نور الهدى الرتبــــــة
رقم العضوية : 37 الجنــس : المواليد : 17/05/1990 التسجيل : 15/01/2013 العمـــــــــــــــــر : 34 البـــــــــــــــــرج : الأبـراج الصينية : عدد المساهمات : 875 نقـــــــــاط التقيم : 1750 السٌّمعَــــــــــــــة : 1 علم بلدك :
| موضوع: باب الحوائج علية السلام الأحد يونيو 02, 2013 7:21 pm | |
| ياسمي الكليم جئتك اسعى والهوى مركبي وحبك زادي مسني الضر وانتحى بيّ فقري نحو مغناك قاصدا من بلادي .. ليس تقضى الحوائج لنا الا عـند باب الحوائج المعتاد .. عند بحر الندى ابن جعفرموسى عند باب الرجاء جد الجواد قال أبو الفرج الأصفهاني علي بن الحسين، ، في كتابه (مقاتل الطالبيين): «موسى بن جعفر بن محمد: وموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ويكنّى أبا الحسن وأبا إبراهيم، وأمه أم ولد تدعى حميدة. حدثني أحمد بن محمد بن سعيد، قال حدثنا يحيى بن الحسن قال: كان موسى ابن جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرة دنانير، وكانت صراره ما بين الثلاثمائة إلى المائتين دينار، فكانت صرار موسى مثلا. حدّثني أحمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى: أن رجلا من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسى بن جعفر، ويؤذيه إذا لقيه. فقال له بعض مواليه وشيعته: دعنا نقتله: فقال: لا. ثم مضى راكباً حتى قصده في مزرعة له، فتواطأها بحماره، فصاح: لا تدس زرعنا، فلم يصغ إليه، واقبل حتى نزل عنده فجلس معه وجعل يضاحكه. وقال له: كم غرمت على زرعك هذا؟ قال: مائة درهم، قال: فكم ترجوا ان تربح؟ قال: لا أدري، قال: إنما سألتك كم ترجو؟ قال: مائة اخرى. قال: فاخرج ثلاثمائة دينار فوهبها له، فقام فقبّل رأسه. فلمّا دخل المسجد بعد ذلك وثب العمري فسلّم عليه، وجعل يقول: الله أعلم حيث يجعل رسالته(1)، فوثب أصحابه عليه وقالوا: ما هذا؟ فشاتمهم. وكان بعد ذلك كلما دخل موسى خرج يسلّم عليه ويقوم له. فقال موسى لمن قال ذلك القول: أيما كان خيراً ما أردتم أو ما أردت؟
ولادته
يبدو أن قرية ( الأبواء ) الواقعة بين المدينة ومكة، كانت تستقطب قوافل الحجاج من آل البيت أكثر من غيرها، لأنها كانت مثوى أم الرسول آمنة بنت وهب. وفي طريقهم إلى المدينة قافلين من حج بيت اللـه الحرام حطت قافلة الإمام أبي عبد اللـه الصادق (ع) في هذه القرية، وذلك في اليوم السابع عشر من شهر صفر الخير، عام 128 هـ - على أشهر الروايات -، حيث قدم الإمام المائدة لضيوفه، وجاءه الرسول من عند نسائه تبشره بالوليد المبارك. تقول الرواية التاريخية - المأثورة عن منهال القصّاب قال : ( خرجت من مكة وأنا أريد المدينة ) فمررت بالأبواء وقد ولد لأبي عبد اللـه (ع) فسبقته إلى المدينة، ودخل بعدي بيوم فأطعم الناس ثلاثاً، فكنت آكل فيمن يأكل، فما آكل شيئاً إلى الغد حتى أعود فآكل، فمكثت بذلك ثلاثاً أطعم حتى أرتفق ثم لا أطعم شيئاً إلى الغد ). وجاء في حديـث مـروي عـن ابي بصير قال : ( كنت مع أبي عبد اللـه (ع) في السنة التي ولد فيها إبنه موسى (ع)، نزلنا الأبواء وضع لنا أبو عبد اللـه (ع) الغذاء ولأصحابه وأكثره وأطابه، فبينما نحن نتغدى إذ أتاه رسول حميدة أن الطلق قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.فقام أبو عبد اللـه فرحاً مسروراً، فلم يلبث أن عاد إلينا حاسراً عن ذراعيه ضاحكاً سنّه، فقلنا : أضحك اللـه سنّك، وأقر عينك، ما صنعت حميدة ؟ فقال : وهب اللـه لي غلاماً وهو خير من برأ اللـه، ولقد خبرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها، قلت : جعلت فداك وما خبّرتك عنه حميدة ؟ قال : ذكرت أنه لما وقع من بطنها وقع واضعاً يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن تلك أمارة رسول اللـه (ص) وأمارة الإمام من بعده. فقلت : جعلت فداك وما تلك من علامة الإمام ؟ فقال : إنه لما كان في الليلة التي علق بجدي فيها، أتى آتٍ جدّ أبي وهو راقد، فأتاه بكأس فيها شربة أرقّ من الماء، وأبيض من اللّبن، وألين من الزبد، وأحلى من الشهد، وأبرد من الثلج، فسقاه إيّاه وأمره بالجماع، فقام فرحاً ومسروراً فجامع فعلق فيها بجدّي، ولما كان في الليلة التي علق فيها بأبي أتى آتٍ جدي فسقاه كما سقى جدّ أبي وأمره بالجماع، فقام فرحاً مسروراً فجامع قعلق بأبي، ولما كان في الليلة التي علق بي فيها، أتى آتٍ أبي فسقاه وأمره كما أمرهم، فقام فرحاً مسروراً فجامع فعلق بي، ولما كان في الليلة التي علق فيها بابني هذا أتاني آتٍ كما أتى جدّ أبي وجدّي فسقاني كما سقاهم، وأمرني كما أمرهم، فقمت فرحاً مسروراً بعلم اللـه بما وهب لي، فجامعت فعلق بابني هذا المولود، فدونكم فهو واللـه صاحبكم من بعدي ). فلما أن عاد الإمام إلى المدينة أطعم الناس ثلاثاً وتباشر الناس بالوليد المبارك.
أبواه
والده : إمام الهدى أبو عبد اللـه جعفر بن محمد الصادق (ع) ووالدتـــه: حميدة البربرية التي ربما كانت من الأندلس أو من المغرب، وكانت تلقب بـ (حميدة المصفـــاة) وقد كانت حميدة من فضليات النساء حيث اضطلعت بمهمة نشر الرسالة، وقد روت بعض الأحاديث عن زوجها (ع) فعن ابن سنان، عن سابق بن الوليد، عن المعلّى بن خنيس أن أبا عبد اللـه (ع) قال: ( حميدة مصفّاة من الأدناس، كسبيكة الذهب، ما زالت الأملاك تحرسها حتى أُدِّيت إليَّ كرامةً من اللـه لي والحجة من بعدي)
صفاته :
كانت ملامحه الشخصية (ع) تعبر عن تلك النفس الكبيرة، وتلك المسؤولية العظمى التي كان عليه أدائها. ذلك الهاشمي الكريم أزهر الملامح، مربع القامة، تمام خضر، حالك، كث اللحية يفيض مطابة وجلالاً. وتكشف ألقابه عن الصفات الرسالية التي تجلّت فيه فهو: الكاظم والصابر والصالح، والأمين. وفعلاً كانت حياته حافلة بتجليات هذه الصفات الفضيلة
نشأته :
خلال عشرين عاماً من عمره الشريف كان والده الإمام أبو عبد اللـه الصادق (ع) يتعهده بالرعاية، ويشير إلى فضائله ويبين لخاصة أوليائه أنه سيد ولده، وأنه الإمام من بعده. إن الإمامة لابد أن تكون بنص صريح، وقد تواترت النصوص على الأئمة الإثني عشر من الرسول الأكرم (ص)، وهكذا كان كل إمام يوصي بمن بعده، فلهذا كان الموالون لآل البيت (ع) حريصين على التأكد من إمامهم يسألون السلف عن الخلف. يــروي عبد الرحمن بن الحجاج يقول : دخلت على جعفر بن محمد في منزله وهو في بيت كذا من دار، في مسجدٍ له وهو يدعو، وعلى يمينه موسى بن جعفر يؤمِّن على دعائه، فقلت له : جعلني اللـه فداك قد عرفت انقطاعي إليك، وخدمتي لك، فمن وليّ الأمر بعدك ؟ قال: (يا عبد الرحمن إن موسى قد لبس الدرع فاستوت عليه، فقلت له: لا أحتاج بعدها إلى شيء). وكان الإمام الصادق (ع) يوصي سائر أبنائه بحق ابنه موسى (ع)، فهذا عبد اللـه بن جعفر أكبر سناً من الإمام موسى يتحدث إليه والده ويقول له : ما يمنعك أن تكون مثل أخيك، فواللـه إني لأعرف النور في وجهــــه، فقال عبد اللـه: وكيف؟ أليس أبي وأبوه واحداً؟ وأصلي وأصله واحداً؟ فقال له أبو عبد اللـــه: ( إنه من نفسي وأنت ابني). وكانت حياة الإمام موسى (ع) متميّزة منذ الصبا، ولذلك فقد كانت في ذلك أمارة مقامه العظيم. جاء في حديث مأثور عن صفوان الجمّال وهو من خواصّ الشيعة، سألت أبا عبد اللـه عن صاحب هذا الأمر، قال: صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب، وأقبل أبو الحسن وهو صغير ومعه بهمة عناق مكية ويقول لها: (اسجدي لربك، فأخذه أبو عبد اللـه وضمه إليه وقال بأبي أنت وأمي من لا يلهو ولا يلعب). وهكذا شبّ موسى بن جعفر محبوباً بين إخوته بسبب وصفه المميز، وعملا بوصايا والده بحقه، فكان بين إخوته المتمسّكين بولاية علي بن جعفر، جاء في الحديث المأثور عن محمد بن الوليد قال: (سمعت علي بن جعفر بن محمد الصادق (ع) يقول: سمعت أبا جعفر بن محمد (ع) يقول لجماعة من خاصته وأصحابه: استوصوا بموسى ابني خيراً فإنه أفضل ولدي، ومن أخلّف من بعدي وهو القائم مقامي والحجة للـه عزّ وجلّ على كافة خلقه من بعدي، وكان علي بن جعفر شديد التمسك بأخيه موسى، والإنقطاع إليه، والتوفر على أخذ معالم الدين منه، وله مسائل مشهورة عنه، وجوابات رواها سماعاً منه، والأخبار فيما ذكرناه أكثر من أن تحصى على ما بيًّناه ووصفناه). ولأن عهد الإمام الصادق (ع) مميَّز ببعض الانفراج، وقد انتشرت معارف أهل البيت وأصبح مذهبهم من بين المذاهب الأكثر شيوعاً واتباعاً في العالم الإسلامي، فلقد كان الخوف على مستقبل الطائفة شديداً، حيث كان يخشى من طمع بعض القيادات في الرئاسة على الطائفة، وربما انجرف معهم بعض أولاد الإمام الصادق أو أحفاده، لذلك فقد كان تأكيد الإمام على أن الوصي بعده ابنه موسى شديداً ومستمراً. وهكذا كان فلقد انحرف البعض وزعم أن الوليّ بعد الإمام الصادق (عليه السلام) ابنه الأكبر إسماعيل، وقالوا بأنه لم يمت على عهد أبيه إنما غاب عن الأنظار. وكانت الفرقة الإسماعيلية ذات الشوكة التي أسست أكبر حركة ثورية بعد الحركة الرسالية، وبَنت دولة عظيمة في شمال إفريقيا وكانت هذه الحركة وليدة هذا التصور الخاطىء. من هنا أشهد الإمام الصادق (ع) كبار شيعته على وفاة ابنه وأكد لهم أن الوصي الحق بعده إنما هو موسى (ع). فلقد روي عن زرارة بن أعين أنه قال: (دخلت على أبي عبد اللـه (ع) وعن يمينه سيد ولده موسى (ع) وقدّامه مرقد مغطى، فقال لي: يا زرارة جئني بداود الرّقي، وحمران، وأبي بصير، ودخل عليه المفضل بن عمر، فخرجت فأحضرت من أمرني بإحضاره، ولم يزل الناس يدخلون واحداً إثر واحد، حتى صرنا في البيت ثلاثين رجلاً. فلما حشد المجلس قال: يا داود اكشف لي عن وجه اسماعيل، فكشف عن وجهه، فقال ابو عبد اللـه (ع) : يا داود أحيّ هو أم ميت ؟ قال داود : يا مولاي هو ميت، فجعل يعرض ذلك على رجل رجل، حتى أتى على آخر من في المجلس وكل يقول : هو ميت يا مولاي، فقال : اللـهم اشهد ثم أمر بغسله وحنوطه، وإدراجه في أثوابه. فلما فرغ منه قال للمفضل : يا مفضل أحسر عن وجهه، فحسر عن وجهه فقال : أحيّ هو أم ميت ؟ فقال ميت قال : اللـهم اشهد عليهم، ثم حمل إلى قبره، فلما وضع في لحده قال : يا مفضل أكشف عن وجهه، وقال للجماعة : أحيّ هو أم ميت ؟ قلنا له : ميت فقال : اللـهم اشهد، واشهدوا فإنه سيرتاب المبطلون، يريدون إطفاء نور اللـه بأفواههم ثم أومأ إلى موسى، واللـه متم نوره ولو كره المشركون، ثم حثوا عليه التراب، ثم أعاد علينا القول فقال : الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو ؟ فقلنا : إسماعيل قال : اللـهم اشهد، ثم أخذ بيد موسى (ع) وقال : هو حق والحق معه ومنه، إلى أن يرث اللـه الأرض ومن عليها).
خلقه وفضائله :
إنما جعل اللـه أنبياءه وحملة رسالاته من البشر، لكي تتم الحجة على الناس فيقتدوا بهم، ولو كانوا ملائكة لكان الناس يقولون مالنا والملائكة، أوليسوا من جنس آخر؟ بلى وإن الإنسان مفطور على حب الفضيلة، وإذا تجسدت في شخص ازداد لها حباً، ودفعته دواعي الخير في ذاته إلى اتباعه، والسعي لكي يكون مثله. إنك لو ألقيت على شخص محاضرة مفصّلة عن فضيلة الإحسان فإنه لا يندفع بقدر ما لو حكيت له قصة رجل محسن. إن مكارم أخلاق الأئمة من أهل البيت (ع) أفضل منهاج تربوي، وإنهم - بحق - أسمى قدوات الخير والفضيلة، وإن سيرة حياتهم الحافلة بالمكرمات أقوى حجة على سلامة نهجهم في التربية وسلامة خطتهم في الحياة، وإن أفكارهم التي تناقلتها الرواة هي التفسير الصحيح للقرآن الحق، أوليسوا من البشر ؟ إذاً كيف بلغوا هذا الشأن من العظمة، ألم يبلغوه بتطبيق هذه الأفكار التي رويت عنهم ؟ بلى، أولسنا نحن أيضاً نريد العظمة ؟ إذاً دعنا نقرأ تلك الأفكار ونتفاعل معها. والواقع أن التاريخ لم يحفظ لنا من سيرة الأئمة إلاّ قليلاً، لأنهم كانوا محاصرين إعلامياً من قبل سلطات الجور حتى أن رواية فضيلة لهم كانت تكلِّف في بعض العصور حياة الراوي، وكان على الشاعر دعبل أن يحمل على كتفه خشبة إعدامه لمدة ربع قرن، ويهيم على وجهه في القفار لأنه كان يمدح أهل البيت. ومع ذلك فإن ما تبقّى من فضائلهم يعتبر دورة تربوية كاملة لمكارم الأخلاق. ولأن عاش إمامنا الكاظم (ع) في أشد أيام الصراع وأصعب أوقات التقيّة وسرّية العمل، فإن اختراق قصصه لحصار السلطات يعتبر معجزة، وعلينا أن نستدل بما وصلتنا من قصصه وهي قليلة على ما لم تصل إلينا وهي الأكثر.
عبادته وزهده:
من أبرز سمات القيادات الرسالية الزهد، والتقشف والإجتهاد في التبتل إلى اللـه تعالى، وقد كان عصر الإمام الكاظم (ع) معروفاً بالعصر الذهبي، وكانت بيوت السلطة العباسية تفيض بالثروات الطائلة، وتشهد حفلات المجون، كالتي نقرأ بعضها في قصص ألف ليلة وليلة، وفي ذات الوقت ينقل إبراهيم بن عبد الحميد ويقول: (دخلت على أبي الحسن الأول (ع) في بيته الذي كان يصلي فيه فإذا ليس في البيت شيء إلاّ حضفة وسيف معلق ومصحف). وكان (ع) يسعى إلى بيت اللـه الحرام ماشياً لشدة تواضعه لله، واجتهاده في العبادة، وإذا عرفنا المسافة بين المدينة ومكة التي تقارب (400) كليو متر وطبيعة الصحراء في أرض الحجاز، عرفنا مدى تحمل الإمام للصعاب في سبيل اللـه. يقول علي بن جعفر (ع): (خرجنا مع أخي موسى بن جعفر (ع) في أربع عُمَرٍ يمشي فيها إلى مكة بعياله وأهله، واحدة منهن مشى فيها ستة وعشرين يوماً، وأخرى خمسة وعشرين يوماً، وأخرى أربعة وعشرين يوماً، وأخرى واحداً وعشرين يوماً). أما شدة اجتهاده في الصلاة، وهي قرة عين المؤمنين وملتقى الحبيب مع الحبيب فيقول عنها الحديث التالي: “روي أنه كان يصلي نوافل الليل، ويصلها بصلاة الصبح، ثم يعقب حتى تطلع الشمس، ويخر لله ساجداً فلا يرفع رأسه من السجدة والتحميد حتى يقرب زوال الشمس، وكان يدعو كثيراً فيقول: اللـهم إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب، ويكرر ذلك، وكان من دعائه (ع) عظم الذنب من عبدك فليحسن العفو من عندك، وكان يبكي من خشية اللـه حتى تخضلّ لحيته بالدموع، وكان أوصل الناس لأهله ورحمه، وكان يفتقد فقراء المدينة“. والواقع أن اجتهاد الإمام في عبادة ربه والتبتل إليه بالصلوات والأدعية، هو السبب الذي بعثه اللـه به مقاما محموداً. وهو الذي أعطاه قدرة تحمل أعباء الرسالة التي نهض بها وضحّى بما لديه في سبيل تبليغها، وكانت صلواته أعظم مؤنس له في ظلِّ ظُلم الطغاة، فهذا أحمد بن عبد اللـه ينقل عن أبيه فيقول: (دخلت على الفضل بن الربيع وهو على سطح فقال لي: إشرف على هذا البيت وانظر ما ترى؟ فقلت: ثوباً مطروحا فقال: أنظر حسناً فتأملت فقلت: رجل ساجد، فقال لي: تعرفه؟ هو موسى بن جعفر أتفَّقده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات إلاّ على هذه الحالة، إنه يصلي الفجر فيعقب إلى أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة، فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس، وقد وكّل من يترصّد أوقات الصلاة، فإذا أخبره وثب يصلّي من غير تجديد وضوء، وهو دأبه فإذا صلّى العتمة أفطر، ثم يجدد الوضوء ثم يسجد فلا يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، وقال بعض عيونه: كنت أسمعه كثيراً يقول في دعائه: “اللـهم إنك تعلم أنني كنت أسألك أن تفرِّغني لعبادتك، اللـهم وقد فعلت فلك الحمد“. أما قراءته للقرآن، فيحدثنا عنها حفص ويقول: (ما رأيت أحداّ أشد خوفاً على نفسه من موسى بن جعفر (ع) ولا أرجى للناس منه، وكانت قراءته حزناً، فإذا قرأ فكأنه يخاطب إنساناً. لقد علّمه القرآن الكريم أسمى القيم، ومن أبرزها الإشفاق على نفسه، والسعي الدائب لتزكيتها وخلاصها من غضب الرب، وإصلاحها لتكون موضع محبة الخالق ورضوانه. بينما كان يرجو للناس كل خير، ولم يكن رجاؤه مجرداً عن العمل، بل كان (ع) يتقرب إلى اللـه بالإحسان إلى الناس، فقد كان يتفقد فقراء أهل البيت فيحمل إليهم في الليل العين والورق وغير ذلك، فيوصله إليهم وهم لا يعلمون من أي جهة هو).
محنتـه وشهادتـه
بعد محنة أبي عبد اللـه الحسين (ع)، وأكثر من سائر أئمة الـهدى من أهل بيت الرسول، كانت محنة أبي إبراهيم موسى بن جعفر (ع) شديدة وأليمة. لقد كان الرّشيد يترصده ولا يقدر عليه، ولعله كان يخشى من بعث جيش إليه خوف انقلابه وتحوله إلى صفِّه، وكانت السرّية التي عمل بها الرساليون تجعل السلطات لا تثق بأقرب الناس إليهم، فهذا علي بن يقطين وزير الرّشيد، وذاك وزيره الآخر جعفر بن محمد بن الأشعث شيعيان، كما كان من بين قيادات جيشه، وأبرز ولاته على الأمصار من يخفي ولائه لآل البيت (ع)، فلذلك قرر الذهاب بنفسه إلى المدينة، لإلقاء القبض عليه، وأخذ معه قوّاته الخاصة، بالإضافة إلى جيش من الشعراء، وعلماء السلاطين، والمستشارين و. و. كما أنه حمل معه الملايين مما سرقه من المحرومين، فقسّمها بين الناس لشراء سكوتهم. وخص منهم رؤساء القبائل ووجوه وأعيان المعارضة. هكذا ذهب الرّشيد إلى المدينة ليلقي القبض على أعظم معارضي سلطانه الغاصب، لننظر ما فعل: أولاّ : جلس عدة أيام يستقبل الناس ويأمر لهم بالصِّلات السخية، حتى أشبع بطون المعارضين، ممن كانت معارضتهم للسلطة لأسباب شخصية ومصالح خاصة. ثانياً : بعث في البلد من يبث الدعايات ضد أعداء السلطان، وأغرى الشعراء وعملاء السلطة من أدعياء الدين بمدح السلطان وإصدار الفتاوى بحرمة محاربته. ثالثاً : استعرض قوّته لأهل المدينة لكي لا يفكر أحد بمقاومته في هذا الوقت بالذات. رابعاً : وحينما أكمل استعداده قام شخصياً بتطبيق البند الأخير من خطته الإرهابية، فدخل مسجد رسول اللـه، ربما في وقت يجتمع الناس لأداء الفريضة، ولا يتخلف عنهـم - بالطبـع - الإمام موسـى بن جعفـر (ع). ثم تقدم إلى قبر الرسول وسلم عليه: وقال: السلام عليك يا رسول اللـه، يا ابن عم. وكان هدفه إثبات شرعية خلافته لرسول اللـه، لتكون سبباً وجيهاً لاعتقال الإمام (ع)، ولكن الإمام فوّت عليه هذه الفرصة، وشق الصفوف حتى تقدمها وتوجه إلى القبر الشريف وقال في ذهول الجميع: السلام عليك يا رسول اللـه، السلام عليك يا جدّاه. فلإن كان رسول اللـه ابن عمك يا سلطان الجور، وإنّك تدّعي شرعية سلطتك بانتمائك النسبي لرسول اللـه (ص)، فإنه أقرب إليّ، فهو جدي وأنا أحقَّ بخلافته منك. ولكن الرّشيد استدرك الموقف وقال وهو يبرّر عزمه على اعتقال الإمام بالقول: بأبي أنت وأمي يا رسول اللـه، إني أعتذر إليك من أمر عزمت عليه، وإني أريد أن آخذ موسى بن جعفر فأحبسه، لأني قد خشيت أن يلقي بين أمتك حرباً تسفك فيها دماؤهم. فلما كان اليوم التالي أرسل إليه الفضل بن الربيع وهو قائم يصلي في مقام رسول اللـه، فأمر بالقبض عليه وحبسه. وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان هو في أحدهما، ووجّه مع كل واحدة منهما خيلاً فأخذ بواحدة على طريق البصرة، والأخرى على طريق الكوفة، ليعمي على الناس امره، وكان الإمام في القبة التي مضت على البصرة، وأمر الرسول أن يسلم إلى عيسى بن جعفر بن المنصور، وكان والياً يومئذ على البصرة فمضى به فحبسه عنده سنة. ثم كتب إلى الرّشيد أن خذه منّي، وسلّمه إلى من شئت، وإلاّ خلّيت سبيله، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة، فما أقدر على ذلك، حتى أني لأتسمّع عليه إذا دعا لعله يدعو عليّ أو عليك فما أسمعه يدعو إلاّ لنفسه، يسأله الرحمة والمغفرة، فوجّه من تسلمه منه، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد، فبقي عنده مدة طويلة، وأراده الرّشيد على شيء من أمره فأبى، فكتب بتسليمه إلى الفضل بن يحيى، فتسلّمه منه وأراد ذلك منه فلم يفعل، وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة، وهو حينئذ بالرقة. فأنفذ مسروراً الخادم إلى بغداد على البريد، وامره أن يدخل من فوره إلى موسى بن جعفر (ع) فيعرف خبره، فإن كان الأمر على ما بلغه أوصل كتاباً منه إلى العباس بن محمد وأمره بامتثاله، وأوصل منه كتاباً آخر إلى السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس. وتنقل الروايات التاريخية: أن الإمام (ع) كان يتصل بشيعته وأهل دعوته من السجون التي يتناقل فيها، ويأمرهم بأمره، كما انه كان يجيب عن مسائلهم السياسية، والفقهية. وقد نتساءل: كيف كان (ع) يتصل بهم، لعله بطرق غيبية، ولكن أحاديث كثيرة تبيّن لنا أن أكثر من سجن عندهم الإمام (ع) قالوا بإمامته، بالرغم من أن السلطة كانت تختار سجّانه من بين أغلظ الناس وأكثرهم ولاءً لها، لما كانوا يرونه فيه من شدة الإجتهاد في العبادة، وغزارة العلم ومكارم الأخلاق، ولما كانوا يرونه منه من كرامات. | |
|
وفاء الموسوي الرتبــــــة
رقم العضوية : 6 الجنــس : التسجيل : 18/12/2012 عدد المساهمات : 2483 نقـــــــــاط التقيم : 4743 السٌّمعَــــــــــــــة : 2 علم بلدك : ادارة منتدى
| موضوع: رد: باب الحوائج علية السلام السبت يونيو 08, 2013 5:35 am | |
| سلام الله على باب الحوائج مشكور على الموضوع اختي بارك الله فيك | |
|