إجابة الحسين (عليه السلام) للأعرابي بدلاً من عمر
[color:04ed=#000]
هذه منقبة من مناقب أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، فحواها في نص هذه الرواية:
في بحار الأنوار للمجلسي، عن أبي سلمة قال: حججتُ مع عمر بن الخطاب، فلما صرنا بالأبطح، فإذا بأعرابي قد أقبل علينا، فقال: يا أمير المؤمنين! إني خرجتُ وأنا حاجّ محرم، فأصبت بيض النعام، فاجتنيت وشويت وأكلت، فما يجب علي؟ قال: ما يحضرني في ذلك شيء! فاجلس لعلّ الله يفرج عنك ببعض أصحاب محمد.
فإذا أمير المؤمنين قد أقبل، والحسين يتلوه.
فقال عمر: يا أعرابي، هذا علي بن أبي طالب، فدونك ومسألتك، فقام الأعرابي وسأله، فقال علي: "يا أعرابي! سل هذا الغلام عندك"، يعني الحسين (عليه السلام)، فقال الأعرابي: إنما يحيلني كل واحد منكم على الآخر! فأشار الناس إليه: ويحك، هذا ابن رسول الله فاسأله، فقال الأعرابي: يابن رسول الله، إني خرجتُ من بيتي حاجاً محرما، وقصّ عليه القصة..
فقال له الحسين: "ألك إبل"؟ قال: نعم، قال: "خذ بعدد البيض الذي أصبت نوقا، فاضربها بالفحولة، فما فصلت فاهدها إلى بيت الله الحرام"، قال عمر: يا حسين، النوق يزلقن، فقال الحسين: "يا عمر! إن البيض يمرقن".
فقال: صدقت وبررت، فقام علي وضمه إلى صدره وقال: (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم).
لا اعلم من أين أبتدأ، هل من قلة إدراك خليفة المسلمين بالأحكام الفقهية، أم بالعقلية الرائعة للإمام الحسين (عليه السلام)؟ لا هذا ولا ذاك ابتدء به، فهذا امر ظاهر للعيان، ولكن أود الكتابة والتعليق عن ابعد من ذلك.
إن ما يستحق التنويه إليه أن الخلافة في الإسلام والتي تعني اليوم الرئاسة والمملكة والإمارة، فهي تعني الإلمام بكل أمور المسلمين او من يكون في معيته، هي المتصدية لإصدار الأحكام والتشريعات وفي كل المجالات، لا ان تفصل السياسية عن الدينية، حيث هذا أمر غير معتاد عند المسلمين، بدليل الإعرابي الذي حصل له إشكال شرعي، فانه لاذ بخليفة المسلمين، وإذا يُفاجأ بان الخليفة لا دراية له بأمر الدين، تخيلوا لو لم يقدم علي (عليه السلام)، فماذا كان يعمل الخليفة؟! إما أن يترك الإعرابي في حيرته من غير جواب، وهذه الفوضى والتخبط بالدين بعينه، أو يستنبط حكماً جديداً، حاله حال غيره من الأحكام التي ارتجلها على حساب النص، مثل المرأة التي اتُهمت بالزنا فأمر برجمها من غير تفقه، ولولا استجارتها بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) لقُتلت.
الأمر الأخر، وهو يعطينا بعدين أخلاقي وتنظيمي، الأخلاقي هو عدم استعجال او تدخل الإمام الحسين (عليه السلام) في إجابة الأعرابي إلا بعد الإذن له من قبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهذا أمر كثير ما يحصل، حيث هنالك بعض المسائل التي تعرض على أمير المؤمنين (عليه السلام)، فكان يكلف الحسن او الحسين (عليهما السلام) في الإجابة عليها، لأبعاد معينة لدى أمير المؤمنين (عليه السلام) لا اعتقد انها تغرب عن عقل اللبيب.
الرائع في هذه الرواية هو إجابة الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، والتي لو تمعنّا جيداً لعرفنا العلم اللدني الذي يتمتع به الإمام الحسين (عليه السلام)، والذي استقاه من جده وأبيه وأمه.
ثم هل التفتّم الى الجهة التي تصرف فيها الابل حال ولادتها؟ إنها تُهدى للكعبة، أي توزيعها للفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم، ومن هذا يتضح ان اكثر الاحكام الالهية التي تخص الله (عزّ وجل) من عبادات يامر بها البشر، اذا ما اخل فيها تكون عقوبتها اطعام مسكين، فالمفطر عمداً في شهر رمضان عقوبته اطعام مساكين، والذي يقسم باطلاً عقوبته اطعام مسكين، والخمس موارد صرفه للفقراء ابتداءً كما هو الحال للزكاة، والهدي الذي يذبح في موسم الحج يتم صرفه للفقراء، اما الاخلال بالاحكام الشرعية التي تخص المسلمين فيما بينهم، نجد ان العقوبة من دية وغير ذلك تخص المتخاصمين دون غيرهم.
واخيراً رائعة الامام علي (عليه السلام) بذكر اية تنطبق عليهم، والتي يعد تفسيرها تفاصيل الرواية والترخيص العلوي للحسيني بالاجابة، فاكدت حقا أنها (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)، فكم من آية نزلت في حق اهل البيت حاول المرجفون تحريفها؟ ولكن هيهات لهم ذلك.