ولكن لن يكون ذلك إلاّ شيعيّـا

إلاّ , ولكن , يكون , شيعيّـــــــــــــــــا


ولكن لن يكون ذلك إلاّ شيعيّـــــــــــــــــا


الحمد لله على أنوار فضله وكرم جوده والصلاة على من إصطفى من خلقه حتّى القائم المبجّل – روحي لمقدمه الفداء –

يقـــــــــــــــول المولى عليّ "ع" ": .. من أحسن الإستماع .. تعجّل الإنتفاع ..:"


منذ الصبا .. ورغم الضيق والخصاصة ، كنت أحبّ الجمال والكمال من كلّ قول أو فعل ، وأحسن التمييز ما بين الغث والسمين وما بين الحسن والقبيح ... بعد أن نشأت في أسرة ربُّها لا يُحسن القراءة ولا الكتاب ، ولكن شاء أن يُعوّض ذلك النقص في أبنائه الخمس .. مع كونه حكيم مع رؤية صائبة في السلوك والمسار ، ولم أرهُ يوما يتحدّث عن زاد غده الدنيوي .. بل كان يعيش ليومه مع قناعة حدَّ الكسل ..
وكان كثيرا ما يكرّر على مسامعي ..": يا عليّ .. السرقة خزيٌّ ومنكر في جميع الديانات والأعراف .. ولكن كي تنجح في دراستك فأنا لن أخذلك ولو إلتجأت إليها ..؟:"
واقعا هذه الكلمات لا زالت تؤلمني كلما تذكّرتها – ولو بعد عقود خمس – رغم النجاح النسبي الذي حققته في حياتي .. كذلك بقيت أفراد الأسرة . وكم كنت أودّ لو عاش مع أيام الرخا .. حتّى نعوّض عليه ولو بالقليل ممّا آثر وقدّم وهدى ...
وكان لوالدتي الفضل فيما نحن فيه اليوم .. بل كانت العضد الذي لا يلين ولا يكلّ بجانب الوالد .. بل كانت هي الدفة لمركب الأسرة في أغلب الأحيان ، ولا زالت .
إلاّ أنّ أبا عليّ – رحمه الله – ورغم أميّته كان ذا بصيرة من سمع فتفكّر، كارها لمبتذلات الأمور .. بل حتّى في كنى والأسماء .؟؟؟
فما ظنّك بمن جهل الكتابة والتاريخ أن يجعل من أسماء أبنائه – محمّد وعليّ ومصطفى وحليمة وسكينة ..؟ مع العلم بأنّ الإسم الأخير لا وجود له في هذه الربوع قديما ولا حديثا ..بل أخذه عن سماع من كتاب كان يُسامرنا في ليالي رمضان عن – البطل الذي لا يُغلب .. عليّ ورأس الغول ..— نعم هذه القصص ذات النفس المستمدّ من التراث الفاطمي الذي إستوطن هذه الربوع لعقود عديدة .. ورغم محاولة القضاء عليه بالسيف والنطع وفتاوى الفسق والنصب .. لازال له أنفاس عطر من عبق الولاية تغشى ربوعنا ، ولا زلت أتذكّر حتّى منتصف الستّينات من القرن الماضي كان يوم عاشوراء يوم عطلة تُعطّل فيه الدراسة والإدارة .. وتقام فيه مراسم وعادات جمعت ما بين الحزن الفاطمي والفرح الأمويّ .. وكانت صور تُجسّم أهل الكساء "ع" في كلّ بيت وفي كلّ متجر ..
لذا لا غرابة من ذلك لو علمنا بأنّ الأهل هنا والأصل هم من أبناء وأتباع الأدارسة القادمين من جبال الأطلس بعد أن إنتشروا في بلاد القيروان ووصلوا حتّى قابوسة – قابس اليوم – ولا زالت الأسماء والألقاب وكما ذكرها المسعودي في مروج الذهب عن أصل سكّان شمال إفريقيا .. - مصمودَة وإمنجة ونفزاوة وهوارة ..- ومن هذا الأخير أستمدّ اللقب ...
وأنت تزور الحدود الفاصلة بين تونس وليبيا وتشاهد تلك المغاور عند قمم الجبال والفيافي الموحشة نهارا حيث عاش بقية أهل الولاء من الأدارسة هربا من بطش أهل الإحن والنصب بعد أن أبيحت دمائهم بفتاوى أهل الفسق من أمثال محرز بن خلف وسحنون .. والتي أصبحت مزارا لسيّاح اليوم وأوكارا لذئاب وإبن آوى .. ولا زالت بركة الدم بمدينة القيروان خير شاهد على فعلة الأنجاس حيث ذبح الشيعة ذبح الشاة وجمعت دمائهم الزكيّة في بركة قطرها أكثر من 20 مترا .. لا زالت حجارها قائمة .. وقد شاهدتها عيانا في السبعينات – قبل أن أعرف التشيع ولا أحكام الوضوء .. ولكن بذلك عرّفها لنا المشرف على مسجد عقبة بن نافع يومها .
من هنا نعلم سُرعة التلبيّة للهمس القادم من قبل المشرق والإستجاب الميسّرة للنداء لدعوة تجديد الولاء والبيعة لأهل البيت "ع" في هذه الربوع .. بالرغم من كثرة الأذية من آل الإرتياب ممن يشينوا الكريم بمجلسهم ويُسفّهون الحليم بصُحبتهم ..
ومع ذلك أشرقت ربوعنا بنور الولاية من فضل ربّنا والعترة "ع" ومنذ ثلاث عقود ومُذ عرفناهم "ع" ونحن ننعم بضلال العزّة وراية الحقّ وصوت الحقيقة .. ولم نعلم معها يوما كبتة في دليل ولا إرتياب في حجّة .. بل صحّة في يقين وزهدا في مراء ...
وقد جالستُ منهم أعلام وأئمة وعلماء .. فلم نجد من بينهم لبيب ولا لسان صالح .. إلاّ قول ببهتان دون رجاحة عقل ، أو زلاّت لسان ما بين غيبة وطائشةُ جهل .. بل حتّى الإمام عندهم كنت أسأله ": ما سرُّ بقاء الإمام مالك في بطن أمّه ثلاث سنين على ما رواه إبن عبد البرّ ..؟؟..:" فكان الجواب أقبح من الواقعة ..؟؟ ..": تلك كرامة من الله يُخصّ بها أوليائه وصفوته ..:" فقلت له ": .. كان الأولى بذلك حبيبه المصطفى "ص" أو عليّ المرتضى "ع" .. أو أحد الراشدين ..؟؟:" فنظرلي نظرت مرتاب وقال ..": أنت منهم .. لا يحلُّ لي محادثتك .؟؟:"
وسألت آخر ..": كيف يُباح عندنا لحم الكلب وتكره البسمة عند الصلاة ..:" فأجابني ": وما يعنيك من ذلك ..؟ أعمل بما تراه صالحا في دينك ..؟:" فقلت له ": أنا لستُ مخولا حتّى أضع الأحكام الشرعيّة .. ولكن رأيت الإمام عليّ "ع" يقرأ البسملة جهرا في الظهرين على ما جاء في التّاريخ والسيرة ..؟ فكيف يجيء مالكٌ بعد دهر ليجعها مكروهة أو مبطلة للصلاة ..؟؟:" فأجابني ..": تلك أمّة خلت ..والعاقل من صان لسانه عن الغيبة ..:" وتركني وأنصرف .
وهكذا ومنذ عقود ثلاث كنت ولا زلت أبتغي من بينهم عاقل ذا علم ،وعالم مع حلم ، وحليم مع قدرة ... ولكن لن يكون ذلك إلاّ شيعيّـــــــــــــــــا ...

والسلام في البدء والختام ممن سيبقى علي العهد مقيمـــــــــــــــــــا
أبو مرتضى عليّ

شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من الابداع من اقلامكم الرائعه
تحيتي وتقديري لكم

بارك الله فيك اخي بشار الربيعي وجزاك الله خير الجزاء

بارك الله بك أخي بشار الربيعي
ودمت برعاية الله وحفظه