صَوتُ الحسين
أَفاطِمُ ، مَنْ في كربلاءَ قَتيلُ ؟ ** وَمَنْ صَدرُهُ تَعْدو عَليهِ خُيولُ
أَفاطِمُ هل ( خِلتِ الحسينَ مُجَدَّلاً ) ؟ ** فقد جُدِّلَتْ يَومَ الطفوفِ فُحُولُ
وَإِمّا رَأَيتِ الرأسَ شِيلَ على القَنا ** فَفي الركبِ صَوتٌ لِلحسينِ يَصولُ
أََلا وَانْظُري في رَكبِ آلِ محمدٍ ** أَما بَينَ هاتيكَ الضعونِ عَليلُ ؟
وَهاتيكَ شَمسٌ تَلثمُ النارُ ثَوبَها ** لَعَمري فَأَهْوَنُ ما رَأَيتِ جَليلُ
فَهذا عَليُّ بنُ الحسينِ مُكَبَّلٌ ** على صَدرِهِ الدمُ وَالحديدُ يَسيلُ
يَسومونَهُ الْمُرَّ الْمَريرَ فَظاظَةً ** فَيَشتَدُّ فيهِ الصبرُ ، وَهوَ جميل
عَليٌّ ، أَلا ما زِلتَ تَذكُرُ كَربلا ؟ ** وَما زالَ يَجري في حَشاكَ غَليلُ ؟
عَليٌّ ـ فَدَتْكَ النفسُ ـ أَيَّةَ نَكبَةٍ ** تَلَقّى ـ كَجَدِّكُمُ البَشيرِ ـ رَسولُ ؟
عَليٌّ ، لَقد أَطفَتْ دُموعُكَ أَعيُناً ** وَأَخْفَتْ جَمالَ الوَجْنَتَين سُيولُ
عَلِيٌّ ، إِلى الآن البُكاءُ خَليلُكُم ؟ ** نَعم ، إِيْ وَأَيْمَ اللهِ ، فهوَ خليل
أَلا ، يا أَيُّها البَكّاءُ واسَيتَ فاطِماً ** وَما زِلتَ تَبكي وَالبُكاءُ طويلُ
أَفاطِمُ مُرّي بِالفراتِ وَنَخلِهِ ** فَعَبّاسُكُمْ تَنْعى عُلاهُ نَخيلُ
أَلا ، فَانْظُري قَمرَ الكِرامِ مُقَطَّعاً ؟ ** فَما عادَ مِنْ بَعدِ الكَفيلِ كَفيلُ
وَطُوفي بِرَكبِ السائِرينَ إِلى العُلا ** يَتامى تَلوذُ بِقَيدِها ، وَثَكُولُ
وَمُرّي بِكوفانِ النَّوائِبِ وِالْجَفا ** فقد أَودَعَ الفَخرَ الغَيورَ عَقيلُ
وَمُرّي بِمِحرابِ الوَصِيِّ وَجُرحِهِ ** وَلا تَعتُبي إِنَّ العِتابَ ثَقيلُ
سَلي الكوفةَ الصَّمّاءَ ، مَنْ مَلأَ الْمَدى ** بَجَيشٍ مِنَ الْكَلِمِ البليغِ يَجول
أَفاطِمُ ( قُومي يا ابنَةَ الخيرِ ) وَاسْأَلي ** فَفي الشامِ غَنّى مارِقٌ وَجَهولُ
وَلكنَّ صوتَ الحقِّ لَم يُبْقِ جاهِلاً ** وَلا حاقِداً إِلاّ اعْتَراهُ عَويلُ
أَعِيدٌ ؟ وَقُرآنُ القلوبِ مُخَضَّبٌ ** وَقَد زُفَّت البشرى ، وَدُقَّ طُبُولُ
سَلي أَدعِياءَ الشامِ كَيفَ تَناثَروا ** وَصَوتُ بنِ رَمزِ الثائرينَ صَليلُ
فَإِنْ تَأْفل الأَفلاكُ لا الشمسُ وَحْدَها ** فَما لِلشموسِ الخالداتِ أُفُولُ
إِذا الْمَرْءُ لَم يَحْفُرْ على القلبِ مَجدَهُ ** فَإِنَّ الأَماني الفارغاتِ خُمُولُ
وَإِنْ لَم يَجِدْ في جَوهرِ الروحِ عِزَّهُ ** فَإِنَّ الذي بينَ الضُّلوعِ ذَليلُ
وَإِنْ يَنْخر الوَهْمُ الْمَقيتُ حُلُومَهُ ** يَعِشْ ذابِلَ الآمالِ ، وَهوَ هَزيلُ
وَإِنْ تَنْحَل الأَجسامُ وَالقَهرُ قُوتُها ** فَما كانَ أَمْضى السيفَ وَهوَ نَحيلُ
فَما في الحروفِ الباتراتِ رَكاكةٌ ** وَما في السيوفِ النّاطقاتِ فُلُولُ
لِهذا فَقَد خَطَّ الحسينُ مَفاخِراً ** قُلوبٌ ذُهِلْنَ بِأُفْقِها وَعُقُولُ
سَلامي ـ سَلامُ الخالِدينَ بِحُبِّكُم ـ ** عَليكُم ، وَشُكري وافِرٌ وَجَزيلٌ
أُبَلِّغُهُ نورَ الزمانِ على النَّوى ** هو الثَّأْرُ ، إِذْ تَرنو إِليهِ ذُحولُ
فَما هانَ عِندَ اللهِ آلُ مُحَمدٍ ** فَلِلنّاقَةِ العَجْماء عَزَّ فَصيلُ
فَيا آلَ سُفيان الزمانِ تَمَهَّلوا ** وَثُمَّ انْظُروا لِمَنْ الأُمورُ تَؤولُ
لقد جاءَ طه رَحمةً وَهِدايَةً ** فَهلْ أَجْرُهُ في الطاهرينَ غُلُول ؟
وَغَرَّتْكُمُ الدنيا بِما وَعَدَتْ سُدىً ** فَلا تَفرَحوا ، إِنَّ الحياةَ تَدُول
فَيا آلَ هِندٍ مَن نَصيرُكُمُ غَداً ؟ ** فَمَأْواكُمُ مُستَنقَعٌ وَوُحُولُ
وَأَدري بِأَنَّ العَدلَ لابُدَّ قائمٌ ** وَلابُدَّ عَرشُ الظالمينَ يَزولُ