زكاة الغلات الأربع
مسألة 1115 : يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران :
الأول : بلوغ النصاب ، و هو ثلاثمائة صاع ، و هذا يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة و سبعة و أربعين كيلو غراماً ، و لا تجب الزكاة فيما لم يبلغ النصاب ، فإذا بلغه وجبت فيه و فيما يزيد عليه و إن كان الزائد قليلاً .
الثاني : الملك في وقت تعلق الوجوب ، سواء أ كان بالزرع ، أم بالشراء ، أم بالإرث ، أم بغيرها من أسباب الملك .
مسألة 1116 : المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة و الشعير ، و عند الاحمرار و الاصفرار في ثمر النخيل ، و عند انعقاده حصرما في ثمر الكرم ، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب .
مسألة 1117 : المدار في قدر النصاب بلوغ المذكورات حده بعد يبسها في وقت وجوب الإخراج ـ الآتي في المسألة اللاحقة ـ فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد العناوين المذكورة بحد النصاب و لكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها .
مسألة 1118 : وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة من التبن ، و اجتذاذ التمر ، و اقتطاف الزبيب على النحو المتعارف ، فإذا أخر المالك الدفع عنه ـ بغير عذر ـ ضمن مع وجود المستحق ، و لا يجوز للساعي
( 364 )
المطالبة قبله ، نعم يجوز الإخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب ، و يجب على الساعي القبول على إشكال في إطلاقه .
مسألة 1119 : لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين ، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شيء و هكذا غيرها .
مسألة 1120 : المقدار الواجب إخراجه في زكاة الغلات ، العشر ( 10 % ) إذا سقي سيحاً ، أو بماء السماء ، أو بمص عروقه من الأرض ، و نصف العشر ( 5 % ) إذا سقي بالدلاء و الماكينة ، و الناعور ، و نحو ذلك من العلاجات ، و إذا سقي بالأمرين فإن كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي إليه و لا يعتد بالآخر ، فالعمل على الغالي ، و إن كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفاً و إن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر ، يوزع الواجب فيعطي ثلاثة أرباع العشر ( 5 , 7 % ) ، و إذا شك في صدق الاشتراك و الغلبة كفى الأقل ، و الأحوط ـ استحباباً ـ الأكثر .
مسألة 1121 : المدار في التفصيل المتقدم على الثمر ، لا على الشجر فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء ، فلما أثمر صار يسقى بالنزيز أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر ، و لو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر .
مسألة 1122 : الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه ، إلا إذا كثرت بحيث يستغنى عن الدوالي ، فيجب حينئذ العشر ، أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي ، فيجب التوزيع .
مسألة 1123 : إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثاً ، أو لغرض فسقى به آخر زرعه ففي وجوب العشر إشكال و إن كان أحوط وجوباً ، و كذا إذا أخرجه هو عبثاً أو لغرض آخر ثم بدا له فسقى به زرعه ، و أما إذا أخرجه لزرع فبدا له فسقى به زرعاً آخر ، أو زاد فسقى به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر .
( 365 )
مسألة 1124 : ما يأخذه السلطان بإسم المقاسمة ـ و هو الحصة من نفس الزرع ـ لا يجب إخراج زكاته .
مسألة 1125 : المشهور استثناء المؤن التي يحتاج إليها الزرع و الثمر من أجرة الفلاح ، و الحارث ، و الساقي ، و العوامل التي يستأجرها للزرع و أجرة الأرض و لو غصباً ، و نحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع ، أو الثمر ، و منها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج ، و لكن الأحوط لزوماً ـ في الجميع ـ عدم الاستثناء ، نعم المؤن التي تتعلق بالزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة يمكن احتسابهاعلى الزكاة بالنسبة بأن يسلمه إلى مستحقه أو إلى الحاكم الشرعي و هو على الساق أو على الشجر ثم يشترك معه في المؤن .
مسألة 1126 : يضم النخل بعض إلى بعض ، و إن كانت في أمكنة متباعدة و تفاوتت في الإدراك ، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد ، و إن كان بينهما شهر أو أكثر ، و كذا الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع ، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة ، و إن لم يبلغه كل واحد منها ، و أما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال و إن كان الضم أحوط وجوباً .
مسألة 1127 : يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين ، و ما بحكمهما من الأثمان ، كالأوراق النقدية ، و أما جواز دفعها من غيرها فلا يخلو عن إشكال .
مسألة 1128 : إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة ، أما لو مات قبله و انتقل إلى الوارث ، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه ، و إن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر ، وجبت على من بلغ
( 366 )
نصيبه دون الآخر ، و إن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب على واحد منهم ، و كذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة .
مسألة 1129 : إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود و الرديء عن الرديء ، و في جواز دفع الرديء عن الجيد إشكال و الأحوط ـ وجوبا ـ العدم .
مسألة 1130 : الأقوى أن الزكاة حق متعلق بالعين ، لا على وجه الإشاعة ، و لا على نحو الكلي في المعين ، و لا على نحو حق الرهانة ، و لا على نحو حق الجناية ، و لا على نحو الشركة في المالية ، بل على نحو آخر ، و إذا بلغ المالك ما تعلقت به الزكاة قبل إخراجها صح البيع على الأظهر سواء وقع على جميع العين الزكوية أو على بعضها المعين أو المشاع ، و يجب على البائع إخراج الزكاة و لو من مال آخر ، و أما المشتري القابض للمبيع فإن أعتقد إن البائع قد أخرجها قبل البيع أو احتمل ذلك لم يكن عليه شيء و إلا فيجب عليه إخراجها ، فإن أخرجها و كان مغرورا من قبل البائع جاز له الرجوع بها عليه .
مسألة 1131 : لا يجوز التأخير في دفع الزكاة عن وقت وجوب الإخراج من دون عذر ، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه لم يضمن ، و إن أخره ـ مع العلم بوجود المستحق ـ ضمن ، نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر مع عدم المستحق ، بل مع وجوده على الأقوى فيتعين المعزول زكاة ، و يكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط ، أو مع التأخير مع وجود المستحق ، من دون غرض صحيح . و في ثبوت الضمان معه ـ كما إذا أخره لانتظار مستحق معين أو للإيصال إلى المستحق تدريجاً في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة ـ إشكال ، و نماء الزكاة تابع لها في المصرف ، و لا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل .
( 367 )
مسألة 1132 : إذا باع الزرع أو الثمر ، و شك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتى تكون عليه ، أو قبله حتى تكون على المشتري لم يجب عليه شيء ، حتى إذا علم زمان التعلق و شك في زمان البيع على الأظهر .
و إن كان الشاك هو المشتري ، فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه إخراجها ، و إلا وجب عليه ، حتى إذا علم زمان التعلق و جهل زمان البيع ، فإن الزكاة متعلقة بالعين على ما تقدم .
مسألة 1133 : يجوز للحاكم الشرعي و وكيله خرص ثمر النخل و الكرم على المالك ، و فائدته جواز الاعتماد عليه ، بلا حاجة إلى الكيل و الوزن ، و الظاهر جواز الخرص للمالك ، إما لكونه بنفسه من أهل الخبرة ، أو لرجوعه إليهم .