سبب عدم نقل اهل السنه احاديث الامام علي ع

سئل الإمام علي عليه السلام : مالك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثا ً ؟
فقال عليه السلام : ( إني كنت إذا سألته أنبأني .. وإذا سكت ابتدأني )

هنا يحق لي أن أستوقف قلمي ولو قليلاً لكي أتساءل :

لم لم ينقل عن الإمام ( عليه السلام ) أحاديث وهو المرافق الدائم له .. في بيته .. في جهاده وكفاحه .. في نشر دعوته .. في معاركه من اجل رفع راية الدين الحنيف !! نعم المرافق له قبل الدعوة وبعدها .. حتى وسده تربته الطاهرة بيديه .. فمن هو أولى منه بنقل أحاديثه الكريمة !! وهل في نقله لها حاجة إلى سند أو إسناد !! وعتبي على أصحاب الصحاح والرواة الذين لم يأخذوا عنه الحديث ولم ينقلوا منه ما قاله رفيقه العظيم إلا النزر اليسير !! لكنهم أخذوا الكثير من بعض الصحابة الذين لم يكن لهم تماس مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما كان علي ( عليه السلام ) ملتصقاً به .. بل إن بعضاً من أولئك الرواة من الصحابة لم يدركوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا أواخر حياته .. منهم أبو هريرة وغيره ممن صال وجال في نقل الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى دون أن يسمعوا منه ما نقلوه عنه !! فتقدموا بالنقل على ذلك الرفيق الذي وعيت أذنيه لكل حرف أو كلمة قالها رفيقه . وتلك نتيجة من نتائج الأهواء السياسية والأجواء العدائية الحاقدة على آل البيت ( عليهم السلام )
ذلك النتاج الذي أنبته نبتة فاسدة الأمويون وآل سفيان ضد البيت الهاشمي .. فمنعوا المسلمين من رواية أي حديث ينقل عن الإمام علي ( عليه السلام ) ومنعوا ذكره وألغوا وجوده بين أقرب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل أمروا بسبه على منابر المسلمين .. فحق عليهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
( من سب علياً فقد سبني )
وقوله :
( .. من أبغض علياً فقد أبغضني )
لقد حاربوا كل مسلم ينتسب إليه أو يأتي على ذكره أو يورد فضائله .. حتى أن الرجل ليقال له زنديق أو كافر أحب إليه من أن يقال له من مؤيدي أو من أنصار ـ وشيعة ـ علي ( عليه السلام ) !!
وبلغ الأمويين حب الانتقام من أنصار علي ( عليه السلام ) أنهم كانوا يقتلون كل من دعي علياً أو حسناً أو حسيناً .. حتى أن بعض ضعفاء النفوس كانوا يأتون الأمير الأموي ليعتذروا لهم عن أسمائهم .!!
من ذلك أن رجلاً ـ يقال إنه جد الأصمعي كما ذكر أحمد أمين في ( فجر الإسلام ) ـ وقف للحجاج فقال له : أيها الأمير إن أهلي عقوني فسموني علياً وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير أحوج ( 1 ) !!

ذكر الأستاذ أحمد أمين :

( .. ثم تتبع بنو أمية أهل البيت يستذلونهم ويقتلونهم ويقطعون أيديهم وأرجلهم على الظنة .. وكل من عرف بالتشيع لهم سجنوه أو نهبوا ماله أو هدموا داره .. وأتى الحجاج فقتلهم كل قتلة وأخذهم بكل ظنة وتهمة .. ويقول المدائني : إن زياد بن سمية كان يتتبع شيعة علي ( عليه السلام ) في الكوفة وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي ( عليه السلام ) فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وطردهم وشردهم عن العراق فلم يبق به معروف منهم .. وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي ( عليه السلام ) وأهل بيته شهادة !! وكتب إلى عماله أن : انظروا إلى من قامت عليه البينة أن يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان واسقطوا عطاءه ورزقه ) ( 2 )

قال يزيد بن معاوية بن أبي سفيان عندما جيء برأس الحسين ( عليه السلام ) بعد واقعة كربلاء :

ليت أشياخي ببدر شهدوا
وقعة الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القوم من ساداتهم
وعدلنا قتل بدر فاعتدل
لعبت هاشم بالملك فلا
خبر جاء ولا وحي نزل
لست من خندق إن لم أنتقم
من بني أحمد ما كان فعل ( 3 )

وقد روي أنه استدعى ابن زياد وقرب مجلسه ورفع منزلته وأدخله على نساءه فسكر معه وأنشد ذلك !!

وذكر سبط الجوزي أن هاشماً بن محمد روى عن أبيه عن عبيد ابن عمير قال : ( كان رسول قيصر حاضراً عند يزيد عند وصول رأس الحسين ( عليه السلام ) فقال ليزيد : هذا رأس من ؟
فقال : رأس الحسين
قال : ومن الحسين !
قال : ابن فاطمة
قال : ومن فاطمة !
قال : بنت محمد
قال : نبيكم !! .. ومن أبوه !
قال : علي بن أبي طالب
قال : ومن علي ؟
قال : ابن عم نبينا .
قال : تباً لكم ولدينكم ما أنتم وحق المسيح على شيء .. إنه عندنا في بعض الجزائر في دير حافر حمار ركبه عيسى المسيح ونحن نحج إليه في كل عام من الأقطار وننذر له النذور ونعظمه .. فأشهد أنكم على باطل .. ثم قام ولم يعد إليه ) ( 4 )

أما الحجاج بن يوسف الثقفي : فقد كان من أقسى القساة على آل بيت محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشيعة علي ( عليه السلام ) .. والذي يعد من مشاهير جلاوزة التاريخ الذين تصدرت أسمائهم أسماء كبار السفاحين والمجرمين السياسيين الذين تحكموا برقاب الناس ومصائرهم حتى صار واحداً من أشقى بني آدم وأكثرهم إيغالاً في القسوة والإجرام .. فقد ضرب المثل في بجوره وخطاياه حتى قال عنه عمر بن عبد العزيز : لو جاءت كل أمة بخطاياها وجئنا نحن بالحجاج وحده لرجحناهم جميعا !! ( 5 ) .
لقد قتل مدة ولايته مائة وعشرين ألفاً .. وكان في سجونه عند موته خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة سجينة !! كلهم كانوا من المشايعين أو المحبين لآل البيت وللإمام علي ( عليه السلام ) .
إذن كيف بعد ذلك الإرهاب وتلك القسوة أن يكون من الممكن أن يجرأ أحداً على نقل حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإمام علي ( عليه السلام ) الذي حرم اسمه ورقن ذكره وألغي دوره وتنكر حتى لخلافته !! نعم .. كان يذكره علناً من ضاقت به السبل للعيش ويريد أن يضع نهاية لحياته دون أن ينتحر بيده فيخسر آخرته كما خسر دنياه !!

والحمد لله رب العالمين
وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

الهامش :

( 1 ) ( علي وعصره ) جورج جرداق ص 90 .
( 2 ) ( فجر الإسلام ) أحمد أمين ص 274 .
( 3 ) ( جواهر العقدين في فضل الشرفين ) علي بن عبد الله السمهودي ـ وزارة الأوقاف العراقية ج2 ص 374 .
( 4 ) ( تذكرة خواص الأمة ) لسبط بن الجوزي ص 149 . ( الصواعق المحرقة ) ص 122 . ( فضائل أهل البيت ) علي بن عبد الله الحسيني ـ طبع وزارة الأوقاف العراقية ج2 ص 376 .
( 5 ) ( رجال حول الرسول ) خالد محمد خالد ص 591 .

بارك الله بك أختي العزيزة للموضوع القيم
وجزاك الله خير الجزاء

شكرا على مرورك الكريم

» احاديث في فضل الامام علي ع من كتب السنه
» احاديث ممنوعه عند السنه خوفا من التشيع
» احاديث من كتب اهل السنه في منزله وفضائل الحجه ع
» ايات في فضل علي ع من كتب السنه
» احاديث عن اصحاب الامام الحجه ع