وروي
السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب الفصول عن شيخه المفيد رحمه الله أنه
قال : روى أنه لما سار المأمون إلى خراسان وكان معه الرضا علي بن موسى
عليهما السلام فبينا هما يسيران إذ قال له المأمون : يا أبا الحسن إني فكرت
في شئ فنتج لي الفكر الصواب فيه ، فكرت في أمرنا وأمركم ونسبنا ونسبكم
فوجدت الفضيلة فيه واحدة ، ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى
والعصبية ، فقال له أبوالحسن عليه السلام : إن لهذا الكلام جوابا إن شئت
ذكرته لك ، وإن شئت أمسكت ، فقال له المأمون : إني لم أقله إلا لاعلم ما
عندك فيه ، قال له الرضا عليه السلام : انشدك الله يا أميرالمؤمنين لو أن
الله بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وآله فخرج علينا من وراء أكمة من هذه
الآكام يخطب إليك ابنتك كنت مزوجه إياها ؟ فقال : يا سبحان الله وهل يرغب
أحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! فقال له الرضا عليه السلام :
أفتراه كان يحل له أن يخطب إلي ؟ قال فسكت المأمون هنيئة ثم قال : أنتم
والله أمس برسول الله صلى الله عليه وآله رحما .
قال الشيخ : وإنما المعنى في هذا الكلام أن ولد عباس يحلون لرسول الله صلى
الله عليه وآله كما تحل له البعداء في النسب منه ، وأن ولد أميرالمؤمنين
عليه السلام من
فاطمة عليهما السلام ومن أمامة بنت زينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله
يحرمن عليه ، لانهن من ولده في الحقيقة ، فالولد ألصق بالوالد وأقرب وأحرز
للفضل من ولد العم بلا ارتياب بين أهل الدين ، وكيف يصح مع ذلك أن يتساووا
في الفضل بقرابة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فنبهه الرضا عليه السلام
على هذا المعنى وأوضحه له .