حكاية في الصبر

اللهم صلِ على محمد والِ محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
السلام عليكِ يا فاطمة الزهراء

حكاية في الصبر

حكاية في الصبر
قيل ان ملكآ من ملوك الطوائف اقبلت عليه الدنيا بحذافيرها ولم يولد له ولد وكان يسأل الله تعالى ان يرزقه ولدآ صالحآ جميلآ فثبت ورزق ولدآ وعندما كبر الولد احضر اليه المعلمين فتعلم وتأدب
وعندما توفي الملك جلس هو على عرش ابيه وسار في الرعية سيرة مرضية وعدل في حكمه سرت به اهل مملكته من الخاص والعام ولم يلبث الا يسيرآ حتى ثار عليه ثائر فغلبه واستولى على
مملكته فأنهزم ابن الملك ولم يزل سائرآ على وجهه ومعه طير يصيد به وكلب ومخلاة وبينما هو في سيره اذ لاح له سرب غزلان فاصطاد منه ونزل على عين ماء واكل ما معه من الصيد وبات
ليلته فلما اصبح ركب فاصطاد صيدآ كبيرآ ونزل على الماء وترك فرسه ترعى وبينما هو كذلك اذ اقبل عليه فارس ومعه طعام فاستأذنه في النزول قرب العين .
فأذن له وقال ان الارض لله وفيها سعة فأن نزلت اكلت من صيدنا وتفضلت بأنسنا فنزل الفارس عنده وأكلا وشربا وسأل الفارس ابن الملك عن احواله ومن اين هو فقص عليه ابن الملك قصته
وعندما سمع الفارس قصته قال له اتحفظ العهد فقال له ابن الملك من لا وفاء له لا يحسب من الرجال فدفع الفارس له الف دينار وقال له امشي معي فلما ساروا وصلوا قرب مدينه قال له الفارس
اذهب الى المدينة واشتر بيتآ فيها وعمرها واخطب ابنة الملك و ( لي عهد عليك ان لا تنالها حتى التقي بك ) ثم ودعه وافترقا ودخل ابن الملك المدينة وعمل بما قال له الفارس وخطب ابنة الملك
فرد عليه الملك بأن امرها تابع لها وهي من تقرر .
وعندما رحل الصبي احضر الملك داية ابنته وقص عليها ما كان من امر الفتى ومضت الداية واخبرت ابنة الملك وكان جواب ابنة الملك ليجر على جواده من امام قصري لاراه ففعل ذلك ثم ان الملك
احضر الفتى فلما حضر الفتى سلم بأحسن سلام فرد عليه الملك السلام واجلسه بجانبه وقدم له الطعام واكل الفتى بأدب ونظافة ورفعت المائدة وغسلوا ايديهم وقدم الشراب لهم فناوله الملك كأسآ من يده
فأعطاه الفتى للوزير ثم شرب الملك ثانيآ وناوله كأسآ فأعطاه للحاجب ثم شرب الملك ثالثآ وناوله كأسآ فشربه الفتى فتعجب الملك من ادبه وذكائه وقال له الك معلم علمك ما فعلت ؟
فجاوبه الفتى ايها الملك ما يخفى على العاقل شئ واني لما رأيت الملك اكرمني عند دخولي علمت انك اردت جلوسي الى جانبك ففعلت ثم اتحفتني بأفضل ما امامك من اكل فأكلته ولم افضل شيئآ مما لمسته
يد الملك ثم اسقيتني اول قدح فناولته للوزير لاني اعلم انه احظى الناس عندك ثم سقيتني الثاني فناولته للحاجب لانه اول من يلقاني على بابك ويخبرك بأمري .
وودع الفتى الملك وانصرف الى منزله فأمر الملك بجميع ما في مجلسه من فرش وآنية بحملها الى منزل الفتى واحضر داية ابنته ووصف لها ما شاهد من عقل الفتى وادبه وجماله فقالت له الداية قد
رضيت سيدتي به فزوجه على بركة الله .
فأحضر الملك الفتى واحضر القاضي والشهود وعقد بأبنته عليه وتم الزواج بأذن الله واقام الفتى مدة طويله ولم يدخل بها وبقي على هذه الحال حولآ كاملآ وهو تاركآ زوجته لوحدها .
وبعد ذلك اجتمع كبراء المدينة وتوجهوا اليه يسألونه الدخول بزوجته وهو يقدم لهم الاعذار فعاتبوه وقالوا له ان هذا الفعل لايليق بك وما فعله الملك من اجلك فقد اختارك من بين الامرآء والملوك فاستحى
منهم واجابهم الى ذلك وعندما دخل عليها ورئاها ونظر الى حسنها حمد الله وشكره على نعمته وقام يصلي حتى الفجر وفي الصباح دخلت عليه الداية وسألته ؟
مالي اراك راغبآ عن زوجتك ما هو السبب ؟
فقال لها اني نذرت نذرآ ان جمع الله بيني وبينها ما فعلت شيئآ ولابد من الوفاء بالنذر ولم يزل على هذه الحال ثلاث ليال حتى جاءت الليلة الثالثة وقد هم بالوقوف الى الصلاة كعادته فقامت اليه زوجته
وقبلت رأسه ويديه وقالت له :
يا سيدي قد وفيت بعهود الله وحفظت امانتك انا الفارس الذي دفع لك المال ودفعت بك الى خطبتي وانا الان زوجتك وامتك اقر الله عينك بي وجمع بك شملي ولله الحمد الذي سلمك مني وجعلك من نصيبي
فلو تقدمت الي وضيعت عهود الله ومواثيقه لقتلتك كما قتلت غيرك والحمد لله وجدت عندك الوفاء ففرح بها كثيرآ وحمد الله وشكره .
وولدت له ثلاث اولاد وعندما توفي ابوها جلس مكانه على العرش وسار في الرعية احسن سيرة وانعم الله عليه وعوضه مملكة اعظم من مملكته فما يخيب من صبر ولم يضيع عهود الله ومواثيقه
والله المستعان على كل شئ .

بارك الله بك أخي سلام الربيعي
وجزاك الله خير الجزاء