- قال ابن أعثم : قال : فلما مضى علي بن أبي طالب إلى سبيل الله اجتمع الناس إلى ابنه الحسن ، فبايعوه ورضوا به وبأخيه الحسين من بعده . قال : فنادى الحسن في الناس فجمعهم في مسجد الكوفة ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! إن الدنيا دار بلاء وفتنة ، وكل ما فيها نائل إلى زوال واضمحلال ، وقد نبأنا الله عنها لكي نعتبه [ نتنبه ] ، وتقدم إلينا فيها بالوعد [ بالوعيد ] لكي نزدجر ، فلا يكون له [ لنا ] علينا [ عليه ] حجة بعد الإعذار والإنذار ، فازهدوا فيما يفنى ، وارغبوا فيما يبقى ، وخافوا الله في السر والعلانية ؛ ألا ! وقد علمتم أن أمير المؤمنين عليا حيا وميتا ، عاش بقدر ومات بأجل ، وإني أبايعكم على أن تحاربوا من حاربت ، وتسالموا من سالمت . فقال الناس : سمعنا وأطعنا ، فمرنا بأمرك . قال : فأقام الحسن بالكوفة بعد وفاة أبيه شهرين كاملين لا ينفذ إلى معاوية أحدا ، ولا ذكر المسير إلى الشام . - قال الطبري : وفي هذا السنة - أعني سنة أربعين - بويع للحسن بن علي بالخلافة ؛ وقيل : إن أول من بايعه قيس بن سعد قال له : ابسط يدك أبايعك على كتاب الله عزوجل ، وسنة نبيه ، وقتال المحلين فقال له الحسن : على كتاب الله وسنة نبيه ، فإن ذلك يأتي من وراء كل شرط ، فبايعه وسكت وبايعه الناس . - قال الدينوري : ذكروا أنه لما قتل علي بن أبي طالب ، ثار الناس إلى الحسن بن علي بالبيعة ؛ فلما بايعوه قال لهم : تبايعون لي على السمع والطاعة ، وتحاربون من حاربت ، وتسالمون من سالمت ؛ فلما سمعوا ذلك ارتابوا وأمسكوا أيديهم وقبض هو يده . فأتوا الحسين ، فقالوا له : ابسط يدك نبايعك على ما بايعنا عليه أباك ، وعلى حرب المحلين الضالين أهل الشام ، فقال الحسين : معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا . قال : فانصرفوا إلى الحسن ، فلم يجدوا بدا من بيعته ، على ما شرط عليهم .