سبب
نزول الآية (94) من
سورة النساء
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ
لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ
مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ
عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾
واختلفوا في سبب
نزول هذه
الآية فقال عمر بن شبة: نزلت في مرداس رجل من غطفان، غشيتهم خيل المسلمين،
فاستعصم قومه في الجبل، وأسهل هو مسلما مستسلما، فاظهر لهم اسلامه، فقتلوه،
وأخذوا ما معه. وقال أبو عمر والواقدي، وابن إسحاق. نزلت في عامر بن
الأضبط الأشجعي لقيته سرية لأبي قتادة فسلم عليه فشد محلم بن جثامة فقتله
لاحنة كانت بينهم، ثم جاء النبي صلى الله عليه وآله وسأل ان يستغفر له فقال
النبي صلى الله عليه وآله لا غفر الله لك. وانصرف باكيا فما مضت عليه سبعة
أيام حتى هلك فدفن، ثم لفظته الأرض فجاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله
وأخبروه فقال (ع): إن الأرض تقبل من هو شر من محلم صاحبكم، لكن الله أراد
أن يعظم من حرمتكم، ثم طرحوه بين صد في جبل، وألقوا عليه الحجارة، فنزلت
الآية. وقال ابن عباس: لحق ناس رجلا في غنيمة له، فقال السلام عليكم،
فقتلوه وأخذوا غنمه. فنزلت الآية. قال ابن عباس: فكان الرجل يسلم في قومه،
فإذا غزاهم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، وهرب أصحابه وقف، وأظهر تحية
الاسلام (السلام عليكم) فيكفون عنه، فلما خالف بعضهم، وقتل من أظهر ذلك
نزلت فيه
الآية وبه قال السدي: وقال الرجل السلام عليكم، أشهد ان لا إله إلا الله، وان
محمدا رسول الله. فشد عليه أسامة بن زيد وكان أمير القوم، فقتله، فنزلت
الآية. وقال قوم: كان صاحب السرية المقداد. وقال آخرون: ابن مسعود. وكل
واحد من هذه الأسباب يجوز أن يكون صحيحا، ولا يقطع بواحد منها بعينه. والذي
يستفاد من ذلك أن من اظهر الشهادتين لا يجوز لمؤمن أن يقدم على قتله، ولا
إذا أظهر ما يقوم مقامها من تحية الاسلام.