الخاصة الثالثة:
خلود القرآن
ان
خلود القرآن بمعنى أنّه نزل ليبقى أي ليكون مناراً ومرجعاً للأجيال المتعاقبة، ولا يختص بجيل نزوله أو بفترة معينة. وهناك عدة أمور تشهد بذلك..
1- طبيعة آياته ومحتوياته، فهو بين آيات مرتبطة بالعقائد الصحيحة وبين دعوة
الى مكارم الأخلاق وبين تشريعات في مختلف المجالات منسجمةً مع الفطرة
الإنسانية وصالحةً لترتيب شؤون الإنسان وتنظيم علاقاته مع الآخرين.
نعم هناك مجموعة من الاعتراضات والتساؤلات حول بعض التشريعات القرآنية
والإسلامية بشكل عام ومدى انسجامها مع تطور المجتمعات، وقد تصدى العلماء
للإجابة عليها وتوضيح انسجام تلك التشريعات مع تطور الإنسان، ولسنا بصدد
استيعابها هنا، لأنّ مجالها كتب العقائد وفلسفة التشريع، لكن يكفينا هنا أن
نشير الى الإعجاب المتزايد بالقرآن الكريم والتشريع الإسلامي من قِبَل
مجموعة كبيرة من المثقفين الغربيين، فهذا الألماني المعروف (غوته) يشيد
بالقرآن ويضيف: انّي اعتقد ان هذا الكتاب سيترك في القريب العاجل أثره
المنجي والعميق في كل جوانب الحياة ويكون بالنتيجة محط أنظار العالم.
ويقول (جول لابوم) - في مقدمة فهرسة
القرآن -:
القرآن حي الى الأبد، وكل واحد من الناس يستفيد منه بمقدار إدراكه واستيعابه.
ويقول (
لر) المستشرق المعروف - بعد أن أشاد بالقرآن - في
القرآن مواعظ ظاهرة وسيكون في القريب العاجل بلا معارض الى الأبد، وكل شخص يتبع
القرآن جيداً ستكون حياته مطمئنة وممتازة ومثالية(1).
2- وما يشهد بخلود
القرآن ما دل ان شريعة الإسلام آخر الشرائع وان حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة، ونحو ذلك، حيث من الواضح ان
القرآن الكريم هو الثقل الأكبر الذي تضمن كثيراً من أصول الإسلام وتعاليمه وتشريعاته، فمن دوام الإسلام وخلوده نعرف دوام
القرآن وخلوده.
3- ومما يشهد - اسلامياً - بخلود
القرآن النصوص الكثيرة في السُنّة التي تأمر المسلمين - بأجيالهم المتعاقبة -
بالأخذ بالقرآن والتأمّل فيه وعظمته ونحو ذلك، ويقف في مقدمتها حديث
الثقلين المروي بطرق عديدة والمسلَّم عند جميع المسلمين، حيث تضمّن وصية
النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) للمسلمين بأجيالهم المتعاقبة بالتمسّك
بالكتاب والعترة.
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلّم) يقول: إنّها ستكون فتن، قلت: وما المخرج منها يا رسول الله؟ قال:
كتاب الله، فيه خبر ما قبلكم وما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس
بالهزل، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن
كثرة رد، ولا تنقضي عجائبه.."(2).
وفي حديث عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): "إنّ رجلاً سأل أبا عبدالله (عليه السلام) ما بال
القرآن لا يزداد عند النشر والدراية إلاّ غضاضةً؟ فقال (عليه السلام): لأنّ الله
لم ينزله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل
قوم غض الى يوم القيامة"(3).
وفي حديث للإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة في ذم بعض الأزمنة: "يأتي على الناس زمان لا يبقى فيهم من
القرآن إلاّ رسمه ومن الإسلام إلاّ اسمه"(4). فإنّ ذم هذا الزمان يعني أنّ
القرآن اُنزل ليكون مصدر هداية لكل الأزمنة.
ومن الشواهد على
خلود القرآن ومرجعيته الدائمة للمسلمين ما ورد عن أهل البيت(عليهم السلام) من ضرورة عرض الروايات على
القرآن وان ما خالف كتاب الله فهو زخرف أو باطل، وفي بعضها الأمر بأخذ النص الموافق للكتاب العزيز(5)، ما يؤكد دوام مرجعية
القرآن وهدايته للأجيال المتعاقبة.
الأسئلة
1 - عرّف "علوم القرآن".
2 - من هو أوّل من دوّن في علوم القرآن؟
3 - اذكر العوامل الخمسة لنشوء وتطوّر هذا العلم.
4 - اذكر ستة من شواهد إعجاز
القرآن الكريم.
5 - ما هي النقاط الأربعة التي توضّح كيف انّ عدم الاضطراب في
القرآن دليل إعجازه؟
6 - اذكر نقطتين تؤكدان ان إخبارات
القرآن الغيبية تكشف عن أنّه كتاب إلهي.
1- يراجع كتاب تاريخ وعلوم قرآن: 186 و 189.
2- المختصر النافع: 17، وقريب منه ما في سنن الترمذي: 5 172.
3- عيون أخبار الرضا7: 239.
4- تصنيف نهج البلاغة: 213.
5- الكافي: 1/69. وسائل الشيعة: 18/76 وما بعدها.