اللهم صل على محمد وال محمد
روح الصلاة و حقيقتها سبعة
لا بحث لنا عما يتعلق بظاهرها من الاجزاء و الشرائط و الاحكام، اذ بيانها على عهدة الفقه. فلنشر الى المعاني الباطنة التي بها تتم حياتها، و الى الاسرار و الآداب الخفية الباطنة المتعلقة باجزائها و شرائطها الظاهرة، لتكون ملحوظة للعبد عند فعلها.
فنقول:
المعانى الباطنة، التي هي روحالصلاة و حقيقتها، سبعة:
الاول- الاخلاص و القربة، و خلوها عن شوائب الرياء.
الثاني- حضور القلب:
و هو ان يفرغ القلب عن غير ما هو ملابس له و متكلم به، حتى يكون العلم مقرونا بما يفعله و ما يقوله، من غير جريان الفكر في غيرهما. فمهما انصرف الفكر عن غير ما هو فيه، و كان في قلبه ذكر لما هو فيه من غير غفلة عنه، فقد حصل حضور القلب. ثم حضور القلب قد يعبر عنه بالإقبال على الصلاة و التوجه، و قد يعبر عنه بالخشوع بالقلب، فان الخشوع فى الصلاة خشوعان: خشوع بالقلب: و هو ان يتفرغ لجمع الهمة لها، و الاعراض عما سواها، بحيث لا يكون في قلبه غير المعبود. و خشوع بالجوارح، و هو ان يغض بصره، و لا يلتفت، و لا يعبث، و لا يتثاءب، و لا يتمطى، و لا يفرقع اصابعه، و بالجملة: لا يتحرك لغير الصلاة، و لا يفعل شيئا من المكروهات، و ربما عبر ذلك بالخضوع.
الثالث- التفهم لمعنى الكلام:
و هو امر وراء حضور القلب. فربما يكون القلب حاضرا مع اللفظ، و لا يكون حاضرا مع معناه. فالمراد بالتفهم هو اشتمال القلب على العلم بمعنى اللفظ. و هذا مقام يتفاوت فيه الناس، اذ ليس يشترك الناس في تفهم معاني القرآن و التسبيحات، فكم من معان لطيفة يفهمها بعض المصلين في اثناء الصلاة و لم يكن قد خطر بقلبه قبل ذلك و لا يفهمها غيره. و من هذا الوجه كانت الصلاة ناهية عن الفحشاء و المنكر1، فانها تفهم امورا تمنع تلك الامور عن الفحشاء و المنكر لا محالة.
الرابع-التعظيم:
و هو امر وراء حضور القلب و التفهم. اذ الرجل ربما يخاطب غيره، و هو حاضر القلب فيه، و متفهم لمعناه، و لا يكون معظما له.
الخامس- الهيبة:
و هي زائدة على التعظيم لانها عبارة عن خوف منشاه التعظيم، لان من لا يخاف لا يسمى هائبا، ثم كل خوف لا يسمى مهابة، بل الهيبة خوف مصدره الإجلال.
السادس- الرجاء:
و لا ريب في كونه زائدا عما ذكر. فكم من رجل يعظم ملكا من الملوك، و يهابه و يخاف سطوته، و لا يرجو بره و احسانه. و العبد ينبغى ان يكون راجيا بصلاته ثواب الله، كما انه خائف بتقصيره عقابه.
السابع- الحياء:
و مستنده استشعار تقصير و توهم ذنب، و هو زائد على التعظيم و الخوف و الرجاء، لتصورها من غير حياء، حيث لا يكون توهم تقصير و ارتكاب ذنب.