.: قصة ذو القرنين :.
قصة "ذو القرني" العجيبة:
إن مجموعة من قريش قررت اختبار الرسول الأكرم (ص)، وقامت هذه المجموعة بالتنسيق مع اليهود واستشارتهم بطرح ثلاث قضايا هي: تأريخ الفتية من أصحاب الكهف.
السؤال عن ماهية الروح، أما القضية الثالثة فقد كانت حول "ذو القرنين".
إن قصة "ذو القرنين" تدور حول شخصية أثارت اهتمامات الفلاسفة والباحثين منذ القدم. وقد بذلت جهود ومساعي كثيرة للتعرف على هذه الشخصية.
وسنقوم أولاً بذكر قصة ذي القرنين حيث أن حياته مع قطع النظر عن جوانبها التاريخية بمثابة درس كبير ومليء بالعبر، ثم ننتقل إلى بحوث لمعرفة شخصية ذي القرنين نفسه مستفيدين في ذلك من الروايات الإسلامية، ومما أشار إليه المؤرخون في هذا الصدد.
بتعبير آخر: إن ما يهمنا أولاً هو الحديث عن شخصية ذي القرنين، وهو ما فعله القرآن، حيث يقول تعالى: ﴿ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا ﴾.
إن بداية الآية تبين لنا قصة "ذو القرنين" كانت متداولة ومعروفة بين الناس، ولكنها كانت محاطة بالغموض والإبهام، لهذا السبب طالبوا الرسول الأكرم (ص) الإدلاء حولها بالتوضيحات اللازمة.
وفي إستئناف الحديث عن ذي القرنين يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ﴾. أي منحناه سبل القوة والقدرة والحكم.
﴿ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا {84} فَأَتْبَعَ سَبَبًا {85} حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ﴾ فرأي أنها تغرب في بحر غامق أو عين ذات ماء آجن: ﴿ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ﴾.
(حمئة) تعني في الأصل الطين الأسود ذا الرائحة الكريهة، أو الماء الآسن الموجود في المستنقعات. وهذا الوصف يبين لنا بأن الأرض التي بلغها "ذو القرنين" كانت مليئة بالمستنقعات، بشكل كان ذو القرنين يشعر معه بأن الشمس كانت تغرب في هذه المستنقعات، تماماً كما يشعر بذلك مسافر البحر، وسكان السواحل الذين يشعرون بأن الشمس قد غابت في البحر أو خرجت منه!.
﴿ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا﴾ أي مجموعة من الناس فيهم الصالح والطالح، هؤلاء القوم هم الذين خاطب الله ذا القرنين في شأنهم: ﴿ قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا﴾(1).
بعد ذلك يحكي القرآن جواب "ذى القرنين" الذي قال: ﴿ قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا﴾. أي إن الظالمين سينالون العذاب الدنيوي والأخروي معاً.
﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى﴾... ﴿وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾.
أي أننا سنتعامل معه بالقول الحسن، فضلا عن أننا سنخفف عنه ولا نجعله يواجه المشاكل والصعاب، بالإضافة إلى أننا سوف لن نجبي منه ضرائب كثيرة.
والظاهر أن ذا القرنين أراد من ذلك أن الناس سينقسمون مقابل دعوتي إلى التوحيد والإيمان والنهي عن الظلم والفساد إلى مجموعتين، الأولى: هي المجموعة التي سترحب ببرنامجه الإلهي ودعوته للتوحيد والإيمان وهذه ستجزى بالحسنى وستعيش حياة آمنة ومطمئنة. أما الثانية: فستتخذ موقفاً عدائياً من دعوة ذي القرنين وتقف في الجبهة المناوئة، وتستمر في شركها وظلمها، وتواصل فسادها. وهي لذلك ستعاقب نتيجة موقفها هذا أشد العقاب.
وعندما إنتهى "ذو القرنين" من سفره إلى الغرب توجه إلى الشرق حيث يقول القرآن في ذلك: ﴿ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾ أي استخدم الوسائل والإمكانات التي كانت بحوزته.
﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ﴾. وهنا رأى أنها: ﴿ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا﴾. وفي اللفظ كناية عن أحياء هؤلاء الناس بدائية جداً، ولا يملكون سوى القليل من الملابس التي لا تكفي لتغطية أبدانهم من الشمس. (2)
﴿كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا﴾ (3). هكذا كانت أعمال "ذو القرنين" ونحن نعلم جيداً بإمكاناته.
كيف تم بناء سد ذي القرنين؟
القرآن الكريم يشير إلى سفرة أخرى من أسفار ذي القرنين حيث يقول: ﴿ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا﴾. أي بعد هذه الحادثة استفاد من الوسائل المهمة التي كانت تحت تصرفه ومضى في سفره حتى وصل إلى موضع بين جبلين: ﴿ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾.
إشارة إلى أنه وصل إلى منطقة جبلية، وهناك وجد أناساً (غير المجموعتين اللتين عثر عليهما في الشرق والغرب) كانوا على مستوى دانٍ من المدينة، لأن الكلام أحد أوضح علائم التمدن لدى البشر. (4)
في هذه الأثناء اغتنم هؤلاء القوم مجيء ذي القرنين، لأنهم كانوا في عذاب شديد من قبل أعدائهم يأجوج ومأجوج، لذا فقد طلبوا العون منه قائلين: ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا﴾.
قد يكون كلامهم هذا تم عن طريق تبادل العلامات والإشارات، لأنهم لا يفهمون لغة ذي القرنين، أو أنهم تحدثوا معه بعبارات ناقصة لا يمكن الإعتداد بها. (5)
يمكن أن نستفيد أن تلك المجموعة من الناس كانت ذات وضع جيد من حيث الإمكانات الإقتصادية، إلا أنهم كانوا ضعفاء في المجال الصناعي والفكري والتخطيطي، لذا فقد تقبلوا بتكاليف بناء هذا السد المهم، بشرط أن يتكفل ذو القرنين ببنائه وهندسته.
أما ذو القرنين فقال: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾.
وعندما تهيأت قطع الحديد أعطى أمراً بوضع بعضها فوق البعض الآخر حتى غطّي بين الجبلين بشكل كامل: ﴿ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾.
الأمر الثالث لذي القرنين هو طلبه منهم أن يجلبوا الحطب وما شابهه، ووضعه على جانبي هذا السد، وأشعل النار فيه ثم أمرهم بالنفخ فيه حتى احمرَّ الحديد من شدة النار: ﴿قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا﴾.
لقد كان يهدف ذو القرنين من ذلك ربط قطع الحديد بعضها ببعض ليضع منها سداً من قطعة واحدة، وعن طريق ذلك، قام ذو القرنين بنفس عمل (اللحام) الذي يقام به اليوم في ربط أجزاء الحديد بعضها ببعض.
أخيراً أصدر لهم الأمر الأخير فقال: اجلبوا لي النحاس المذاب حتى أضعه فوق هذا السد: ﴿قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا﴾.
وبهذا الشكل قام بتغطية هذا السد الحديدي بطبقة النحاس حتى لا ينفذ فيه الهواء ويحفظ من التآكل.
بعض المفسرين قالوا: إن علوم اليوم أثبتت أنه عند إضافة مقدار من النحاس إلى الحديد فإن ذلك سيزيد من مقدار مقاومته، ولأن "ذا القرنين" كان عالماً بهذه الحقيقة فقد أقدم على تنفيذه.
وأخيراً، أصبح هذا السد بقدر من القوة والإحكام بحيث: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾.
لقد كان عمل ذي القرنين عظيماً ومهماً، وكان له وفقاً لمنطق المستكبرين ونهجهم أن يتباهى به أو يمن به، إلا أنه قال بأدب كامل: ﴿قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي﴾ لأن أخلاقه كانت أخلاقاً إلهية.
إنه أراد أن يقول: إذا كنت أملك العلم والمعرفة وأستطيع بواسطتها أن أخطو خطوات مهمة، فإن كل ذلك إنما كان من قبل الخالق جل وعلا، وإذا كنت أملك قابلية الكلام والحديث المؤثر فذلك أيضاً من الخالق جل وعلا.
وإذا كانت مثل هذه الوسائل والأفكار في اختياري فإن ذلك من بركة الله ورحمته الخالق الواسعة.
أراد ذو القرنين أن يقول: إنني لا أملك شيئاً من عندي كي أفتخر به، ولم أعمل عملاً مهماً كي أمُنَّ على عباد الله.
ثم استطرد قائلاً: لا تظنوا أن هذا السد سيكون أبدياً وخالداً: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء﴾.
﴿وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا﴾(6).
لقد أشار ذو القرنين في كلامه هذا إلى قضية فناء الدنيا وتحطم هيكل نظام الوجود فيها عند البعث.
من هو ذو القرنين؟
ذكر المفسرون كلاماً كثيراً عن شخصية ذي القرنين الوارد في القرآن الكريم، فمن هو؟ وعلى أي واحد من الشخصيات التأريخية المعروفة تنطبق أوصافه ويمكن أن نرجع الآراء إلى ثلاث نظريات أساسية: (7)
وأخذت النظريات في هذا المجال وردت عن المفكر الإسلامي المعروف (أبو الكلام آزاد) الذي شغل يوماً منصب وزير الثقافة في الهند. وقد أورد رأيه في كتاب حققه في هذا المجال. وطبقاً لهذه النظرية فإن ذا القرنين هو نفسه (كورش الكبير) الملك الأخميني.
لماذا سمي ذو القرنين بهذا الإسم؟
البعض يعتقد أن سبب التسمية تعود إلى وصوله للشرق والغرب، حيث يعبر العرب عن ذلك بقرني الشمس.
البعض الآخر يرى بأنه عاش قرنين أو أنه حكم قرنين، وأما ما مقدار القرن فهناك آراء مختلفة في ذلك.
البعض الثالث يقول: كان يوجد على طرفي رأسه بروز (قرن)، ولهذا السبب سمي بذي القرنين.
وأخيراً فإن البعض يعتقد بأن تاجه الخاص كان يحتوي على قرنين.
صفات ذي القرنين الممتازة
لو لاحظنا بدقة القرآن الكريم لاستفدنا أن ذا القرنين كانت له صفات ممتازة هي:
- هيأ له الله جل وعلا أسباب القوة ومقدمات الانتصار، وجعلها تحت تصرفه وفي متناول يده.
- لقد جهز ثلاثة جيوش مهمة: الأول إلى الغرب، والثاني إلى الشرق؛ والثالث إلى المنطقة التي تضم المضيق الجبلي، وفي كل هذه الأسفار كان له تعامل خاص مع الأقوام المختلفة حيث ورد تفصيل ذلك في الآيات السابقة.
- كان رجلاً مؤمناً تجلى فيه صفات التوحيد والعطف، ولم ينحرف عن طريق العدل، ولهذا السبب فقد شمله اللطف الإلهي الخاص، إذ كان ناصراً للمحسنين وعدوّا للظالمين، ولم يكن يرغب أو يطمع بمال الدنيا كثيراً.
- كان مؤمناً بالله وباليوم الآخر.
- لقد صنع واحداً من أهم وأقوى السدود، السد الذي استفاد لصنعه من الحديد والنحاس بدلاً من الطابوق والحجارة. (وإذا كانت هناك مواد أخرى مستخدمة فيه، فهي لا يعتبر شيئاً بالقياس إلى الحديد والنحاس) أما هدفه من بنائه فقد تمثل في مساعدة المستضعفين في قبال ظلم يأجوج ومأجوج.
- كان شخصاً مشهوراً بين مجموعة من الناس، وذلك قبل نزول القرآن، لذا فإن قريش أو اليهود سألوا رسول الله (ص) عنه، كما يصرح بذلك الكتاب العزيز في قوله: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ﴾.
ولا يمكن الاستفادة بشيء من صريح القرآن للدلالة على أنه كان نبياً، بالرغم من وجود تعابير تشعر بهذا المعنى.
ونقرأ في العديد من الروايات الإسلامية الواردة عن الرسول (ص) وأئمة أهل البيت (ع) أنه: "لم يكن نبياً بل عبداً صالحاً".
أين يقع سد ذي القرنين؟
بالرغم من محاولة البعض المطابقة بين سد ذي القرنين وبين جدار الصين الذي لا يزال موجوداً ويبلغ طوله مئات الكيلومترات، إلا أن الواضح أن جدار الصين لا يدخل في بنائه الحديد ولا النحاس، ومضافاً إلى ذلك لا يقع في مضيق جبلي ضيق، بل هو جدار مبني من مواد البناء العادية ويبلغ طول مئات الكيلومترات، ومازال موجوداً حتى الآن.
البعض يرى في سد ذي القرنين أنه سد مأرب في اليمن، ولكن هذا السد برغم وقوعه في مضيق جبلي، إلا أنه أنشئ لمنع السيل ولخزن المياه، ولم يدخل النحاس والحديد في بنائه.
ولكن بالاستناد إلى شهادة العلماء وأهل الخبرة فإن السد – كما أشرنا لذلك قبل قليل – يقع في أرض القوقاز بين بحر الخزر والبحر الأسود، حيث توجد سلسلة جبلية كالجدار تفصل الشمال عن الجنوب، والمضيق الوحيد الذي يقع بين هذه الجبال الصخرية هو مضيق "داريال" المعروف، ويشاهد فيه جدار حديدي أثري حتى الآن، ولهذه الجحات يعتقد الكثيرون أنَّ سد "ذو القرنين" يقع في هذا المضيق، وأنَّ المتبقي من مواصفات آثاره دليل مؤيد لذلك.
الطريف في الأمر أنه يوجد نهر على مقربة من ذلك المكان يسمى "سائرس" أي "كورش" إذ كان اليونان يسمون كورش بـ (سائرس).
الآثار الأرمينية القديمة كانت تطلق على هذا الجدار اسم "بهاك كورائي" والتي تعني "مضيق كورش" أو "معبر كورش" وهذا دليل آخر على أن كورش هو الذي بنى السد.
من هم يأجوج ومأجوج؟
القرآن يؤيد بوضوح أن هذين الاسمين هما لقبيلتين همجيتين كانتا تؤذيان سكان المناطق المحيطة بهم.
ويقول العلامة الطباطبائي، في تفسير الميزان: إنه يستفاد من مجموع ما ذكر في التوراة أن مأجوج أو يأجوج ومأجوج هم مجموعة أو مجاميع كبيرة كانت تقطن أقصى نقطة في شمال آسيا، وهم أناس محاربون يغيرون على الأماكن القريبة منهم.
ثمة أدلة تاريخية على أنّ منطقة شمال شرقي الأرض في نواحي "مغولستان" كانت في الأزمنة السابقة كثيفة السكان، إذ كانت الناس تتكاثر بسرعة، وبعد أن ازداد عددهم اتجهوا نحو الشرق أو الجنوب، وسيطروا على هذه الأراضي وسكنوا فيها تدريجياً.
وقد وردت مقاطع تاريخية مختلفة لحركة هؤلاء الأقوام وهجراتهم.(
وفي عصر كورش في حوالي عام (500) قبل الميلاد قامت هذه الأقوام بعدة هجمات، لكن موقف حكومة "ماد وفارس" إزاءهم أدّى إلى تعتبر الأوضاع واستتباب الهدوء في آسيا الغربية التي نجت من حملات هذه القبائل.
وبهذا يظهر أن يأجوج ومأجوج هم من هذه القبائل الوحشية، حيث طلب أهل القفقاز من "كورش" عند سفره إليهم أن ينقدهم من هجمات هذه القبائل، لذلك أقدم على تأسيس السد المعروف بسد ذي القرنين.
--------------------------------------------------------------------------------
1- ويرى بعض المفسرين في كلمة (قلنا) دليلاً على نبوة ذي القرنين. ولكن من المحتمل أن يكون المقصود بهذا التعبير هو الإلهام القلبي الذي يمنحه الخالق جل وعلا لغير الأنبياء أيضا، هذا وليس بالإمكان إنكار أن التعبير الآنف الذكر يشير بالفعل إلى معنى النبوة.
2- وهناك احتمال آخر يطرحه البعض، ويرى أن يكون هؤلاء القوم في أرض صحراوية تفتقر للجبال والأشجار والملاجيء، وأن ليس في تلك الصحراء ما يمكن هؤلاء القوم من حماية أنفسهم من الشمس من غطاء أو غير ذلك. بالطبع ليس هناك تعارض بين التفسير هذه.
3- الكهف، 83-91.
4- البعض احتمل أن جملة ﴿لا يكادون يفقهون قولاً﴾ لا تعني أنهم لم يكونوا يعرفون اللغات، بل كانوا لا يفهمون محتوى الكلام، أي كانوا متخلفين فكرياً.
5- ويحتمل أن يكون التفاهيم بينهم تم عن طريق المترجمين، أو بأسلوب الإلهام الإلهي، مثل تحدث بعض الطيور مع سليمان (ع).
6- الكهف، 98-92.
7- النظرية الأولى: يرى البعض أن "ذو القرنين" ويعتقد هؤلاء بأنه سيطر بعد وفاة أبيه على دول الروم والمغرب والمصر، وبنى مدينة الإسكندرية، ثم سيطر بعد ذلك على الشام وبيت المقدس، ثم ذهب من هناك إلى "أرمينيا" وفتح العراق وبلاد فارس، ثم قصد الهند والصين، ومن هناك رجع إلى خراسان، وقد بنى مدناً كثيرة، ثم جاء إلى العراق ومرض في مدينة "زور" وتوفي فيها.
ويقول البعض: إنه لم يعمر أكثر من (36) سنة، أمّا جسده فقد ذهبوا به إلى الإسكندرية ودفنوه هناك.
- يمكن ملاحظة ذلك في تفسير الفخر الرازي، والكامل لابن الأثير (المجلد الأول صفحة 287).
ويعتقد البعض أن أول من قال بهذه النظرية هو الشيخ ابن سينا في كتابه الشفاء.
- النظرية الثانية: ويرى جمع المؤرخين أنَّ "ذو القرنين" كان أحد ملوك اليمن (كان ملوك اليمن يسمون بـ "تبّع" وجمع ذلك "تبابعه") وقد دافع عن هذه النظرية "الأصمعي" في تأريخ العرب قبل الإسلام، و"ابن هشام" في تأريخه المعروف بسيرة ابن هشام، و"أبو ريحان البيروني" في كتاب "الآثار الباقية".
ويمكن لنا أن نلمح في شعر شعراء (الحميرية) وهم من أقوام اليمن، وبعضاً من شعراء الجاهلية تفاخراً بكون "ذو القرنين" من قومهم.
وفقاً لهذه النظرية يكون سد ذو القرنين هو سد "مأرب" المعروف.
8- قد تمت واحدة من هذه الهجمات في القرن الرابع الميلادي، بقيادة "آتيلا" وقد قضت هذه الهجمة على حضارة الأمبراطورية الرومانية.
وكان آخر مقطع تاريخي لهجومهم في القرن الثاني عشر الميلادي بقيادة جنكيزخان، حيث هاجم شرق البلاد الإسلامية ودمَّر العديد من المدن، وفي طليعتها مدينة بغداد حاضرة الخلافة العباسية