وذلك لما مرض علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في مرضه الذي توفي فيه ، فجمع أولاده محمدا والحسن ، وعبد الله ، وعمر ، وزيد ، والحسين ، وأوصى إلى ابنه محمد بن علي الباقر ، وكناه الباقر ، وجعل أمرهم إليه ، وكان فيما وعظه في وصيته أن قال : يا بني ، إن العقل رائد الروح ، والعلم رائد العقل ، والعقل ترجمان العلم ، واعلم إن العلم أبقى ، واللسان أكثر هذرا ، واعلم يا بني إن صلاح شأن الدنيا بحذافيرها في كلمتين بهما إصلاح شأن المعايش ؛ ملء مكيال ثلثاه فطنة ، وثلثه تغافل ؛ لأن الإنسان لا يتغافل إلا عن شئ قد عرفه ففطن له .
واعلم أن الساعات تذهب عمرك ، وإنك لا تنال نعمة إلا بفراق أخرى ، فإياك والأمل الطويل ، فكم من مؤمل أملا لا يبلغه ، ولجامع مال لا يأكله ، ومانع مال سوف يتركه ، ولعله من باطل جمعه ، ومن حق منعه ، أصابه حراما ، وورثه عدوا احتمل إصره ، وباء بوزره .
( ذلك هو الخسران المبين ) .