سماحة المرجع الشيرازي في كلمته ليلة 11محرّم:
http://arabic.shirazi.ir/shownews.php?Code=10712من يمسّ الشعائر الحسينية يحترق ويحرق تاريخه سواء كان فقيهاً أو اُميّاً
في مساء يوم الأحد الموافق للعاشر من شهر محرّم الحرام 1434 للهجرة (ليلة الحادي عشر) التي تسمّى بـ(ليلة الوحشة والغربة على أهل البيت صلوات الله عليهم)، وكالسنوات السابقة، وبعد إقامة عزاء ليلة الوحشة, ألقى المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله كلمة مهمّة قيّمة حول القضية والشعائر الحسينيتين المقدّستين، بالمئات من المعزّين، وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة, قال فيها:
عظّم الله أجورنا وأجوركم بمصابنا بسيّدنا الحسين صلوات الله عليه وجعلنا الله وإيّاكم من الطالبين بثاره مع وليّه الإمام المهديّ من آل محمّد صلوات الله عليه وعجّل في فرجه الشريف.
في البداية أشكركم وأشكر جميع الذين أقاموا العزاء على المولى سيّد الشهداء صلوات الله عليه, بأي نحو كان وبأي مقدار كان. وأشكر جميع من أقاموا الشعائر الحسينية, سواء في إيران أو في العراق أو في سائر البلاد الإسلامية أو في البلاد الكافرة. فالحمد لله, في زماننا, قد انتشرت الشعائر الحسينية المقدّسة وتوسّعت. فالآلاف والآلاف من المجالس الحسينية قد اُقيمت في أطراف الدنيا خلال العشرة الأولى من محرّم, بالأخصّ اليوم وأمس. فأشكر جميع الذين أقاموا هذه المجالس. وبعنوان الواجب الشرعي أدعو لجميعهم, وأسأل الله تعالى أن لا يحرمهم من هذا التوفيق, بل أسأله تعالى أن يوفّقهم أكثر وأكثر, وأن يقضي الله سبحانه وتعالى, ببركة هذه الشعائر المقدّسة, حوائجهم للدنيا والآخرة.
أما بالنسبة للذين سبّبوا المشاكل لمحيي الشعائر الحسينية, في كل مكان, وبأي شكل, أو ثبّطوا بلسانهم أو بعملهم, وبأي اسلوب آخر, سواء كانوا من الحكومات, أو بين العائلة, والأقارب, والأصدقاء, والجيران, وسواء كانوا من المسلمين أو من غير المسلمين, فأدعو الله أن يهديهم وأن يتمكّنوا على جبر ما صدر منهم من محاولات العرقلة, وأن لا تستمر معهم إلى الآخرة, لأنهم بماذا سيواجهوا ويقولوا لمولاتنا الزهراء صلوات الله عليها؟ فحينها سوف لا ينفعهم الندم, ولا حيلة لهم حينها.
وبيّن سماحته المقصود من المشاكل التي يسببها البعض في طريق الشعائر الحسينية, وقال: لا أقصد من المشاكل الظلم, لأن الظلم لا جزاء له إلاّ العقاب, والله تعالى أقسم أن لا يغضّ عن الظلم والظالم. فإذا قام أحد بإيجاد المشاكل لأحد القائمين بالشعائر الحسينية وكان ظالماً, حتى بمقدار لمس ثياب المقيم للشعائر, فإنّ الله تعالى أقسم أن يعاقبه, كما في الروايات الشريفة, ومنها: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا وَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ حَتَّى عَنْ مَسِّ أَحَدِكُمْ ثَوْبَ أَخِيهِ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ(1).
وعقّب سماحته مشيراً إلى مصير من يظلم أهل البيت صلوات الله عليهم ويظلم الشعائر الحسينية المقدّسة, وقال: إنّ الله تعالى أقسم أن لا يهمل وأن لا يغضّ الطرف عمّن يظلم أهل البيت صلوات الله عليهم, بالأخصّ من يظلم مولانا الإمام الحسين صلوات الله عليه. كما إنّ أهل البيت صلوات الله عليهم لعنوا كل من يظلمهم, كما في الروايات الشريفة الصحيحة المعتبرة. وأنا شخصياً وكواجب شرعي ألعن كل من يظلم أهل البيت صلوات الله عليهم, وكل من يظلم الشعائر الحسينية, وأسأل الله أن يبتليهم بالدنيا بأنواع المشاكل, وأن يعذّبهم بالآخرة بعذاب يثلج قلب السيّدة الزهراء صلوات الله عليها. وأنا لا أدعو بالهداية لأمثال هؤلاء لأنه لا فائدة من الدعاء لهم, بل سيكون الدعاء لهم لغواً, بل أدعو بالهداية للذين أوجدوا المشاكل التي لم تكن ظلماً.
وذكر سماحته منشأ التشكيكات المثارة حول القضية الحسينية المقدّسة, وقال: إنّ التشكيكات التي اُثيرت بالنسبة لقضية الإمام الحسين صلوات الله عليه, على طول التاريخ, ومن يوم استشهاد المولى سيّد الشهداء صلوات الله عليه, وإلى يومنا هذا, هي كثيرة وكثيرة. وأصل هذه التشكيكات وأساسها هو إبليس, كما ذكرت الروايات الشريفة, ومنها الرواية التالية:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «إن إبليس لعنه الله في ذلك اليوم (يوم مقتل الإمام الحسين صلوات الله عليه) يطير فرحاً، فيجول الأرض كلها بشياطينه وعفاريته فيقول يامعاشر الشياطين ... فاجعلوا شغلكم بتشكيك الناس فيهم وحملهم على عداوتهم وإغرائهم بهم وأوليائهم حتى تستحكموا ضلالة الخلق وكفرهم»(2).
وعقّب سماحته بقوله: لا يُعلم كم هو عدد هؤلاء الشياطين الذين ذكرتهم الرواية الشريفة, فلعلهم بالملايين أو بالمليارات! هذا أولاً.
ثانياً: أنا لم أجد مثل هذه الرواية بحقّ قضية النبي صلى الله عليه وآله مع أنه أفضل من الإمام الحسين صلوات الله عليه, ولم أجد مثلها بحقّ قضية الإمام أمير المؤمنين, ولا بحقّ قضية مولاتنا فاطمة الزهراء, ولا بحقّ قضية مولانا الإمام الحسن صلوات الله عليهم أجمعين, مع أنهم أفضل من الإمام الحسين صلوات الله عليه. وهذا ما يدلّ على ان الله تعالى جعل القضية الحسينية قضية استثنائية.
وأشار سماحته إلى نماذج من تشكيك بعض المحسوبين من العلماء بالروايات التي تتحدّث عن القضية الحسينية المقدّسة, وقال: من العجائب والغرائب انه حتى هذه الرواية تعرّضت للتشكيك علمياً! فقد قال وقام بالتشكيك بها بعض العلماء! علماً انه يجب أن تعلموا بأن ليس كل عالم حسن وصالح! فالعالم شيء, والصلاح شيء آخر. وبعض الأحيان تجتمع هاتين الصفتين في شخص واحد فيكون كالشيخ المفيد قدّس سرّه. وأحياناً يفترقا فيكون عالم سوء, كابن أبي العزاقر والشريعي والبلالي والهلالي وبلعم بن باعوراء وابن عربي. ولذا ذكرت الروايات الشريفة أن أسوأ دركات جهنّم هي لعلماء السوء. نعوذ بالله. نعوذ بالله. (قالها سماحته مرّتين).
أنه لمن المؤسف له, ومن المؤسف له, وأقولها مائة مرّة, إنه من المؤسف أن بعض الأشخاص أعطاهم الله الذكاء ودرسوا وكسبوا العلم وصاروا علماء, لكنهم يشكّكون حتى في الرواية التي ذكرناها آنفاً!!!
إن مرادي مما قلت وأقوله هو: أدّاء الواجب الشرعي تجاه الله تبارك وتعالى, وتجاه رسول الله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمة المعصومين من ذريّته صلوات الله عليهم أجمعين, بالخصوص سيّدنا بقيّة الله عجّل الله تعالى فرجه الشريف وصلوات الله عليه, وطبقاً لما أعتقد به وأستنبطه.
وتطرّق سماحته إلى الحديث عن حكم الشعائر الحسينية, وقال: إن الشعائر الحسينية المقدّسة من الفضائل, وبعضها مستحبّة, وبعضها مستحبّة مؤكّدة, وبعضها واجب كفائي, وبعضها واجب عيني. وهذا الأخير يرتبط بحثه بأهل الاختصاص والفقهاء, ولا نقاش فيه.
كذلك إنّ الصلاة من الفضائل وهكذا الصيام والحجّ (الواجب منه والمستحبّ) والتصدّق والإطعام وبناء المساجد, وكل الأعمال الحسنة هي من الفضائل. فكم وكم وكم هو مقدار ما اُقيم من هذه الفضائل على طول 1434 سنة؟ لا شكّ هي كثيرة وكثيرة وكثيرة, ولا يمكننا أن نعدّها. ومع ذلك كلّه أقول: انها ليست بمقدار التشكيكات الكثيرة التي أثاروها حول الشعائر الحسينية المقدّسة, ولا زالوا يثيرونها!!!