهام المعنى بسبب تعقيد1حاصل في اللفظ.
وأما التأويل فهو دفع الشبهة عن المتشابه من الأقوال والأفعال، فمورده حصول شبهة في قول أو عمل، أوجبت خفاء الحقيقة (الهدف الأقصى او المعنى المراد) فالتأويل إزاحة هذا الخفاء.
فالتأويل مضافا إلى انه رفع إبهام فهو دفع شبهة أيض، فحيث كان تشابه في اللفظ كان إبهام في وجه المعنى أيض، فهو دفع ورفع معاً.
ولنتكلم شيئاً في التأويل، في حقيقته والمعاني التي جاء استعمالها في القرآن والحديث، وما قيل أو قد يقال فيه.
التأويل: من الأول، وهو الرجوع إلى حيث المبد، فتأويل الشيء إرجاعه إلى أصله وحقيقته، فكان تأويل المتشابه توجيه ظاهره إلى حيث مستقر واقعه الأصيل.
والتشابه قد يكون في كلام إذا أوجب ظاهر تعبيره شبهة في نفس السامع، أو كان مثاراً للشبهة، - كما في متشابهات القرآن -، كان يتبعها أهل الزيغ ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، إلى حيث أهدافهم الخبيثة.
و قد يكون التشابه في عمل كان ظاهره مريب، كما في أعمال قام بها صاحب موسى، بحيث لم يستطع موسى الصبر عليها دون استجوابه، والسؤال عن تصرفاته تلك المريبة.
والآن فلنذكر المعاني التي يحملها لفظ "التأويل" في عرف القرآن واستعمال السلف.
*التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب، الشيخ محمد هادي معرفة، الجامعة الرضوية للجامعة الإسلامية، ط1، ص18.