سبب
نزول الآية رقم
(92) من
سورة النساء
* قوله: ﴿وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ﴾ الآية.
أخبرنا أبو عبد الله ابن أبي إسحاق قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال:
حدثنا أبو مسلم إبراهيم ابن عبد الله بن حجاج قال: حدثنا حماد قال أخبرنا
محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه أن الحارث بن زيد كان
شديدا على النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء وهو يريد الاسلام، فلقيه عياش بن
أبي ربيعة والحارث يريد الاسلام وعياش لا يشعر فقتله، فأنزل الله تعالى: -
وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ - الآية.
وشرح الكلبي هذه القصة فقال: إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن
يظهر إسلامه، فخرج هاربا إلى المدينة فقدمها، ثم أتى أطما من آطامها، فتحصن
فيه فجزعت أمه جزعا شديدا وقالت لابنيها أبي جهل والحارث ابن هشام وهما
لامه لا يظلني سقف بيت ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى تأتوني به، فخرجا في
طلبه، وخرج معهم الحارث بن زيد بن أبي أنيسة حتى أتوا المدينة، فأتوا عياشا
وهو في الاطم، فقالا له: انزل فإن أمك لم يؤوها سقف بيت بعدك، وقد حلفت لا
تأكل طعاما ولا شرابا حتى ترجع إليها، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شئ
ولا نحول بينك وبين دينك، فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له نزل إليهم
فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بنسع وجلده كل واحد منهم مائة جلدة، ثم قدموا
به على أمه فقالت: والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ثم تركوه
موثقا في الشمس، وأعطاهم بعض الذي أرادوا، فأتاه الحارث بن زيد وقال عياش:
والله لئن كان الذي كنت عليه هدى لقد تركت الهدى، وإن كان ضلالة لقد كنت
عليها، فغضب عياش من مقاله وقال: والله لا ألقاك خاليا إلا قتلتك، ثم إن
عياشا: أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ثم
إن الحارث بن زيد أسلم وهاجر إلى المدينة وليس عياش يومئذ حاضرا ولم يشعر
بإسلامه، فبينا هو يسير بظهر قبا إذ لقى الحارث بن زيد، فلما رآه حمل عليه
فقتله، فقال الناس: أي شئ صنعت ؟ إنه قد أسلم، فرجع عياش إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فقال: يارسول الله كان من أمرى وأمر الحارث ما قد علمت:
وإني لم أشعر بإسلامه حين قتلته، فنزل عليه السلام بقوله - وما كان لمؤمن
أن يقتل مؤمنا إلا خطأ -.