ليس المهم هو كثرة المرويات من أهل البيت (عليهم السلام), بل المهم هو العمل بهذه المرويات ومحلها من الفقه والإفتاء عند علماء أهل السنة وأئمتهم، وهذا ما لا نجده في الكتب الفقهية لأهل السنة، وإن وجدنا كان ذلك يسيراً جداً ودعوى أن المهم هو الوصول إلى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بغض النظر عن الصحابي، فهذه الدعوى غير موفقة ولابد من إثبات حجيتها شرعاً، فسلامة الطريق هي الموصلة إلى نهاية الطريق بسلام، وإلا كان الوقوع في الهلكات أمر محتمل جداً وهو ما يرفضه العقل بداهة ولا يحق للعاقل أن يقول إني أقتحم الهلكات من أجل الوصول إلى ما أضمن به سلامتي، فهذا غير مقبول. فلابد من ضمان سلامة الطرق الموصلة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المعبر عنها بوثاقة وعدالة الراوي لنطمئن إلى الأخذ عنه آمنين، خاصة بعد أتفاق الجميع على عدم عصمة الصحابة، وأنهم بشر يخطأون ويصيبون وأن المعصية تصدر منهم كغيرهم من البشر غير المعصومين.
وأما بالنسبة إلى الأسانيد الموصلة إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فعلماء الشيعة الإمامية قد جمعوا الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) وأودعوها الموسوعات الحديثية عندهم، واخضعوا الرواة لعملية تمحيص وتشذيب ومتابعة، وأفردوا في ذلك كتباً خاصة تتحدث عن وثاقة هؤلاء الرواة من عدمها، وتشددوا في الجرح والتعديل إلى مستوى لا تبلغه قواعد الجرح والتعديل عند أهل السنة.. ويمكنكم مراجعة تلك القواعد وأسسها في كتبهم الرجالية والإطلاع عليها لتعرفوا مدى الدقة في متابعة الرواة والحكم بوثاقتهم من عدمها..
والكثير من هؤلاء الرواة الثقات من الشيعة الإمامية هم ثقات عند أهل السنة، وقد ذكر السيد شرف الدين في مراجعاته الأزهرية مع الشيخ سليم البشري مائة راو من هؤلاء الرواة ممن يعتمد عليهم محدّثوا أهل السنة في كتبهم كالبخاري ومسلم والترمذي وأبن ماجة وغيرهم، فراجع ثمة.