بسم الحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وآل محمد وعجل فرجهم يآآآكريم
إن المواقف البطولية الشامخة لحرائر النبوة كزينب (ع)؛ أمر متوقع من هذه الوجودات الطاهرة، فهذه اللبؤة من ذلك الأسد..
عندما كانت تخطب، البعض ظن وكأن عليا بعث من قبره.. ولكن النساء الذين كانوا في ركب الحسين (ع)، يا لهن من نسوة!..
هناك امرأة في يوم عاشوراء، لم نعرف اسمها، جاءت في ركب الحسين مع زوجها وابنها، لم يذكر اسمه أيضا؛ كله إبهام في إبهام..
لعل الله -عز وجل- أراد أن يضاعف لها الأجر في هذا الكتمان!..
تقول الرواية: ثم خرج شاب قُتل أبوه في المعركة وكانت أمه معه، فقالت له أمُّه: اخرج يا بني!.. وقاتل بين يدي ابن رسول الله!..
فخرج فقال الحسين (ع): هذا شاب قُتل أبوه، ولعل أمّه تكره خروجه، فقال الشاب: أمي أمرتني بذلك، فبرز وهو يقول:
أميري حسين ونعــم الأمير***سرور فؤاد البشير النذير
عليّ وفاطمـــة والـداه *** فهل تعلمون له من نظير
له طلعة مثل شمس الضحى*** لــه غرّة مثل بدر منير
وقاتل حتى قُتل وجُزّ رأسه، ورمي به إلى عسكر الحسين (ع).. فحملت أمّه رأسه، وقالت: أحسنتَ يا بني!.. يا سرور قلبي ويا قرة عيني!..
ثم رمت برأس ابنها رجلا، فقتلته وأخذت عمود خيمته، وحملت عليهم وهي تقول:
أنا عجوز سيدي ضعيفة *** خاوية باليــة نحيفة
أضربكم بضربة عنيفة *** دون بني فاطمة الشريفة
وضربت رجلين فقتلتهما، فأمر الحسين (ع) بصرفها ودعا لها.
هؤلاء القوم من الحركات التي سجلها عليهم التاريخ، كوصمة عار لهم جميعا، عندما كانوا يقتلون أصحاب الحسين، كانوا يقطعون رؤوس
القتلى.. والنبي نهى عن المثلى حتى بالكلب العقور، ولكن هؤلاء لأي مدى وصلوا من السوء والخزي والعار في حياة البشرية!..
إنه موقف من المواقف الخالدة في حياة البشرية: أن تأخذ أم رأس ابنها المقطوع، وتشكر الله -عز وجل- على هذه النعمة، ثم تحمل
عمود الخيمة لتقاتل.. انظروا إلى هذه الأسرة المباركة: الأب قتل في سبيل الله عز وجل، والشاب قتل في سبيل نصرة أبي عبد الله (ع)
، وهذه الأم تأخذ رأس ولدها وتقول هذه الكلمات المباركة، وتأخذ عمود الخيمة وتقاتل بين يدي سيد الشهداء (ع).
إن هناك صور ملاحم متعددة الألوان في ركب الإمام الحسين (ع).. حري بالكبار أن يتأسوا بأمثال حبيب بن مظاهر، وحري بالشباب
أن يتأسوا بأمثال علي الأكبر (ع)، وحري بالنساء أن يتشبهن أولاً بمولاتنا زينب (ع)، وبهذه الأم التي قامت بهذا العمل البطولي بين
يدي إمام زمانها (ع).