الطريبيلي الرتبــــــة
رقم العضوية : 11 التسجيل : 20/12/2012 عدد المساهمات : 3314 نقـــــــــاط التقيم : 5593 السٌّمعَــــــــــــــة : 8 مشرف الاقسام العلمية
| موضوع: دور الإمام المهدي(عج) في تربية الشخصية الإسلامية الأربعاء فبراير 13, 2013 10:36 pm | |
| دور الإمام المهدي(عج) في تربية الشخصية الإسلامية الشيخ نوري حاتم بسم الله الرحمن الرحيم عندما يظهر الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ويتولى قيادة الأمة بعد الغيبة الطويلة سوف يحقق تحولاً تاريخياً في العالم أجمع ويُوجد مجتمعاً عالمياً واحداً في تركيبه الحضاري والسياسي. إن المجتمع الذي سيوجده المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) مجتمع فريد لم يرى التاريخ نظيراً له في جميع المستويات والأبعاد الفردية والاجتماعية والحضارية. ولا نريد في هذا البحث الدخول إلى معرفة تفاصيل هذا التحول والتغيير الإنساني الفريد إنما نريد هنا أن نبحث الطريقة التي سيمارسها الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في عملية التغيير هذه وأنه كيف يستطيع أن يحقق ما لم يتحقق للبشرية على امتداد وجودها التاريخي السحيق. توجد عدة آليات يعتمد عليها الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في قيادة عملية التغيير وهذه الآليات حينما تلامس الحياة العامة للفرد والمجتمع تقوم بعملية التربية والتهذيب متى ما حاول الإنسان الفرد الابتعاد عنها جذبته إليها – اختيارياً – ودفعته بلطف ورحمة إلى الانسجام معها كما هو الحال في قوى الجاذبية كلما أراد شيء التخلص منها والانطلاق إلى الأعلى يجد نفسه يلتصق بالأرض من جديد بفعل هذه الجاذبية ولكن الفارق بين فعل الجاذبية وبين فعل الآلية التي يعتمد عليها الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في عملية التغيير الكبرى في أن تلك الجاذبية تجذب الأشياء رغماً عنها ولا تسمح لأي شيء بالانفكاك عنها إلاّ بجاذبية أقوى تدفعه إلى الأعلى, في حين أن عمل الآليات التي يعتمدها الإمام المهدي في عمله تجذب الإنسان إلى السطح المستقيم تجربة واختيار ورغبة في الانفعال مع تأثيرات هذه الآليات على نفس الإنسان. وفي ما يلي أهم هذه الآليات: أولاً: الاعتماد على المجتمع في عملية التربية من الواضح أن للمجتمع دوراً أساسياً في عملية تربية الفرد وترشيده وتنمية إدراكاته وتهذيب عواطفه إلى جانب دور الأسرة في ذلك و إلى جانب دور المقومات والتركيبة الأساسية في تكوين الفرد الفسيولجي. فالإنسان ينمو في بيئة و ينمو تحت إشراف غيره ولا بد أن يكون هذا الإشراف سليماً من الناحية العليمة وأن تكون البيئة التي يعيش فيها مناسبة له, من هنا فإن الإمام المهدي (عليه السلام) يستفيد من آلية المجتمع وديناميكيته الخاصة في عمله التربوي. و يمكن أن نلاحظ دور المجتمع في عملية التربية التي يخوضها الإمام (عليه السلام) كما يلي: 1- إن الإمام المهدي (عليه السلام) سوف يقوم بعملية كبرى في تغيير المجتمع ككل من خلال تعميق المفاهيم العامة للإسلام إذ الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) لا يكتفي بالطرح البسيط لتلك المفاهيم؛ إنما يطرحها بصورة تتصل مع الاستجابة العملية سلوكاً وفكراً وعاطفة في كيان المجتمع بالشكل الذي يؤسس خطّاً وإطاراً اجتماعياً تبرز فيه المعالم الكاملة للمفاهيم الإسلامية وأثرها العملي وهذا ما يُسمى بلغة العقائد بـ (العصمة الاجتماعية العامة) أي أن المجتمع في عصر الظهور مجتمع يتصف بالعصمة بشكل عام أي أن المجتمع لا يمكن له أن يمارس ظاهرة اجتماعية منحرفة عن خط الاستقامة كما هو حال الأمم السابقة حيث انحرفت بعض الأمم فأشركت بالله تعالى أو مارست اللواط أو مارست التخفيف في الميزان أو قتل البنات أو ما شاكل ذلك من انحرافات عامة سقطت فيها المجتمعات السابقة في التاريخ. وحينما يكون المجتمع نظيفاً من الانحرافات, بعيداً عن السقطات في الفكر والسلوك والعاطفة؛ فإن ذلك سينعكس على الفرد الذي يدخل جديداً إلى ساحة المجتمع وسيتطبّع بالطبع الاجتماعي العام. إذ ان الفرد الذي يرى مجتمعاً موحّداً مؤمناً بالله مستقيماً في سلوكه ويرى في تلك الاستقامة الضمان الأكيد لربح الدنيا والآخرة, بل ويتسابق في عمل الخير والفلاح والصلاح, ?وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ?[1], ?وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ?[2]. فإذا فرضنا أن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) يشيد مجتماً سليماً قائماً على أساس الإيمان والقيم الصالحة فإن ذلك سيدفع الفرد إلى تلقي تلك التعليمات بصورة عفوية والتفاعل معها بلا عناء وجهد تربوي شخصي. ثم هنالك شعور فردي عميق في كيان كل فرد في لزوم التطابق مع الكيان الاجتماعي العام في النطاق النظري والعملي, وذلك لأن ذلك التطابق – عادة – يؤمّن للإنسان ضروراته المادية والمعنوية. إذ ان الشذوذ الاجتماعي مهما كانت نسبة مصداقيته, سوف يمنع الفرد من التعاطي مع المجتمع, وسوف يدفعه إلى التصادم معه وحرمانه من إمكان الاستفادة من إمكانات المجتمع في تلبية حاجاته الأساسية. وبعبارة أخرى, إن التعايش مع المجتمع والتطابق معه في ضوابطه وظواهره أسلوب وحيد في التعامل مع المجتمع وتلبية حاجاته. ولذلك على الأشخاص الذين يريدون أن يطرحوا صيغة جديدة في مجال من مجالات المجتمع أن يتحملوا ضغوطاً عنيفة, وهذه الضغوط تتصاعد كلما تمايز الفرد في سلوكه وفكره عن الاتجاه الاجتماعي العام. وتأسيساً على ذلك فإن الإمام المهدي (عليه السلام) يبني مجتمعاً قويّاً في فكره وعقائده, واضحاً في سلوكه وعواطفه, دقيقاً في التعارض مع الفرد. فالانسجام مع هكذا مجتمع يكون الأسلوب الوحيد للتحرك في إطار المجتمع والتعاطي معه. ولا يعني ذلك أن الفرد سيتحول لولباً في ماكنة المجتمع, إنما يعني أن المجتمع يتحرك في إطار رعاية الفرد وضرورة تأمين السلامة النفسية والروحية والمادية له بصورة لا تسلب اختياره ولا تحرمه من الفاعلية والمبادرة في هذا الميدان. فالمجتمع إنما يمارس دور التوجيه التربية بصورة لا تسلب من الفرد حريته ومسئوليته الشخصية, إنما يمارس ذلك الدور في إطار رعاية الفرد ومساعدته في تأمين فرص التطور والرقي وتحقيق أهدافه الشخصية التي هي أهداف المجتمع ذاته. »إن المجتمعات تدين في وجودها إلى تنظيم سلوك الأفراد الذين تتألف منهم وتكييفه تكييفاً متبادلاً, وكذلك تنظيم مواقفهم وتكييفها. ويتم التوصل إلى هذا التنظيم عن طريق إسناد أوضاع معينة إلى كل فرد وتدريبه على القيام بالأدوار التي تقترن بها«[3]. إن الإمام المهدي يبني مجتمعاً قائماً على أساس ديناميكية خاصة تتعامل مع كل فرد بكل أشواقه واحتياجاته وتهيئ له فرص العمل والتكامل؛ فكل فرد يجد نفسه في دائرة واسعة من مجالات الفرص للاستفادة منها في تأمين شروط حياته الفردية والاجتماعية ويجد فرصاً كبيرة في تطوير كفاءته وشخصيته فلا حدود أمام حركة التطور والتكامل, بل جميع أفراد المجتمع يشعرون بأنهم مسؤولون عن مساعدة الفرد في حركته وفي تطوره وفي سعيه العام. الأمر الذي يدفع الفرد إلى الإحساس بالمسؤولية الشخصية إزاء هذا الموقف الاجتماعي العام الذي يثق بشخصه ويضع أمامه شروط التطور والتكامل, وهذه الخصوصية الاجتماعية ذات تأثير بارز في نشاطات الفرد وحركته. ويمكن ملاحظتها من خلال المقايسة مع مجتمعاتنا الراهنة التي تتحرك في دائرة لا يجد الفرد خلالها أية فرصة للعمل والحركة إلاّ من خلال الصراع أو من خلال العلاقات والتصرفات الاجتماعية المنحرفة. فإن الفرد داخل هذه الدائرة يشعر بحرمانه من فرصة العمل والتطور, ولا يشعر بأن المجتمع يثق فيه ويضعه في موضعه بما يملك من طاقات وإمكانيات, بل وبما يملك من كفاءات حقيقية يمكن أن يخدم المجتمع بها, ولهذا فإن تطور الفرد وتكامله المادي والمعنوي يواجه عراقيل وعقبات كبيرة تحبط محاولاته وتضاعف عوامل الفشل والانكسار. ثانياً: وإضافة إلى دور المجتمع في رعاية الأفكار الأساسية الرشيدة وحفظها حيّة نشطة في العلاقات الاجتماعية, يقوم نفس الإمام المهدي (عليه السلام) بعملية تربية كبرى للفرد وتهذيبه وتربيته. فإن الأفكار الرشيد التي يطرحها الإمام تدخل في قلب كل فرد من أفراد المجتمع وتتحول إلى حقائق حيّة تبعث في روح الفرد الأمل والنشاط والحيوية وتقوم بعملية تصعيد مستمرة لعوامل الخير في نفس الإنسان وتطوير لنوازع الإصلاح في كيان الفرد. وعملية التصعيد هذه, عملية فائقة جداً وسريعة وعميقة جداً؛ بحيث أنها تتحول إلى أفعاال وعلاقات وصور عملية قائمة في عمق العلاقات الاجتماعية. إن ذات وجود الإمام (عليه السلام) نعمة كبرى للفرد والمجتمع حيث إن نفس سلوك الإمام (عليه السلام) وتعاطيه مع الفرد والمجتمع وطريقة تعامله مع شؤون الحياة يشكّل قدوة عملية للفرد وصورة حيّة. فإن الفرد في المجتمع حينما يشعر أن الإمام (عليه السلام) إنسان مسدّد من الغيب, متصل بحبل الله, وهو البشرى التي بشر بها النبي (صلي الله عليه و آله سلم) من قبل, بل وينزل المسيح (عليه السلام) من عليائه ويصلي خلفه كرامة له ... كل فرد من أفراد المجتمع يتأثر بكلام الإمام (عليه السلام) وإرشاداته وينفذها عملياً ومباشرة في حياته وعلاقاته الاجتماعية. وفي ضوء هذا يتضح معنى بعض الروايات القائلة بأن الإمام (عليه السلام) بمجرد أن يسمح رأس مسلم في المجتمع يصير هذا المسلم عالماً زكيّاً. ثم ان وجود الإمام المهدي (عليه السلام) بركة شاملة يفتح به الله خرائن الأرض وأبواب السماء. فكل شيء على هذه الأرض من جماد ونبات وحيوان يساهم من موقعه في بناء حضارة الإمام المهدي التي تقوم على العدل والرحمة. وبذلك تبلغ التقنية الحضارية في زمانه الذروة العليا وتُمكّن المهدي (عليه السلام) من بناء الإنسان المسلم والمجتمع الصالح. ومن الواضح أن التقنية العالية والثروات العامة تساهم في عملية التربية والتهذيب الكبرى التي يخوضها الإمام (عليه السلام). إذ بمساعدتها يمكن إيصال كلمات الإمام (عليه السلام) وإرشاداته المستمرة إلى كل من أفراد العالم على حجمه ومباشرةً. وهذا يعني أن التقنية العالية تساهم في اتصال كل فرد بالإمام (عليه السلام) مباشرة وتلقي التوجه اللازم في طيّ مراحل التكامل والتطور المعنوي والفكري. إن من الواضح أن عملية التربية لا يمكن للمجتمع بمفرده أن يمارسها من دون إرادة الفرد في التغيير, ومن دون التفاعل مع المجتمع في هذا الفعل والانفعال التربوي؛ وذلك لأن إرادة الفرد في التغيير هي مفتاح الحركة والتحول والسير إلى الأمام؛ فالفرد الذي لا يقبل بالتفاعل مع الأفكار الرسالية لا يمكنه أن يتطور ويتكامل مهما اتسمت عملية التربية بالدقة, ومهما توفر لها من قيادات صالحة, إذ ما فعل النبي أمام نفسه مع أبي سفيان ومع أبي جهل وأمثالهما من فراعنة قريش, فإنهم رفضوا النور وفضلوا الظالم عليه حتى مع الإسلام السطحي الذي أعلنه أبو سفيان. إن عملية التغيير تبدأ بإرادة واعية من قبل الفرد بضرورة التحول ولزوم تهذيب النفس والتخلص من الظلام الداخلي الذي تعيش النفس في أرجائه ولزوم فتح نافذة من نور الإسلام والهدى الذي يحمله المربي المعصوم المسدّد من قبل الغيب ليدخل نور الهداية والصلاح من خلالها إلى نفس الإنسان, ويضيء زواياها المظلمة وينقيها من خفافيش الظلام والباطل. إن عملية التغيير السيكولوجي تبدأ من شعور الفرد بضرورة التكامل وتغيّر الكم الأخلاقي والباطني إلى كيفٍ ينسجم مع التطور المعنوي والأخلاقي الهائل الذي سيعمل الإمام (عليه السلام) على إيجاده... وبالضبط نظير مقدار من الطين الذي ليس له ماهية نافعة يتعامل معه لإيجاد شكلٍ جميل يسر الناظرين, أو مادة من الأصباغ المختلفة يرسم منها منظراً رائعاً, فإن القوى التي يتمتع بها الإنسان قوى هائلة وكمية من الإمكانات لا بد من تهذيبها وترويضها لتأخذ شكلاً معيناً مفيداً للفرد والمجتمع. ودور الإمام (عليه السلام) في عملية التربية دور مزدوج؛ فهو من جانب يُحسّس الإنسان بواقعه ويشعره بلزوم التحول والتغيير, بل ان عملية التحول والتكامل مسألة ضرورية لا يمكن التسامح فيها إطلاقاً, وبديهة أساسية لا يمكن التغافل عنها, والخطوة الضرورية التي يجب على كل فرد في المجتمع القيام بها, ومن دونها يفقد الفرد مصداقيته الإنسانية والاجتماعية ... إذ ان الإنسان في سرّ الله الذي آمن بالله واليوم الآخر عمل على طبق إيمانه, أي هذّب نفسه من عوامل الشر وتحلى بصفات الخير, وتحرك باتجاه الأعمال الصالحة. وبنفس الوقت يقوم الإمام (عليه السلام) بعملية إيجابية في مجال تغيير الفرد, وهي توضيح الأفكار والأخلاق الصالحة وبيان الصراط المستقيم في كل مجالات الحياة وبصورة مركزة, بصورة يستطيع الفرد أن يتلقاها ويتعامل معها ويجعلها هدفاً دائماً يتحرك باتجاهها بصورة مستمرة. إن عملية التربية الفردية والاجتماعية تكتسب محتواها واتجاهها من مضمون الأفكار المركزية التي يعتمد عليها المجتمع في تكوينه الثقافي وعلاقاته الاجتماعية. فالفكر الذي يرفع الفرد إلى مصاف الإله ويقدس حريته المطلقة يخلق شخصية طاغية على المجتمع تتوقع كل شيء دون جهد ومشاركة في العمل الاجتماعي. وكذلك الفكر الذي يطحن الفرد في ماكنة المجتمع؛ فإنه لا يستطيع أن يرفع الفرد إلى مستوى الشعور بالوحدانية الشخصية الضرورية في عملية البناء والإبداع. قال روبرت اوين, وهو يوضح هذا السلوك التربوي الخاطئ: »إن تعليم الناشئة يجب أن يكون بالضرورة الأساس الوحيد الذي يقام عليه البناء الهيكلي للمجتمع. ولتنفيذ إعادة تربية المجتمع يجب أن ينشأ نظام قومي للمدارس تسيطر عليه الدولة مركزياً من خلال إحداث نظام قومي للتدريب والتربية تتولى توجيهه عقول كفيّة, حتى يصبح هذا النظام أداة أمينة وطيّعة وفعّالة واقتصادية في يد الحكومة«[4]. إن الاعتماد المطلق على المجتمع كوسيلة وحيدة ونهائية في تربية المجتمع طريقة خاطئة لا يمكن أن يملأ فراغات الإنسان ويكوّن شخصيته. كما أن منح الفرد – غير المعصوم – الدور الأساسي في عملية التربية لا يقل عن الاتجاه الآخر انحرافاً وابتعاداً عن المنهج الوسط والسديد في تربية الفرد والمجتمع. ثالثاً: أما الآلية الثالثة التي يعتمدها الإمام المهدي (عليه السلام) في عملية التربية الفردية والاجتماعية, فهي مجموعة الأفكار الإسلامية التي تشكل بمجموعها قاعدة أساسية في عملية التغيير الفردي والاجتماعي. إن هذه القاعدة تتشكل من مجموعة من الإرشادات والأوامر والنواهي الشرعية والحكم والنصائح التي تتصل مع المسلم وتوجهه بصورة سليمة. إن حجم تأثير الأفكار الإسلامية في عملية التكامل والتغيير الفردي يتصل مباشرة بتركيب هذه الأفكار وصفاتها وشروطها التي تتمتع بها, وذلك لأنها: أولاً: مطابقة تماماً مع الواقع الذي تحكي عنه أو التي تريد أن تهدي إليه. ومن الواضح ان الأفكار الصادقة لها دور تأثيري هائل بخلاف الأفكار الخاطئة أو المنحرفة, فإنها لا يمكن أن تضع واقعاً حياتياً ثابتاً لا يتأثر بزوابع الاتجاهات المنحرفة أو الأهواء الباطلة. وحيث إن الأفكار الإسلامية التي يريد الإمام المهدي تغيير الشخصية على أساسها مفاهيم صادقة جزماً؛ فإنها تنفذ إلى قلب الإنسان وتدفعه في حركة تغيير واسطة, إذا كان القائد لعملية التربية شخصية فريدة في سلوكها وفي إدراكها للحقائق والأفكار القرآنية كالإمام المهدي (عليه السلام) بل وحتى من قبل شخصية أدنى درجة من مقام المهدي (عليه السلام), كالسيد الخميني (قدس سره) الذي أحدث عملية تغيير وتربية واسعة في إيران, وذلك لأن »التعليم الصحيح لا يكتسب بالألفاظ بل بفهم الحقائق. فما الألفاظ إلاّ رموز للحقائق ووسيلة للوصول إليها«[5]. إن مستوى أهمية الأفكار يتصل مباشرةً بحجم هذه الحقائق التي تكشف عنها الأفكار؛ فمثلاً, الإخبار عن وجود حيوان مفترس في البلد يترتب عليه سلوك وانفعال معين يختلف باختلاف الأشخاص, ولكن الإخبار عن أنه سوف تقع زلزلة بعد ساعة يولد سلوكاً مغايراً عن الأول... أما الإخبار عن وجود حياة أخرى دائمة خالدة قد ينعم الإنسان فيها إلى الأبد وقد يُعذب إلى الأبد يولد موقفاً سلوكياً يختلف عن الأوليين, بل سوف يثير مجموعة من الاعتقادات الفكرية والعاطفية تجاه مستلزمات هذا العالم الثاني وشروطه. وهذه الأفكار – ثانياً – تتفاعل مع فطرة الإنسان وإحساسه بأن الحياة الدنيا حلقة ضيقة في سلسلة الوجود الإنساني الذي سيخوضه الإنسان بعد ذلك, وبشعوره أن ميدان الحياة فرصة سريعة الزوال لا بد من استثمارها بجميع الإمكانات المعقولة. وعلى أساس هاتين الفكرتين؛ أي فكرة الحياة الأخرى, وفكرة أن الحياة الدنيا مزرعة لتلك يقوم الإمام المهدي (عليه السلام) بعملية التغيير الكبرى التي لم يشهد لها التاريخ من نظير لأنها عملية تسع كل أفراد الإنسان وتستوعب سكان الكرة الأرضية جميعاً في ثورة فكرية وعاطفية وسلوكية وحضارية شاملة وعميقة تستهدف الأسس والمقومات المركزية التي يتعامل الإنسان مع مجتمعه وأفراده على أساسها. فكما »كان ظهور الإسلام حدثاً عالمياً ضخماً ترتبت عليه نتائج هائلة لم تقف عند الحدود الجغرافية للبلاد التي شهدت بوادره الأولى, بل لقد تجاوزت هذه الحدود إلى ما وراءها واستمرت تفاعلاتها الفكرية والروحية تنتقل من بلد إلى بلد ومن أفق إلى أفق ومن عصر إلى عصر حتى فرضت نفسها على تطور الحضارة العالمية وأصبحت إحدى الظواهر الإسلامية لتطور الحياة والمجتمع«[6]. كذلك الحال حين يظهر الإمام المهدي, فإن عملية التغيير الفردي والحضاري سوف تطال جميع الأسس الحضارية المتعارضة وتستبدلها بأسس جديدة قائمة على أساس الإيمان بالله واليوم الآخر ومرحلية الحياة الدنيا. الهوامش:
------------------------------------ [1] - المطففين: 26. [2] - آل عمران: 133. [3] - دراسة الإنسان, ص179, تأليف رالف لنتون. [4] - العرب والتربية والحضارة, ص314, تأليف الدكتور محمد جواد رضا. [5] - التربية وطرق التدريس, ج1 ص240, تأليف الدكتور صالح عبد العزيز والأستاذ عبد العزيز عبد الحميد. [6] - من الفلسفة اليونانية إلى الفلسفة الإسلامية, ص249, تأليف الدكتور محمد عبد الرحمن مرحب
| |
|
عهد الوفاء الرتبــــــة
رقم العضوية : 44 الجنــس : المواليد : 25/06/1977 التسجيل : 21/01/2013 العمـــــــــــــــــر : 47 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 8799 نقـــــــــاط التقيم : 11721 السٌّمعَــــــــــــــة : 3 علم بلدك : مشرفة الاجتماعيات والكتاب الشيعي
| موضوع: رد: دور الإمام المهدي(عج) في تربية الشخصية الإسلامية الخميس فبراير 14, 2013 5:11 am | |
| تسلم على الطرح المميز بوركت | |
|
الطريبيلي الرتبــــــة
رقم العضوية : 11 التسجيل : 20/12/2012 عدد المساهمات : 3314 نقـــــــــاط التقيم : 5593 السٌّمعَــــــــــــــة : 8 مشرف الاقسام العلمية
| موضوع: رد: دور الإمام المهدي(عج) في تربية الشخصية الإسلامية الخميس فبراير 14, 2013 10:11 pm | |
| بارك الله فيك اختي عهد الوفاء على مرورك الكريم والمشاركة وحياك الله
| |
|